قلب الظلام (بالإنگليزية: Heart of Darkness) رواية قصيرة للروائي البولندي البريطاني جوزيف كونراد خطها في 1902. تحكي الرواية عن المجتمع الاستعماري والمجتمعات المستعمرة، وعن فساد الإنسان. وتتكون هذه الرواية من ثلاثة فصول.

ترجم هذه الرواية إلى العربية هاني سمير يارد عام 1998 تحت عنوان "قلب الظلمة". وصدرت ترجمة منقحة للمترجم نفسه في فبراير 2010 تحت عنوان "قلب ظلمات".

الحبكة

إذا كان الراحل إدوارد سعيد قد عثر كثراً يساجلونه، وغالباً عن حق، في كتاباته السياسية ومنها بخاصة كتابه «المؤدلج» «الاستشراق»، فإن نوعاً من الإجماع كان يسود من حول كتاباته الأدبية النقدية والموسيقية بحيث اعتبر رائداً كبيراً من رواد النقد العالمي في القرن العشرين. وهوبهذه الصفة أفرد لجوزف كونراد أكثر من نص مهم رابطاً أدبه بالكولونيالية ما جعل كتابة سعيد تعتبر في مقدمة النقد الأدبي ما بعد الكولونيالي. وبالطبع كانت رواية «قلب الظلمات» لكونراد في مركز القلب من نصوص سعيد في هذا المجال. ونعهد على اية حال انه من جون فورد الى أورسون ويلز، ومن جون بورمان الى ستانلي كوبريك، حلم بعض كبار عباقرة الفن السابع في القرن العشرين، بأن يتمكن الواحد منهم يوماً من تحويل هذه الرواية الى فيلم سينمائي. بل كان من بينهم من خط السيناريوعملاً، كما كان من بينهم من أمّن جزءاً من الأموال اللازمة للإنتاج وبدأ يستعد لذلك عملاً، حين عثر اموراً تحول بينه وبين تطبيق حلمه. إلى غير ذلك، لعقود طويلة من السنين ظلت قضية «أفلمة» رواية جوزف كونراد هذه، واحداً من أكثر الأحلام السينمائية استحالة.

وظل الوضع على ذلك النحوحتى اتى فرانسيس فورد كوبولا، أواخر السبعينات ليحقق الحلم، ولكن في شكل موارب: نقل احداث الرواية من أفريقيا إلى جنوب شرقي آسيا (فيتنام تحديداً) وجعل الحرب الفيتنامية خلفية لتلك الأحداث. سليم حتى مناصري أدب كونراد الأنقياء استاءوا من هذا، لكن كوبولا أكد لهم ولغيرهم مع هذا، ان نقل الرواية من مكان آخر اتى تأكيداً لكونيتها ولأن روحها تنفع لكل مكان وزمان. ولم يكن كوبولا بعيداً من الصواب في فرضيته هذه. ومن هنا اعتبر ذلك الفيلم واحداً من أفضل النماذج في التعامل السينمائي مع نص أدبي كبير. والفيلم المعني هنا هو، من طبيعة الحال «يوم القيامة الآن» الذي اعتبر، بصرف النظر عن علاقته برواية كونراد، واحداً من أعظم الأفلام التي حققت عن حرب ڤيتنام، بل واحداً من أفضل أفلام الحروب في تاريخ السينما.

وهنا، اذ نضع جانباً فيلم كوبولا، لا بد من ان نتساءل: ما الذي كان جميع أولئك السينمائيين يرونه في نص «قلب الظلمات» عنصراً جذاباً لكي يُحوّل النص الى فيلم سينمائي،يا ترى؟ والجواب البديهي هو: جميع شيء، البعد البصري والأحداث والبعد الروحي وقوة الشخصيات مجتمعة في بوتقة واحدة. ذلك ان «قلب الظلمات» تعتبر النموذج الأكمل لما ينبغي انقد يكون عليه فن الرواية.

نشر جوزف كونراد روايته هذه في العام 1906، وكان على ابواب عامه الخمسين. وهوفي «قلب الظلمات» كما في القسم الأعظم من رواياته السابقة عليها والتالية لها، عكس في العمل تجربته الشخصية كبحار تنقل من بلد الى آخر ومن قارة الى اخرى، يعيش بنفسه مغامرات استثنائية، ويسمع بأذنيه اغرب الحكايات. وفي هذا الأطار تنتمي «قلب الظلمات»، الى ذلك العالم السحري: عالم الحكي الذي يرسم الشخصيات ويحكي المغامرات من دون ان يعهد حتى الراوي ما اذا كان الذي يرويه قد وقع حقاً، اوانه بني حكائياً من خلال التواتر والتراكم.

تدور أحداث «قلب الظلمات» في قلب الأدغال الإفريقية، وبطلها هوالبحار مارلوالذي يناديه، منذ طفولته نهر رأى صورته على خريطة لجزء من القارة الإفريقية، وسحره فيه غرائبه وكون مجراه يتخذ شكل افعى تتسلل وسط الأدغال. لاحقاً حين يشب ذلك الفتى ويصير بحاراً، يتمكن من إقناع شركة تستغل أراضي تلك المنطقة الإفريقية بأن تسلمه قيادة مركب يتولى نقل العاج من قلب الأدغال الى المرافئ عبر ذلك النهر. إلى غير ذلك عبر سلسلة من المغامرات والكوارث والكوابيس يتمكن مارلومن الوصول الى حلم طفولته: قلب الأدغال الإفريقية، حيث مقر الشركة... لكنه يجد الفوضى تعم المكان وأخلاق الناس، وسط صمت مريع يظهر وكأنه صمت انتظار شيء ما سيحدث لا محالة. وفي خضم ذلك يكتشف مارلواختفاء كورتس، مندوب الشركة في المنطقة فيواصل رحلته وسط بلاد العاج تطلعاً الى العثور عليه. إلى غير ذلك، فيما مارلوعلى المركب يسير به فوق مياه النهر يتولد لديه احساس بأنه بات خارج العالم وخارج الزمن، اوبالأحرى كأنه في سفر الى بدء الخليقة. ومع هذا لا يفوته ان يجد في الصراخ البدائي الذي يطلقه السكان المحليون من حوله على جانبي النهر، ملامح انسانية نقية تبدو«كحقيقة فرغت من جميع ما دنيوي أوزمني». وفي نهاية الأمر يصل مارلووصحبه الى المكان الذي تبين لهم ان كورتس موجود فيه حقاً، فيقابلهم ما يعتبرونه أروع كابوس قابلوه طوال رحلتهم: ان سكان المنطقة الأصليين، لا يريدون ابداً ان يسمحوا للبيض باستعادة كورتس، لأن هذا ليس أسيراً لديهم كما كان يخيل الى بعضهم، بل انه صار بالنسبة إليهم أشبه بالوثن المعبود، وهوما كان أُخبر به مارلوسابقاً، لكنه آثر يومها ألا يصدقه. اما الآن فها هوأمام الحقيقة الكابوسية. فما العمل،يا ترى؟ إذا كورتس كان وصل على سجيته اصلاً الى هذا المكان متطلعاً الى التبشير فيه بالدين المسيحي في اوساط السكان كعمل ايمان منه، لكنه عثر نفسه بدلاً من حتى يضم السكان اليه في معتقده، ينضم هواليهم في معتقداتهم، بادئاً بمجاراتهم في رقص ليلي طقوسي عثر نفسه ينجر اليه طوعاً ومن دون ان يدرك اولاً انه بهذا يخون الرسالة التي كان آل على نفسه تأديتها. سليم انه، اذ تنبه لاحقاً الى ما وقع له، حاول ان يهرب مرات ومرات، لكنه كان احياناً يخفق، وفي احيان اخرى يستنكف من تلقائه. لقد عاش صراعاً عنيفاً في داخله. اما الآن فإنه يائس تماماً، لم يعد يعهد من هوولا ماذا يريد. انه مريض ومنهك، بل على وشك ان يموت. لذلك يرفض هجر الغابة ومرافقة مارلوفي رحلة العودة. غير ان هذا الأخير يتمكن من نقله الى القارب بالقوة وسط سخط السكان المحليين ودعوات نسائهم. وإذ يموت كورتس في خضم ذلك كله، يعثر مارلوعلى حزمة رسائل بين متاعه، يتبين له إنها رسائل خطها كورتس لخطيبته لكنه لم يرسلها أبداً. وإذ يعود مارلوالى الحضارة، يتطلع الى لقاء الخطيبة وإعطائها الرسائل. لكنه اذ يجدها مغرمة بكورتس ولا تزال في انتظار عودته، يستنكف عن اخبارها بحقيقة امر الرجل، مكتفياً بأن يؤكد لها ان كورتس توفي وهويلفظ اسمها.

المحرر

تعتبر «قلب الظلمات» الى جانب روايته الأخرى «لورد جيم» اشهر وأجمل ما خط جوزف كونراد (1857-1924) المحرر الإنكليزي ذوالأصل البولندي، اذ انه عبر فيها عن قوة رسمه، من ناحية، للطبيعة ولعلاقة الإنسان بها، ومن ناحية ثانية، للإنسان في عواطفه ومشاعره الخفية. ففي «قلب الظلمات» عهد كونراد كيف من الممكن أن يرسم الطبيعة كشبكة من المشاعر التي تحيط بنا وتسيّر حركاتنا، وهي متمتعة بحياة خاصة بها، من الصعب ان نجد في داخلنا قوة حقيقية للسيطرة عليها. وما كورتس هنا سوى مرشد على سيطرة الطبيعة على الإنسان. وكونراد كان يعهد هذه العلاقة بين الإنسان والطبيعة، هوالذي عايش الأدغال والبحار منذ سن مبكرة. فهواذ تيتم بعد ولادته في أوكرانيا، وكان في العاشرة من عمره، عثر نفسه بسرعة على متن سفن تجارية بحاراً بين بحارتها. ومن ثم أتيح له ان يصبح بحاراً على سفن تجارية انكليزية، ما مكّنه في العام 1886 من الحصول على الجنسية البريطانية. وهوظل يخوض غمار البحار حتى العام 1894، حيث تقاعد منصرفاً الى الكتابة، فأنجز حتى رحيله العام 1924، ثلاثين كتاباً وصف في معظمها مغامراته في البلدان والبحار والقارات اواستوحاها بأسلوب غرائبي كان هوما ساهم في تحقيق رواياته نجاحاً ما بعده نجاح. ومن أبرز اعماله، الى ما ذكرنا، «الإعصار» و»في آخر اللفافة» وغيرها من اعمال كان هدف كونراد الدائم فيها البحث عن حقيقة الإنسان وعلاقته بالكون، ولكن في نطقب روائي مشوّق دائماً.

الفيلم

أًخرجت الرواية فيلماً أخرجه فرانسيس فورد كوبولا للسينما بعنوان القيامة الآن.

الموتيفات

الهامش

المراجع

• Conrad, Joseph (1990). Heart of Darkness Unabridged. Dover Publications, Inc. New York. ISBN .
• Conrad, Joseph (1998-01-05). Heart of Darkness & Other Stories. Wordsworth Editions Ltd. ISBN .
• Farn, Regelind (2004, Dissertation). Colonial and Postcolonial Rewritings of "Heart of Darkness" – A Century of Dialogue with Joseph Conrad
• Hochschild, Adam (October 1999). "Chapter 9: Meeting Mr. Kurtz". King Leopold's Ghost. Mariner Books. pp. 140–149. ISBN .
• Murfin, Ross C. (ed.) (1989). Joseph Conrad: Heart of Darkness. A Case Study in Contemporary Criticism. St. Martin's Press. ISBN .CS1 maint: extra text: authors list (link)
• Sherry, Norman (1980-06-30). Conrad's Western World. Cambridge University Press. ISBN .

وصلات خارجية

• Heart of Darkness on In Our Time at the BBC. (listen now)
• , available at Project Gutenberg.
• نطقب:Ria
• by LoudLit.org
• 'Heart of Darkness' and late-Victorian fascination with the primitive and the double - novel by Joseph Conrad