تاريخ العلوم في الهند

عودة للموسوعة

تاريخ العلوم في الهند



تاريخ جنوب آسيا

(شبه القارة الهندية)

العصر الحجري 70,000–3300 ق.م.
• ثقافة مهرگره • 7000–3300 ق.م.
حضارة وادي الإندوس 3300–1700 ق.م.
ثقافة هرپـّان المتأخرة 1700–1300 ق.م.
الفترة الڤيدية 1500–500 ق.م.
العصر الحديدي 1200–300 ق.م.
• مهاجناپادا • 700–300 ق.م.
• امبراطورية ماگادا • 545 ق.م. - 550
• امبراطورية موريا • 321–184 ق.م.
الممالك الوسيطة 250 ق.م.–1279 م
• امبراطورية چولا • 250 ق.م.–1070 م
• ساتاڤاهانا • 230 ق.م.–220 م
• امبراطورية كوشان • 60–240
• امبراطورية گوپتا • 280–550
• امبراطورية پالا • 750–1174
• أسرة چالوكيا • 543–753
• راشتراكوتا • 753–982
• امبراطورية چالوكيا الغربية • 973–1189
• امبراطورية هويسالا 1040–1346
• امبراطورية كاكاتيا 1083–1323
السلطنات الإسلامية 1206–1596
• سلطنة دلهي • 1206–1526
• سلطنات الدكن • 1490–1596
مملكة أهوم 1228–1826
امبراطورية ڤيجايانگرا 1336–1646
سلطنة المغول 1526–1858
امبراطورية ماراثا 1674–1818
سلطنة دراني 1747–1823
اتحاد السيخ 1716–1799
امبراطورية السيخ 1801–1849
شركة الهند الشرقية البريطانية 1757–1858
الراج البريطاني 1858–1947
الدول المعاصرة 1947–الحاضر
تواريخ الأمم
بنگلادشبوتانجمهورية الهند
المالديڤنيپالپاكستانسري لانكا
تواريخ إقليمية
أسام • بلوشستان • البنغال
هيماچال پرادش • اوريسا • المناطق الپاكستانية
شمال الهند • جنوب الهند • التبت
تآريخ متخصصة
العملات • الأسرات • الاقتصاد
فهم الهنديات • اللغة • الأدب • البحري
العسكري • الفهم والتكنولوجيا • خط زمني
     

جهود الهند في الفهم قديمة جداً وحديثة جداً في آن معاً؛ فهي حديثة إذا نظرنا إلى الفهم باعتباره بحثاً مستقلاً دنيوياً، وهي قديمة إذا نظرنا إليه باعتباره مشغلة فرعية من مشاغل الكهنة؛ ولما كان الدين هولب الحياة الهندية وصميمها، فإن العلوم التي كان من شأنها حتى تعاون الدين هي التي سبقت غيرها بالرعاية والنمو: فالفلك قد نشأ من عبادة الأجرام السماوية ومشاهدة حركاتها لتحديد أيام الأعياد والقرابين؛ ونشأ النحووفهم اللغة عن الرغبة الملحة بأن تكون جميع صلاة وكل صيغة دينية، سليمة في هجريبها وفي مخارج أصواتها، على الرغم من أنها تنطق أوتخط بلغة ميتة(1) فقد كان فهماء الهند - كما كانت الحال في عصورنا الوسطى - هم كهنتها، بكل ما في ذلك من خير ومن شر.

قبل التاريخ

Hand-propelled wheel cart, Indus Valley Civilization (3300–1300 BCE). Housed at the National Museum, New Delhi.

By 5500 BCE a number of sites similar to Mehrgarh had appeared, forming the basis of later chalcolithic cultures. The inhabitants of these sites maintained trading relations with الشرق الأدنى وآسيا الوسطى.


الممالك المبكرة

Ink drawing of Ganesha under an umbrella (early 19th century). Carbon pigment Ink, called masi, and popularly known as India ink was an admixture of several chemical components, has been used in India since at least the 4th century BCE. The practice of writing with ink and a sharp pointed needle was common in early South India. Several Jain sutras in India were compiled in Carbon pigment Ink.
The Hindu-Arabic numeral system. The inscriptions on the edicts of Ashoka (1st millennium BCE) display this number system being used by the Imperial Mauryas.

نشأ فهم الفلك عن التنجيم نشأة غير مقصودة، ثم أخذ رويداً رويداً ينفض عن نفسه الأغلال في ظل اليونان؛ وأقدم الرسائل الفلكية - وهي السِدْ ذانتا حوالي 425 ق.م - كانت قائمة على أساس الفهم اليوناني(2) حتى لقد اعترف "فارهاميرا" الذي أطلق على مؤلفه الموسوعي اسماً له مغزاه إذ أطلق عليه "مجموعة كاملة للتنجيم الطبيعي" - اعترف صراحة باعتماده على اليونان، وحث "آريا بهاتا"- وهوأعظم الفلكيين والرياضيين الهنود - في قصائد منظومة موضوعات مثل المعادلات الرباعية والجيب (في حساب المثلثات) وقيمة النسبة التقريبية المستعملة في استخراج مساحة الدائرة. كما علل الكسوف والخسوف والاعتدالين والانقلابين (في حركة الأرض حول الشمس) وأعرب عن كروية الأرض ودورتها اليومية حول محورها، واتى ما يأتي فيما خطه سابقاً لفهم النهضة الأوربية سبقاً جريئاً : "إن عالم النجوم ثابت، والأرض في دورانها هي التي تحدث جميع يوم ظهور الكواكب والنجوم من الشرق واختفاءها في الغرب"(4) واتى بعده خلفه المشهور "براهما جوبتا" فنسق المعلومات الفلكية في الهند، ولوأنه أعاق تقدم الفلك هناك برفضه لنظرية "آريا بهاتا" الخاصة بدوران الأرض، هؤلاء الرجال وأتباعهم هم الذين لاءموا بين حاجات الهنود والتقسيم البابلي للسماء إلى أبراج، وهم الذين قسموا العام اثني عشر شهراً، جميع شهر منها ثلاثون يوماً، وكل يوم ثلاثون ساعة، وكانوا يضيفون شهراً زائداً جميع خمسة أعوام، وحسبوا بدقة تستوقف النظر قطر القمر وخسوف الشمس، وموضع القطبين ومواضع النجوم الرئيسية ودورانها(5)، وشرحوا نظرية الجاذبية- ولوأنهم لم يصلوا إلى قانونها- عندما خطوا في "سِدْ ذانت" : "إن الأرض تجذب إليها جميع شيء بما لها من قوة جاذبة"(6)

ولكي يحسبوا هذه العمليات المعقدة ، فكر الهنود في حساب رياضي يفوق ما كان لليونان في جميع شيء إلا الهندسة(7)، ولذا فان من أبرز ما ورثناه عن الشرق الأعداد "العربية" والنظام العشري، وقد اتىنا كلاهما من الهند على أيدي العرب؛ فإن ما يسمى خطأ بالأعداد "العربية" نراها منقوشة على "صخرة المراسيم" التي خلفها "أشوكا" (256 ق.م)، أي قبل استخدامها في الكتابات العربية بألف عام؛ يقول "لاپلاس" العظيم النابغ :

"إنها الهندية هي التي فهمتنا الطريقة العبقرية في التعبير عن كافة الأعداد برموز عشرة، لكل منها قيمة تستمد من مكانة في العدد فضلاً عن قيمته الذاتية المطلقة، وإنها لفكرة عميقة هامة تبدولنا اليوم من البساطة بحيث ننسى ما هي جديرة به من خطر؛ لكن بساطتها هذه، والسهولة العظيمة التي أدخلتها في العمليات الحسابية كلها، قد جعلتا من فهم الحساب عندنا مخترعاً لعظمة هذا الابتكار إذا ما تذكرنا أنه غاب عن عبقرية أرشميديس وأبولونيوس، وهما من أعظم من أنجبت العصور القديمة من رجال"(8).

وعهد "آريا بهاتا" و"براهما جوبتا" النظام العشري قبل ظهوره في كتابات العرب والسوريين بزمن طويل؛ وأخذته الصين عن المبشرين البوذيين ويظهر حتى محمداً بن موسى الخوارزمي- وهوأعظم رياضي في عصره (مات حوالي 850 م)- قد أدخله في بغداد؛ أما الصفر فأقدم استخدام له معروف لنا في آسيا وأوربا هوفي وثيقة عربية تاريخها 873 م. أي قبل أول ظهور له- فيما نفهم- في الهند بثلاثة أعوام؛ لكن الرأي مجمع على حتى العرب قد استعاروا الصفر أيضاً من الهند(9)؛ هكذا ترى أكثر الأعداد تواضعاً وأكبرها نفعاً كان هدية من الهدايا الرقيقة التي قدمتها الهند لسائر البشر.

وتقدم الجبر عند الهنود وعند اليونان دون حتى يأخذ فريق عن فريق فيما يظهر لكن احتفاظنا باسمه العربي (الجبر حدثة عربية معناها ملاءمة الهجريب) يشير على حتى الفهم به قد أتى إلى أوربا الغربية من العرب- وهذا معناه أنه اتى إليها من الهند لا من اليونان(11)، وأبطال هذا الميدان من الهنود هم- كما في فهم الفلك- آريا بهاتا وبراهما جوبتا وبهاسكارا؛ ويظهر حتى أخيرهم (ولد سنة 1114 م) قد ابتكر العلامة الجذرية وكثيراً غيرها من الرموز الجبرية(12)، وهؤلاء الرجال هم الذين ابتكروا فكرة الكمية السلبية التي كان يستحيل الجبر بغيرها(13)، وصاغوا القواعد التي يمكن بها إيجاد التباديل والتوافيق، وحسبوا الجذر التربيعي للعدد 2، وحلوا في القرن الثامن الميلادي معادلات غير متعينة من الدرجة الثانية، كانت تجهلها أوربا حتى أيام "يولر" بعد ذلك بألف عام(14)، ولقد صاغوا فهمهم هذا في نطقب شعري، وخلعوا على مسائل الرياضة رشاقة تميز العصر المضىي في تاريخ الهند، وهناك مثلين يوضحان الجبر في صوره البسيطة عند الهنود:

"هناك خلية من النحل، استقر خمسها على زهرة كادامبا، وهبط ثلثها على زهرة سلنذرة، وطار ثلاثة أمثال الفرق بين هذين العددين إلى زهر الكوتاجا، وظلت نحلة واحدة- وهي جميع ما تبقى- حائمة في الهواء فأنبئيني أيتها المرأة الفاتنة عدد النحل كله... لقد اشتريت لك يا حبيبتي هذه الياقوتات الثماني، والزمردات العشر، واللؤلؤات المائة، التي ترينها في قرطك، واشتريتها بأثمان متساوية، وكان مجموع أثمان الأنواع الثلاثة من الأحجار الكريمة أقل من نصف المائة بثلاثة، فأنبئيني ثمن جميع منها أيتها المرأة المجدودة"(15).

غير حتى الهنود لمقد يكونوا على هذه الدرجة من التوفيق في الهندسة؛ ولوحتى الكهنة استطاعوا في قياس مذابح القرابين وبنائها حتى يصوغوا النظرية الفيثاغورسية (التي مؤداها حتى المربع المنشأ على وتر المثلث القائم الزاوية يساوي مجموع المربعين المنشأين على الضلعين الآخرين) قبل ميلاد المسيح ببضع مئات من السنين(16) وكذلك استطاع "آريا بهاتا"- وقد يحدث متأثراً باليونان في ذلك- حتى يحسب مساحة المثلث والمعَّين والدائرة وأن يقدر قيمة النسبة التقريبية ( في حساب النسبة بين طول قطر الدائرة ومحيطها) بـ 1416ر3- وهورقم لم يعادله في دقة الحساب رقم آخر حتى عهد "بير باخ" (1423-61) في أوربا(17)؛ وكان "بهاسكارا" سباقاً إلى حساب التفاضل، إذ فكر فيه على نحوتقريبي، وأعد "آريا بهاتا" قائمة بحساب الجيب، واتى في كتاب "سوريا سِدْ ذانتا" مجموعة منسقة في حساب المثلثات، كانت أحمل مستوى من جميع ما عهده اليونان في هذا الباب(18).

ولدى الهنود مدرستان فكريتان لكل منهما نظرية فيزيائية شبيهة بما كان لليونان في ذلك شبهاً يوحي بما كان بين البلدين من اتصال؛ ممضى "كانادا" مؤسس الفلسفة الفايشيشيكية، إلى حتى العالم مؤلف من ذرات يبلغ عدد أنواعها عدد العناصر المتنوعة؛ وأما الجانتيون فقد ازدادوا شبهاً بديمقريطس في ممضىهم بأن كافة الذرات من نوع واحد، تحدث آثاراً مختلفة بسبب الاختلاف في طريقة هجريبها(19)؛ ويرى "كانادا" حتى الضوء والحرارة ظاهرتان مختلفتان لعنصر واحد؛ ويمضى "يودايانا" إلى حتى جميع الحرارة مصدرها الشمس؛ ويفسر "فاشاسباتي"- مثل نيوتن- الضوء بأنه مؤلف من ذرات صغيرة تنبعث من الأمور وتطرق العين(20)؛ وتجد في رسائل الهنود التي ألفوها في الموسيقى تحليلاً وحساباً رياضياً للنغمات الموسيقية وأطوال موجاتها، وكذلك ازدياد النغمة، يتناسب عكسياً مع طول الوتر فيما بين نقطة اتصاله ونقطة لمسه؛ وهنالك ما يشير على حتى البحارة الهنود في القرون الأولى بعد الميلاد، قد استخدموا بوصلة صنعوها من سمكة جديدة تسبح في إناء من الزيت وتشير إلى الشمال(21).

وتقدمت الكيمياء بادئة طريقها من مصدرين: الطب والصناعة؛ فقد أسلفنا بعض القول في براعتهم الكيماوية في صب الحديد في الهند القديمة، وفي الرقي الصناعي العظيم في عصور "جوبتا" ، حينما كان ُينظر إلى الهند- حتى من روما القيصرية- على أنها أمهر الأمم جميعاً في صناعات كيماوية مثل الصباغة والدبغ وصناعة الصابون والزجاج والأسمنت؛ وفي تاريخ بلغ من القدم القرن الثاني قبل الميلاد، خصص "ناجارجونا" كتاباً بأكمله للبحث في الزئبق؛ فلما حتى كان القرن السادس كان الهنود أسبق بشوط طويل من أوربا في الكيمياء الصناعية، فكانوا أساتذة في التكليس والتقطير والتصفية والتبخير واللحام وإنتاج الضوء بغير حرارة، وخلط المساحيق المنومة والمخدرة، وتحضير الأملاح المعدنية، والمركبات والمخلوطات من مختلف المعادن؛ وبلغ طرق الصلب في الهند القديمة حداً من الكمال لم تعهده أوربا إلا في أيامنا هذه، وينطق حتى الملك يورس ، قد اختار هدية نفسية نادرة يقدمها للإسكندر ثلاثين رطلاً من الصلب(22)، إذا آثرها على هدية من المضى أوالفضة؛ ونقل المسلمون كثيراً مما كان للهنود من فهم الكيمياء والصناعة الكيماوية إلى الشرق الأدنى وأوربا؛ فمثلاً نقل العرب عن الفرس، وكان الفرس قد نقلوا بدروهم عن الهند سر صناعة السيوف "الدمشقية"(22أ).

وكان التشريح وفهم الوظائف الأعضاء- مثل بعض الجوانب الكيمياء- نتيجتين عرضيتين للطب الهندي؛ ففي القرن السادس قبل الميلاد- رغم أنه عهد يغوص في القدم، كان الأطباء الهنود يعهدون خصائص الأربطة العضلية ورتق العظام والجهاز اللمفاوي، والضفائر العصبية واللفائف والأنسجة الدهنية والأوعية الدموية والأغشية المخاطية والمفصلية وأنواع من العضلات أكثر مما نستطيع حتى نتبينه من جثة حديثة(23).

وقد زلَّ أطباء الهند في العصر السابق لميلاد المسيح في نفس الخطأ الذي سقط فيه أرسطوحين تصور القلب مركز الشعور وأداته، وظنوا حتى الأعصاب تصعد من القلب وتهبط إليه، لكنهم فهموا عمليات الهضم فهماً يستوقف النظر بدقته- أعني الوظائف المتنوعة للعصارات المعدية، وتحول الكيموس إلى كيلوس، ثم تحول الكيلوس إلى دم(24)، وسبق "أتريا" ، "وايزمان" بألفين وأربعمائة عام حين مضى (حوالي 500 ق.م) إلى حتى نطفة الوالد مستقلة وكانوا يحبذون فحص الرجال للتحقق من توافر عناصر الرجولة فيهم قبل إقدامهم على الزواج؛ واتى في تشريع "مانو" تحذير من عقد الزواج بين أشخاص مصابين بالسل أوالصرع أوسوء الهضم المزمن أوالبواسير أوشقشقة اللسان(26) وكان مما فكرت فيه مدارس الطب الهندية سنة 500 ق.م، ضبط النسل على آخر طراز يأخذ به رجال اللاهوت، وهويقوم على نظرية هي حتى الحمل محال في مدى اثني عشر يوماً من موعد الحيض(27)؛ ووصفوا تطور الجنين وصفاً فيه كثيراً جداً من الدقة ، وكان مما لوحظ في هذا الصدد حتى جنس الجنين لا يتعين إلا بعد مدة، وزعموا حتى جنس الجنين في بعض الحالات يمكن التأثير فيه بعمل الطعام أوالعقاقير(28).

وتبدأ مدونات الطب الهندي بكتاب "أترڤاڤدا" Atharvaveda، ففي هذا الكتاب تجد قائمة بأمراض مقرونة بأعراضها، لكنك تجدها محاطة بكثير جداً من السحر والتعزيم؛ فقد نشأ الطب ذيلاً للسحر؛ فالقائم بالعلاج كان يفهم ويستخدم وسائل جثمانية لشفاء المريض، على أساس حتى هذه تساعد على نجاح ما يخطه له من صيغ روحانية؛ ثم أخذ على مر الزمن يزيد من اعتماده على الوسائل الدنيوية، ماضياً إلى جواز ذلك في تعاويذه السحرية لتكون هذه معينة لتلك من الوجهة النفسية، كما نعمل اليوم بتشجيعنا للمريض.

وفي ذيل كتاب "أترڤاڤدا" ملحق يسمى "ياجورڤدا" Yajurveda (ومعناها فهم إطالة العمر)؛ ويمضى هذا الطب الهندي القديم إلى حتى السقم يسببه اضطراب في وحد من العناصر الأربعة (الهواء والماء والبلغم والدم) وطرائق العلاج هي الأعشاب والتمائم السحرية؛ ولا يزال كثير من طرائق الطب القديم في وصف الأمراض وعلاجها مأخوذاً به في الهند اليوم، وإن ذلك ليصيب من النجاح أحياناً ما يثير الغيرة في صدور الأطباء الغربيين؛ وتجد في كتاب "ريگڤدا" نحوألف اسم من أسماء هذه الأعشاب، وهويحبذ الماء على أنه خير علاج لمعظم الأمراض؛ على حتى الأطباء والجراحين حتى في العهد الفيدي كانوا يتميزون بما يفرق بينهم وبين المعالجين بالسحر؛ وكانوا يسكنون منازل تحيط بها حدائق يستنبتون فيها الأعشاب الطبية(29).

وأعظم اسمين في الطب الهندي هما "سوشروتا" في القرن الخامس قبل الميلاد و"شاراكا" في القرن الثاني بعد الميلاد؛ فقد خط "سوشروتا"- وكان أستاذا للطب في جامعة بنارس، باللغة السنسكريتية مجموعة من أوصاف الأمراض وطرائق علاجها، وكان قد ورث الفهم بها من معمله "ذانوانتاري" ؛ فبحث في كتابه بإطناب في الجراحة والتوليد والطعام الصحي والاستحمام والعقاقير وتغذية الرضع والعناية بهم والتربية الطبية(30)، وأما "شاركا" فقد أنشأ "سامهيتا" (ومعناها موسوعة) تضم فهم الطب، وهي لا تزال مأخوذاً بها في الهند(31)؛ وبث في أتباعه فكرة عن مهنتهم كادت تقرب من فكرة أبقراط: "لا ينبغي حتى تعالجوا سقماكم ابتغاء منفعة لأنفسكم، ولا إشباعاً لشهوة كافة ما كانت من شهوات الكسب الدنيوية، بل عالجوهم من أجل غاية واحدة هي التخفيف عن الإنسانية المعذبة، بهذا تفقدون سائر الناس"(32) ويتلوهذين الاسمين التماعاً في تاريخ الطب الهندي اسم "فاجبهاتا" (625 م) الذي أعد موسوعة طبية نثراً ونظماً، ثم اسم "بهافامِسْراً" (1550 م) الذي اتى في كتابة الضخم عن التشريح ووظائف الأعضاء والطب، ذكر الدورة الدموية قبل حتى يذكرها "هارفي" بمائة عام، ووصف الزئبق علاجاً لذلك السقم الجديد- سقم الزهري- الذي كان من عهد قريب مع البرتغاليين، جزءاً من التراث الذي خلّفته أوربا للهند(33).

وصف "سوشوترا" كثيراً من العمليات الجراحية- الماء في العين، والفتق وإخراج الحصاة من المثانة، وبقْر الأمهات عن الأجنة وغير ذلك، كما ذكر إحدى وعشرين ومائة أداة من أدوات الجراحة منها المشارط والمسابير والملاقط والقثاطير ومناظير القُبُل والدُّبرُ(34)، وعلى الرغم من تحريم البراهمة لتشريح جثث الموتى، جعل يدافع عن ضرورة ذلك في تدريب الجراحين؛ وكان أول من رقع أذناً جريحة ببتر من الجلد اقتطعها من أجزاء أخرى من الجسم، وعنه وعن أتباعه من الهنود أخذ الطب الحديث عملية تقويم الأنف(35)؛ ويقول "جارِسُنْ": "لقد أجرى قدماء الهنود جميع العمليات الجراحية الكبرى تقريباً، ما عدا عملية ربط الشرايين"(36)؛ فقد بتروا الأطراف، وأجروا الجراحات في البطن، وجبروا كسور العظام، وأزالوا البواسير؛ وقَعَّد "سوشوترا" القواعد الدقيقة لإجراء الجراحة، ويعد اقتراحه بتعقيم الجرح بالتبخير أول ما نعهده من جهود في وسائل التطهير أثناء الجراحة(37)؛ ويذكر لنا "سوشوترا" و"شاراكا" كلاهما فوائد أنواع من الشراب الطبي في تخدير الجسم عند الألم، وحدث في سنة 927 م حتى قام جراحان بتربنة الجمجمة لملك هندي، فخدره عن الجراحة بعمل عقار يسمى "ساموهيني" .

وأوصى "سوشوترا" بأن تتبع في تشخيص الأمراض التي أحصى منها ألفاً ومائة وعشرين، طريقة النظر بالمنظار وطريقتا جس النظر والتسمع بالأذن(40) وقد اتى وصف لجسّ النبض في رسالة تاريخها 1300م(41)؛ وكان تحليل البول طريقة مستحسنة في تشخيص الأمراض؛ حتى لقد اشتهر أطباء التبت بقدرتهم على شفاء أي مريض دون النظر في أي شئ يتعلق به ما عدا بوله(42)؛ وكان العلاج الطبي في الهند في عهد يوان شوانج، يبدأ بصيام مداه سبعة أيام، وكثيراً ما كان يشفى المريض في هذه الفترة ، فإذا بقى المريض لجئوا بعدئذ إلى استخدام العقاقير(43) لكنهم لمقد يكونوا يسرفون في استخدام العقاقير حتى في أمثال هذه الحالات، إذ كان معظم اعتمادهم على تدبير الطعام الملائم والاستحمام والحقن الشرجية والاستنشاق والحقن في مجاري البول وإخراج الدم بدود العلق أوبالكؤوس(44)، وكان لأطباء الهنود شهرة خاصة في تكوين ترياقات السموم، ويزالون يفوقون الأطباء الأوربيين في علاج عضة الثعبان(45)؛ ولقد عهدت الهند التطعيم منذ سنة 550 م ، مع حتى أوربا لم تعهده إلا في القرن الثامن عشر، ذلك لوحكمنا من نص يعزى إلى "ذانوانتاري" وهوطبيب من أقدم أطباء الهنود، وهذا هو: "خذ السائل من البثور التي تراها على ضرع البقرة ... خذه على سنان المشرط، ثم طعم به الأذرعة بين الأكتاف والمرافق، حتى يظهر الدم؛ عندئذ يختلط السائل بالدم فتنشأ عن اختلاطه حمى الجدري"(46) ويعتقد الأطباء الأوربيون المحدثون حتى التفرقة بين الطبقات تفرقه تعزل بعضها عن بعض، منشؤها إيمان عند البراهمة بوجود عوامل خفية في نقل الأمراض؛ وكثير من قوانين الصحة التي أوصى بها "سوشوترا" و"مانو" تسلم تسليماً- فيما يظهر- بما نسميه نحن المحدثون الذين نحب الأسماء الجديدة نطلقها على ما قديم، أقول إنها تسلم بما نسميه نحن المحدثون بنظرية السقم عن طريق الجراثيم(47)؛ ويبدولنا حتى التنويم كوسيلة للعلاج قد نشأ عند الهنود الذين كثيراً ما كونا ينقلون سقماهم إلى المعابد لمعالجتهم بالإيحاء التنويمي أو"نعاس المعبد" كما كان يحدث في مصر واليونان(48) والأطباء الإنجليز الذين أدخلوا طريقة العلاج بالتنويم في إنجلترا- وهم "بريد" و"ازديل" و"إِليوتسُن" "ولاشك في حتى ما أوحى لهم بآرائهم تلك، وببعض خبرتهم، هواتصالهم بالهند"(49).

فالطب الهندي بصفة عامة قد تطور تطوراً سريعاً في العهدين الفيدي والبوذي، ثم أعقب ذلك قرون سار فيه التقدم بخطوات الوئيد الحذر؛ ولسنا ندري كم يدين "أتريا" و"ذانوانتاري" و"سوشوترا" لليونان، وكم تدين اليونان لهم؛ يقول "جارسن" إنه في أيام الإسكندر "كان لأطباء الهنود وجراحيهم شهرة- هم جديرون بها- بما يتميزون به من تفوق في الفهم والمهارة في العمل" ، وحتى أرسطونفسه- في رأي طائفة من الباحثين- مدين لهم(50) وكذلك قل في الفرس والعرب، فمن العسير حتى تبتر برأي في مدى ما أخذه الطب الهندي من بغداد، ومن الطب البابلي في الشرق الأدنى عن طريق بغداد؛ فمن جهة ترى بعض طرائق العلاج مثل الأفيون والزئبق، وبعض وسائل الكشف عن حقيقة السقم مثل جس النبض، قد اتىت إلى الهند من فارس فيما يظهر؛ لكنك من جهة أخرى ترى الفرس والعرب قد ترجموا إلى لغتيهما في القرن الثامن الميلادي موسوعتي "سوشوترا" و"شراكا" اللتين كانتا قد مضى عليهما ألف عام(51) ولقد اعترف الخليفة هارون الرشيد بالتفوق الفهمي والطبي للهنود، واستدعى الأطباء الهنود لتنظيم المستشفيات ومدارس الطب في بغداد(52) ؛ وينتهي "لورد آمِتهِل" إلى نتيجة هي حتى أوربا الوسيطة والحديثة مدينة بفهمها الطبي للعرب بطريق مباشر، وللهند عن طريق العرب(53)؛ ولعل هذا الفهم الذي هوأشرف العلوم وأبعدها عن اليقين، قد نشأ في بلاد مختلفة في وقت واحد تقريباً، ثم جعل يتطور بما كان بين الأمم المتعاصرة في سومر ومصر والهند من صلات وتبادل فكري.


بعد المها جناپادا — أعلى العصور الوسطى

The iron pillar of Delhi (375–413 CE). The first iron pillar was the Iron pillar of Delhi, erected at the times of Chandragupta II Vikramaditya.


أواخر العصور الوسطى

Jantar Mantar, Delhi—consisting of 13 architectural astronomy instruments, built by Jai Singh II of Jaipur, from 1724 onwards.

Madhava of Sangamagrama (c. 1340 – 1425) and his Kerala school of astronomy and mathematics developed and founded mathematical analysis.


عصر الاحتلال البريطاني

Early volumes of the Encyclopædia Britannica described cartographic charts made by the seafaring Dravidian people. In Encyclopædia Britannica (2008), Stephen Oliver Fought & John F. Guilmartin, Jr. describe the gunpowder technology in 18th-century Mysore:

انظر أيضاً

  • Science and technology in India
  • List of Indian inventions
  • Information technology in India
  • Project of History of Indian Science, Philosophy and Culture
  • List of Indian engineering colleges before 1947
  • Digit (magazine)

الهامش

  1. ^ Kenoyer, 230
  2. ^ Banerji, 673
  3. ^ Sircar, 62
  4. ^ Sircar, 67
  5. ^ J J O'Connor; E F Robertson. "Mādhava of Sangamagrāma". School of Mathematics and Statistics University of St Andrews, Scotland. Retrieved 2007-09-08. Unknown parameter |DUPLICATE_title= ignored (help)
  6. ^ Sircar 330
  7. ^ Encyclopædia Britannica (2008), rocket and missile system.

وصلات خارجية

  • Our Science and Technology Heritage gallery for the National Science Centre in Delhi
  • A brief introduction to technological brilliance of Ancient India (Indian Institute of Scientific Heritage)
  • Science and Technology in Ancient India
  • , U.S. Library of Congress.
  • Pursuit and promotion of science: The Indian Experience, Indian National Science Academy.
  • , U.S. Library of Congress.
  • Indian National Science Academy (2001), Pursuit and promotion of science: The Indian Experience, Indian National Science Academy,
  • Presenting Indian S&T Heritage in Science Museums, Propagation : a Journal of science communication Vol 1, NO.1, January 2010, National Council of Science Museums, Kolkata, India, by S.M Khened, [1].
  • Presenting Indian S&T Heritage in Science Museums, Propagation : a Journal of science communication Vol 1, NO.2, July, 2010, pages 124-132, National Council of Science Museums, Kolkata, India, by S.M Khened,[2].
  • History of Science in South Asia (hssa-journal.org). HSSA is a peer-reviewed, open-access, online journal for the history of science in India.

نطقب:Indianscience

تاريخ النشر: 2020-06-04 18:01:48
التصنيفات: Pages with citations using unsupported parameters, History of science and technology in India, History of science and technology in Pakistan, العلوم والتكنولوجيا في الهند, تاريخ العلوم, تاريخ الهند

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الفنانة الشعبية “خديجة البيضاوية” تنتقل إلى دار البقاء

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:15:23
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 42%

في كارثة ضخمة.. عدد قتلى الفيضانات بنيجيريا يتجاوز 500 شخص

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 09:24:17
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 50%

حقائق عن تركيا

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:16:33
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 97%

كلوب: "هالاند أفضل مهاجم في العالم.. قدراته غير عادية"

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:16:25
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 62%

انفجار منجم فحم بتركيا يخلف ازيد من 40 قتيلا

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:15:21
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 48%

وزير المالية البريطاني الجديد: أمامنا قرارات "صعبة للغاية"

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 09:24:15
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 66%

بطولة إسبانيا: تشواميني-كونديه شقيقان-عدوان في الكلاسيكو الأوّل

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:16:40
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 98%

استمرار حالة طوارئ بجنوب شرق أستراليا بسبب فيضانات شديدة

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 09:24:13
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 69%

مواطنون يسائلون سلطات مراكش: هل أصبحت أرواح المراكشيين رخيصة؟

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:15:24
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 46%

غوارديولا: "ليفربول أكبر منافسينا على لقب الدوري الإنجليزي"

المصدر: البطولة - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 12:16:24
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

أوروبا على موعد مع عقوبات جديدة على طهران

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-15 09:23:19
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 98%

تحميل تطبيق المنصة العربية