لم تعلم سهير.م، عشرينية، بإن آلام الرقبة التي شعرت بها بسبب طول ساعات العمل، ستكون سببًا في إصابتها بما يعرف بجرثومة المعدة، إذ قامت بإجراء الكشف الطبي العادي وصرف روشتة تحتوي على 2 من المضادات الحيوية كما أمر الطبيب.

وتناولت الأدوية في الأسبوع الأول إلا إنها في نهايته شعرت بآلام شديدة في المعدة وظنت أنها آثار جانبية للأدوية التي استمرت في تناولها، إلا أنه عقب انتهاء الإسبوع الأول كانت الآلام غير محتملة ما دفعها لزيارة طبيب باطنة.

تعرف المضادات الحيوية بإنها أدوية قوية تحارب العدوى البكتيرية، ويمكنها إنقاذ الحياة عند استخدامها بصورة صحيحة؛ لأنها توقف تكاثر البكتيريا أو تقتلها، ومن هنا تستطيع دفاعات الجسد الطبيعية تولي القيادة، قبل أن تستطيع البكتيريا التكاثر وإحداث أعراض.

المصدر: مكتبة الولايات المتحدة الأمريكية القومية للطب

جرثومة في المعدة

تقول: «علمت بعد إجراء عدة تحاليل أن كثرة المضادات الحيوية قتلت البكيتريا النافعة في معدتي، ما جعلني أصاب بجرثومة المعدة، وعدوى بكتيرية عانيت منها لمدة عامين ما بين تحاليل وأدوية وكشوفات طبية».

تضيف الفتاة: «كنت أعاني من آلام في الرقبة فقط ولكن بسبب الإصراف في تناول المضادات الحيوية بدون داعي على يد ذلك الطبيب، أصبحت أعاني من أزمات صحية في المعدة دامت معي لفترات طويلة».

المؤتمر الطبي للمضادات الحيوية

يتسق ما حدث لـ«سهير» مع الإعلان الذي أطلقته الهيئة العامة للرعاية الصحية مؤخرًا، بشأن فعاليات المؤتمر الطبي الأول للاستخدام الأمثل للمضادات الحيوية ومكافحة العدوى، والذي نظمته الهيئة بالتعاون مع شركة فايزر مصر للمستحضرات الدوائية والحيوية.

وتستهدف الهيئة تبني إستراتيجية واضحة مبنية على أسس علمية للحد من مقاومة المضادات الحيوية، عن طريق زيادة الوعي بظاهرة مقاومة المضادات الحيوية وفهمها وتعزيز الترصد والبحث وتخفيض معدلات الإصابة بعدوى الالتهابات، واستعمال أدوية المضادات الحيوية على الوجه الأمثل، وضمان استدامة الاستثمار في مجال مكافحة مقاومة المضادات الحيوية.

وأوضحت أن مقاومة المضادات الحيوية مشكلة معقدة، بما تؤديه من تمديد فترة إقامة المريض في المستشفى، وارتفاع التكاليف الطبية حسب تقديرات البنك الدولي لأكثر من 30%، وزيادة معدل الوفيات، ولا بد من اتخاذ إجراءات عاجلة متعددة القطاعات من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

دراسات علمية تحذر

تحذر دراسات عديدة من عدم وجود ثقافة في تناول المضادات الحيوية، منها دراسة جامعة "بيتسبرج" من أمريكا والتي خلصت إلى أن المضادات الحيوية لها تأثيرات بالغ على ضغط الدم والقلب لاسيما مع عدم وجود ثقافة لتنظيمها.

وكانت عينة الدراسة على ما يقرب من 10 آلاف شخص يعانون من التهابات الجهاز التنفسى الذين تم نقلهم إلى المستشفى بسبب النوبات القلبية، نتيجة تناول مضادات حيوية بدون تنظيم عملية التناول تلك.

وصدرت دراسة آخرى في العام 2021 قام بها باحثين من جامعة مانشستر في بريطانيا، تحذر من استخدام جرعات أكبر من المضادات الحيوية، والتي تؤدي إلى مقاومة بعض البيكتريا، ووصفتها بأنها "واحدة من أكبر التهديدات التي نواجهها كمجتمع عالمي"، ويتوقع أن تتسبب في وفاة 10 ملايين شخص سنويا بحلول العام 2050.

وخلصت إلى أن تناول جرعات أكبر من المضادات الحيوية قد يبطئ من قدرة البكتيريا على تطوير المقاومة، ومع ذلك لم يول اهتمام لطريقة تأثير هذه الجرعات الكبيرة على التركيبة العامة للميكروبات.

استخدام خاطئ للمضادات الحيوية

سهير ليست بمفردها فقد أصبح للمضادات الحيوية ضحايا كثيرون، ما بين آثار جانبية وعدوى التهابية أو مقاومة للمضادات الحيوية، بالرغم من وجود دراسات علمية كثيرة تحذر من عدم وجود ثقافة لتناول المضادات الحيوية.

آلالام الأسنان كانت السبب الذي دفع طبيب محمد.خ، خمسيني، إلى اللجوء للمضادات الحيوية، بسبب كثرة مشاكلها خلال الفترة الأخيرة وزيادة الألم والتي لم يعد يجدي معها المسكنات المستمرة فاضطر إلى اللجوء للمضادات الحيوية.

يقول: «خدت منها كتير بأمر من الطيب وبدأت أتعود عليها بجرعات عالية، لحد ما أصابتني بأزمات في القلب، كانت المرة الآولى اشتباه جلطة وتكررت الأزمات مرة تلو الآخرى بسبب تأثير كثر المضادات الحيوية».

إلى جانب الأزمات القلبية عانى محمد من ضيق في التنفس وهبوط في الدورة الدموية وأحيانًا كان يصل الأمر إلى إغماء: «انتهى الأمر بآلام مبرحة في المعدة إذ سببت المضادات الحيوية التهابات شديدة في جدار المعدة».

بدأ محمد رحلة علاج آخرى لمعدته وقلبه بسبب سوء استخدامه للمضادات الحيوية بناء على ثقته في الطبيب: «أصبحت أعاني من آلالام في المعدة والأسنان وكذلك أزمات متكررة في القلب حتى تخلصت من آثار المضادات الحيوية بعد سنوات».