قسنطينـــة تفقــد أيقونـــة العيســــاوة زيـن الديـن بن عبـد الله

فقدت الساحة الفنية القسنطينية و الجزائرية فجر أمس، أيقونة الطابع العيساوي و المالوف، زين الدين بن عبد الله، عن عمر ناهز 59 سنة، إثر إصابته بفيروس كورونا، وفق ما اكده مصدر من عائلة الفقيد ،  تاركا خلفه إرثا فنيا موسيقيا و غنائيا خالدا، وثقه في ألبوماته الفنية التي فاق عددها 13 ألبوما، و أبحاثه الموسيقية التي جسدها في كتيب يوثق للتراث العيساوي، لتستفيد منه الأجيال الصاعدة، و آخر كان بصدد تحضيره قبل أن توافيه المنية، كما سبق و أن أكد للنصر. 
إعداد / أسماء بوقرن

ابن مدينة قسنطينة، زين الدين بن عبد الله، كان من السباقين للمشاركة في الحملات التحسيسية حول جائحة كورونا، غير أن القدر شاء أن يفتك به الفيروس، بعد مكوثه خمسة أيام بالمستشفى الجامعي بن باديس بقسنطينة وفق ما صرح لنا به شقيقه.
الراحل من مواليد سنة 1961، نشأ وسط عائلة فنية تقيم بحي بلوزداد، في قسنطينة، طرق باب الفن، كما قال أخوه لطفي للنصر، و هو في ربيعه  14،
 سالكا نهج  والده معمر بن عبد الله الذي قدم الكثير للفن القسنطيني الأصيل و ساهم في تكوين أجيال من الفنانين، شغف الفقيد بالغناء التراثي و بتعلم أبجدياته مكنه من اقتناص عديد  الفرص، حيث حظي بتكوين على يد اثنين من كبار مشايخ قسنطينة، هما شيخ الطريقة العيساوية محمد بن جلول، و الشيخ التومي، في إطار جمعية محبي الفن.
كما صقل موهبته الغنائية بالبحث في مجال التراث الفني، و كان حريصا على أداء قصائد كبار مشايخ المدينة التي طالها النسيان،  و من أبرز الأغاني التي اشتهر بأدائها رائعة « خمر يا خمار»  و كذا « هياو يا زيار» ، كما اشتهر بأداء أغنية تشجيعية لفريق مولودية قسنطينة، حيث كان مناصرا وفيا لها، حسبما أكد أخوه لطفي، و من المهتمين بالشأن الرياضي.
الراحل جمعه حوار بالنصر في عز الأزمة الوبائية، و ذلك في 19 أفريل المنصرم، كشف خلاله عن مشروع فني طالما سعى لتجسيده، و وجد في الحجر الصحي فرصة لضبط خطته، و مواصلة بحثه، حيث كان يسعى  لتدوين التراث القسنطيني المنسي الذي يعود لأزيد من 30 سنة خلت، و أشار إلى أن   هناك عديد الأغاني لم تعد تؤدى في المناسبات العائلية في طريقها للاندثار،  و أعرب عن حماسه لتجسيد مشروعه الفني، المتمثل في إصدار كتاب يوثق  الألحان و الطبوع الموسيقية التي تشتهر بها مدينة الجسور المعلقة، منها تلك التي اعتمدها في أغانيه،  و كذا تدوين طريقة الأداء لتستفيد منها الأجيال الصاعدة ، و تمنى أن يوفقه الله ليكمله، و ليصبح إرثا علميا معتمدا في التكوين الفني و الموسيقي يساعد و يوجه المغنيين الشباب في مسارهم، و أكد حينها بأنه كثف جهوده في فترة الحجر ليتمكن من إصداره في أقرب وقت ممكن، لكن القدر شاء أن يرحل قبل أن يجسد مشروعه.

العربي غزال
قسنطينة تفقد جوهرة ثمينة
« تعرفت على الفنان القدير زين الدين بن عبد الله في السبعينات، من خلال جمعية الفتح و هي التسمية الأولى لجمعية محبي الفن،  لعبد القادر التومي و الشيخ الدوادي خلوفي، تربى بين أحضان مشايخ الطريقة العيساوية منذ نعومة أظافره، فقد كان دائم الجلوس و هو صبي صغير مع كبار  شيوخ العيساوة، ترعرع في وسط عائلي فني ولوع بطابعي المالوف و العيساوة.
لن أنسى الأوقات الرائعة التي قضيتها برفقته، خاصة خلال القعدات و الأنشطة التي كانت تنظمها جمعية محبي الفن، نشط في السنوات الأخيرة جلسات غنائية راقية ضمن أنشطة بيت المالوف، و لن أستطيع نسيان الأخ و الصديق زين الدين فذكراه تظل عالقة بذاكرتي.  إنه جوهرة من جواهر قسنطينة معروف بطيبته و كرم أخلاقه، المدينة فقدت كبارها و هي اليوم تفقد صغارها من الفنانين الولوعين بالتراث الغنائي، و أوجه بهذه المناسبة الأليمة نداء إلى كل فناني قسنطينة بأن يتضامنوا و يتسامحوا  و يتركوا الخلافات جانبا، و أقول لهم أحبوا بعضكم و لا داعي للغيرة، لأن مدينة الصخر العتيق لن تموت، لكن نحن الفنانون زائلون، و الأهم ما نتركه للجيل القادم» .

عبد الحكيم بوعزيز
الفقيد قامة فنية و أخلاقية
«فجعت لفقدان العزيز الراحل زين الدين بن عبد الله، خبر وفاته صدمني، و نزل علي كالصاعقة، فهو صديق الطفولة الذي برز في طابع الأخوان، و يعد الأول دون منازع في المجال، أبرز ما يميزه أخلاقه العالية و تواضعه و طيبة قلبه، و كان سباقا للسؤال عن الآخر و تقديم تهاني العيد، نناصر كلانا مولودية قسنطينة و أصدر كل منا أغنية لتشجيع الفريق، جمعني به شريط فيديو في الشهر الفضيل ضمن مبادرة للتوعية بمخاطر  كورونا، لكن القدر شاء أن يتوفى متأثرا بالفيروس .
الراحل ترك ذكريات جميلة، آخرها تهنئة العيد و هي تعد آخر رسالة تصلني من العزيز زين الدين بن عبد الله، و سأظل أحتفظ بها، ، اللسان يعجز عن وصف القامة الفنية زين الدين بن عبد الله، ربي يجعل مثواه الجنة» .

شمس الدين جباسي
بن عبد الله فنان مبدع و مثقف نمتلك رصيدا ثريا
من جهته الفنان شمس الدين جباسي أثنى على خصال الراحل، و على أخلاقه و أضاف « يعد الفقيد شيخ بأتم معنى الكلمة للطريقة العيساوية، استفاد من تكوين كبير على يد شيوخها، فهو متمكن في مجاله، و ملم إلماما كاملا بهذا الموروث، عرفته كجار و صديق، كان طيبا و خلوقا و سباقا لفعل الخير و تقديم يد العون للآخرين، يتميز بكرمه و حسن ضيافة زواره، حيث كان يغرقنا بحفاوة الاستقبال و إكرامنا بكل ما لديه، بعد ذلك اكتشفته كفنان مبدع مثقف، يمتلك رصيدا موسيقيا و فنيا عاليا، يسعى لتقديم الأفضل في مجاله، و يطمح لإضافة لمسة خاصة على هذا الموروث، من خلال السعي لعصرنته.
كما أثرى الطريقة التقليدية بموسيقى روحية و أدخل تعديلات على الإيقاعات، فساهم بشكل فعلي في عملية تجديد الطريقة. الراحل عرفته كشخص متفان في عمله، خلال لقاءاتنا بإذاعة قسنطينة الجهوية، حيث كان يقدم برنامجا يعنى بالتراث الموسيقي القسنطيني عنوانه « حطات قسنطينة» حاول من خلاله التعريف بالموروث الغنائي بمختلف طبوعه. كان إنسانا مجتهدا و منضبطا، سعى دائما لتقديم الأفضل و تنوير الأجيال الصاعدة، فلم يبخل في نقل تجربته ، ما عساني أن أقول سوى رحمه الله و جعله من أهل الجنة و اصطفه مع الأنبياء و الرسل».

توفيق تواتي
آخر ما طلبه مني الراحل أغنية « رمضان أقبل و أتى شهر الصيام»
" علاقتي بزين الدين وطيدة جدا، فهو معروف في مجال العيساوة، إنسان طيب من عائلة فنية راقية معروفة بكرم أخلاقها و شهرتها في الفن، آخر لقاء جمعني به كان منذ نحو 5 أشهر،  و طلب مني آنذاك أغنية من الأغاني التي كتبتها  و عنوانها «رمضان أقبل و أتى شهر الصيام»، قائلا بأنها أعجبته كثيرا، فهو من محبي الاستماع لما أقدمه.
فقدنا قامة فنية و مثالا للتواضع و الرقي ، حقيقة خبر رحيله صدمني و أفقدني القدرة على إيجاد كلمات لرثائه"

زميل الفقيد في الثانوية الصحفي حميد بن مرابط
القيتارة كانت الرفيق الدائم للراحل في ثانوية يوغرطة
« زين الدين بن عبد الله ، قامة من قامات الفن القسنطيني، وأحد رواد و مريدي الطريقة العيساوية، غادرنا دون سابق إشعار، ليلتحق بالرفيق الأعلى، في صمت.  الشيخ زين الدين ، الخجول، طيب القلب، صاحب الابتسامة المميزة والدائمة على مدار الفصول الأربعة، كان من بين رفقاء الدرب خلال مشوارنا التعليمي، درسنا سويا بثانوية يوغرطة، في الفترة الممتدة من 1979 إلى 1981، كان مختلفا عن باقي التلاميذ ، حيث كانت القيثارة الرفيق الدائم له، و أهميتها لا تختلف بالنسبة إليه عن أهمية محفظته.
كان الفقيد بعد انتهاء دوام الدراسة، ينشط مع فرقة الثانوية الموسيقية، كما كان ينشط ضمن القعدات المقامة بفنادق البطحة، حيث حرص على شق طريقه في مجال الفن،  فكان زميل و صديق الدراسة ، كما كان والدي و والده صديقين و زميلين في المهنة.
شاءت الصدف أن ألتقي بوالده الذي يعد من قامات قسنطينة الفنية،  في بداية مشواري المهني بجريدة النصر، اكتشفت حينها عائلة بن عبد الله الفنية، وبعد أكثر من عشرية من الزمن، غادرنا عمي معمر الفنان، لكن عبق العائلة الفني ظل يعطر أجواء مقر جريدة النصر، بتواجد ابنه لطفي بن عبد الله، الفنان الطيب والعازف المميز، الذي نتمنى له طول العمر.
أمام هذا المصاب الجلل، لا يسعنا سوى أن نعزي أنفسنا وكل عائلة بن عبد الله  والعائلة الفنية القسنطينية، ونتضرع إلى الله ليرحمه برحمته التي وسعت كل شيء، وأن يجعله من أهل الجنة، و، يلهم ذويه جميل الصبر والسلوان».          

 

تاريخ الخبر: 2020-06-16 01:27:06
المصدر: جريدة النصر - الجزائر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 56%

آخر الأخبار حول العالم

الجيش الجزائر يقتل ثلاث شبان شرق “مخيم الداخلة” بتندوف

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-26 21:25:16
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية