فرقة العمال المصرية

عودة للموسوعة

فرقة العمال المصرية

فرقة العمال المصرية
Egyptian Labour Corps
إبرار القوات بالقرب من غزة.
نشطة 1914–1919
البلد مصر
الولاء الحماية البريطانية
الفرع الجيش
النوع العمل
الدور الدعم
الحجم 55.000 عامل
الكنية ELC

فرقة العمال المصرية (تُعهد أيضاً باسم فرقة العمل المصرية أوأنفار السلطة)، هي مجموعة من العمال المصريين الذين كانوا يعملون لدى الجيش البريطاني في مصر أثناء حملة سيناء وفلسطين في الحرب العالمية الأولى.

التاريخ

عملت فرقة العمال المصرية في تمهيد الطرق، إنشاء السكك الحديدية، ومد أنابيب المياه في سبتمبر 1916.

رأت إنگلترة حتى هناك أعمالاً غير قتالية ليس على الجندي التابع لإنگلترة القيام بها، فيكفيه جداً حتى يحمل السلاح وان يحارب وان تقع الواجبات الغير قتالية على غير، وليس هناك أمهر من المصريين في عملهم، إذ حتى هذه الأعمال تعتمد على العمل اليدوي والطاقة البدنية وتضم تعبيد الطرق ومد السكك الحديدية وحفر الآبار والخنادق ومد أنابيب المياه، واقامة الاستحكامات ونقل معدات الهاتف والتلغراف والمهمات والذخائر والتموين. ولهذا بدا من الضروري جمع المصريين، على شكل صورة فيالق اضافية تكون تحت تصرف القيادة البريطانية تعمل لخدمة القوات المحاربة.

قررت إنگلترة حتى تؤلف فيليقين هما فيلق العمال للقيام بالأعمال اليدوية وراء القوات الإنگليزية وفيلق الجمال لنقل المهمات وغيرها من نهاية السكك الحديدية إلى الخطوط الأمامية.

ولم يكد يمر آخر اغسطس حتى أمر الجمال المصريون بالذهاب إلى قناة السويس وبعدم مبارحتهم إياها. كذلك بدأ فيلق العمال عمله منذ أغسطس 1914 حيث اقام التحصينات بقرب الشطوط المهمة وحول ضفتي قناة السويس وقد اقاموها بهمة فائقة ونشاط كبير.

وساعدت الظروف على تكوين فيلق العمال إذ ساءت الحالة منذ بداية الحرب وعانى العمال المصريون والفلاحون الامرين من وقف النشاط الاقتصادي ومن تلك البطالة التي تفشت بين الطبقات العاملة واخيرا الارتفاع في تكاليف المعيشة. فساعد هذا في اول المر على الانخراط في هذا الفيلق والاقبال عليه وبلغ الامر الى انه تقدم الى قومندان البوليس المصري اهالي تطلب الانخراط في فرق العمال بالدردنيل، وذلك للتخلص من تلك الظروف الاقتصادية والاجتماعية القاسية التي يحيوها.

شرعت السلطة العسكرية في تنظيم وترتيب فرقة العمال المصريين في شهر يوليو1915 وعهد في ذلك الى عشر ضباط فجمعوا حواي الف وخمسمائة عامل وكان النظام فيها في بادئ الامر بالتطوع وبذلك تمكن الانجليز من اخلاء سبيل عدد كبير جدا من جنودهم لارسالهم الى مواقع اخرى حربية، واعطى اجرة العامل فيها يوميا خمسة قروش هذا بالاضافة الى الجراية اليومية.

وخلال الاستعدادات لمعركة غاليبولي رات القيادة البريطانية ضرورة الاستعانة بالعمال المصريين ففي اغسطس 1915 طلبت قيادة الحملة البريطانية للبحر المتوسط نحوخمسمائة عامل مصري من ابناء الصعيد للعمل بجزيرة مودروس فوفقوا في عملهم واتقنوه بحيث ان القيادة طلبت المزيد منهم حتى بلغ عددهم ثلاثة الاف عامل عند جلاء القوات البريطانية عن غاليبولي. ويعلق إلجود على هؤلاء العمال فيقول: "ان الصعيد ينتج رجالا ذوي بناء جسماني رائع، لا يضارعهم انسان اخر في قدرتهم على الاحتمال، انهم يؤدون كافة الاعمال اليدوية في يسر وسهولة ولكنهم يبلغون حد الاعجاز في اعمال الحفر، وهي الاعمال التي كانت الحملة تتطلبها حين ذاك".

وازدادت الاهمية للعمال حيث انه في الفترة بين خريف 1915 وربيع 1916 حشد من فيلق العمل المصري 8.500 فرد للعمل في خدمة الحملة الهندية في العراق و15.000 عامل للعمل وراء خطوط القتال في الجبهة الغربية. كذل انه ما ان اطلع ولاة الامور العسكريين على الاعمال النافعة التي تقوم بها هذه الفرق من العمال حتى اشتد الطلب عليها من جميع جبهة ولاسيما قسم التعيينات والطبجية والمهندسين فلبت طلبات هذه الاقسام وسواها. وكان استخدام العمال في اول الامر لتمضية الحاجة الحاضرة الماسة ثم تبين ان الضرورة تقضي بانشاء مصلحة دائمة وتعيين رؤساء لها وتاليف ممحرر دائمة للاستخدام، كذلك خرجت من فرقة العمال المصريين فرقة العمال المتعهدين وهورجال يعملون في منطقع الحجارة ويشتغلون بانشاء الطرق بموجب عقود فردية.

لاجل هذا لم يتوان القائد العام للجيوش البريطانية عن الالحاح في اتخاذ الاجراءات الفعالة للحصول على العدد اللازم من العمال الذين اشتد الطلب عليهم. حتى لقد بلغ عددهم 1.200.000 مصري جندوا وليس سليم ان عددهم كان بين 80 و90 الفا ، اذ يذكر هذا العدد البيان الصحفي لمستر لندس القائم باعمال السفارة البريطانية.

احتوت فرقة الجمالة على مائة الف رجل مضى منهم ثلاثة وعشرون الفا استخدموا في فرنسا، وقدمت هذه الفرقة خدمات جليلة للحفاء، ويصف فرقة الجمالة هذه مراسل المانشستر جارديان الانجليزية فيقول: "لا يمكن لقنبلة اولرصاصة ان تحرك وتثير الحيوان الابله وقواد الابل وهم من الفلاحين الذي جمعوا وسجلوا في القرى المصرية وكلهم عزل من السلاح وغير مدربين على الحرب يمكنهم ان يجروا عند الاشارة للهجوم وان معظمهم الان في الحقيقة في التصاق تام بحيواناتهم وهم يسرعون في تلبية نداء ضباطهم البريطانيين والرصاص يدوي ويتساقط حولهم وهواذا طلبوا بالخروج بابلهم لتكون في مامن من الاذى اخذوا معهم سترهم التي توزع عليهم خشية ان تسرق اثناء غيابهم. وبعضهم يسعى في الصعود الى التل تحت اطلاق النار لياتوا بنقودهم من خيامهم وكان قواد الابل انفسهم يعيرون الذين يلوذون بالفرار ويقولون عنهم (بنات) وانه لا يليق بهم ابدا انقد يكونوا من الرجال. واصبحت اليوم بعض الفرق تقسم نفسها قسمين اولهما الثابتون في امكنتهم وثانيا الهاربون. وان الانتنطق من قسم الى اخر اما جائزة واما عقاب".

ضحت مصر من اجل جمع هؤلاء العمال والفلاحين، فقد عرقل هذا اعمال الزراعة التي تتوقف عليها الحياة في مصر، وتعطلت مشروعات الري الجديدة وعندما برزت اهمية هؤلاء الرجال تحول التفكير من مجرد استخدام جماعة محدودة من العمال والفلاحين الى انشاء الفيالق الاضافية. ففي ديسمبر 1915 صدرت اوامر القيادة البريطانية لانشاء عشر مجموعات، جميع مجموعة تحتوي على 2.020 جملا، 20 حصانا، 1.168 مصريا،عشرة ضباط انجلي تحت رئاسة الكولونيل وايتينجرام، وفي سبتمبر 1916 وبعد مسقطة رومانة واثناء التقدم عبر الصحراء كان هناك ثلاثة عشرة مجموعة في خدمة القوات المحاربة، وفي الستة شهور الاولى من عام 1915 استطاعت ان تجمع السلطة العسكرية بين الف والف وخمسمائة جمل وعدد يقرب من الف من الجمالة المصريين ولم يمض شهر ديسمبر 1915 – وبعد تكوين الحملة المصرية – حتى صدر امر من القيادة بضرورة تمهيد فيلقين الى خمسة مجموعات. واثناء الفترة من ديسمبر 1915 – تاريخ تكوين الجمالة – الى عام 1919 كان هناك 170.000 جمال، 72.500 جمل في خدمة الفيلق، واستدعى لهم ضباط من الجيش المصري لصعوبة التفاهم اللغوي معهم، ووضعت فيالق الجمالة هذه لمعاونة الحملة المصرية، تلك الحملة التي سقط عليها عبء القتال في سيناء وفلسطين.

ومصادر تلك الفترة تبين ان التعاقد على هذا العمل كان اختياريا وبناء على عقود تخط بين الطرفين لمدة ستة اشهر . وكان هذا في بداية الامر، واخذت الصحف تنشر المزايا التي تعود على من ينضم الى هذه الفرق وما يوزع على الفرد يوميا من ماكل ومشرب وملبس ومسكن وذلك لضم اكبر عدد للفرقة فكانت تغريهم بان الجراية اليومية هي 32 اوقية خبز بلدي، 24 اوقية بقسماط، ثلاثة اوقية لحمة، أربعة اوقية عدس، 2 اوقية أرز، أربعة اوقية بصل، ثلثين اوقية سمن، وثلثين اوقية ملح.

هذا في وقت اشتدت فيه الازمة وانعدمت الاقوات، كذلك حملت اجرة العامل في فرقة العمال الى خمسة قروش يوميا والجمال الى ستة قروش، واعلن انه عند انتهاء مدتهم يعادون الى اوطانهم على مصاريف السلطة.

وعندما قررت القيادة البريطانية تتبع الاتراك في سيناء وفلسطين والخروج من قناة السويس رؤي انشاء خط للسكك الحديدية من قطية الى فلسطين وهنا الحت الحاجة الى تضاعف افراد فيلق العمال وفيلق الجمالة، ورات السلطة ان اسلوب التعاقد الانجليزي هذا لن ينفع امام ذلك العمل المتزايد، وفي نفس الوقت سرعان ما ظهرت صعوبة جمع المصريين للالتحاق بقسم العمل في الجيش الانجليزي بالرغم مما كان يدفع لهم من اجور، ولاسيما بعدما فهم هؤلاء بالمخاطر الجسيمة التي اصابت العمال في شبه جزيرة سيناء نتيجة للغزوالهجري حيث تعرضوا لضرب القنابل وراح ضحايا منهم، هذا بالاضافة الى ما شيع عن سوء المعاملة التي يلقاها المتطوعون المصريون لاجل ذلك تردد الفلاحون في اجابة الدعوة، بل انهم فضلوا الموت عن الخدمة في تلك الفيالق المساعدة، هذا في الوقت الذي كانوا يعتقدون ان النصر سيكون حليفا لالمانيا وهجريا.


التجنيد

قبر الجني المصري ثابت هارون محمد، من فرقة العمال المصرية، في مقبرة أدينكرك العسكرية، بلجيكا.

نقلت العمليات الحربية الى فلسطين للقيام بهجوم قوي على الاتراك، وعين اللنبي قائدا للقوات البريطانية في مصر في عام 1917 وتزايدت مطالب الجيش وان كان اللنبي قد ابقى قسما من هذه القوات في مصر لمساعدة الحامية البريطانية للمحافظة على النظام وتوفير الامدادات اللازمة للقوات المحاربة والقسمي العمل والنقل. وحتى ذلك الوقت لم يحتج المصريون احتجاجا ظاهرا على ما كانت تطلبه السلطات العسكرية من العمال غير انهم بمجرد نقل الجيوش البريطانية الى فلسطين اصبحوا يحجمون عن تقديم مساعدتهم، اذ لم يجدوا اي فائدة من متابعة الحملة في بلاد بعيدة كفلسطين، غير ان السلطات الحربية اساءت تفسير روح القلق التي استولت على المصريين واتهمت هؤلاء بانهم معادون لإنگلترة. ومن ثم اصبح الحكم العهدي اداة للقمع بصورة احس بها جميع المصريين.

ويحلل ويفل الموقف "لقد ازدادت حاجات الجيش – حدثا تقدمت حملاته – الى العمال والحيوانات والمواد الغذائية، ولم يعد التطوع وحده يكفي للوفاء بها، وبذلك لم يجد رجال الحرب وسيلة للحصول على حاجاتهم سوى الضغط على الحكومة المصرية، وادى هذا بدوره في النهاية الى اشنع صور الضغط في القرى، فراحوا يجندون الناس رغم ارادتهم في فرقة العمال... وكما يحدث دائما في مثل تلك الاضطهادات سقط العبء الاكبر على اشد الناس فقرا واقلهم نصيرا من غير ان يدرك الجيش والموظفون من الانجليز جميع تلك المظالم التي ترتكب باسمهم، ولكنهم من طبيعة الحال – مذنبون – في نظر الفلاحين.. واصبح الانجليز هم الظالمون اذن فليسقط الاجانب الملاعين".

ولسوء حظ انجترا فان الفلاحين لم يكن لديهم اية رغبة في الانخراط في فرق العمل، فالفلاح المصري كان عزوفا عن هجر قريته، ومسقط رأسه فكيف يهجر ارضه ليلقى حتفه في الحرب، كذلك فلم يجذبه للعمل في الجيش اي شعور وطني لانه كان يفهم ان الحرب الدائرة على حدود بلاده لا تخصه هوانما تخص إنگلترة وحدها، وعلى ذلك فعندما تقرر ان يتسع نطاق استخدام العمال المصريين، لم يكن مفرا امام السلطات العسكرية من اتخاذ اجراءات القسر للحصول عليهم.

رأت السلطة العسكرية للتغلب على هذه الصعوبات ان تحول عملية الاستخدام من اسلوب التعاقد الاختياري الى التجنيد الاجباري اذ اصبح لا مفر الا الالتاتى الى طريقة القوة اذ هي التي يحقق لها حشد الاعداد المطلوبة للفيالق الاضافية، وعندما اوعزت القيادة العامة – ارشيبا لدمري في 23 مايو1917 – باتباع كيفية التجنيد بالاكراه عارضه ونجت على اعتبار ان ذلك يعد خرفا للتصريح الذي اصدره مكسويل يومسبعة نوفمبر 1914 واعلن فيه تكفل بلاده بكل اعباء الحرب دون ان تطلب من مصر اي مساعدة، كما انه يفقد المصريين الذين يعتبرهم الانجليز انهم يضمرون العداء لهم، فحيادهم وهدوءهم من الصواب، وان كان قد اشاد بايجاد اي وسيلة تضمن اشراك المصريين من تلقاء انفسهم في الحرب.

والفت لجنة في القاهرة للكشف عن جميع الوسائل لزيادة العمال واشهجر فيها السلطان حسين ووزراءه وعرض التشجيع في الصحف، غير انها لم تهتد الى حل، وعندئذ خط ونجت يعلن موافقته على ما راته اللجنة من استحالة تطبيق اقتراحات الحكومة الانجليزية ومضى ابعد من ذلك فنطق: "اني لا استطيع ان اضمن ان عدد العمال المصريين الذين تستخدمهم الان حكومة جلالة الملك وهومائة الف، يمكن المحافظة عليه في الظروف الحاضرة وان رشدي اكد لي انه سيبذل هوووزارءه جميع جهد لمساعدة السلطات التي تتولى التجنيد وتسهيل عملهم" ثم نطق: "ان القسر يمكن اتباعه اذا ابطل التصريح – تصريح مكسويل – وسواء بطل على يدنا اوعلى يد الوزراء من تلقاء انفسهم فانه يفترض أنقد يكون من المحال ان نتجنب الكراهية الناجمة عن خيانة العهد، وهذه الكراهية يفترض أن تعبر عن نفسها محليا في صورة اضطرابات داخلية وبعبارة اخرى ان القسر يفترض أن يقتضي زيادة كبيرة في فرق الحامية الانجليزية في مصر، ولا يوجد ثم ريب من انه يفترض أن يقلل المساعدة التي تعطيها مصر الان ان لم يسقطها تماما".

ويقول سعد زغلول في مذكراته: "تدور على السنة الناس اشاعة بان الانجليز يريدون ان يجمعوا جندا من مصر بطريق الجبر. ويعللون ذلك بانه اذا لم تشهجر مصر في الحرب معهم فلا تتقاسم معهم شعور الفرح والخير وبما انها تتنعم بحسن ادارتهم يلزمها ان تشاطرهم المتاعب التي يتحملونها في سبيل الحرب، ويرد قوله هذه الاشاعة بان رشدي والسلطان غير مبالين لهذا المشروع ومعارضون فيه حتى مضى بعضهم الى انه من الممكن ادى هذا الخلاف الى سقوط الوزارة".

واستخدمت السلطة الضغط على الحكومة، غير ان هذه رفضت ما يوعز من استعمال القسر وان كانت قد بدات بعرض وسائل الاغراء على التطوع للعمل ففي 20 اكتوبر 1917 اعلنت الحكومة قرارها: "بما ان السلطة العسكرية البرطيانية ابلغت الحكومة المصرية بانها تلاقي صعوبات في ايجاد الرجال اللازمين لفرقة العمال بطريق التطوع الاختياري، وبما انه ولوان الحكومة البريطانية قد اخذت على عاتقها الدفاع عن مصر الا ان البلاد لا تستطيع ان تقف وقفة المتفرج ازاء هذا الدفاع بل ان من واجبها الادبي ان تعاون السلطات العسكرية المشار اليها جهد الاستطاعة وبما انه يتعين في هذه الحالة العمل على ايجاد وسيلة للتشجيع على التطوع الاختياري فقد قرر المجلس ان يقترح على السلطة العسكرية زيادة الاجر اليومي وان تتحمل هذه الزيادة الحكومة المصرية وان يعفى جميع رجل يتطوع في هذه الفرقة لمدة سنة على الاقل، من الحدمة العسكرةي. وكذلك اعفاء جميع رجل يتطوع في هذه الفرقة من اجور الخفر طول مدة تطوعه". الا ان ذلك كان دون جدوى ومن هناك اصبح التجنيد الاجباري الوسيلة الوحيدة التي لابد من اتخاذها للحصول على العدد اللازم من العمال واقترح الانجليز استخدام جميع المقترعين للتجنيد ممن تثبت لياقتهم ولم يصبهم الدور، ولكن الحكومة المصرية رفضت قبول ذلك حتى لا تتهم بانها اشركت البلاد في جهود الحرب. كما رفضت رفضا قاطعا حل هذه المشكلة بالاجبار. ولم تكن على استعداد لان تتحمل مسئولية التجنيد الاجباري، وكانت واثقة من ان موظفي الادارة في الانطقيم وخاصة العمد يمكنهم بوسائل الضغط الحصول على ما يلزم من الرجال وبذلك ابدت استعدادها لتوفير العدد بتلك الوسائل الادارية سواء قبل المواطنون اولم يقبلوا.

إلى غير ذلك اتفقت حدثة السلطة وحدثة الحكومة على جمع الرجال، وظل التجنيد اختياريا في الظاهر وفي الحقيقة لم يكن بهذه الصورة اذ فرضت السخرة دون ان ينص عليها القانون، وعلى الفور طلبت الحكومة من المديرين في منشورات دورية ان يضاعفوا جهودهم لتشجيع التجنيد، وابلغ المديرون مأموري المراكز هذه الاوامر وابلغها هؤلاء بدورهم للعمد، وانذر الاخيرون باشد العقوبات اذا قصروا في العمل، وانه اذا لم يتطوع للجيش البريطاني عدد كاف من القرية اوالناحية فان اللائمة تقع على المسئولين انفسهم لذا اتخذ المديرون والعمد التدابير التي اعتقدا انها ستحميهم من المصير الذي يهددهم اذا فشلوا في مهمتهم وبهذه الطريقة اصبح من اللازم على جميع مدير ان يقدم شهريا من مديريته عددا معينا من الرجال لسد طلبات السطلة.

وقاسى المصريون سواء عن طريق جمعهم اومن السخرة التي فرضت عليهم والتي ارجعتهم الى عهد اسماعيل، ولاهمية هذه الفترة في حياة شعب مصر ستعرضها من خلال شهود العيان.

بدأ تطبيق السياسة التعسفية الجديدة لحشد العمال والفلاحين قسرا للعمل في السلطة فعين ستة وعشرون ضابطا بريطانيا بين الاسكندرية واسوان لاجل هذه العملية. وكل ضابط يعاون مامور المركز في جمع الانفار وتبدا العملية باستعداء عمدة القرية وابلاغه بالعدد المطلوب من قريته وعندما يأوى الفلاحون الى دورهم يبدأ الخفراء ورجال البوليس بالهجوم عليهم لجمع العدد المفروض على القرية ان تجمعه، وبين صراخ الاطفال وولولة النساء يحشد الرجال الذين سقط عليهم الاختيار في مضيفة العمدة تحت حراسة قوة من بوليس المركز. وفي الصباح يساق الجمع – وهم موثقون بالحبال – الى المركز حيث يتسلمهم الضابط البريطاني ليشحنهم بالسكة الحديد الى كمب التوزيع بالاسماعيلية ولا يجرى – خلال هذه العملية – اي قدر من الإنضمام الدقيق. وانما يكتفي الضابط البريطاني باعداد قائمة باسماء الرجال واحيانا يقسمهم الى مجموعات (50 رجلا) يختار لكل مجموعة رئيسا من بينهم يتولى تطبيق ما يصدر اليه من اواخر خلال الرحلة الحزينة الى الحرب.

وتناول سلامة موسى هذا الامر بقوله: "رحلت الى الريف – قرية بالقرب من الزقازيق – ورايت كيف من الممكن أن كان يسلط الانجليز علينا الموظفين المصريين من مامورين ومديرين وحكمدارين وشرطة لخطف محصولاتنا، وكانت الجمال والحمير بل الرجال يخطفون ايضا كما لوكانوا في قرية زنجية على خط الاستواء قد كبسها النخاسون لخطف سكانها وبيعهم في سوق الرقيق. وكان المنظر تئن منه النفس كما يفتت القلب فكان الرجل يربط بالحبل الغليظ من وسطه وخلفه امثاله، ويسيرون على هذه الحال صفا الى ان يبلغوا المركز فيحبسون في غرفة المتهمين ثم يرحلون الى فلسطين وكنت انجح احيانا بالرشوة في استخلاص بعض هؤلاء المساكين. وذات مرة وانا بالمنزل سمعت صراخا ودخلت على نسوة في فزع ونحيب، وعهدت ان ثلاثة ممن يغرسون ارضنا القي القبض عليهم وهم يحرثون في الحقل فخرجت ووجدتهم مربوطين بالحبال الغليظة بحراسة احد الشرطة، اما سائر الشرطة فقد هجروهم كي يغزوا قرية اخرى، واستطعت بمساومات مع الشرطة ان احصل على الافراج عنهم ولكني لم انجح في جميع مرة، ففي ذات يوم قصدت الى مامور الزقازيق اطلب منه اطلاق اثنين من الفلاحين فتأملني ثم نطق: انا عايز ارحلك انت لفلسطين فهجرته اذا لم تكن الظروف وقتئذ تأذن بالتحدي وفي تلك السنوات السود اثري كثير من العمد ثراء فاحش فقد فرضوا ضرائب على جميع الشباب من سن العشرين الى الخمسين على مقدار ما يملك، فهذا يؤدي خمسة جنيهات وذك عشرة جنيهات حتى يعفيهم من الاعتنطق وبعثهم الى فلسطين، وعهدت عمدة كان يملك ستة افدنة فقط جمع نحوخمسة الاف جنيه بهذه الطرق، وكان الفلاحون يجوعون كي يجمعوا هذه الغرامات ويؤدوها".

ولم يكن ذلك راي شهود العيان من المصريين فقط بل ايضا ايده الانجليز انفسهم فيذكر الجود وكان اميرالايا في الجيش الانجليزي "ان جميع مدير مديرية كان مطالبا بان يقدم من مديريته عددا معينا من الانفار. وفشله في ذلك كان يجر عليه لوما قاسيا من رؤساءه. اما كيف من الممكن أن كان المديرون يحضرون الانفار، فقد كان ذلك متروكا لتصرفات الموظفين في جميع مديرية وهؤلاء كانوا يفهمون بالاشارة. فشيوخ القرى اختاروا الضحايا الذين كانوا يرونهم مناسبين دون تدخل من احد، لقد حانت لهم الفرصة لتصفية ثارهم المبيت ضد اعدائهم. واصبحت مصر الزراعية تمزقها الحزازات فوشت العائلات ببعضها البعض الاخر وتسمم الجوبالفساد، وكان الفلاحون الذين لا يستطيعون دفع المال من اجل اعفائهم اول من كانوا يؤخذون غالبا ثم يعقبهم الاعداء الشخصيون لحكام القرية، وكان اهل الريف الذين يرتادون الاسواق يخطفون عنوة ثم يرحلون الى اقرب معسكر عمل، واذا كان اغلبهم يستسلمون للمصير فان البعض منهم كان يقاتل من اجل حريته ويولي الادبار".

وسجلت مجلة نيشن هذه الحقيقة: "ان تجنيد فرق العمال فكك عرى الاسرة بغياب عائلها ورجالها مما ادى الى زيادة الفقر وانحلال الاخلاق كما ادى سوء معاملة هؤلاء العمال الى تعرضهم للامراض وموتهم حتى اننا قد صنعنا ما عم من سخط عليها بين طبقات الفلاحين، فقد وعدنا مراعاة لشعور المسلمين الا نزج مصر في الحرب ولكننا نقضنا هذا الوعد بتجنيد فرق العمال وما كان تجنيدنا ايها على كيفية التجنيد الاجباري المنظم بل كان يجري على ايدي اعوان يتفرقون في القرى ويتصيدون العمال من هنا وهناك، وقد عاج الكرباج الذي طالما افتخر اللورد كرومر بالغائه".

ويصف الدكتور جست في 28 مارس 1919 ما رآه "وضع نظام للتطوع ظهر عدم كفايته وصدرت الاوامر باخذ العمال من الحقول بالاكراه، والطريقة هي ان يدخل رجال الحكومة القرية وينتظرون رجوع الفلاحين الى منازلهم في الغروب فيحيطون بهم وينتقون خيرهم للخدمة. فاذا رفض احدهم هذا التطوع الاجباري جلد حتى الاقرار بالقبول وعلى هذا النحوساقوا صبيانا من سن اربعة عشر عاما وشيوخا في السبعين، وكانت الجموع المريضة المنهكة تساق لتادية الاعمال الحربية والكرباج كفيل بتسخيرهم من غير حساب، اصبح الجلد من الاعمال اليومية، وكان المكلفون بالجلد هم اطباء انفسهم حتى ان السقمى كانوا يخافون ان يختلط الامر فينتقلون خطا من طابور المحتاجين للعلاج الى طابور المحكومة عليهم بالجلد".

ويقول سعد زغلول في مذكراته معلقا على ذلك الموقف: "افتخر رجال الحكومة بانهم عارضوا في التجنيد الاجباري حتى منعوه، ولكن الحكام في سائر انحاء القطر اخذوا من بضعة ايام يتخطفون الناس من الاسواق ومن الطرقات ومن المساكن في القرى ويحملونهم على ان يخطوا طلبا بالتطوع في الحملة، ومن يأبى من المخطوفين ان يختم ضرب حتى يختم، وفي بعض المراكز اقيم صانع اختام على باب المركز ليصنع ختما لكل من ليس له ختم وقد ابى الرجال في اطسا – بمديرية المنيا – فاتىتهم قوة من العساكر والخفر وساقتهم الى المركز مكبلين بالحديد، وهنا ضربوا حتى ختموا، وحدث ان بعض الاهالي في جهة فارسكور رفضوا السير مع العساكر، وحدثت مشاجرة ادت الى اطلاق النيران عليهم فقتل ثلاثة ، والسلطة تستعين في جمع الناس بكل طريقة من طرق الجبر بالاكراه، وهذا فضلا عن كونه اشد انواع مصادرة الامة في حريتها، فانه احتقار لها بانزالها منزلة الانعام السائرة".

هكذا كان الناس يساقون مكرهين الى ميادين الحروب ولنآت الآن على فكاهة ذكرها سعد في احدى خطبه فقد نطق انه رأى جنديا يسوق مصريا مكبلا في الحديد فلما مثل اما رئيسه نطق له من هذا،يا ترى؟ فرد عليه الجندي قائلا: هذا متطوع يا سيدي.

ويذكر احمد شفيق في حولياته حادثة ان دلت على شئ فانما تدل على الضيق الذي حصل بالمصريين من جراء هذا السخرة يقول: "ان قطارا كان يقل جماعة من المتطوعين المحروسين بالجند شاهري اسلحتهم قاصدا القنطرة، فما ان ابتعد عن مدينة الزقازيق بضعة كيلومترات حتى القى واحد منه بنفسه من القطار اثناء السير تخلصا من التطوع الذي لم يكن من طبيعة الحال بناء على رغبته فمات في ساعته".

من هذا نرى ان تموين الجيش البريطاني اصبح ضريبة اجبارية تزداد باتساع العمليات الحربية، وسارت مواكب العبيد المقيدة بالحديد والاغلال لتحارب معركة الحرية كما كان يسميها الحلفاء.

وكم من المخازي والفساد واكب هذه العملية الحربية، فكثير من العمد انتهزوا هذه الفرصة ليسقطوا باعدائهم وابناء الاسر المناوئة لهم فيخصونهم بالاختيار للعمل في السلطة، بينما يتسترون على معارفهم ويعفونهم منها وسويت حسابات قديمة على اثرها تمزقت مصر من الاحقاد والثار واتهمت الاسر بعضها البعض وسمم الفساد جوالبلاد. كما اتسعت الذمم بقبول الرشاوي وامتد خيطها من العمدة الى ماموري المراكز والضباط البريطانيين انفسهم. وبالرغم من صدور الاحكام التي تمنع قبول الهدايا الا ان الثراء انتاب الكثير من العمد بعد ان فرضوا الاتاوات ليعفوا من الذهاب الى الحرب، وساءت احوال الاسر ومضى النساء يبعن حليهن حتى يدفعن لقاء الافراج عن اولادهن وازقابلن من خدمة السلطة.



العمل الميداني

فريق إنشاء السكك الحديدية.

سيق المصريون الذين جمعتهم السلطة الى ميدان الحرب لا الى الميدان الشرقي فحسب بل الى الغربي ايضا، فأخذوا من الدار الى النار حرموا من وطنهم وآلهم، ومضىوا الى حيث يقومون بحفر الخنادق وتمهيد الطرق وانشاء السكك الحديدية ونقل الاغذية والذخائر وذلك لتقديمها للخط الامامي وتحت وابل قنابل الالمان وحلفائهم. وقد بلغ عددهم 100.002 عاملا حتى نوفمبر 1918.

منذ اواخر عام 1915 بدئ في استخدام العمال المصريين لمضاعفة الخط الحديدية المممتد من الزقازيق للاسماعيلية لتسهيل عملية نقل القوات والعتاد الحربي الى منطقة القناة، ثم ما لبث ان استخدم هؤلاء على نطاق واسع لبناء خطوط السكك الحديدية الخفيفة والطرق المرصوفة في الاراضي الصحراوية الممتدة على الجانب الشرقي من قناة السويس. وبذلك عبدوا الطرق ومدوا انابيب المياه وبنوا الخزانات والصهاريج واقاموا مخازن العتاد والتموين وخطوط البرق والتليفون وانشأوا التحصينات ومهدوا الاحجار والاشواك واعدوا المياه والادوات ومدوا الاسلاك فوق الرمال لتيسير قوات الامبراطورية.

فمن غير المصريين يقوم بهذا العمل،يا ترى؟ لقد فرض عليهم وما عليهم الا الطاعة، واصبحت القنطرة مركزا لتجمع عدد كبير من العمال، وبفضلهم غدت ملتقى هاما للخطوط الحديدية.

عقب تقهقر الاتراك عن القناة تتبع الانجليز خطواتهم في سيناء وكانت قاحلة لا ماء فيها ولا سبيل لسير الجيوش بمدافعها وعرباتها الضخمة. وهنا "ارسل الانجليز امامهم العمال المصريين والرديف المصري لتمهيد الطرق حتى اصبحت صالحة لسير السيارات ولجر المدافع الضخمة، ومدوا بجوارها الانابيب لنقل المياه الماخوذة من ترعة الاسماعيلية، وأنشأوا سككا حديدية لسير القطارات عليها، فاصبحت الصحراء هينة الاختراق بفضل العمال المصريين والرديف المصري، وصار زحف الجنود فيها مستطاعا بعد ان كان ضربا من المخاطرة". ويؤكد كيرسي انه "لعبور شبه جزيرة سيناء وحدها يلزم بتر مائة وعشرين ميلا على الاقل من القنطرة، وفي هذا السبيل كان من الضروري زيادة فرق العمال المصريين لانشاء الخطوط الحديدية كما كان من الضروري اعادة تنظيم حملة الخط الاول على استخدام الجمال والحمير لامكان تموين القوات في الصحراء من رأس السكة الحديدية، وهذه الاعمال كانت تتطلب وقتا لاتمامها، كما وان التقدم سيكون حتما بطيئا اذ ان سرعته ستتوقف على سرعة انشاء السكك الحديدية التي قدرت سرعة انشائها بحوالي عشرون ميلا في الشهر".

وتصف صحيفة وادي النيل الجهد الحربي للعمال "من القنطرة شرقا تجد الاستحكامات المنصوبة، وهذا الطريق البري مرصوف بالاحجار الصغيرة بواسطة الوابورات ، وحفرت الابار على الجانب اللقاء للقنال حتى تتمنكن العربات الرائحة الجاية مدة عظيمة من النهار من اطفاء جيشان الاتربة بالرش، هذا هوالحال الذي عليه الطريق من الاسماعيلية الى القنطرة وللمصريين يد في تسوية الطرق واقامة الاستحكامات وهم الذين يشتغلون بالحفر لتسيير هذه الانابيب فيها".

فرقة العمال المصرية تتحرك على طريق من الأسلاك المتشابكة.

وقد أرجع الكثير من مسجلي الحوادث الحربية حتى السبب في نصر القائد "مري" في معاركه إنما هوراجع إلى المصريين "والفضل كله اليوم في النصر يعود الى فرقة المصريين الذين مدوا السكك الحديدية مسافة مائة ميل في الصحراء القاحلة بل وتعدوا ذلك بأن نقلوا الأحمال الثقيلة والغذاء والثياب والذخيرة وتلك الالات التي تتدفق الى خطوط القتال. ويعود الفضل ايضا الى القوافل القائمة بها فرقة العمال المصريين".

لقد تقدم العمال المصريون بكل همة ونشاط غير مبالين بالاخطار ، فحدث على سبيل المثال اثناء عملهم بالعريش ان استطاعت قنبلة ان تقتل وتجرح تسعة وثلاثين منهم، ورغم ذلك فلم يتوان البقية عن العمل.

وتصف صحيفة المقطم نشاط العمال المتزايد فتقول: "استخدمت إنگلترة علاوة على العمال العاديين عددا كبيرا من الصناع البارعين من نجارين وحدادين وسمكرية وصناع خيام وعمال محاجر وبرادين وسائقي القطارات . وعمال هذه الفرقة يقولون ان اهم صناعة من صناعاتهم انشاء الاستحكامات. وقد أنشاوا برعاية الملاحظين البريطانيين حطا (للديكوفيل) على الشاطئ الغربي بمصر، وبنوا مخافر وعنابر، وشقوا الطرق، وانشاوا ارصفة الموانئ وبلغ من نشاطهم وهمتهم ان مائة وخمسين رجلا افرغوا تسعمائة طن من المهمات الحربية في احد الناقلات في يوم واحد وكوموها احسن تكويم. وفي شرقي القنال فان فرق العمال انشات جانبا كبيرا من الاستحكامات الدائمة وشبكة سكك الحديد، ومدوا انابيب المياه، ويظن المرء ان أعطى الانابيب من الاعمال الهينة ولكنها في الحقيقة مهمة شاقة تقتضي نق لونصب الوف الاطنان من الانابيب وتمهيد الطرق. وقامت فرق العمال باعمال كبيرة القيمة في شحن البواخر وتفريغها في الموانئ المصرية، وفي توزيع المهمات في مواضع شتى على شاطئ البحر في الشرق والغرب. ومع ان السواد الاعظم منهم لم يالف ركوب الزائريق والنقل بها ومع شدة المجاري البحرية في القسم الجنوبي الشرقي من البحر المتوسط، فقد تفهموا ان يعملوا في هذه الاحوال الشاقة ويذللوا المصاعب. وبعد ما استولى الجيش على العريش واحتلها انزل العمال المذكورين مقادير من المهمات لا تقع تحت حصر من البواخر الى البر في القسم الجنوبي من فلسطين". هذا وقد استخدم العمال المصريين في بناء المطارات أيضا.

وكان فوز الانجليز على الاتراك في رومانه يعود الى تلك الاعمال الباهرة والخدمات الجليلة التي قامت بها فرقة العمال المصرية هذه. فقد مهدت الطرق لتقدم الجيوش البريطانية ومدت السكك الحديدية ودكت الحصووالاستحكامات ونظمت بمهارة انابيب المياه وطمرتها تحت الرمال واقامت لوازم التليفون والتلغراف ونصبتها في اماكن معينة، ونقلت ايضا المهمات والذخائر الى مساافت معينة شاسعة وفي ارض يصعب السير فيها وبالاختصار فان فرقة العمال قامت بجميع الاعمال الهندسية الثانية فاطلق يد الجنود للقيام بواجباتهم الحربية الخصوصية، والحق ان هذه الفرقة العظيمة القيمة يحق لمصر ان تفتخر بالاعمال الباهرة التي قد قام بها ابناؤها فباعمالهم التي يستحقون من اجلها جميع مديح وثناء. ثم ان البوليس المصري التابع لهذه الفرقة يستحق هووقومندانه المصري وضباطه جميع مديح وثناء، فان المحافظة على النظام بين الالوف من الفلاحين غير المدربين ليس من الهينات".

ودرات مناقشات في مجلس العموم البريطاني حول هؤلاء العمال، فكان الجميع يعترف بتلك الاعمال الفنية التي افادت الجيش البريطاني اثناء الحرب. كذلك اشاد المهندسون الانجليز في بورسعيد بمهارة العمال فهناك خطابات منهم الى المسئولين في القاهرة. اذ كانوا ياوصلون عملهم ليل نهار، وذلك لعدم امكان تزويد المدينة بعمال اكثر. وبذلك اخل العقول التي حددت مدة العمل بثلاثة اشهر في بادئ الامر ثم بستة اشهر فاصبح العامل اوالجمال يدخل تحت خدمة السلطة ولا يعهد متى ستنتهي هذه الخدمة.

ويبين اللنبي فضل المساعدات المصرية في حملته على فلسطين وسوريا اذ يسجل: "تبعت فرقة العمال المصرية منذ اليوم الاول من ايام القتال فكانت تسير وراءهم في زحفهم وتعمل بهمة ونشاط ونجاح في تحسين الطرق وقد كانت بعض فصائل هذه الفرقة تعمل في خطنا الاصلي وبهذا فان مصر مسئولة الى حد كبير عن نجاح الحلفاء في فلسطين".

واقر ملنر في تقريره بان الشعب المصري تحمل التكاليف والقيود التي اقتضتها تلك الحرب بالصبر والرضا والخدمة التي قام بها فيلق العمال المصري كانت خدمات لا تثمن ولا غنى عنها للحملة الفلسطينية".

هذا عدا البطولات التي قام بها العمال، عملى سبيل المثال لا الحصر وقع انه في شهر مارس 1917 ان كان جندي انجليزي يسبح في مياه البحر قرب العريش فجذبه التيار وبعده عن البحر فاخذ يصيح طالبا العون. وفي الحال القى احد رجال الفرقة بنفسه واخذ معه خشبة تساعد الجندي على العوم ثم عاد الى الشاطئ واتى بحبل طويل ثم سبح في البحر المتلاطم بالامواج حتى بلغ الجندي فاعطاه طرف الحبل وانتشله. وقد وقع ان طيارة من طيارات الالمان اغارت ليلا على احدى المستشفيات القائمة على خطوط المواصلات. وقذفت عليها القنابل، فخرجوا على الفور وساعدوا في نقل الجرحى من المستشفى الى مكان امين وعرضوا انفسهم للمخاطر.

ووصل مجهود مصر الحربي عبر البحر وليس على حدود مصر فقط. فخدم العمال المصريون في الميدان الغربي وبلغ عدد رجالهم 16.300 رجل في منتصف عام 1917.

ذلك انه لما طارت اخبار نجاح العمال المصريين الى فرنسا. خاطب العسكريون فيها ولاة الامور في مصر، ومن هنا تم الاتفاق على ارسال بعذ هذه الفرق الى فرنسا لتحل محل الجنود البريطانيين ليرسلوا الى خطوط النار.

وفي مارس 1917 ارسلت بعثات العمال المصريين من مديرية جرجا للخدمة في فرنسا "فبات اهلهم على احر من الجمر منتظرين ورود الاخبار عنهم وقد زار حضرة مدير جرجا المعسكر منذ يومين فقابله جناب القائد فرأى ساعدته فرقة من العمال مستعدين للسفر الى فرنسا فخطب فيهم باذلا لهم النصح ومبينا الفوائد التي تعود عليهم من هذا السفر ماديا وادبيا ولاسيما في هذا الحين الذي اشتد فيه الغلاء طالبا لهم السلامة".

هذا ومضت الصحافة تنشر شروط الاغراء للحث والتشجيع على السفر، فكل عامل يرغب في السفر الى فرنسا يعطى بذلة، بالطو، حذاء، ثلاثة بطانيات، 2 قميص، 2 جوارب، لباس، قميص من الفانلات هذا عدا الطعام الذي يحتوي على لحم، خضر، شاي ، لبن، سجائر، واجرة اليومثمانية قروش.

وتقول الاهرام : "نزلت في فرنسا حديثا الفرقة الاولى من قسم الاشغال المصري القادمة اليها من مصر للاشتغال باعمال مختلفة فيها اجور طيبة. وقد وصفها محرر ممن حضروا حفلة استقبالهم في فرنسا فنطق: "اتىتنا فرقة من العمال المصريين للعمل معنا هنا في اعمال مختلفة مؤلفة من رجال ممتلئين صحة وقوة ونشاطا وقد قوبلت هيئتها بلباس الحاكي على انها فرقة جد وعمل ولاحظنا على وجوه رجالها السرور بالمناظر الجديدة التي سقطت عليها ابصارهم في البلاد".

وبرهن هؤلاء الرجال على كفاءتهم فقد عملوا في جويختلف جميع الاختلاف عن البيئة التي عاشوا فيها. حضروا من اقصى صعيد مصر ليتحملوا اعباء المعيشة في فرنسا ورغم ذلك فقد اثبتوا جدارة فائقة، فقد وقع مرة في احدى موانئ فرنسا انهم فرغوا من شحن باخرة تحمل 3.000 طن من البضائع والمهمات المتنوعة في اقل من ثلاثة ايام، وفرغوا مرة اخرى من احدى البواخر ستة الاف طن من الشوفان في يومين واتى التقرير الرسمي عنهم ما نصه "وكل ما شاهدناه من اعمال هذه الفرق يشهد بالفضل للضباط وصف الضباط والرجال فيها. فانهم يؤدون اعمالهم برغبة ونشاط يبعثان على اشد الارتياح".

ولم يقتصر ارسال العمال الى فرنسا فاوفدوا الى اليونان والعراق فادوا خدمات جليلة هناك وعملوا تحت نيران القنابل والمدافع والبندقيات.

هذا بالاضافة الى الخدمة في الدردنيل، ففي شهر مايو1915 جمعت اورطة من الاشغال مؤلفة من ستة بلوكات للخدمة في الدردنيل، وقامت هذه الاورطة مدة الاربعة الأشهر التي خدمتها في شبه الجزيرة بخدمات فائقة تحت وابل مستمر من القنابل. ومضىت طوائف من العمال الى طنوس ومدروس للقيام باعداد الطرق وتمهيدها للقوات المتحاربة، وفي سلانيك ارسل عدد كبير من العمال المصريين قدر في عام 1916 بستمائة عامل ثم ما لبث ان وصل الى سبعة الاف عامل في عام 1918 وكان عملهم هناك القيام بانشاء السكك الحديدية.

كذلك استخدمت فرق كبيرة من هؤء العمال في ميدان العراق الجنوبي، فوصولها في عام 1916 حوالي 8.280 عاملا، فخلفوا فيها اثارا من اعمالهم وصنعهم في البصرة الى بغداد. وهذا بالاضافة الى ان الانجليز في العراق رأوا ان يستعينوا بجانب من العمال المصريين على حفظ النظام والامن العام في مدينة بغداد فالفوا قوة البوليس اختاروا رجالها من العمال المصريين فقامت هذه القوة بعملها حق القيام. وبلغ العمال الذين عملوا فيها وراء البحار نحوثلاثة وعشرون الف عامل.

لعبت فرقة الجمالة دورا مهما – لا يقل اهمية عن دور العمال – في الحرب مع إنگلترة وحلفائها سواء على شرق مصر اوغربها فانه حينما شرع الجيش البريطاني في تتبع الاتراك في سيناء كان الطعام والمياه والذخيرة تنقل في جميع مكان على ظهور الجمال قبل ان تمد الطرق والسكك الحديدية. فان طبيعة الحرب تقضي على فصائل من الجنود ان يرابطوا في مواقع بعيدة عن الطرق المطروقة. اذن فلابد من استخدام العدد الكبير من الجمال لايصال المهمات والمؤونة والماء اليهم. ولا يخفى ان الجمال يستهدف في بعض الاحيان لشئ من الخطر، فالماء والذخيرة من اشد الضروريات في اثناء المعارك ويغلب ان تكون الجبال الوسيلة الوحيدة لنقلها الى المواضع التي تبدوفيها الحاجة اليها. وقامت هذه الفرقة بنصيبها في جميع معركة دارت في الميدان شرقي قناة السويس. وفي جميع قتال حربي مع السنوسيين، ولعبت فرقة الجمالة دورا مهما في معاونة لورانس ضد الاتراك. وفي مساعدة اللنبي في الاستلاء على العقبة، فحملوا المؤن والامدادات من العقبة للقوات العربية التي كانت تحت قيادة الامير فيصل في معان.

كذلك ادى الجمالة خدمات جليلة في نقل الجرحى البريطانيين، فكانوا ينقلونهم باسرع ما يمكن وبدون خوف من القنابل والنيران التي كانت تحيط بهم.

وقد اطلع مندوب المقطم على بعض السجلات من اعمال البسالة والاقدام التي قام بها بعض الجمالة، فمن ذلك ان الامر صدر في بئر دويدار الى جانب منهم بان يصعدوا الجبال بالجمال الى تل طلبا وكان ذهابهم الى ذلك التلا ثلاث مرات من الاعمال المقرونة بالخطر، وخط القائد يقول في ذلك ان الباش ريس عبد الله خيري سلك سلوك باهرا النهار بطوله، وقاد رجاله صاعدا الى التل في المرات الثلاث باتم نظام وذكر القائد اسماء آخرين امتازوا في تلك المعركة التي دارت في يوم 23 ابريل 1916 – معركة رومانه – وبعد هذه المعركة وجه القوات الانظار الى ثبات الجمالة تحت قنابل المدافع ونطقوا: "انهم لم يفارقوا جمالهم بل سلكوا مسلكا عظيما" وحدث مثل ذلك في رفح وبقية المدن، على ان افعال الفرقة ظهرت على اتمها في المعركتين اللتين دارتا في فلسطين حيث اثبت رجالها انهم اهل للاسم الحسن الذي احرزوه، فقد وجه قواد الفرق نظر القائد العام الى خدمات الفرقة الجليلة وشده لزومها. وسالوا الجمالى اي مكافاة وعرض على قائد احدى الفرق اسماء سبعة وعشرين رجلا من الجمالة، ونطق عنهم الضابط الذي عرض اسماءهم ان الوصف المعتاد لا يفيهم حقهم من اثناء على حسن منالهم، فقد عملوا في جميع مرة فوق الواجب المفروض عليهم، وفي مقدمة الممتازين الباش ريس عمر محمد عمر، ولكن الجمال حامد عبد الله معوض لا يقل عنه فقد ظل ستة عشرة ساعة متوالية واحدى يديه مجروحة جرحا بالغا بعد ما عضه احد الجمال.

وهناك شواهد اخرى من هذا القبيل وهي مقتبسة من تقارير القواد والضباط فقد خدم الباش ريس نور الدين سعيد خدمة عظيمة فانه رد الطمأنيننة الى نفوس الجمال وجعلهم ينطرحون على الارض بقرب جمالهم وساعد الجنود في نقل الذهيرة في الخنادق تحت نيران المدافع السريعة والبنادق والقنابل. كما عهد الى الباش ريسي عباس سعيد محمود والريس محمد عثمان في نقل جماعة من الجرحى فاتى بهم الى مكان آمن تحت نار القنابل وهما رابطا الجاش، وقد صوب الاتراك عددا كبيرا من القنابل اثناء معركة رومانه تلى ننطقات الجرحى في الميدان. فاستقر الراي على نقل جميع شيء الى موضع امن ودعى الجمالة الى المساعدة وبينما هم ذاهبون بالجرحى سقطت بجانبهم تسع عشرة قنبلة وهم سائرون فلم يفر واحد منهم بل ظلوا يقودون جمالهم كانه لم يحدث حادث ما، وقد احتفل في 27 مايو1916 بعرض بعض بلوكات الجمالة في فلسطين فوزعت عليهم المكافات والجوائز اعترافا ببسالتهم، وكان الجمالة لابسين الجلاليب الزرقاء وعلى رؤوسهم الطاقيات، وقد اجمع الذين عهدوا هؤلاء الجمالة على انهم استحقوا هذا التكريم اعظم استحقاق.

وتشجيعا للمزيد من التضحية والتفاني انعم السلطان بنوط الجدارة من الفضة والبرونز عليهم وخاصة الجرحى والذين استمروا في ممارسة عملهم تحت النيران. وهذا وقد اقر اللنبي بخدمات هذا الفيلق في برقية له لوزارة الخارجية البريطانية في 31 اكتوبر 1918 فنطق: "ان فيلق الجمالة قدم خدمات قيمة ساعدت كثيرا في النصر للحملة".

إلى غير ذلك قدمت مصر اقصى ما يمكن تقديمه في هذه الحرب لصالح إنگلترة. وسقط العبء الاكبر من هذه التضحيات على العمال والفلاحين الذين استخدمتهم السلطة، فقاسوا من طريقة جمعهم اوبمعنى اصح خطفهم التي استمرت طيلة عامي 1917 – 1918 حتى بعد اعلان الهدنة فانتشر الرعب في نفوس الفلاحين واصاب الحزن جميع منزل حيث فقد فردا من افراده واهله لا يفهمون هل سيعود ام لا، فلم تنبتر المآتم ولم يهدا الندب على تلك الالوف التي مضىت، خطفهم الانجليز لكي يرمونهم في اتون النيران خارج بلادهم، وقد اجمع المؤرخون والمعاصرون لتلك الفترة على ان من اهم اسباب ثورة 1919 ذلك التجنيد الاجباري الذي سقط على القرى المصرية. وبالرغم من تلك الخدمات الجليلة التي قدمها الفيلقان لإنگلترة الا انهم قاسوا الامرين فقد عاشوا في ظروف غير طبيعية، وزاد الامر وبالا عليهم المعاملة القاسية التي كانوا يلقونها على يد قوات الانجليز الذين انتزعت من قلوبهم الشفقة والرحمة.

وتقول صحيفة رائد العمال الانجليزي في ثلاثة ابريل 1919: "كان الكرباج هوالوسيلة الوحيدة لتسخيرهم، واصبح الجلد من الاعمال اليومية في معسكرات هؤلاء المجندين واي معسكرات.. لا خيام .. وسوء تغذية .. ورداءة كساء.. وقلة غطاء.. ثم امراض تفترسهم افتراسا لقد كانوا يموتون كالذباب في الصحراء، وكثيرا ما رفض السماح لهؤلاء المجندين بالعودة الى بلادهم حتى بعد انتهاء مدة خدمتهم".

هذا ويقر ملنر في تقريره عن اسباب ثورة 1919 ان المستشفيات التي كان يسقم فيها هؤلاء العمال لم تكن على ما يرام وانه كان من بين ضباطهم كثيرون يجهلون لغتهم ولا خبرة لهم بمعاملتهم. وتظلموا من اطالة مدة خدمتهم الى ما بعد التاريخ الذي تعاقدوا عليه وذلك بعد ما تولت السلطة العسكرية امر التجنيد، وقد صرح مستر تشرشل في مجلس العموم البريطاني بان الخدمة الطبية للفلاحين المصريين العاملين سواء في فرقة العمال اوالجمالة كانت ناسيرة وغير كافية.

وؤكد الدكتور جست في صحيفة دايلي نيوز انه "لسوء تغذيتهم وملبسهم وعدم وجود مستشفيات كافية وراءة احوالها كانت نسبة الوفيات بينهم عالية جدا رغم عدم نشر احصاءات".

ويصفهم السير فالنتين تشيرول "وبعد ان جند هؤلاء عاملناهم كما يعامل العمال الرخيصوالاجر عادة، فكانت اطعمتهم وملابسهم وخيامهم وفراشهم رديئة، ونطق قس انجليزي ان الفلاحين في هذه الفرقة كانوا يتساقطون في سيناء وفلسطين والعراق تساقط الذباب".

وكان الرافعي شاهد عيان فيقول: "كانوا يعاملون معاملة المعتقلين وما هم بالمذنبين يربطون بالحبال ويسافرون كالانعام ويقام عليهم الحراس وينقلون بالقاطرات في مركبات الحيوانات ويعاملون اسوا معاملة ولا يعتنى بصحتهم ولا بغذائهم وراحتهم وكانوا يوعدون بان يستخدموا لمدة محدودة ثم تمد على الرغم منهم ومات كثيرون منهم في ميادين القتال اوفي الصحراء في سيناء والعريش اوفي العراق وفرنسا واصيب كثير منهم بالامراض والعاهات التي جعلتهم عاجزين عن العمل".

وقد سئل بعض من قضى عليهم نكد الطالع بانقد يكونوا ضحية هذا التطوع فنطقوا انهم ذاقوا الامرين وكانوا في اسوا حال، وزيد ايضا انه كان نصيب البعض منهم ان اسر في الجيش الهجري شهورا اواصيب البعض بجراح اليمة.

ونشر المحرر الامريكي مستر جورج كريل في مجلة لوجب في 27 سبتمبر 1919 عما قاساه هؤلاء العمال "لقد سيق مليون ومائتا الفا من المصريين الى الخدمة في فرقة العمال والنقل وما يتهم به الوطنيون المصريون السلطة العسكرية ان معاملتها للعمال كانت اسوا من معاملتها لدواب النقل فقد كان طعامهم رديئا ومسكنهم فاسدا وكانت العناية الصحية بهم ضئيلة فمات هؤلاء المجندون التعساء كالذباب، وحدثا قضى منهم نفر وخلا بموتهم مكان ساق الكرباج الالاف غيرهم ليحلوا محلهم. ودم هؤلاء الرجال هوالذي يجري بين مصر وإنگلترة اليوم. وقد تعرض هؤلاء العمال للنار وهم يحفرون الخنادق وينقلون المؤن والذخائر على خطوط القتال".

ويصف الجود ظروف العمل يقول: "الشهور الأولى من عام 1916 لم يكن لسائقي الجمال زي خاص بهم، وان كانت قد صرفت بطانية واحدة لكل منهم. وبهذه المعدات الوهمية تحمل الرجال مشاق الحملة في سيناء". ثم اشار للظروف الجوية القاسية "ان فلسطين في الشتاء ليست بالبلد الذي ييسر القيام بحملة مريحة في اراضيها. وعمليات النقل بالدوات في مثل هذا الجوالذي لا يرحم تتم في اقسى الظروف، فالوحدات المقاتلة يمكنها ان تتوقف حتى تتحسن الظروف الجوية ولكن قوافل التموين لا يمكن ان تتوقف لتاخذ قسطا من الراحة.. وكانت الامطار الغزيرة تضيع معالم المدقات وتجتاح مسافات طويلة من خطوط السكك الحديدية فتقتلعها، ولاقد يكون ثمة مفر من تعطيل كافة وسائل النقل الميكانيكية وهنا ياتي دور الجمال لتحمل عبئها ولقد تمكنت قوافل الفيلق من اداء مهتمها بفخر في هذه الظروف ، وكم من قوافل صارعت العواصف وهي تحمل التموين الى الخطوط الامامية وكثير من الرجال والدواب والجمال لقى حتفه دون رحمة على الطريق.. لقد كان هذا الفيلق بحق مخلوقا فريدا".

وهاجمت الحمى فرقة الجمالة التي كانت تعمل لمساعدة الامير فيصل، وكثر المصابون بالتيفوس والدوسنتاريا، ورغم ذلك فقد كانوا يقومون بمهامهم ، وانتشرت الكوليرا وكثرت الاعداد المصابة بها لدرجة انهم حينما عادوا الى مصر نقولها معهم، كما توفي الكثير من جرائها من الرديف في الميدان.

وبناء على ذلك اصدرت الحكومة المصرية في 29 يونيو1921 بلاغا رسميا يتبين منه ان العمال الذين لاقوا حتفهم وهم قائمون بخدمة الانجليز واصيبوا بجراح وعاهات مستديمة وبعجز تام اوجزئي عن العمل ستصرف لهم مكافأت ومعاشات واعتبر ذلك هبة ممنوحة مع انها حقوق واجبة، هذا وقد كانت المبالغ التي قدمت بسيطة للغاية.

وفي ملفات اذونات المعاشات لعمال السلطة يتضح ان ما انيط اليهم من اعمال قد سببت لهم عاهات واصابات مستديمة وهم يطالبون بالتعويض، عملى سبيل المثال لا الحصر فالجمال، منصور شحاتة، ارسل لقومندان قلم تعويضات حملة الجمال اللفتنت همفورز يطلب التعويض على عينه التي فقدت اثناء عمله كتربي، وكذلك طلب تعويضا من يدعى محمد ابراهيم العامل بالسلطة الذي اصيب باصابة مستديمة وطلب سعد كريم حسن الذي يقول في طلبه "افندن اني كنت شغال تبع الريس عبد القادر سالم رئيس طلبة نمرة 816 بالسلطة العسكرية بالقنطرة، ونظرا لاني مكثت شغالا بالاتربة حتى عجزت بصري في عيني الاثنين وذلك من عناء الاشغال بالسلطة، وهوالاخر يطلب تعويضا عن اصابته.

واصاب الموت الكثيرين على اثر اعمالهم الشاقة هذه، ففي شكوى من والد يطلب تعويضا عن ابنه – المدعى فريد عبد القادر – الذي توفي اثناء قيامه بخدمة االجيش الانجليزي ، وانبترت اخبار البعض من الذين سقطوا تحت يد السلطة.

وتروي المقطم عن الذي قاساه الجمالة على لسان احد الضباط الانجليز: "جرح جمال احمد يونس في راسه ولكنه ظل مع جماله ولم يذكر شيئا عن جرحه حتى حططنا الرحال في محلة اخرى على بعد ميل من محلتنا الاولى. وبعد سبع ساعات من جرحه، وقد كان هذا الجرح بالغا، كما تبين من الكشف الطبي واضطر الجراحون ان يستخجروا احدى عينيه ويعملوا له عملية جراحية كبيرة في الجمجمة". واما هذه الشدة في العمل وهذا الضغط المتزايد حاول بعض الجمالة الفرار وهجر عملهم مما قاسوه، وشاركهم في ذلك بعض من العمال والرديف المصري وامتلأت الصحافة باعلانات الهروب.

وتعددت الاصابات حتى في فرنسا من جراء الظروف المناخية القاسية لتراكم الثلوج وعدم تحمل المصابين لها، كذلك ارتفعت نسبة الوفايات العاملين في طنوس ومدروس.

ومن الغريب عملا ان اهل مصر من ذوي اليسر يقدمون خدماتهم للانجليز عن طريق دفع الاعانات للصليب الاحمر ويهملون من كان منهم فلم يساعدوا هذه الفرق الامر الذي جعل محررة انجليزية تقول: "لقد عهدنا من مزايا اهل مصر انهم اذا دعووا لمبرة عامة يظهرون بمظهر الكرم والاريحية ويكتتبون بسخاء للاعمال الخيرية النافعة مثل خدمة الصليب الاحمر والاعانات الخاصة ونحوذلك، وكثيرا ما نرى منهم عطفا على المنكوبين والبؤساء ومن الغريب والحالة هذه انهم لم يهتموا الاهتمام الواجب باخوانهم رجال فرقة العمال المصرية المشتغلين بالاعمال العسكرية انهم يستحقون جميع عطف ومساعدة".

وكانت رحلة العودة لمن خطت له اصعب من الرحيل امتلات بالعذاب والمشقة واللهفة والحنين لارض الوطن بعد ذلك الحرمان الطويل والغربة القاسية والتي انعسكت فيما رددوه من حدثات فاضت بالشوق والحب لمصر.


جمع الدواب

وكما جمعت السلطة الرجال لم تبق على جمل اوحمار اوحصان الا واستولت عليه لصالحها. وطبقت نفس طريقة جمع العمال على الحيوانات. "وكان جميع ذلك يجري بمساعدة رجال الحكومة بل بناء على اوامرهم وبضغطهم على الاهالي فكانوا يسارعون الى ارهاق الاهالي لخدمة السلطة العسكرية ويتفانون في اظهار الهمة في تلبية طلباتها جميع فيما يخصه فالمدير يتلقى الامر من وزارة الداخلة بجمع عدد مخصوص من الدواب، والمامور بدوره يفرض على جميع بلد اوقرية ما يخصها من القدر المطلوب، فيقوم العمدة بجمع ما طلب منه من افراد الاهالي كبيرهم وصغيرهم، غنيهم وفقيرهم، وكان هؤلاء الحكام من المدير الى العمدة الى الخفير يستعمل جميع ما اوتي من حول وقوة وما منح من سلطان للحصول على ما فرض على مديريته اومركزه اوقريته. بل لقد تعدى بعضهم حدود العدالة في تطبيق تلك الاوامر حتى ان البعض استخدم هذه الظروف سبيلا لجمع الاموال من الناس واكلها بالباطل".

وكان على العمدة والمشايخ في جميع البلاد ان يقدمون للسلطة كشفا وافيا يشتمل على عدد الجمال والحمير واسماء اصحابها، وخضع ذلك لرقابة صارمة وقبض على عدد كبير منهم لاخفائهم بعض الجمال والحمير، وعلى سبيل المثال، فقد تستر العمدة عبد الرحمن التميس عمدة اسيوط على اغنياء البلد ولم يذكر في تقريره من الجمال والحمير الا النذر اليسير خوفا من انه اذا قدم جمال غيره يضظهر هوالاخر الى ذكر جماله وحميره.

وفي حقيقة الامر فانه منذ ان بدات الحرب كان لابد من الاستيلاء على بتران من الجمال حيث احتاجت اليها القوات البريطانية لنقل المهمات. وهنا بدات السلطة تجمع الجمال من المديريات وفي بادئ الامر جعلت اجرة الجمل الواحدة خمسة عشرة قرشا يوميا، ولم يمض شهر فبراير 1915 حتى كانت قد جمعت الفين ومائتي جملا.

هذا وقد اعترف لويد بانه "مما اغضب المصريين الحاح السلطات البريطانية في طلب الجمال والحمير لاستخدامها في سلاح الهجانة اذ تعتبر الدابة بالنسبة للفلاح شيئا مقدسا وحتى شرعية الطلب لم تخفف من غضب الناس كما لم تقلل من متاعبهم".

ورغم الاعداد الكبيرة التي جمعتها السلطة الا انها دائما كانت بحاجة الى المزيد، فعانى الفلاحون كثيرا من فقدان دوابهم اللازمة لهم – وقد اسيئ الى الزراعة بجمع هذه الدواب – ففي عام 1917 اشتدت الحاجة الى استخدام الجمال في النقل الحربي، ووجدت اللجان المكلفة بالشراء من قبل الجيش صعوبة كبيرة في الحصول على العدد اللازم من الجمال، بل ان المنشورات السرية التي ارسلتها الحكومة الى المديرين لحثهم على بذل جهود قوية في هذا لسبيل لم تحدث نتيجة سوى نشر الظلم، فكبار اصحاب الاراضي وشيوخ القرى كانوا يتمتعون بميزة الاعفاء والفلاحون والفقراء هم الذين كان عليهم ان يقدموا جمالهم.

واظهرت الحكومة كرما في معاملة السلطة العسكرية حيث فتحت وزارة المالية في 25 اغسطس 1917 بعض الاعتمادات للمديريات لابتياع الحمير اللازمة للسلطة، ونطقت الحكومة في بلاغها ان الغرض من ابتياع هذه الحمير "انها لازمة للخدمة اليومية" ثم صدرت الاوامر للمديريات بان ينتقي المفتشون البيطريون الحمير الصالحة للعمل، وان يقدروا اثمانها التي تدفع من خزانة المديرية من الاعتمادات المفتوحة.

وتبع ذلك ان نشرت السلطة العسكرية اعلانا في 26 نوفمبر 1917 امرت فيه جميع المصريين ان يقدموا دوابهم، واصبح غير مصرح لهم بالتصرف فيها اوحتى نقلها. وفرضت العقوبة على من يخالف تلك الاوامر.

وازدادت حركة المصادرة لاعز ما يملكه الفلاحون. واقر ملنر في تقريره ان ما تم في هذا الامر كان من اهم اسباب ثورة المصريين عام 1919.

ولعبت الحكومة دورا مهما في تقديم الدواب للسلطة العسكرية وفي الضغط على الناس كما كان دورها في جمع الرجال للسلطة. ووقف الوزراء اوقاتهم لجمع الدواب للسلطة العسكرية، وتحملت هي التكاليف ذلك ان السلطة استولت ايضا على ركائب المهندسين التي وجدتها صالحة للاستعمال. وهنا كان على الحكومة التعويض لهؤلاء، وعلى سبيل المثال فقد وافق مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 23 فبراير 1918 على اعطاء عبد المسيح فهمي وحسين تام ماهر وكامل ميخائيل، المهندسين بري الفيوم مصاريف الركائب التي يتكبدونها بسبب استيلاء السلطة العسكرية على ركائبهم.

وفي بداية عام 1916 كان هناك 20000 جمل مستخدمة في الحملة المصرية، وفي اواسط 1917 ارتفع العدد الى 35.000 وقسموا الى مجموعات حوت جميع مجموعة على 2.000 جمل، وهذه المجموعات عملت في خط النقل الاول تنقل الاحجار وتحضر الامدادات.

وجمعت الجمال من مختلف المديريات، فكان نصيب البحيرة 2.526، الغربية 4.218، الدقهلية 1.560، المنوفية 2.740، الشرقية 5.817، القليوبية 2.096، الجيزة 1.436، الفيوم 1.201، بني سويف 1.380، المنيا 2.106، اسيوط 3.543، جرجا 2.363، قنا 2.084، أسوان 353، القاهرة 203 ، الاسكندرية 86، الاسماعيلية 33، وبناء على ذلك قلت الجمال وارتفعت الاسعار بمعدل ثماني مرات عما كانت عليه قبل الرب. وبلغ من جبروت السلطة انها بعد الحرب ارادت ان تبيع ما تظل من الجمال للمصريين باسعار قدرتها وفق مصالحها.

اما بالنسبة للحمير فكانت لها منفعة تامة، وقسمت الى اربع مجموعات جميع منها تحتوي على 2.000 حمار عملوا بكل طاقتهم مع المصريين في خطوط القتال.

العهدان

تم الاعتراف بالقيمة الكبيرة لخدمة فرقة العمال المصرية من قبل اللنبي في رسالته المؤرخة في 16 ديسمبر 1917 حيث ذكر قيمة خدماتهم الكبيرة وأهميتها، وصمودهم تحت النيران وتفانيهم في أداء الواجب في ظل ظروف صعبة.

الهوامش

  1. ^ لطيفة سالم (2008). مصر في الحرب العالمية الأولى. دار الشروق.
  2. ^ A Brief Record of the Advance of the Egyptian Expeditionary Force under the command of General Sir Edmund H. H. Allenby, GCB, GCMG July 1917 to October 1918 compiled from Official Sources (1919) p. 24

المصادر

  • "General Staff General Headquarters Egyptian Expeditionary Force". Canberra: Australian War Memorial. February 1918.
  • Allenby, E. H. H.; H. Pirie-Gordon; Army of Great Britain; Egyptian Expeditionary Force (1919). A Brief Record of the Advance of the Egyptian Expeditionary Force under the command of General Sir Edmund H.H. Allenby, GCB, GCMG July 1917 to October 1918 compiled from Official Sources (2 ed.). London: H.M. Stationery Office. OCLC 17017063.
  • Blenkinsop, Layton John; Rainey, John Wakefield, eds. (1925). History of the Great War Based on Official Documents Veterinary Services. London: HMSO. OCLC 460717714.
  • Bowman-Manifold, M.G.E. (1923). An Outline of the Egyptian and Palestine Campaigns, 1914 to 1918 (2nd ed.). Chatham: The Institution of Royal Engineers, W. & J. Mackay & Co. OCLC 8139160.
  • Bruce, Anthony (2002). The Last Crusade: The Palestine Campaign in the First World War. London: John Murray. ISBN .
  • Cutlack, Frederic Morley (1941). . Official History of Australia in the War of 1914–1918. Volume VIII (11th ed.). Canberra: Australian War Memorial. OCLC 220900299.
  • Downes, Rupert M. (1938). "The Campaign in Sinai and Palestine". In Butler, Arthur Graham (ed.). . Official History of the Australian Army Medical Services, 1914–1918. Volume 1 Part II (2nd ed.). Canberra: Australian War Memorial. pp. 547–780. OCLC 220879097.
  • Hughes, Matthew, ed. (2004). Allenby in Palestine: The Middle East Correspondence of Field Marshal Viscount Allenby June 1917 – October 1919. Army Records Society. XXII. Phoenix Mill, Thrupp, Stroud, Gloucestershire: Sutton Publishing. ISBN .
  • Keogh, E. G.; Joan Graham (1955). Suez to Aleppo. Melbourne: Directorate of Military Training by Wilkie & Co. OCLC 220029983.
  • Lawrence, T.E. (1962). Seven Pillars of Wisdom: A Triumph. London: Penguin Jonathan Cape. OCLC 803300735.
  • McPherson, Joseph W. (1985) [1983]. Carman, Barry; McPherson, John (eds.). The Man Who Loved Egypt: Bimbashi McPherson. London: Ariel Books BBC. ISBN .
  • Powles, C. Guy; A. Wilkie (1922). The New Zealanders in Sinai and Palestine. Official History New Zealand's Effort in the Great War. Volume III. Auckland: Whitcombe & Tombs. OCLC 2959465.
  • Wavell, Field Marshal Earl (1968) [1933]. "The Palestine Campaigns". In Sheppard, Eric William (ed.). A Short History of the British Army (4th ed.). London: Constable & Co. OCLC 35621223.
  • Wilson, L.C. (1934). The Third Light Horse Brigade Australian Imperial Force in The Egyptian Rebellion 1919. Brisbane: L.C. Wilson. OCLC 219822717.
  • Woodward, David R. (2006). Hell in the Holy Land: World War I in the Middle East. Lexington: The University Press of Kentucky. ISBN .
تاريخ النشر: 2020-06-06 09:44:22
التصنيفات: CS1: long volume value, مسرح عمليات الشرق الأوسط في الحرب العالمية الأولى, تاريخ مصر (1900-الحاضر), عمالة إجبارية, العمل في مصر, عسكريون غير مقاتلون

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

"شوجر دادى" فى المركز الثانى عقب يومين من طرحه بدور العرض

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-26 12:21:34
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 63%

"مليونير".. ضبط متسول بحوزته دولارات وتامول في القاهرة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-26 12:21:28
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 64%

تقرير يوناني: محاولات نتفليكس لتزييف التاريخ المصري فشلت

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-26 12:21:36
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 54%

الاتصالات: ارتفاع مكاتب البريد إلى 4385 مكتبا بنهاية الربع الأول من 2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-26 12:21:44
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 54%

برلماني: تدشين الدولة شركة إنتاج "الكوارتز" يدعم الصناعة الوطنية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-26 12:21:40
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 64%

بالأسماء.. "مستقبل وطن" يعيد تشكيل هيئة مكتب أمانة العمل الجماهيرى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-26 12:21:41
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 67%

ماذا ينتظر محمد صلاح أمام ساوثهامبتون في الدوري الإنجليزي؟

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-26 12:21:15
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 57%

أبرزها الكشري والاختفاء.. 3 تقاليع كوميدية لتامر حسني في برومو "تاج"

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-26 12:21:33
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 62%

أمن المنافذ يضبط 2127 قضية مختلفة خلال 24 ساعة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-26 12:21:27
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 53%

خارجية فلسطين تدين مشروع قانون ضم الحدائق والمحميات الطبيعية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-26 12:21:38
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 57%

"شوجر دادي ورهبة" في صدارة إيرادات السينمات

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-26 12:21:33
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 64%

شرطة التعمير: ضبط 174 قضية متنوعة خلال 24 ساعة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-26 12:21:26
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 53%

"الارتفاع الصاروخي لأسعار حليب الأطفال" يجر وزير الصحة للمساءلة

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-26 12:21:44
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 50%

نزاع السودان.. منظمة أممية: أكثر 1.3 مليون شخص أجبروا على النزوح

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-26 12:21:43
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 68%

أهالي سندبسط بالغربية يشيعون جنازة "شهيدة العلم".. اليوم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-26 12:21:23
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

تحميل تطبيق المنصة العربية