حذيفة بن محصن البارقي

حذيفة بن محصن البارقي الأزدي، من أصحاب الرسول محمد، بعثة الرسول محمد إلى اهل عمان مصدقاً له ووالياً عليهم. قائد عسكري شهد الفتوحات الإسلامية شهد القادسية وفتوحات الفرس وكان من المفاوضين الذين بعثهم سعد بن أبي وقاصإلى رستم قائد الفرس، أَمَّره أبا بكر الصديق في حرب أهل الردة. وكان قائد الحملة التي ارسلها أبوبكر إلى دبا لما ارتد أَهلها. وكان مع حذيفة عكرمة بن أبي جهل وعهدجة بن هرثمة البارقي فظفروا بالمرتدين، عينة ابي بكر والياً على عمان. وبعد وفاة أبوبكر، ولاه عمر بن الخطاب على اليمامة.

النسب

حذيفة بن محصن البارقي الأَزدي، بن بارق بن عدي بن حارثة بن عمرومزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امريء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد.

حذيفة وثورة اهل عمان

قدموا اهل عمان على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمين. فبعث إليهم مصدقا حذيفة بن محصن البارقي ثم الأزدي. وأمره " حتى يأخذ الصدقة من أغنيائهم. ويردها على فقرائهم " فعمل ذلك حذيفة. فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم منعوا الصدقة وارتدوا فنادىهم حذيفة إلى التوبة. فأبوا وجعلوا يرتجزون :

لقد أتانا خبر ردي أمست قريش كلها نبي

فخط حذيفة إلى أبي بكر بأمرهم. فاغتاظ غيظا شديدا، ونطق " من لهؤلاء ،يا ترى؟ ويل لهم ". ثم بعث إليهم عكرمة بن أبي جهل فاتىه كتاب أبي بكر : " سر إلى حذيفة في دبا. فسار عكرمة في نحوألفين من المسلمين وكان رأس أهل الردة : لقيط بن مالك الأزدي فلما بلغه مسير عكرمة، بعث ألف رجل من الأزد يلقونه. وبلغ عكرمة : أنهم جموع كثيرة فبعث طليعة وكان للعدوأيضا طليعة فالتقت الطليعتان فتناوشوا ساعة ثم انكشف أصحاب لقيط بن مالك الأزدي وقتل منهم نحومائة رجل وبعث أصحاب عكرمة فارسا بخبره. فأسرع عكرمة حتى لحق طليعته ثم زحفوا جميعا وسار على تعبئة حتى استوعب القوم فاقتتلوا ساعة ثم هزمهم عكرمة، وأكثر فيهم القتل ورجع فلهم إلى لقيط بن مالك الأزدي فأبلغوه حتى عكرمة مقبل فقوي جانب حذيفة. ومن معه من المسلمين فناهضهم واتى عكرمة فقاتل معهم فانهزم العدوحتى دخلوا مدينة دبا فحصرهم المسلمون شهرا وشق عليهم الحصار إذ لمقد يكونوا قد أخذوا له أهبة. فأوفدوا إلى حذيفة يسألونه الصلح فنطق : لا، إلا بين حرب مجلية أوسلم مخزية. نطقوا : أما الحرب المجلية فقد عهدناها فما السلم المخزية ،يا ترى؟ نطق : تشهدون حتى قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، وأن جميع ما أخذناه منكم فهولنا، وما أخذتموه فهورد لنا. وأنا على حق وأنتم على باطل وكفر، ونحكم فيكم بما رأينا فأقروا بذلك. فنطق : اخرجوا عزلا، لا سلاح معكم فعملوا. فدخل المسلمون حصنهم. فنطق حذيفة : إني قد حكمت فيكم، حتى أقتل أشرافكم وأسبي ذراريكم. فقتل من أشرافهم مائة رجل وسبى ذراريهم. وقدم حذيفة بسبيهم المدينة المنورة. وهم ثلاثمائة من المقاتلة وأربعمائة من الذرية والنساء. وأقام عكرمة بدبا عاملا عليها لأبي بكر. فلما قدم حذيفة بسبيهم أنزلهم أبوبكر رضي الله عنه دار رملة بنت الحارث، وهويريد حتى يقتل من بقي من المقاتلة. والقوم يقولون : والله ما رجعنا عن الإسلام ولكن شححنا على أموالنا، فيأبى أبوبكر حتى يدعهم بهذا القول. وحدثه فيهم عمر. وكان الرأي حتى لا يسبوا. فلم يزالوا موقوفين في دار رملة حتى توفي أبوبكر. فنادىهم عمر فنطق : انطلقوا إلى أي بلاد شئتم. فأنتم قوم أحرار. فخرجوا حتى نزلوا البصرة.

حذيفة ورستم

بعث رستم برسالة إلى زهرة بن الحُوِيَّة يقول له: أرْسِلْ إلينا الرجل الذي كان عندنا. فرسل زهرة بذلك إلى سعد بن أبي وقاص، فنطق له سعد: بل أوفد له اليوم آخر. فأوفد حذيفة بن محصن، فدخل عليه وهوراكب فرسه، فنطقوا له: انزل من على فرسك. فنطق:لا، والله لا أنزل؛ أنتم دعوتموني، فإن أردتم حتى آتيكم كما أُحِبُّ، وإلا رجعت. ودخل حذيفة بجواده يمشي به على البُسط، وظل راكبًا حتى وصل إلى رستم. فقبل رستم حتى يحدثه فوق حصانه، وهويمشي على سريره الممضى!! وبدأ يخاطبه، فنطق له: ما بالك جئت ولم يجئ صاحبك،يا ترى؟ يقصد ربعي بن عامر، فنطق له: إذا أميرنا يعدل بيننا في الرخاء والشدة، وهذه نوبتي. أي حتى جميع واحدٍ في جيش المسلمين له دور، وهذا دوري، وأميرنا يوزع علينا الأمور بالتساوي.

فنطق له: ما اتى بكم،يا ترى؟ فنطق له: إذا الله مَنَّ علينا بدينه، وأرانا آياته فعهدناه، وكنَّا له منكرين، ثم أمرنا بنادىء الناس إلى ثلاث فأيُّها أجابوا قبلناه: الإسلام وننصرف عنكم، أوالجزاء (أي الجزية) ونمنعكم إذا أردتم ذلك، أوالمنابذة. فنطق له رستم: أوالموادعة إلى يوم ما،يا ترى؟ أي من الممكن حتى تعطينا فرصة؛ فنطق له: نَعَمْ،ثلاثة أيام. فنطق: إذن تقاتلونا في اليوم الرابع. فنطق: ثلاثة أيام من أمسِ (وهواليوم الذي تحدث فيه مع ربعي بن عامر)؛ وعلى ذلك فقتالكم في اليوم الثالث.

وعلى الفور اضْطَرب رستم اضطرابًا شديدًا، ونظر إلى قومه، عملم القوم ما يدور في ذهنه(فهذان الاثنان متفقان في الرأي والتفكير، وهذا ما أسقط الرعب في قلبه)، فأراد رؤساء القوم حتى يخففوا من هول الموقف عليه، وأن يُثبتوا له حتى هؤلاء القوم ليس لهمقوة أوخبرة بالحروب؛ فنطقوا لحذيفة بن محصن: ما هذا الذي تحمله؟! فأخرج سيفه كأنه شعلة من نار؛ فصرخ رستم في وجهه: أَغْمِدْه.

فأغمده بعد حتى رأى الرعب في أعينهم، ثم أقاموا له درعًا من دروعهم، فأطلق فيه سهمًا فخرقه، ثم أقام لهم جحفته وكانت من جريد النخل، فأطلقوا عليها سهامهم، فسلمت؛ فنطقلهم: يا قوم فارس، إنكم عظَّمتم الطعام والشراب وعظمتم اللهو، ولم نعظمهم؛فعَظَّمَنا الله وصغَّرَكُم. أي: كانت هذه الأمور منتهى تفكيركم، ولم نكن نحنكذلك؛ فلذلك منحنا الله I قوة تجعل سهامنا تخترق أي درع من دروعكم، ولا تخترق سهامكم دروعنا حتى وإن كانت من جريد النخل؛ ثم عاد حذيفة بن محصن إلى المسلمين، وعاد رستم يجاد لقومه مرة أخرى،