أنطونيو دا كورجيو

عودة للموسوعة

أنطونيودا كورجيو

أنطونيودا كورجيو

أنطونيوألـِّگري دا كورِّجيو Antonio Allegri da Correggio، وعادة يـُعهد ببساطة باسم كورجيو، (أغسطس 1489 -خمسة مارس 1534) كان أشهر مصور من مدرسة پارما في عصر النهضة الإيطالي، وكان مسئولاً عن بعض أكثر الأعمال حيوية وإثارة للمشاعر في القرن السادس عشر. في استخدامه للهجريب الحركي، والمناظير الخداعية والاختزال الدرامي، يكاد كورجيوحتى يبتدع فن الروكوكوقبل وصوله في القرن الثامن عشر بقرنين.

سيرته

Jupiter and Io (c. 1531) typifies the unabashed eroticism, radiance, and cool, pearly colors associated with Correggio's best work.

على بعد خمسين ميلاً جنوبي ڤـِرونا يلتقي المسافر بطريق إيمليا القديم الذي كان يمتد 175 ميلاً من بياتشندسا ماراً بپارما. ورجيو، ومودينا، وبولونيا، وإيمولا، وفورلي، وتشيزينا Cesena حتى يصل إلى ريميني. ونمر الآن ببياتشندسا كما نمر ببارما (إلى حين)، لنتحدث عن بلدة صغيرة ذات حكم ذاتي (قومون) على بعد ثمانية أميال إلى الشمال الشرقي من ريجيو، وتشهجر معها في هذا الاسم. وكوردجوCorregio واحدة من عدة بلدات في إيطاليا لا تذكر في التاريخ إلا لأنه قد وجدت فيها عباقرة خلعت عليهم أسمها. وكانت الأسرة الحاكمة فيها تسمى أيضاً كريجيو، ومن أفرادها نقولودا كوردجوالذي خط عدة قصائد لباتريس وإزابلا دستى. وكانت هذه البلدة مكاناً يتسقط الإنسان حتى يولد بع عباقرة ويموتوا، ولكنهم لا يقولون أويعملون شيئاً، لأنها لم يكن لها فن ذوشأن أوتنطقيد واضحة تنشئ الكفاية الفطرية وتفهمها وتشكلها. غير انه كان على رأس بيت كورجيوفي القرن السادس عشر الكونت گلبرت العاشر وزوجته ڤيرونيكا گمبارا Veronica Gambara التي كانت من أعظم سيدات النهضة. فقد كان في مقدورها حتى تتحدث اللغة اللاتينية، وكانت تعهد الفلسفة المدرسية (الكلامية) وخطت شروحاً على الآراء الدينية لآباء الكنيسة. ونطقت شعراً بأسلوب پترارك، وكانت تلقب ((ربة الشعر العاشرة))، واتخذت من بلاطها الصغير ندوة للفنانين والشعراء، وساعدت على إشاعة تلك العبادة الغرامية للنساء التي أخذت من ذلك الوقت تحل بين الطبقات العليا في إيطاليا محل عبادة مريم العذراء الشائعة في العصور الوسطى، والتي كانت توجه الفن الإيطالي نحوتمثيل مفاتن النساء. وقد خطت في اليوم الثالث من سبتمبر عام 1528 إلى إزابلا دستى تقول:

((لقد فرغ السيد أنطونيوأليگري Antonio Allegri من رسم تحفة رائعة تصور مگدالينا في الصحراء، وتعبر أكمل تعبير عن الفن السامي الذي يعد من كبار أساتذته))(1).

تفصيلة من جصيات كورجيوفي Camera di San Paolo.

وكان أنطونيوألگري هذا هوالذي أختلس عن غير فهم منه شهرة مدينته وأذاع هذه الشهرة بين سائر البلدان، وإن كان خليقاً باسم أسرته حتى ينطق بطبيعة فنه المرحة. وكان أبوه من صغار ملاك الأراضي، أوتي من الثراء ما أمكنه به حتى يكسب لابنه عروساً بائنتها 257 دوقة (6425 ،يا ترى؟ دولاراً). ولما أظهر أنطونيوميلا إلى الرسم والتصوير الملون، أوفد ليتدرب عنه عمه لورندسوألگري. ولسنا نعهد من الذي فهمه بعدئذ، ويقول بعضهم أنه مضى إلى فـِرارا ليتلقى الفن على فرانتشيسكودى بيانكي-فراري Francesco de'Bianch Ferari، ثم انتقل إلى مرسمي فرانتشيا Francio وكاستا في بولونيا، ثم انتقل مع كاستا إلى مانتوا حيث تأثر بمظلمات مانتينيا الضخمة. وسواء كان ذلك أولم يكن فالمعروف أنه قضى معظم حياته في كورجيومغموراً إذا قيس إلى غيره من الفنانين، ويبدوأنه كان هودون غيره من أهل هذه المدينة يظن أنه سيكون من بين المخلدين. ويلوح أنه تفهم النقوش المحفورة التي نقلها مركانتونيورايموندي Mercantonio Raimondi عن رفائيل، وأكبر الظن أنه شاهد أيضاً أعمال ليوناردوإذا لم تكن في أصولها فلا أقل من حتى تكون في نسخ منقولة عنها. وقد دخلت هذه المؤثرات كلها في أسلوبه الفردي الكامل في فرديته وكان لها طابعها فيه.

Adorazione dei magi (ح. 1517)

وإن تسلسل موضوعاته وتتابعها ليقابل ضعف العقيدة الدينية بين الطبقات المتفهمة في إيطاليا في الربع الأول من القرن السادس عشر، ونشأة الموضوعات الدنيوية فيه ووجود المناصرين له من غير رجال الدين، فقد كانت أعماله الأولى، ما كان منها يرسم للأفراد المشترين وما كان يرسم للكنيسة وهوالجزء الأكبر منها، كانت هذه الأعمال تروي سيرة المسيحية، فمنها صورة عبادة المجوس، وفيها يظهر وجه العذراء جميلا شبيها بوجه صغار البنات الذي احتفظ به كورجيوفيما بعد للشخصيات غير ذات شأن في صوره، ومنها صورة الأسرة المقدسة، وعذراء القديس فرانس التي ظلت العذراء فيها محتفظة بملامحها التقليدية، لاستراحة بعد العودة من مصر التي تمتاز بالتجديد والابتكار في التأليف، والتلوين، والخصائص، وصورة لا دسنگارِلا La Zingarella حيث رسمت العذراء وهي منحنية في حنان حول طفلها، بكل ما استطاعه كورجيومن رشاقة، وصورة العذراء تعبد الطفل التي جعل فيها الطفل مصدراً يشع منه الضوء الذي ينير المنظر كله.

وقد اتى تحوله إلى النزعة الوثنية نتيجة عمل غريب كلف به. ذلك حتى جيوڤانا دا بياتشندسا رئيسة دير سان باولوفي باروما عهدت إليه تزيين حجرتها، وكانت سيدة يهمها نسبها أكثر مما تهمها تقواها، ولهذا اختارت موضوعا لزخرف حجرتها مظلمات ديانا العفيفة ربة الصيد، ورسم كورجيوفوق المدفأة ديانا في عربة فخمة، ثم رسم من فوقها في ستة أجزاء متقاطعة تلتقي كلها عند السقف المستدير مناظر مستمدة من الأساطير القديمة، في أحدها كلب يدلك طفلاً ويظهر نحوه أعظم الحب، ويعبر هذا الكلب بعين صورت أحب التصوير عن خوفه من حتى يختنق ويقضي على حياته من فرط الحب، ويسموجماله اليقظ على جميع الأشكال البشرية والدينية المتناثرة حوله. ومن ذلك الحين أصبح الجسم البشري العاري في معظم الأحوال العنصر الأساسي في الزخارف التصويرية التي قام بها كريجيو، ودخلت الأساليب الوثنية في الموضوعات المسيحية نفسها. ذلك حتى رئيسة الدير قد حولته عن المسيحية.

تفصيلة من زينة غرفة Badessa (پارما)

وأثار نجاحه أهل پارما واتىه بأعمال درت عليه كثيرا من الربح، ففي عام 1519 رسم الزواج الخفي لسانت كاترين (ناپولي). وفي هذه الصورة تظهر العذراء والقديس ذوي جمال يعجز عن الوصف، ومع هذا فان كورجيواتى بأحسن منهما حين استخدم الموضوع نفسه لرسم الصورة التي تعد من أثمن كنوز اللوفر والتي تحوي وجوهاً جميلة، ومنظراً طبيعياً فاتناً، وتبادل الظلال والأضواء على الأثواب المهفهفة والشعر المتماوج.

وقبل كورجيوفي عام 1520 مهمة شاقة يقوم بها في پارما - وهي حتى يقوم بنقش مظلمات في السقف المقبب لكنيسة جديدة في دير للبندكتيين في سان جوڤاني إفنجليستا San Giovanni Evangelista وفوق منصتها والمعبدين الجانبيين فيها. وظل يكدح في هذا العمل أربع سنين، حتى إذا كان عام 1523 انتقل مع زوجته وأبنائه إلى بارما ليكون أقرب إلى عمله. وقد صور على القبة الرسل جالسين جلسة مستريحة في دائرة حول السحب الوثيرة، يحدقون بأعينهم في صورة المسيح التي روعي فيها المنظور والتناسب في الحجم مع غيرها من الصور بحيث تخدع الناظر إليها أسفل فيتمثل له البعد بينها وبين الرسل الناظرين إليها. وأكبر السباب في روعة هذه القبة يرجع إلى صور الرسل الفخمة، الذين يظهر بعضهم عراة، ينافسون في ذلك آلهة فدياس، ولعل مصورهم قد أخذ عن ميكل أنجلوجلال العضلات التي رسمها في معبد سستيني قبل ذلك الوقت باثني عشر عاماً. ويرى في بندريل بين عقدين القديس أمبروز القوي يناقش القديس يوحنا في بعض المسائل الدينية، وقد خلع عليه الفنان من الجمال ما لا يقل عن جمال أي إله بالغ من آلهة البارثنون. وترى أشكال فنية مفرطة في الجمال، يفترض أنها ملائكة تملأ فراغ الصورة بوجوه ملائكية، وأعجاز، وسيقان، وأفخاذ. وهنا نرى النهضة اليونانية التي تقادم عهدها في الآداب الإنسانية وفي مانوتيوس، وقد بلغت أوجها في الفن المسيحي.

تفصيلة من قبة سان جوڤاني، پارما

ولما حل عام 1522 فتحت كاتدرائية پارما العظيمة أبوابها للفنان الشاب، وتعاقدت معه على حتى تؤجره ألف دوقة (12.500 دولار) لينقش لها أماكن الصلاة والقبا، وموضع المرنمين، والقبة. وظل يقوم بهذه المهمة في فترات امتدت إلى ثمان سنوات من عام 1526 إلى يوم وفاته. واختار لزخرفة القبة صورة صعود العذراء وروع كثيرين من قساوسة الكاتدرائية بأن جعل هذه الصورة النهائية منظراً جائشاً باللحوم الآدمية. فوضع في وسط الصورة العذراء متكئة على الهواء، تسبح نحوالسماء بذراعيها الممتدتين لتقابل فيها ابنها، ومن حولها وأسفل منها حشد سماوي من الرسل، والحواريين، والقديسين - صورا أحسن تصوير لا يقل عن أحسن صور رفائيل، ويخيل إلى الناظر أنهم يدفعونها إلى أعلى بأنفاس الضراعة والعبادة، وتستند العذراء على جماعة من الملائكة يبدون كأنهم فتيان وفتيات أصحاء الجسام تبدوأجسامهم العارية الفتية رائعة الجمال، أولئك أجمل الفتيان المراهقين العراة في الفن الإيطالي بأجمعه. وذهل أحد رجال الدين وارتبك حين شاهد جميع هذه الأذرع والسيقان فعاب الصورة بقوله إنها: "كتلة من لحم الضفادع المقلي"؛ ويبدوحتى غيره من جماعة القساوسة قد التبس عليهم أمر ذلك الخليط من اللحم البشري الذي يحتفل بالعذراء؛ وأن ذلك أدى إلى حتى يقف عمل كورجيوفي الكاتدرائية إلى حين.

Ganymede Abducted by the Eagle, one of the four mythological paintings commissioned by Federico II Gonzaga, is a proto-Baroque work due to its depiction of movement, drama, and diagonal compositional arrangement.

وكان في هذه الأثناء تتقدم به السن إلى الكهولة (1530)، وأخذ يتوق إلى الحياة الهادئة المستقرة؛ ولهذا ابتاع بضعة أفدنة خارج كورجيووأصبح من ملاك الأرض كأبيه، واجتهد في حتى يعول أسرته ويمول مغرسته بفرشاته، وأخرج في خلال مشروعاته الكبرى وبعدها طائفة من الصور الدينية، تكاد جميع واحدة منها تكون آية فنية: مجدلين تقرأ؛ عذراء القديس سبستيان- وهي أجمل عذراء في كورجيو؛ وسيدة إسكوديلا ومها طاس والطفل المسيح مصوراً أحسن تصوير؛ وسيدة سان جيرولاموالتي تسمى في بعض الأحيان ألـ جيرونوII Giorno أوالنهار، ولا تقل صورة جيروم هنا في جمالها عن صورته عند مايكل أنجيلو. وصورة الملك الممسك بكتاب أمام المسيح ذات جمال كجمال الفتيات، وتمثل مجدلين وهي تضع خدها على فخذ المسيح أطهر الخاطئات وأرقهن قلباً، والألوان القوية الزاهية الحمراء والصفراء تجعل الصورة كلها خليقة بتيشيان في أحسن عهوده. وآخر ما نذكره من صوره صورة عبادة الرعاة التي خلع عليها الخيال أسم الليل La Notte، ولم يكن ما أولع به كورجيوفي هذه الصور هوالطائفة الدينية بل جميع قيمها الجمالية - خشوع الأم الشابة وتعبدها، وهي نفسها ذات جمال تطالعك بوجهها البيضي، وشعرها اللامع الأملس، وجفونها الناعسة، وأنفها الرفيع، وشفتيها الرقيقتين، وصدرها الناهد؛ يضاف إلى ذلك عضلات القديسين الرياضية القوية، وجمال مجدلين المتحاشمة، وجسد الطفل الوردي. وكان كريجيو، وهوينزل عن محاولات الكتدرائية يمتع عينيه بمناظر مؤتلفة قد تسفر حين تتم عن جمال رائع فتان.

Correggio's famous frescoes in Parma seems to melt the ceiling of the cathedral and draw the viewer into a gyre of spiritual ecstasy.

وتلقى حوالي عام 1523 عدداً من الطلبات من فيدريجوالثاني جندساجا كشفت عن مل ما في فنه من العناصر الوثنية. ذلك حتى هذا المركيز أراد حتى يستميل إليه شارل الخامس فأمر برسم صورة في إثر صورة أهداها جميعاً إلى الإمبراطور، وتلقى منه في نظير ذلك الجزاء التافه المرغوب وهولقب دوق. وكان هذا المركيز قد نشأ في جوروما الوثنية وعهد كورجيوذلك فصور له طائفة من الموضوعات الأسطورية تخلد ذكرى الفوزات الأولمبية في الحب أوالشهوات. ففي صورة تربية إيروس (إله الحب) تضع فينوس الغماء على عيني كيوبيد (كيلا يهلك الجني البشري)؛ وفي صورة جوبتر وأتيوبي يتخفى الإله في زي ساطير (جنية الأحراج) ويتقدم نحوالسيدة وهي راقدة على الكلأ عارية؛ وفي صورة دانائى Danae يمهد بشير مجنح لقدوم جوبتر بخلع ملابس الفتاة الجميلة، والى جانب فراشها يلعب غلامان سعيدان غير عابئين بفجور الأرباب. وفي صورة أيوما ينزل جوبتر مختفياً في سحابة من سمائه التي مل الإقامة فيها، ويمسك بيد قوية سيدة بدينة تتمنع عنه في دلال ثم تخضع لرغبته وثنائه، وفي صورة اغتصاب گانيميد يرى غلام جميل يسرع به نسر إلى السماء ليشبع رغبات إله الآلهة محب الجنسين على السواء. وفي صورة ليدا والبجعة يصور المحب في صورة بجعة، ولكن الموضوع هوبعينه؛ وحتى في صورة العذراء والقديس جورج نرى صورتين لكيوبيد يلعب فيهما لعباً سمجاً أمام العذراء كما حتى القديس جورج في زرده البراق هوالمثل الأعلى لجسم الشباب في عصر النهضة.

على أننا ليس من حقنا حتى نستنتج من هذا حتى كورجيولم يكن إلا رجلاً شهوانياً يميل إلى تصوير الأجسام. لقد كان يحب الجمال حباً من الممكنقد يكون عارماً، ولعله أسرف في إبراز ظاهر هذه الموضوعات الأسطورية دون غيرها، ولكنه في صور العذراء قدر الجمال الأشد عمقاً من هذا حق قدره. وبينما كانت فرشاته تجول في صور جبل أولمبس، كان هونفسه يعيش معيشة رجل الطبقة الوسطى المنتظم المخلص لأسرته، الذي لا يكاد يهجر داره إلا ليقوم بعمل، ويقول عنه فاسارى إنه ((كان يقنع بالقليل، ويعيش كما يجب حتى يعيش المسيحي الصالح))، وينطق إنه كان حيياً مكتئباً؛ ومنذا الذي لا يكتئب وهويأتي جميع يوم إلى عالم من كبار مشوهين بعد حتى تراوده في مرسمه أحلام الجمال.،يا ترى؟

ولعل نزاعاً قد شجر حول أجر العمل في الكتدرائية؛ وشاهد ذلك حتى تيشيان سمع أصداء هذا النزاع تترد في بارما حين زارها، ونطق إنه لوحتى القبة قلبت وملئت بالدوقات لما وفى ملؤها بأجر كورجيونظير ما صوره فيها. ومهما يكن من هذا الأمر فأن مسألة الأجر هذه كان لها شأن عجيب في احتضار الفنان. ذلك أنه تلقى في عام 1534 قسطاً من هذا الأجر قدره ستون كروناً (750،يا ترى؟ دولاراً) كلها من النحاس. وحمل الفنان هذا الحمل المعدني وسافر من پادوا راجلاً؛ واشتد الحر عليه، فأسرف في استهلك الماء، فانتابته الحمى، ومات في مغرسته في اليوم الخامس من شهر مارس في عام 1534 في سن الأربعين (ويقول بعضهم إنه كان في سن الخامسة والأربعين).

وإذا ما أحصينا أعماله المجيدة التي قام بها في حياته القصيرة هالتنا كثرتها. فهي أكثر مما قام به ليوناردو، أوتيشيان، أومايكل أنجلوأوأي فنان آخر غير رفائيل في السنين الأربعين الأوائل من حياته، وكورجيولا يقل عنهم جميعاً في رشاقة الخطوط. وفي حسن الهيكل الخارجي، وفي تصوير النسيج الحي للبشرة الآدمية. ويمتاز تلوينه بالسيولة واللألاء، والحياة الناشئة من انعكاس الأضواء والشفيف، وهوأرق - بألوانه البنفسجية، والبرتنطقية، والوردية، والزرقاء، والصيغات الفضية المتنوعة - من البريق الذي يخطف البصر في رسوم البنادقة المتأخرين. وكان أستاذاً في التضليل فكان يصور الضوء والظل بتراكيبهما وإيحياءاتهما التي يخطئها الحصر، حتى لا تكاد المادة في صور عذاراه تستحيل صورة ووظيفة من صور الضوء ووظائفه. وكان يجرب في جرأة عظيمة أساليب من الأشكال يؤلف بينهما: الهرمي، والقطري، والدائري، ولكنه في مظلمات القبا هجر الوحدة تفلت منه بين سيقان القديسين والملائكة المسرفة في الكثرة. وقد أولع بمراعاة المنظور في صوره ولعاً جاوز الحد، ولهذا بدت الشخوص التي في صور القبا مزدحمة مكدسة، منفرة شبيهة بصورة المسيح الصاعد لسان جيوفني إيفانجيلستا وإن كانت هذه الشخوص قد رسمت كما يحتاج الفهم الدقيق. لكنه لم يعني قط الدقة الميكانيكية، ولذا فأن كثيراً من شخصياته، كشخصية مكوبر Micawber تنقصها النادىمات الظاهرة التي تستند إليها. وقد صور بعض موضوعات دينية تصويراً غاية في الإبداع ولكن أعظم ما كان يهتم به هوالجسم - جماله، وحركاته، ومواقفه، ومباهجه؛ وترمز صوره الأخيرة فوز فينوس على العذراء في الفن الإيطالي أثناء القرن السادس عشر.

ولم يكن يتفوق عليه في نفوذه في إيطاليا وفرنسا غير ميكل أنجيلو؛ وقد اتخذته مدرسة بولونيا في التصوير التي يتزعمها آل كراتشي نموذجاً في القرن السادس عشر؛ وأقام الفنانان اللذان اتىا بعد هذه الأسرة، وهما گويدورني Guido Reni ودومنيكينوDomenichino على أساس فن كورجيوفناً ممتازاً في تصوير الأجسام ذات عاطفية حسية. وأدخل شارل له برون Cherles Le Brun (الأسمر) وپيير مينوPierre Mignaud في فرنسا ونشرا في فرساي نمطاً شهوانياً وردياً من الزخارف المكونة من شخوص وثنية كصور كيوبيد يقذف السهام وصغار الملائكة الممتلئ الأجسام؛ وكان كورجيولا رفائيل هوالذي غزا فرنسا، وطبع فنها بطابع احتفظ به إلى أيام واتوWatteau.

واتصلت أعماله في بارما نفسها وحورها فرانتشيسكومدسيولى Francesco Muzzuoli الذي يسميه الإيطاليون أصحاب الأهواء والنزوات البرمجيانينوIIP armigianino أي البارمى. وقد ولد مدسيولى هذا يتيماً (1504)، وكفله عمان له كانا مصورين، ولهذا تفتحت مواهبه بسرعة. وعهد إليه وهوفي السابعة عشرة من عمره، حتى يزين معبداً في الكنيسة نفسها - كنيسة سان جيوفنى إيفانجيلسيا - التي كان كورجيوينقش قبتها. وكاد طرازه في هذه المظلمات يبلغ من الرشاقة ما بلغه طراز كورجيونفسه، وأضاف إليه ما امتاز به من حب للملابس اللطيفة. ورسم حوالي ذلك الوقت صورة لنفسه كما يرى في مرآة، وهي من أكثر الصور الذاتية استرعاء للنظر في فن التصوير، تكشف عن غلام ذي رقة، وإحساس مرهف، وكبرياء. ولما حاصرت جيوش البابا مدينة بارما حزم عماه هذه الصور وغيرها من صوره، وأوفد فرانتشيسكوبها إلى روما (1523) ليدرس أعمال رفائيل وميكل أنجيلو، ويستجاب رضاء البابا حدثنت السابع. وبينما كان يشق طريقه نحوالنجاح الكامل إذ أرغمه انتهاب روما على الفرار إلى بولونيا (1527)، حيث سرق زميل له فنان جميع صوره المحفورة ورسومه. ويبدوحتى عميه اللذان يكفلانه كانا قد ماتا قبيل ذلك الوقت فأخذ يكسب قوته بأن رسم لپيتروأرتينوPietro Aretino صورة العذراء الوردة التي كانت قبل في درسدن، ولبعض الراهبات صورة سانتا مرگريتا التي لا تزال بولونيا. ولما اتى شارل الخامس ليعيد تنظيم إيطاليا المخربة رسم له فرانتشيسكوصورة بالزيت، أحب بها الإمبراطور وكان من شأنها أوتغنى الفنان لولا حتى بارامجيانينوعاد بها إلى مرسمه ليصقلها بعدد قليل من المسات، ثم لم ير شارل بعد ذلك أبداً.

وعاد إلى پارما (1531) وطلب إليه حتى ينقش قبة في كنيسة مادونا دلا ستـِكـّاتا Madonna della Steccata. وكان وقتئذ في أوج مجده، وكان الأعمال التي ينتجها من حين إلى حين من أعلى طراز، فكان منها جارية هجرية أشبه بالأميرات منها بالإماء، وزوج الفريسة كاترين وهي صورة تضارع صورة كورجيوالتي تحمل الاسم عينه، بما فيها من أطفال ذوى جمال سماوي، وصورة أخرى لا أسم لها ينطق إنها لعشيقته أنتيا Antea التي قيل عنها إنها أشهر الخليلات في ذلك العهد، ولكنها هنا تتحاشم تحاشماً ملائكياً في أثواب أفخم من حتى ترتديها إلا الملكات.

لكن پارمجيانينوأولع في ذلك الوقت أشد الولع بالكيمياء الكاذبة، ولعل الذي دفعه إلى هذا ما حل به من الفقر والكوارث، فأهمل التصوير وانصرف إلى إقامة أفران لاستخراج المضى. ولما عجز قساوسة سان جيوفنى عن إعادته إلى عمله في الكنيسة أمروا باعتنطقه لعدم وفائه بعهده لهم، فما كان من المصور إلا حتى فر إلى كسلمجيروي Casalmaggiore ودفن نفسه بين الأنابيق والبوتقات، وأطلق لحيته، وأهمل مظهره وصحته، وأصيب بالبرد والحمى، ومات موتاً فجائياً كما توفي كورجيو(1540).


أعمال في پارما

أبرز أعماله الفنية الجصيات، وهي لوحة مرسومة على جص رطب على قبتي كنيستين في بارما في إيطاليا. وقد أبدع كوريجيوفي هذه اللوحات، في الإيهام بأن السقف ـ في زعمه ـ ينفتح على السماء، وأن عددًا من الشخصيات الدينية تقيم في السحاب فوق رأس المشاهد. وقد أثر هذا التخيل الدرامي في التصوير التشكيلي في فترة الباروك في آواخر القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين.

ويتجلى في رسوم كوريجيوالمبكرة ذات الموضوعات الدينية والأسطورية أسلوب رقيق ورشيق. وقد أبدع كوريجيومعظم أعماله الفنية في بارما، وإن كانت رسوماته توحي أنه من الممكن كان قد زار روما خلال منتصف القرن السادس عشر الميلادي، أوفي أواخره؛ كي يصبح ذا فهم وثيقة بلوحات ليوناردوداڤنشي ورفائيل. وتظهر في أعمال كورجيوسمة عاطفية روحية وتناول درامي للضوء، أكثر مما يظهر في أعمال هذين العملاقين.

السلسلة الأسطورية المبنية على تحولات اوڤيد

التقييم

معرض اللوحات

المصادر

  • ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)

وصلات خارجية

  • http://www.ibiblio.org/wm/paint/auth/correggio/
  • Freedberg, Sydney J. (1993). Pelican History of Art (ed.). Painting in Italy, 1500-1600. pp. 267–290, 412–416. Text "Penguin Books Ltd " ignored (help)
  • Catholic Encyclopedia article It does not cite the mythological theme pictures.
  • Correggio, by Estelle M. Hurll, 1901, from Project Gutenberg
  • Works by Correggio at www.antoniodacorreggio.org
  • Correggio exposition in Rome, Villa Borghese, 2008
  • Video - Il Duomo di Parma, Assumption of the Virgin
تاريخ النشر: 2020-06-04 20:44:12
التصنيفات: Articles which use infobox templates with no data rows, Articles with hCards, No local image but image on Wikidata, Pages using infobox artist with unknown parameters, Pages with citations using unsupported parameters, Pages with citations using unnamed parameters, مواليد 1489, وفيات 1534, أشخاص من مقاطعة ردجو إميليا, رسامون إيطاليون, مصورون پارميون, رسامو عصر النهضة

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

متحدث الرئاسة يكشف محاور كلمة الرئيس السيسى فى القمة العربية غدًا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-18 15:21:10
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 51%

البورصة تخسر 4 مليارات جنيه بنهاية تعاملات الأسبوع

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-18 15:21:09
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 59%

أغربي: منطقة الغرب فيها مواقع أركيولوجية قديمة لم يتم للأسف تثمينها

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-18 15:20:59
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 60%

هل يتوج المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة بلقبه الأول في تاريخه؟

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-18 15:20:17
مستوى الصحة: 73% الأهمية: 74%

أبو خلال يخرج عن صمته بعد مزاعم مشاجرته مع نائبة عمدة تولوز

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-18 15:20:59
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 68%

مرتضى منصور يطعن على عزله من رئاسة نادى الزمالك

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-18 15:21:12
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 63%

إدراج 57 شخصًا على قوائم الإرهاب لمدة 5 سنوات

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-18 15:21:13
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 70%

الرئيس السيسي يصل السعودية للمشاركة فى القمة العربية الـ 32

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-18 15:20:52
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 58%

تحميل تطبيق المنصة العربية