د. زين عبدالهادى يكتب: مكتبات مصر.. نهر النيل الثقافى

لا يعرف كثير من المصريين أن عمر المكتبات فى بلادهم يقترب من الخمسة آلاف عام، كما ربما لا يعرف البعض منهم أن عدد مكتبات مصر يتجاوز الثلاثين ألف مكتبة، وربما لا يعرفون أيضًا أن فى الجامعات الحكومية المصرية هناك ثمانية عشر قسمًا للمكتبات.

وربما لا يعلمون أيضًا أن المكتبات التى أنشئت فى مصر فى العهد الجمهورى أكثر مما أنشئ فى العصر الملكى، وأن كثيرًا من خريجى هذه الأقسام من المصريين يعملون كأكاديميين أو إخصائيى مكتبات فى الجامعات والمعاهد والمدارس العلمية الرفيعة فى كل دول العالم تقريبًا، وربما لا يعلم البعض أيضًا أن أعلى الرواتب فى العالم هو لإخصائى المكتبات فى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وربما لا يعلمون أيضًا أنه لولا المكتبات ومراكز المعلومات فى شركات البحث العلمى كشركة لوكهيد الأمريكية «صانعة محركات الصواريخ» لما تمكنت الولايات المتحدة من إرسال رجالها للقمر، ولما تمكنت من إنشاء أعظم بيوت الخبرة «معاهد الثينك تانك» التى أعادت رسم خرائط وجغرافيا الدول، والتى مكنت الدول الكبرى من التحكم فى سياسات واقتصاد العالم، وقد لا يعلمون أيضًا أن تطوير التعليم فى الولايات المتحدة يقع على عاتق هؤلاء المكتبيين الذين ينظر إليهم نظرة لا تليق بإنجازاتهم العلمية والإنسانية، ولا أظن أنهم يحصلون فى بلادهم على أى تقدير لإنجازاتهم، لكن ذلك ليس بيت القصيد.

يرتبط وجود وانتشار المكتبات فى بلاد العالم المتقدمة بتحسين الدخل وتحسين الصحة والحصول على المعرفة وجمال العمران والتطور العلمى، وإذا وضعنا الثلاثين ألف مكتبة التى فى حوزتنا لأصبحنا أهم دولة فى الشرق الأوسط، وربما فى القارتين الإفريقية والأوروبية، هذا صحيح تمامًا فلم تتوقف مصر يومًا عن ركب بناء المكتبات وإعادة بناء نهر النيل الثقافى.

لمصر فى كل مجال نهر للنيل مختفٍ لا يتم الحديث عنه.

دعونا نلتفت لكيفية تحسين الدخل بالقراءة، كيف تمكنت الدول الكبرى من التقدم دون قراءة وجمع معلومات والاحتفاظ بها؟، لماذا أنشأت الولايات المتحدة فى بعض الدول المختارة بعناية جامعات أمريكية؟ لماذا كانت مكتبات تلك الجامعات من الضخامة أنها تضارع أكبر المكتبات فى البلاد التى نشأت بها؟ ولماذا تهتم الولايات المتحدة والصين وروسيا بالمكتبات إلى هذا الحد؟ ولماذا نهتم نحن أيضًا؟ لكن ربما يحتاج الطريق إلى إعادة اكتشاف الآن!

تنتج مصر من الكتب سنويًا ما يقترب الآن من الأربعين ألف عنوان كتاب، على الرغم من تعثر العالم فى مجال صناعة النشر بسبب الكوفيد والحروب، ويقرأ المصريون أسبوعيًا وفقًا لآخر الإحصائيات سبع ساعات ونصف الساعة «هذا الرقم كان ربع ساعة منذ أكثر من عقد» ويبلغ نصيب الإنسان فى مصر من الكتب كتابين سنويًا من الكتب المطبوعة، وهذا يضع مصر أيضًا بين مصاف الدول الكبرى إن لم تكن تتفوق عليها!

الآن كما نعيد لمصر وجهها الحضارى والجمالى، نحتاج إلى إعادة بناء وتحسين وجهها الثقافى بالتركيز على ما لدينا، إن مبادرة رفع وتحسين الدخل بالقراءة يجب أن تأخذ مجراها، ويجب أن تفتح المكتبات أبوابها للجميع، ويجب أن تسهم القراءة فى إحياء الثقافة المصرية فى أكثر عصورها تنويرًا للتخلص من كثير من الآفات التى تحتاج للكتاب بجانب البندقية والجرار الزراعى والحاسب!

تاريخ الخبر: 2022-11-20 18:21:40
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية