بايزيد الثاني

عودة للموسوعة

بايزيد الثاني

   بايزيد الثاني
السلطان العثماني
الحكم 1481-1512
الفترة نموالدولة العثمانية
الاسم الكامل بايزيد الثاني
سبقه محمد الثاني
تبعه سليم الأول
البيت الملكي آل عثمان
الأسرة الأسرة العثمانية
السلطان بايزيد الثاني

بايزيد الثاني بن محمد الفاتح هوثامن السلاطين العثمانيين، عاش بين عامي 1447 و1512 ، وتقلد الحكم منذ عام 1481 ، عهد عنه أنه كان يؤلف الشعر، ويؤلف الموسيقى ويتقن فن الخط العربي.

ولد بايزيد في القرن التاسع الهجري، وكان أكبر أولاد أبيه السلطان محمد الفاتح. حكم في عهد أبيه مقاطعة أماسيا. تولى السلطنة بعد أبيه بعد حتى نازعه أخوه جم عليها. حصلت خلافات في عهده بين دولته والدولة المملوكية وتحاربت الدولتان حربا تم إبرام صلح بعدها.

وصلت الفتوحات في عهده لدولة البندقية التي انتصر عليها، فاستنجدت بملك فرنسا والبابا، فقامت حروب صليبية بين الطرفين. ظهرت في عهده دولة روسيا سنة 886 هـ وأوفدت له سفيرها عام 897 هـ. أجبر من قبل الإنكشارية في آخر حياته على التنازل عن الحكم لابنه سليم الأول سنة 918 هـ وهي نفس السنة التي توفي فيها.

الصراع مع أخيه جم على السلطة

كان بايزيد أكبر أولاد السلطان محمد الفاتح ، وكان حاكماً في عهد أبيه مقاطعة القرمان ، وكان الولد الثاني للسلطان محمد الفاتح يُدعى (جم) ، ويحكم مقاطعة القرمان ، والأمير بايزيد هوالذي سيتولى السلطنة بعد وفاة أبيه ، وكلا الوالدين كان بعيداً عن استانبول .

وكانت رغبة الصدر الأعظم قرماني محمد باشا في تولية الأمير جم ، لذا فقد أوفد من يخبره بوفاة والده كي يأتي وربما استطاع تسلم الأمر ، غير حتى حاكم الأناضول سنان باشا استوعب اللعبة فقتل رسول الصدر الأعظم إلى الأمير جم قبل حتى ينقل له الخبر ، وكانت رغبة الانكشارية وعطافتهم مع الأمير بايزيد فلما أبلغوا بما عمل الصدر الأعظم قاموا عليه وقتلوه ونهبوا المدينة ، وأقاموا (كركود) نائباً عن أبيه حتى يصل إلى عاصمته.

وصل الأمير بايزيد فاستقبله الانكشاريون ، وطلبوا منه العفوعلى ما عملوا كما طلبوا منه طلبات نفذها لهم كلها ، وبويع بايزيد سلطاناً ، وتسلم الأمر ، ومع أنه كان محباً للسلم وللاشتغال بالفهم إلا حتى أحوال البلد اقتضت حتى يهجر ما عهد ويتسلم الأمر بشدة.

عندما وصل خبر وفاة السلطان محمد الفاتح إلى ابنه جم سار إلى بورصة ، واحتلها عنوة ، ونادى أخاه السلطان بايزيد لتقسيم البلاد بينهما بحيث يستقل جم بآسيا ، ويستقبل بايزيد بأوربا ، فلم يوافقه السلطان وحاربه ، ودخل بورصة ففر جم ، والتجأ إلى المماليك عام 886 حيث بقي عاماً كاملاً عند السلطان قايتباي في القاهرة ، وبعدها انتقل إلى حلب ، وبدأ يراسل الأمير قاسم حفيد أمراء القرمان ، ووعده بإعادة إمارة القرمان إذا تمكن الأمير جم حتى يحكم الدولة العثمانية ، فسارا معاً للهجوم على قونية لكنهما فشلا فشلاً ذريعاً. وحاول الأمير جم المصالحة مع أخيه السلطان حتى يعطيه مقاطعة ، فرفض ذلك السلطان حيث فهم تقسيم الدولة ، وانطلق الأمير جم إلى رهبان جزيرة رودوس فاستقبلوه ، غير حتى السلطان اتصل بهم ، وطلب منهم إبقاء الأمير جم عندهم تحت الإقامة الجبرية لقاء دفع مبلغ من المال من السلطان للرهبان ، وعدم التعرض للجزيرة ما دام حياً فوافق الرهبان على ذلك ، ورفضوا تسليمه إلى ملك المجر ، ثم رفضوا تسليمه إلى إمبراطور ألمانيا ليتخذوه سيفاً يقاتلون به الدولة العثمانية ، ولكنه سلم بعدئذ إلى فرنسا ، ومنها إلى البابا ، والمهم أنه توفي عام 900 وهوبهذه الصورة وقد استراح منه السلطان سواء أكان تحت الإقامة الجبرية أم عندما فارق الحياة.


موقفه من مماليك مصر

وحصلت خلافات مع مصر التي كان لها نفوذ على بعض الإمارات في جنوب الأناضول ، وسقط قتال بين الطرفين غير حتى باي تونس قد أصلح بينهما ، خوفاً من زيادة القتال بين المسلمين على حين حتى النصارى يتربصون الدوائر بالمسلمين ، ويسرون للخلافات التي تحدث بينهم.

بايزيد الثاني والدبلوماسية الغربية

فشل العثمانيون في فتح بلغراد ، وتوطدت الصلات مع بولونيا عام 895 ، ثم وقع الخلاف بينهما إذ كان جميع من الجانبين يدعي الحماية على البغدان ، وقد اعترف أمير البغدان بالحماية العثمانية ، وقاتل معهم البولونيين.

وبدأت الدول تقترب من الدولة العثمانية ، وتطلب عقد الحلف معها للإفادة منها في قتال خصومها ، وخاصة الإمارات الإيطالية ، وقد حارب العثمانيون دولة البندقية ، وانتصروا عليها ، فاستنجدت بملك فرنسا والبابا ، وكانت حرباً صليبية بين الطرفين.

وظهرت دولة روسيا عام 886 حيث استطاع دوق موسكوإيفان الثالث من تخليص موسكومن أيدي التتار ، وبدأ بالتوسع.

وأدرك الأعداء ، أنهم لا يستطيعون لقاءة القوات الجهادية في حرب نظامية يحققون فيها أطماعهم لهذا لجأوا إلى أسلوب خبيث تستروا به تحت مسمى العلاقات الدبلوماسية لكي ينخروا في عظام الأمة ويدمروا المجتمع المسلم من الداخل ، ففي عهد السلطان بايزيد وصل أول سفير روسي إلى (إسلامبول) عام (898هـ/1492م).

إن وصول السفير الروسي عام (1492م) على عهد دوق موسكو(إيفان) وما تابع ذلك ، وما منح له ولغيره من حصانة وامتيازات ، فتح الباب أمام أعداء الأمة الإسلامية لكشف ضعفها وفهم عوراتها ، والعمل على إفسادها والتآمر عليها بعد تدميرها وإضعاف سلطان العقيدة في نفوس أبنائها. وفي عهد بايزيد الثاني في عام (886هـ) استطاع دوق موسكو(إيفان الثالث) حتى ينتزع إمارة (موسكو) من أيدي المسلمين العثمانيين ، وبدأ التوسع على حساب الولايات الإسلامية. ولا يعني ذلك حتى السلطان (بايزيد) وقف موقفاً ضعيفاً أمام هذه الظروف ولكن الدولة كانت تمر بظروف صعبة في محاربتها لأعداء الإسلام على امتداد شبه جزيرة الأناضول، وأوروبا الشرقية كلها ، فانشغلت بها.

وقوفه مع مسلمي الأندلس

تطورت الأحداث في شبه الجزيرة الأيبرية في مطلع العصور الحديثة ، فأصبح اهتمام الأسبان ينحصر في توحيد أراضيهم ، وانتزاع ما تظل للمسلمين بها خصوصاً بعد ما خضعت لسلطة واحدة بعد زواج إيزابيلا ملكة قشتالة وفرديناند ملك أراغون ، فاندفعت الممالك الأسبانية المتحدة قبيل سقوط غرناطة في تصفية الوجود الإسلامي في جميع أسبانيا ، حتى يفرغوا أنفسهم ويركزوا اهتمامهم على المملكة الإسلامية الوحيدة غرناطة ، التي كانت رمز للمملكة الإسلامية الذاهبة.

وفرضت أسبانيا أقسى الإجراءات التعسفية على المسلمين في محاولة لتنصيرهم وتضييق الخناق عليهم حتى يرحلوا عن شبه الجزيرة الأيبرية.

نتيجة لذلك لجأ المسلمون الموريسكيون إلى القيام بثورات وانتفاضات في أغلب المدن الأسبانية التي يوجد بها أقلية مسلمة وخاصة غرناطة وبلنسية ، وأخمدت تلك الثورات بدون رحمة ولا شفقة من قبل السلطات الأسبانية التي اتخذت وسيلة تعميق الكره والحقد للمسلمين ، ومن جهة أخرى كان من الطبيعي حتى يرنوا الموريسكيون بأنظارهم إلى ملوك المسلمين في المشرق والمغرب لإنقاذهم ، وتكررت دعوات وفودهم ورسائلهم إليهم للعمل على إنقاذهم مما يعانوه من ظلم ، وخاصة من قبل رجال الكنيسة ودواوين التحقيق التي عاثت في الأرض فساداً وأحلت لنفسها جميع أنواع العقوبات وتسليطها عليهم.

وكانت أخبار الأندلس قد وصلت إلى المشرق فارتج لها العالم الإسلامي. وبعث الملك الأشرف في مصر بوفود إلى البابا وملوك النصرانية يذكرهم بأن النصارى الذين هم تحت حمايته يتمتعون بالحرية ، في حين حتى أبناء دينه في المدن الأسبانية يعانون أشد أنواع الظلم ، وقد هدد باتباع سياسة التنكيل والقصاص تجاه رعايا المسيحيين ، إذا لم يكن يكف ملك قشتالة وأرغون عن هذا الاعتداء وترحيل المسلمين عن أراضيهم وعدم التعرض لهم ورد ما أخذ من أراضيهم ، ولم يستجيب البابا والملكان الكاثوليكيان لهذا التهديد من قبل الملك الأشرف ومارسوا خطتهم في تصفية الوجود الإسلام في الأندلس .

وجددت رسائل الاستنجاد لدى السلطان العثماني بايزيد الثاني ، فوصلته هذه الرسالة : ( الحضرة العلية ، وصل الله سعادتها ، وأعلى حدثتها ، ومهد أقطارها ، وأعز أنصارها ، وأذل عداتها ، حضرة مولانا وعمدة ديننا ودنيانا ، السلطان الملك الناصر ، ناصر الدنيا والدين ، وسلطان الإسلام والمسلمين ، قامع أعداء الله الكافرين ، كهف الإسلام ، وناصر دين نبينا محمد عليه السلام ، محي العدل ، ومنصف المظلوم ممن ظلم ، ملك العرب ، والعجم ، والهجر والديلم ، ظل الله في أرضه ، القائم بسنته وفرضه ، ملك البرين وسلطان البحرين ، حامي الذمار ، وقامع الكفار ، مولانا وعمدتنا ، وكهفنا وغيثنا ، لا زال ملكه موفور الأنصار ، مقرونا بالفوز ، مخلد المآثر والآثار ، مشهور المعالي والفخار ، مستأثراً من الحسنات بما يضاعف به الأجر الجزيل ، في الدار الآخرة والثناء الجميل ، والنصر في هذه الدار ، ولا برحت عزماته العلية مختصة بفضائل الجهاد ومجرد على أعداء الدين من بأسها ، ما يروي صدور السحر والصفاح ، وألسنة السلاح بأذلة نفائس الذخائر في المواطن التي تألف فيها الأخاير مفارقة الأرواح للأجساد ، سالكة سبيل السابقين الفائزين برضا الله وطاعته يقوم الأشهاد .

وكانت ضمن الرسالة أبيات القصيدة يمدح صاحبها فيها الدولة العثمانية والسلطان بايزيد ، ويدعوللدولة بدوام البقاء.

ثم وصفت القصيدة الحالة التي يعاني منها المسلمون وما تعرض له الشيوخ والنساء من هتك للإعراض وما يتعرض له المسلمين في دينهم حيث استطر قائلاً :

سلام عليكم من عبيد تخلفوا      بأندلس بالغرب في أرض غربة
أحاط بهم بحر من الردم زاخر وبحر عميق ذوظلام ولجة
سلام عليكم من عبيد أصابهـم مصاب عظيم يا لها من مصيبة
سلام عليكم من شيوخ تمزقت شيوخهم بالنتف من بعد عزة
سلام عليكم من وجوه تكشفت على جملة الأعلاج من بعدة سترة
سلام عليكم من بنات عوائق يـسوقهم اللباط قهراً لخلوة
سلام عليكم من عجائز أكرهت على أكل خنزير ولحم جيفة

ثم تعود القصيدة في شرح المأساة ، وتغيير الدين ما إلى ذلك ، فاستطردت بقولها :

غدرنا ونصرنا وبدل ديننا ظلمنا وعوملنا بكل قبيحة وكنا على دين النبي محمد نقاتل عمال الصليب بنية وتلقى أموراً في الجهاد عظيمة بقتل وأسر ثم جوع وقلة فاتىت علينا الروم من جميع جانب بسيل عظيم جملة بعد جملة ومالوا علينا كالجراد بجمعهم بجد وعزم من خيول وعدة فكنا بطول الدهر نلقى جموعهم فنقتل فيها فرقة بعد فرقة وفرسانها تزداد في جميع ساعة وفرساننا طالما نقص وقلة فلما ضعفنا خيموا في بلادنا ومالوا علينا بلدة بعد بلدة وجاؤوا بأنفاظ عظام كثيرة تهدم أسوار البلاد المنيعة وشدوا عليها الحصار بقوة شهوراً وأياماً بجد وعزمة فلما تفانت خلينا ورجالنا ولم نر من إخواننا من إغاثة وقلت لنا الأقوات واشتد حالنا أحطناهم بالكره خوف الفضيحة وخوفاً على أبنائنا وبناتنا من حتى يؤسروا أويقتلوا شر قتلة على حتى نكون مثل من كان قبلنا من الدجن من أهل بلاد القديمة

ثم تحدثت القصيدة عن الخيار في مثل هذه الحالة ، فإما القبول بالوضع السابق أوالارتحال ، إذ استطردت قائلة : ونبقى على آذاننا وصلاتنا ولا نهجرن شيئاً من أمر الشريعة ومن شاء منا الجر جاز مؤمناً بما شاء من مال إلى أرض عدوة إلى غير ذلك من شروط كثيرة تزيد على الخمسين شرطاً بخمسة فنطق لنا سلطانهم وكبيرهم لكم ما شرطتم كاملاً بالزيادة فكونوا على أموالكم ودياركم كما كنتم من قبل دون أذية

إلا حتى الملكين الكاثوليكيين لم يفيا بتلك المواثيق إذ بدأ غدرهما على المسلمين فنطق :

فلما دخلنا تحت عقد ذمامهم بدا غدرهم فينا بنقص العزيمة وخان عهوداً كان قد غرنا بها ونصرنا كرهاً بعنف وسطوة وأحرق ما كانت لنا من مصاحف وخلطها بالزبل أوبالنجاسة وكل كتاب كان في أمر ديننا ففي النار ألقوه بهزء وحقرة ولم يهجروا فيها كتاباً لمسلم ولا مصحفاً يخلى به للقراءة ومن صام أوصلى يفهم حاله ففي النار يلقوه جميع حالة ومن لم يجئ منا لموضع كفرهم يعاقبه اللباط شر العقوبة ويلطم خديه ويأخذ ماله ويجعله في السجن في سوء حالة وفي رمضان يفسدون صيامنا بأكل وشرب مرة بعد مرة

إلى غير ذلك مضت المسيحية في هتك الإسلام ، وذل المسلمين ، فمن تدخل في عبادة المسلم إلى شتم الإسلام فنطقت القصيدة في ذلك :

وقد أمرونا حتى نسب نبينا ولا نذكرنه في رخاء وشدة وقد سمعوا قوماً يغنون باسمه فأدركهم منهم أليم المضرة وعاقبهم حكامهم وولاتهم بضرب وتغريم وسجن وذلة ومن اتىه الموت ولم يحضر الذي يذكرهم لم يدفنوه بحيلة ويهجر في زبل طريحاً مجدلاً كمثل حمار ميت أوبهيمة إلى غير هذا من أمور كثيرة قباح وأفعال غزار ردية

بعد ذلك أخذ الملوك الكاثوليك في إذابة المجتمع المسلم وذلك بتغيير الهوية الإسلامية إذ نطقت القصيدة : وقد بدلت أسماءنا وتحولت بغير رضا منا وغير إرادة فآهاً على تبديل دين محمد بدين كلاب الروم شر البرية وآهاً على أسمائنا حين بدلت بأسماء أعلاج من أهل القيادة وآهاً على أبنائنا وبناتنا يروحون للباط في جميع غدوة يفهمهم كفراً وزوراً وفرية ولا يقدروا حتى يمنعوهم بحيلة وآهاً على تلك المساجد سورت مزابل للكفار بعد الطهارة وآهاً على تلك الصوامع عـلقت نواقيسهم فيها نظير الشهادة وآهاً على تلك البلاد وحسنها لقد أظلمت بالكفر أعظم ظلمة وصارت لعباد الصليب معاقلاً وقد أمنوا فيها وقوع الإغارة صرنا عبيداً ولا أسارة فنفتدي ولا مسلمين منطقهم بالشهادة

ثم تتوجه القصيدة باستجداء السلطان لإنجادهم ، وإنقاذهم من تلك المحنة فتقول :

فلوأبصرت عيناك ما صار حالنا إليه لجادت بالدموع العزيزة فيا ويلنا يا بؤس ما قد أصابنا من الضر والبلوى وثوب المذلة سألناك يا مولاي والله ربنا وبالمصطفى المختار خير البرية عسى تنظروا فينا وفيما أصابنا لعل إله العرش يأتي برحمة فقولك مسموع وأمرك نافذ وما قلت من شيءقد يكون بسرعة ودين النصارى أصله تحت حكمكـم ومن ثم يأتيهم إلى جميع كورة فبا لله يا مولاي منوا بفضلكم علينا برأي أوكلام بحجة فأنتم أولوا الأفضال والمجد والعلا وغوث عباد الله في جميع آفة

ويشير المسلمون حتى توسط ملوك مصر لدى المسيحيين لم تجد شيئاً ، بل زادوا تعنتاً فنطقوا :

وقد بلغت إرسال مصر إليهم وما نالهم غدر ولا هتك حرمة ونطقوا لتلك الرسل عنا بأننا رضينا بدين الكفر من غير قهرة وساقوا عقود الزور ممن أطاعهم ووالله ما نرضى بتلك الشهادة لقد كذبوا في قولهم وكلامهم علينا بهذا القول أكبر فرية ولكن خوف القتل والحرق رونا نقول كما نطقوه من غير نية ودين رسول ما زال عندنا وتوحيدنا لله في جميع لحظة

بعد ذلك أوضح المسلمون للسلطان بايزيد أنه مع جميع ذلك فإنهم متمسكون بالدين الإسلامي ويؤكدون ذلك بقولهم :

ووالله ما نرضى بتبديل ديننا ولا بالذي نطقوا من امر الثلاثة
وإن زعموا أنا رضينا بدينهم بغير أذى منهم لنا ومساءة
فسل وحرا عن أهلها كيف من الممكن أن أصبحوا أسارى وقتلى تحت ذل ومهنة
وسل بلفيقاً عن قضية أمرها لقد مزقوا بالسيف من بعد حسرة
وضيافة بالسيف مزق أهلها كذا عملوا أيضاً بأهل البشرة
وأندرش بالنار أحرق أهلها بجامعهم صاروا جميعاً كفحمة

ويكرر المسلون ويجددوا الاستغاثة بالدولة العثمانية بعد تقديم هذه الشكوى :

فها نحن يا مولاي نشكوإليكم فهذا الذي نلناه من شر فرقة عسى ديننا يبقى لنا وصلاتنا كما عاهدونا قبل نقض العزيمة وإلا فيجلونا جميعاً عن أرضهم بأموالنا للغرب دار الأحبة فإجلاؤنا خير لنا من مقامنا على الكفر في عز على غير ملة فهذا الذي نرجوه من عز جاهكم ومن عندكم تقضي لنا جميع حاجة ومن عندكم نرجوزوال كروبنا وما نالنا من سوء حال وذلة فأنتم بحمد الله خير ملوكنا وعزتكم تعلوعلى جميع عزة فنسأل مولانا دوام حياتكم بملك وعز في سرور ونعمة وتهدين أوطان ونصر على العدا وكثرة أجناد ومال وثروة وثم سلام الله قلته ورحمة عليكم مدى الأيام في جميع ساعة

كانت هذه هي رسالة الاستنصار التي بعث بها المسلمون في الأندلس ، لإنقاذ الموقف هناك ، وكان السلطان بايزيد يعاني من العوائق التي تمنعه من إرسال المجاهدين ، بالإضافة إلى معضلة النزاع على العرش مع الأمير جم ، وما أثار ذلك من مشاكل مع البابوية في روما وبعض الدول الأوروبية ، وهجوم البولنديين على مولدافيا ، والحروب في ترانسلفانيا والمجر والبندقية ، وتكوين التحالف الصليبي الجديد ضد الدولة العثمانية من البابا جويلس الثاني وجمهورية البندقية والمجر وفرنسا ، وما أسفر عنه هذا التحالف من توجيه القوة العثمانية لتلك المناطق .

ومع ذلك قام السلطان بايزيد بتقديم المساعدة وتهادن مع السلطان المملوكي الأشرف لتوحيد الجهود من أجل مساعدة غرناطة وسقطا اتفاقاً بموجبه يرسل السلطان بايزيد أسطولاً على سواحل صقلية باعتبارها تابعة لمملكة أسبانيا ، وأن يجهز السلطان المملوكي حملات أخرى من ناحية أفريقيا ، وبالعمل أوفد السلطان بايزيد أسطولاً عثمانياً تحول إلى الشواطئ الأسبانية ، وقد منح قيادته إلى كمال رايس الذي أدخل الفزع والخوف والرعب في الأساطيل النصرانية في أواخر القرن الخامس عشر ، كما شجع السلطان بايزيد المجاهدين في البحر بإبداء اهتمامه وعطفه عليهم ، وكان المجاهدون العثمانيون قد بدأوا في التحرك لنجدة إخوانهم المسلمين ، وفي نفس الوقت كانوا يغنمون الكثير من الغنائم السهلة الحصول من النصارى ، كذلك وصل عدد كبير من هؤلاء المجاهدين المسلمين أثناء تشييد الأسطول العثماني ، ودخلوا في خدمته بعد ذلك أخذ العثمانيون يستخدمون قوتهم البحرية الجدية في غرب المتوسط بتشجيع من هؤلاء المجاهدين وهذا الذي كان في وسع السلطان بايزيد الثاني عمله.


أعماله الأخرى

اهتم بايزيد بإنشاء المباني العامة وعمل الخيرات، فبنى الجوامع والمدارس والعمارات ودور الضيافة والتكايا والزوايا والمستشفيات للسقمى والحمامات والجسور ، ورتب للمفتي ومن في رتبته من الفهماء في زمنه جميع عام عشرة آلاف عثماني ولكل واحد من مدرسي المدارس السلطانية ما بين سبعة آلاف وألفين عثماني ، وكذلك رتب لمشايخ الطرق الصوفية ومريديهم ولأهل الزوايا جميع واحد على قدر رتبته ، وصار ذلك أمراً جارياً ومستمراً ، وكان يحب أهل الحرمين الشريفين مكة والمدينة .

وحدثت في زمانه زلازل عظيمة في القسطنطينية فأخربت ألفاً وسبعين بيتاً ومئة وتسعة جوامع ، وجانباً عظيماً من القصور وأسوار المدينة ، وعطلت مجاري المياه ، وصعد البحر إلى البر فكانت ألقاء تتدفق فوق الأسوار ، ولبثت تلك الزلزلة تحدث يومياً مدة 45 يوماً ، وما حتى سكنت الأمور كلف السلطان 15 ألفاً من العمال بإصلاح ما تهدم.

عاش سبعاً وستين عاماً ، وكان قوي البنية ، أحدب الأنف ، أسود الشعر رقيق الطبع ، محباً للعلوم ، مواظباً للدرس ، وشاعراً أديباً ، ورعاً تقياً ، يقضي العشرة الأخيرة من شهر رمضان في العبادة والذكر والطاعة ، وكان بارعاً في رمي السهام ، ويباشر الحروب بنفسه ، وكان يجمع في جميع منزل حلّ من غزواته ما على ثيابه من الغبار ويحفظه ، ولما دنا أجل موته أمر بذلك الغبار فضرب منه لبنة صغيرة وأمر حتى توضع معه في القبر تحت خدّه الأيمن ، فعمل ذلك ، وكان مدة ملكه إحدى وثلاثين سنة إلا أياماً.

وكان رحمه الله عالماً في العلوم العربية والإسلامية ، كما كان عالماً في الفلك ، مهتماً بالأدب مكرماً للشعراء والفهماء وقد خصص مرتبات لأكثر من ثلاثين شاعراً وعالماً ، كما كان هونفسه شاعراً يمتاز شعره بعمق الإحساس بعظمة الله وقدرته .

وفاته

كان السلطان بايزيد الثاني قد عين أولاده الثلاثة بقوا أحياء على الولايات ، فكان كركود والياً على شرقي الأناضول ، وأحمد على أماسيا ، وسليم على طرابزون ، كما عين حفيده سليمان بن سليم على مدينة (كافا) في شبه جزيرة القرم.

وكان سليم محارباً طموحاً فأراد حتىقد يكون والياً على بعض المقاطعات في أوربا ليمارس الجهاد ، ويؤيده في ذلك الانكشارية والعسكريون عامة ، ولكن السلطان قد رفض من ابنه ذلك كما رفض الولد ولاية طرابزون ، وانتقل إلى ابنه سليمان في كافا ، ثم جمع جيشاً ، وسار إلى أوروبا وحاول السلطان تهديد ولده الذي أصر على القتال ، ونتيجة حبه للسلم تراجع عن قراره وعينه على بعض المقاطعات الأوروبية عام 916 ، فطمع سليم وسار إلى أدرنه ، وأعرب نفسه سلطاناً عليها ، فحاربه أبوه وهزمه ، وفر إلى القرم ، ثم تدخلت الانكشارية فعفا السلطان عنه ، وأعاده إلى أوروبا ، فسار به الانكشارية إلى استانبول .

أما الأمير كركوت ، وهوالولد الكبير للسلطان فقد رأى أخاه سليماً يفرض رأيه لذا اتجه إلى مقاطعة صاروخان ، واستلمها دون أمر أبيه ، فحاربه وهزمه قبيل وفاته بقليل.

في 18 صفر 918هـ الموافق 125 أبريل 1512م هجر حكم الدولة لابنه سليم الأول وذلك بدعم من الجيش ، الذي كان ينظر إليه على أنه الأمل المرتجى في بعث النشاط الحربي للدولة العثمانية بصورة أوسع ودفع حركة الفتوحات إلى الأمام ، ولذلك بادر الجيش إلى معارضة والده وطلبوا من السلطان التنازل للأمير سليم عن الحكم ، فوافق واستنطق عام 918 ، وانتقل السلطان ليعيش بعيداً عن الحكم فتوفي في الطريق وهوذاهب إلى ديمتوقة فنقل نعشه إلى إسلامبول حيث دفن بجوار جامعه الشريف.

مصادر

  • التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر 8/92
  • الدولة العثمانية لعلي الصلابي ، ص267 وما بعدها


بايزيد الثاني
آل عثمان
وُلِد: ثلاثة ديسمبر, 1447 توفي: 26 مايو, 1512
ألقاب ملكية
سبقه
محمد الثاني
سلطان الدولة العثمانية
3 مايو, 1481 – 25 أبريل, 1512
تبعه
سليم الأول
ألقاب المطالبة
سبقه
محمد الثاني
— حامل لقب —
خليفة المسلمين
3 مايو, 1481 – 25 أبريل, 1512
تبعه
سليم الأول
تاريخ النشر: 2020-06-04 15:52:05
التصنيفات: عثمانيون

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

مضايقات من صيف الكويت الباهت

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-07 03:17:10
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 98%

قطاع الأعمال: مستعدون لاستقبال ضيوف مصر في معرض Gate Travel Expo

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-07 03:17:56
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 53%

اقتدوا بحنان ترك!

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-07 03:17:12
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 89%

عودة الخوف إلى القارة القديمة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-07 03:17:11
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 96%

إيكاردي يحسم مصيره مع باريس سان جيرمان

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-07 03:16:28
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 99%

"قلادة بـ27 جنيهاً".. سخرية من تكريم محمد صلاح

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-07 03:17:16
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 86%

نجم باريس سان جيرمان مبابي “أغلى لاعب” في العالم

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-07 03:18:17
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 75%

حرب أوكرانيا ورفض التهدئة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-07 03:17:12
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 87%

صراعات «الديمقراطيين»

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-07 03:17:13
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 90%

سكاي دايف فيرورز: معرض gate travel expo لجذب المزيد من السياحة الأجنبية

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-07 03:17:57
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 68%

تضحيات الجيش... كي لا تضيع

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-07 03:17:15
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 90%

الإمارات.. شاب يتهم جاره بالتسبب في إصابة كلبه باضطراب نفسي

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-07 03:16:26
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 89%

طقس الثلاثاء..أجواء حارة في مناطق من المملكة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-07 03:18:12
مستوى الصحة: 71% الأهمية: 81%

"واشنطن بوست": يجب على بايدن أن يقول الحقيقة لحكام السعودية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-07 03:16:27
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 98%

هذه لائحة الوفد الرياضي المغربي في دورة الألعاب المتوسطية

المصدر: راديو مارس - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-06-07 03:18:33
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 63%

ليبيا.. الصراع بين باشاغا والدبيبة يضرب مجلس الدولة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-07 03:17:03
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 92%

الخليج العربي والعروبة الثقافية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-07 03:17:14
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 85%

انطلاق قافلة تضم آلاف المهاجرين من المكسيك إلى الولايات المتحدة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-07 03:16:26
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 89%

تحميل تطبيق المنصة العربية