اغتيال الانتخابات الليبية


بات من المسلّم به أنه لا انتخابات في المدى القريب أو ربما لا انتخابات أبداً في ليبيا المنكوبة بالفوضى والمراحل الانتقالية وصراع الشرعيات، أو هكذا أرادت السلطات الثلاث (البرلمان ومجلس الدولة الاستشاري والحكومة الانتقالية المؤقتة) ومن يملكون القرار في ليبيا لنعود إلى المربع الأول.
فمجلس النواب بدلاً من تحديد موعد جديد لانتخابات ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كلف لجنة من بعض نوابه لإعداد خريطة طريق جديدة، في رسالة واضحة، أنه لا انتخابات في القريب المنظور، متخذاً ذريعة حالة «القوة القاهرة» التي جاءت في تقرير المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من دون تسمية ما هي تلك القوة القاهرة! ولا حتى الإشارة إليها، مما جعلها فزاعة أو شبحاً أو حتى عفريتاً يخشاه الجميع على الانتخابات.
البرلمان المتجه نحو الإعداد لخريطة طريق للمرحلة القادمة خطوة ترجع بنا إلى الوراء، فهؤلاء النواب الذين لهم سبع سنوات في السلطة غير قادرين حتى على عقد جلسة كاملة النصاب أو إصدار قانون أو تحديد موقف موحد من تدخلات دول عدة وهيئات ومنظمات في الشأن الداخلي الليبي، بل غير قادرين على إنتاج حكومة توافقية قادرة على حلحلة المشكلات القائمة والدفع باتجاه الاستقرار، بل لم يستطع مجلس النواب مساءلة حكومة من الحكومات التي منحها الثقة، ولهذا تبقى خريطة الطريق ما هي إلا محاولة بقاء دائم وتأجيل الانتخابات أو حتى اغتيالها.
يتجدد الحديث عن عرقلة الانتخابات ومنعها بذرائع مختلقة وعديدة منها التزوير في قائمة الناخبين والأرقام الوطنية رغم النفي المطلق من دائرة السجل المدني (النفوس)، إضافة طبعاً إلى شركاء اغتيال الانتخابات جماعة «الإخوان» التي اعتادت على عرقلة أي شيء ليس مفصلاً على مقاس أعضائها، فبعد المعارضة والرفض لقوانين الانتخابات الليبية التي صراحة لم تقصِ أحداً بمن فيهم «الإخوان»، إلا أنهم كانوا من بين أول وآخر الرافضين لهذه القوانين وشروط الترشح، لأنهم كانوا يرغبون في وضع قيود تقصي الكثيرين من المرشحين لصالح مرشحي الجماعة، فظهرت أصوات تهدد بالمقاطعة وأخرى تجاهر بالتهديد بمنع الانتخابات وذلك بمحاصرة المفوضية العليا للانتخابات بل وبتقديم مئات الآلاف من الجثث لمنع الانتخابات، مما يعني رفضاً مسبقاً لنتائج الانتخابات في حال فوز المرشح المعارض لـ«الإخوان» مما يعني أنهم لا يعترفون بالعملية الانتخابية ونتائجها إلا في حالة فوز مرشحهم فقط، فجميع الأصوات المعارضة والمعرقلة بل والمهددة بمنع الانتخابات تنتمي لتيار الإسلام السياسي الذي تتزعمه جماعة «الإخوان»، التي أدركت حجمها الحقيقي في المجتمع الليبي وصعوبة حصولها على نسبة تؤهلها للحكم، مما جعلها تتحالف مع أصحاب المصلحة في التأجيل للبقاء في السلطة.
فمنع الانتخابات وبهذا الشكل، يعتبر عملية انقلابية على المسار الديمقراطي المتعثر أصلاً في ليبيا، لأن جماعة «الإخوان» كانت ترغب في وضع شروط للترشح الرئاسي تقصي خصومها وتكون تفصيلاً على مقاس مرشح إخواني أو تابع إخواني، ففي البدء كانوا يرفضون انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، إذ يعلمون ضآلة حجمهم في المجتمع وخسارتهم المسبقة، ولهذا سعوا إلى إرعاب الناس وترهيب الناخبين وعرقلة الانتخابات حتى باتت في حكم الاغتيال السياسي.
مشروع الانتخابات فشل وتم اغتياله والمشروع الجديد يقول اذهبوا للحوار مرة أخرى أو حتى الحرب.. جميع أطراف الصراع يمرون بمخاض غير واضح المعالم سوى أن الانتخابات أصبحت في حكم العدم بعد أن تآمر عليها بعض النافذين في السلطة.

نقلا عن "الشرق الأوسط"

تاريخ الخبر: 2022-01-08 00:18:10
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 99%
الأهمية: 89%

آخر الأخبار حول العالم

هل سيحل استيراد أضاحي العيد مشكل الارتفاع الصاروخي في أسعارها؟

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 12:23:18
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 78%

نادي الأسير: ارتفاع إجمالي المعتقلين في مدن الضفة إلى 8 آلاف

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-02 12:22:54
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 54%

إعدام سعوديين أدينا بخيانة الوطن وتأييد الفكر الإرهابي

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-02 12:22:42
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 70%

اعتقال الإعلامية الشهيرة "حليمة بولند" بتهم أخلاقية ثقيلة

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 12:23:12
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 76%

فيديو صادم.. الشرطة الأمريكية تعتدي بوحشية على طالبة مؤيدة ل

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-02 12:22:48
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية