الشيخ محمد حشاد: لدينا ٣٠٠ قارئة متميزة.. ولا يوجد مانع شرعى من قراءتهن (حوار)

 

- مدرسة التلاوة المصرية ما زالت تتصدر العالم

- اهتمام كبير من الرئيس بالقراء.. و«الأوقاف» ضاعفت الجوائز

- الشيخ الحصرى أثنى على تلاوتى فى سن الـ17 وكنت أصغر عضو مقرأة فى مصر

 

شدد الشيخ محمد حشاد، شيخ عموم المقارئ المصرية نقيب قراء ومحفظى القرآن الكريم، على الاهتمام الكبير من الدولة، ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى ووزارة الأوقاف، بقراء القرآن، مشددًا على أن مدرسة التلاوة المصرية التى علمت الدنيا التجويد والترتيل ما زالت متصدرة فى العالم، لأن القارئ المصرى لا ينازعه ولا يضارعه أحد.. وكشف نقيب القراء والمحفظين، خلال حواره مع «الدستور» عن تفاصيل رحلته مع القرآن الكريم، التى بدأت فى سن الـ١٠، واستمرت سنوات طويلة، حتى تولى النقابة خلفًا للشيخ محمد محمود الطبلاوى، موضحًا أن أول أهدافه بعد تولى منصب النقيب فى عام ٢٠٢٠ كان إيجاد مقر للنقابة ورفع معاش الأعضاء، وهو ما تحقق بالفعل، بالإضافة إلى حل أزمة المهنة فى بطاقات الرقم القومى بالتعاون مع وزارة الداخلية، مع العمل حاليًا على إيجاد آلية قانونية لمحاسبة من يخرجون عن آداب التلاوة. وأثنى «حشاد» على قارئات القرآن، اللاتى انضم نحو ٣٠٠ منهن إلى نقابة القراء والمحفظين، وتميزهن فى القراءة بالقراءات العشر، مؤكدًا عدم وجود موانع شرعية تمنعهن من قراءة القرآن فى المناسبات، باستثناء العادة التى جرت على أن يكون القارئ رجلًا.

■ متى بدأت رحلتك مع القرآن الكريم وعالم التلاوة؟

- بدأت رحلتى مع القرآن الكريم فى سن العاشرة، عندما ألحقنى والدى بالكُتاب، وهى عادة منتشرة بين أهل القرى أن يعلموا أبناءهم القرآن فى سن صغيرة، وكنا وقتها نعيش بمحافظة المنوفية، وظللت فى الكُتاب حتى أتممت حفظ القرآن الكريم فى الثالثة عشرة من عمرى، وأشار بعض المقربين لوالدى عليه بأن أتعلم أحكام التلاوة والقراءات، لذا توجه بى إلى مسجد السيد أحمد البدوى فى طنطا، الذى كان يشتهر بوجود كبار القراء ومعلمى القراءات، ودرست هناك عامين وتعلمت فن التجويد والقراءات السبع، ثم انتقلت الأسرة إلى الإسكندرية وانتقلت معها والتحقت بمعهد القراءات بمدينة دمنهور.

■ أصبحت عضو مقرأة فى سن صغيرة فكيف كان ذلك؟

- عندما التحقت بمعهد القراءات، أُعلن عن مسابقة للمقارئ، وكنت حينها فى سن الـ١٧، وبالفعل تقدمت للمسابقة، وكان من يختبرنى فيها هو الشيخ محمود خليل الحصرى، وكان شيخ عموم المقارئ المصرية، وكانت المرة الثانية التى ألتقى به، وكانت المرة الأولى عندما التقيته فى عزاء كان يحييه بقريتى، وكنت أقرأ وأنا طفل صغير فى هذا العزاء، حتى إنى لم أكن أستطيع الوصول للميكرفون.

وحينها ذكرته بنفسى فتذكر وضحك وأثنى علىّ، وقال: «سيكون لك مستقبل جيد»، وذلك لأن قراءتى كانت سليمة، ما جعلنى أشتهر بالقراءة فى الليالى والمناسبات، والحمد لله وفقت بالمسابقة، ونجحت وأصبحت عضوًا فى المقارئ، وكان للأمر صدى جيد؛ لأنه لا يلتحق بهذه العضوية إلا الكبار، حتى إن بعض الصحف كتبت عن أصغر عضو فى المقرأة على مستوى الجمهورية.

وبعدها عُينت فى عام ١٩٦٦ بمقرأة فى طنطا، ثم نقلت إلى مسجد النبى دانيال فى الإسكندرية، والذى أتواجد به منذ أكثر من ٥٠ عامًا.

■ ماذا عن التحاقك بجامعة الأزهر؟

- حصلت على شهادة تخصص فى القراءات من معهد دمنهور، وحينها تم افتتاح قسم لتخصص القراءات بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، فالتحقت بالجامعة، وكنت فى أول دفعة درست بهذا القسم، فى عهد شيخ الأزهر عبدالحليم محمود، الذى رأى فى خريجى معهد القراءات نماذج متميزة، لذا افتتح قسمًا لهم بالجامعة، وحصلت على ليسانس الدراسات الإسلامية والعربية من جامعة الأزهر فى عام ١٩٨٢.

■ شاركت بنقابة القراء منذ بدايتها.. فكيف كان ذلك؟

- فى عام ١٩٨٣، اختمرت فكرة إنشاء نقابة لقراء القرآن الكريم فى ذهن الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، والشيخ محمود على البنا، والشيخ أبوالعنيين شعيشع والشيخ محمد محمود الطبلاوى، وكانوا يسمعون بى وهم فى القاهرة فاستدعونى لأكون مسئولًا فى مجلس النقابة معهم، ومسئولًا عن نقابة الإسكندرية.

وكنت وقتها فى سن صغيرة، وكانت لدىّ خلفية إدارية، بعدما ترأست نقابة العاملين بالأوقاف فى الإسكندرية، وظللت مع المشايخ أقدم ما أستطيع من خدمات فى الإسكندرية وغيرها، مع زيارة المحافظات والاجتماع بالقراء للالتحاق بالنقابة.

وكان الشيخ عبدالباسط يتميز بحسن الخلق، ويختارنى معه فى عدد من رحلات السفر، وكان يعاملنى معاملة طيبة جدًا، وعندما كان يأتى إلى الإسكندرية فى فصل الصيف كنت أزوره بمنزله، وكان من حسن خلقه أن يرافقنى عند انصرافى حتى السيارة، ويظل واقفًا حتى أرحل.

وظل الجهد مستمرًا إلى أن تمت الموافقة على إنشائها تحت اسم نقابة محفظى وقراء القرآن الكريم، وقد بدأت هذه النقابة بـ٣ آلاف عضو ويصل عددها حاليًا إلى ١٣ ألف عضو، وقد ظللت فى العمل بها إلى جانب المشايخ الكبار، إلى أن توفى الشيخ البنا والشيخ عبدالباسط، ثم جاء أبوالعينين شعيشع نقيبًا، ثم توفى، وجاء الشيخ الطبلاوى نقيبًا، وكنت نائبًا له، وبعد وفاته، ووفقًا لنص القانون، قمت بأعمال النقيب حتى تم إجراء انتخابات النقابة تحت إشراف وزير الأوقاف، وأعلن عن جمعية عمومية انتخبت فيها نقيبًا فى عام ٢٠٢٠.

■ ما أول الأهداف التى سعيت لتحقيقها عندما توليت مهام نقيب القراء؟

- فى هذا الوقت لم يكن لنا مقر، وكان هدفى الأول هو إيجاد مقر للنقابة، وتم بالفعل شراء مقر بجوار مسجد السيدة زينب، كما كانت لدىّ أهداف أخرى، من بينها زيادة معاش القراء الذين وصلوا إلى ٦٥ سنة، وكان عبارة عن حافز بسيط جدًا يبلغ ٢٥٠ جنيهًا كل ٦ أشهر، لأن اشتراك النقابة كان ١٢ جنيهًا سنويًا، وكانت الأوقاف تدعمنا سنويًا بمبلغ ٤٠٠ ألف جنيه.

وبعدما أصبحت نقيبًا أشرت على الأعضاء برفع قيمة الاشتراك لزيادة المعاش، فقبلوا ذلك، كما دعمنا الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، الذى أعلن عن رفع دعم النقابة إلى مليون جنيه سنويًا، بمعدل ٢٥٠ ألف جنيه كل ٣ أشهر، مع اشتراط أن تصرف فى معاشات القراء، وأصبح المعاش حاليًا هو ٥٠٠ جنيه كل ٣ أشهر، و٥٠٠ جنيه للأرملة المعيلة و٣٠٠ للأرملة غير المعيلة.

■ ما الخدمات التى توفرها نقابة القراء لأعضائها؟

- بدأنا فى توفير خصومات على الخدمات العلاجية، وتعاقدنا فعليًا مع بعض الأطباء ومعمل شهير؛ ليحصل القارئ على خصم بنسبة ٥٠٪ بموجب كارنيه النقابة، فضلًا عن حل مشكلة المهنة فى بطاقة الرقم القومى، لأننا لا نتبع وزارة الأوقاف بشكل رسمى، لأن المقرأة والتحفيظ ليسا وظيفة، وإنما بأجر على عمل أى «مكافأة»، وتواصلنا لذلك مع وزارة الداخلية ووافقت على إدراج نقابة القراء ضمن الفئات التى تحصل على بطاقة الرقم القومى بموجب ختم النقابة وتوقيع النقيب، ويحصل بها العضو على صفة محفظ أو قارئ، وهى نقلة كبيرة بالنقابة. 

■ ما الهدف الذى تسعون لتحقيقه حاليًا؟

- نحن الآن فى طور تعديل بعض أحكام قانون إنشاء النقابة، لتكون لدينا آلية نستطيع بها محاسبة من يخرج عن آداب التلاوة، وقد أصدر وزير الأوقاف قرارًا بتشكيل لجنة لمساعدتنا على تعديل بعض النقاط، وهى ألا يقرأ القرآن فى الأماكن العامة أو الخاصة إلا عضو النقابة، ومن لم يكن عضوًا ويمارس مهنة القراءة سيخضع لعقوبات متدرجة، بالإضافة إلى محاسبة من يخرج عن آداب التلاوة ومن لا يلتزم بأحكام التلاوة الصحيحة.

■ هل ستحاسبون القراء على أخطاء السهو أم التعمد؟

- بالطبع لا، فالسهو أمر مقبول ولا يحدث كثيرًا، أما المتعمد فهو من لا يحفظ القرآن حفظًا جيدًا ولا يدرس علومه ويقرأ بدون علم، ولدينا آليات وأماكن للحفظ بجميع المحافظات يستطيع أن يلتحق بها القارئ ليحفظ جيدًا وينضم بعدها للنقابة، ويصبح عضوًا نافعًا لنفسه وللناس، وهذا ما نسعى لتحقيقه حاليًا.

■ ما دور النقابة مع قراء مواقع التواصل الاجتماعى الذين يخالفون القراءة الصحيحة؟

- القرآن كلام الله ويجب أن ندافع عنه، وتوجد مادة بقانون النقابة تفيد بأحقية إبلاغ الجهات المختصة عن أى مخالفات فى قراءة القرآن الكريم، ومن هذا المنطلق تم تشكيل لجنة المتابعة والاستماع وتتولى سماع فيديوهات القارئ واستدعائه لتعرض عليه ما قرأ، وإن أقر بالخطأ يكون هناك إقرار مكتوب يوقع عليه ويلتزم به، وإن لم يلتزم به يتم إبلاغ النيابة العامة، وهناك بالفعل قراء تم الإبلاغ عنهم؛ لأنهم لم يلتزموا، وهناك بلاغات تنظر الآن أمام النيابة العامة لمحاسبة هولاء القراء غير الملتزمين.

■ يوجد حاليًا كثير من القارئات والحافظات لكتاب الله.. فهل يمكن لهن إحياء المناسبات الدينية؟

- يوجد كثير من النساء اللاتى يقرأن القرآن، وانضم بالفعل للنقابة نحو ٣٠٠ عضوة، وتم عمل مقرأة للنساء فى مسجد على بن أبى طالب فى منطقة سموحة بالإسكندرية، وهن متميزات ويقرأن بشكل جيد وبالقراءات العشر فى مجالس السيدات، وذلك لاستحيائهن أن يتواجدن ويقرأن بمجالس الرجال. 

وقراءة السيدات ليست حرامًا شرعًا، ولكن جرت العادة على أن يكون القارئ رجلًا، لكن لا يوجد مانع شرعى من قراءة السيدات، لأن النساء بايعن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالصوت، فهو ليس عورة.

■ ما الاختلاف الذى لمسته فى مسألة الإقبال على حفظ القرآن بين الماضى والحاضر؟

- فى الماضى لم تكن التكنولوجيا موجودة مثل الآن، وقد نشأت فى قرية كانت البيوت فيها تبنى على القرآن، وكان كل منزل يحضر شيخًا يقرأ كل صباح، والغالبية كانوا يحفظون القرآن، وكان من النادر أن نجد أسرة لم تعلم أولادها القرآن أو تصطحبهم للمساجد، فالعبادة تعوّد وتأصُل فى الإنسان.

ولكن حاليًا جذبت الحياة المدنية الأطفال، لذا نفتتح أماكن لتحفيظ القرآن الكريم بشكل مجانى، وفى شهر رمضان، هذا العام، تم تنظيم دروس للنشء، لأننا نريد أن يتوافد علينا الأطفال لنعلمهم ونحفظهم أحكام التجويد، ويجب على أولياء الأمور أن يحثوا أبناءهم على قراءة وحفظ القرآن، خاصة أن هناك العديد من المقارئ القرآنية ومجالس لكبار القراء أصبحت موجودة حاليًا، وكلها بلا مقابل.

■ كيف ترى تأثير المسابقات القرآنية التى تنظمها الدولة على الأجيال الجديدة؟

- هناك اهتمام كبير من الرئيس عبدالفتاح السيسى بقراء القرآن الكريم، وهو دائمًا يريد أن يزيد من قيمة الجوائز التى أصبحت الأوقاف تعلن عنها كثيرًا، وبعضها يكون خاصًا بشهر رمضان، وبعضها مسابقات دولية وأخرى للسفر للخارج، ويحصل فيها حفظة القرآن على مكافآت كبيرة، وقد تضاعفت قيمة جوائز المسابقة الدولية، وأصبح فيها عدة فروع للنشء والأسر القرآنية حافظة القرآن، لحث الجميع على الإقبال على حفظ القرآن. 

وأنصح الشباب أن يحفظوا على يد مشايخ أكبر منهم، ليعلموهم كيفية قراءة القرآن على الوجه الصحيح، وتعلم أحكام التجويد، وهذا أمر ينفعهم، دينًا ودنيا. 

■ منحك الرئيس السيسى وسام العلوم والفنون فكيف رأيت هذا التكريم؟

- عندما عينت شيخ عموم المقارئ فى عام ٢٠١٧ تمت دعوتى فى احتفالية المولد النبوى الشريف بحضور الرئيس السيسى، وتم منحى وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وكان الأمر بمثابة تشريف وتكريم لمسيرتى التى امتدت لأكثر من ٦٠ عامًا فى خدمة القرآن وأهله.

■ أخيرًا.. هل ترى أن مدرسة التلاوة المصرية ما زالت تتصدر مدارس القراءة حول العالم؟

- بالطبع مدرسة التلاوة المصرية ما زالت متصدرة، لأن القارئ المصرى لا ينازعه أو يضارعه أحد، وقد زرت أكثر من ٢٥ دولة حول العالم ولا أحد فيها يتقدم على القارئ المصرى، لأن اللهجة المصرية مفهومة، والمدرسة المصرية القرآنية هى من علمت الجميع، فكل هؤلاء تعلموا فى مصر وفى الأزهر وتخرجوا فيه، وأقاموا فى بلادهم مدارس للقراءة.

والقراء المصريون، سواءً فى التجويد أو الترتيل، هم من علموا الدنيا كيف يُقرأ القرآن الكريم قراءة صحيحة، ولم أزر أى دولة إسلامية إلا ورأيت أشرطة القراء المصريين فى المنازل والسيارات، وكان الناس يلتفون حول القراء المصريين عند سفرنا للخارج.

ونحن نسعى دائمًا للحفاظ على تلك المكانة، وذلك من خلال المشاركة فى لجان اختبار القراء باتحاد الإذاعة والتليفزيون، والتى تتكون من مشايخ القراء وبعض المتخصصين فى الأداء الصوتى والمقامات الموسيقية، وتوجد لدينا حاليًا أصوات جميلة هى فى طريقها للخروج إلى النور.

تاريخ الخبر: 2023-04-03 21:22:21
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 48%
الأهمية: 64%

آخر الأخبار حول العالم

رسميا.. نزار بركة أمينا عاما لحزب الاستقلال لولاية ثانية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 03:25:39
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 62%

رسميا.. نزار بركة أمينا عاما لحزب الاستقلال لولاية ثانية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 03:25:32
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 53%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية