الوصية هي تبرعٌ من الإنسان في حالِ حياته إلى إنسان آخر أوجهةِ خيرٍ على حتى ينفَّذَ بعد موته.

الوصية في الإسلام

للوصية أنواع كثيرة منها:

الوصية للورثة

المعتمد عند السادة الأحناف والشافعية والحنابلة حتى الوصية للوارث تجوز حتى ولوكانت الوصية لوارث ومورثة في سقم الموت؛ فالوصية سليمة لكنها موقوفة على إجازة باقي الورثة بعد الموت، فإن أجازوا؛ فلا رجوع لهم ولوقبل القبض ولا عبرة بإجازتهم قبل الموت إذ لا استحقاق لهم قبل موته. ولا تصح إجازة المحجور عليهم بسفه أوصغر أوجنون.

شروط الوصية:

1. أن تكون مكتوبة
2. وجود الشهود (شاهدين على الأقل)
3. تكون عادلة

وقد تكون الوصية للوارث من غير توقف على إجازة بقية الورثة، حتى يقول أوصيت لزيد بألف ليرة سورية إذا تبرع لولدي بخمسمائة مثلاً، فإن قبل ذلك الوصية لزمه دفع الخمسمائة لولد الموصي، لكن هذا وإن صح تطبيقه؛ فلا يخلومن الحيلة التي يسئل عنها يوم القيامة.

أما عند السادة المالكية :؛ فالوصية للوارث باطلة لا تجوز لقوله صلّ الله عليه وسلم «إن الله تعالى قد منح جميع ذي حق حقة، فلا وصية لوارث.» أخرجه بن ماجة عن أنس.

ويترتب على هذا القول حتى إجازة الورثة لا تجعل هذه الوصية

نافذة؛ لأن الفرض أنها باطلة، وان أجازت الورثة الوصية تكون من قبيل الهبة، ويطبق عليها أحكام الهبة.

الوصية لغير وارث في سقم الموت

إذا أوصى لغير وارث في سقم الموت بثلث ماله أوبأقل وجب ذلك، ولا يتوقف دفعه على إجازة الورثة ، أما إذا زاد عن الثلث صحت الوصية الوصية في قدر الثلث بتراً ويوقف الباقي على إجازة الورثة .

وإذا تعددت الوصايا وكان مجموعها أكثر من الثلث كان للورثة حتى يجيزوا وصية من شاؤوا ويردوا من شاؤوا .

الوصية إلى الفقراء والمساكين

الشافعية :

نطقوا إذا أوصى للفقراء ولج المساكين وبالعكس . أما إذا جمعهم في الوصية بأن نطق أوصيت للفقراء والمساكين فإنه يقسم مناصفة بين طائفتين وإذا نطق أوصيت بثلث مالي لله أونطق أوصيت بثلث مالي ولم يقل لله صحت وصيته وصرفت للفقراء والمساكين .

والفقير عندهم أسوأ حالاً من المسكين، فالفقير الذي لا مال له ولا كسب يقع منه مسقطاً ولا يكفيه قوت يومه .

ويكفي ثلاث من جميع الفقراء والمساكين من أهل البلد الذي بيّن أظهرهم ماله، فإذا نقلت إلى بلد آخر أوخص بها بعض الفقراء والمساكين دون بعض كره .

وإذا عين فقراء بلد كذا ولم يكن بها فقراء عند الوصية بطلت .

وإذا أوصى للفقراء للفقراء والمساكين فمنح أحد الصنفين دون الآخر ضمن نصف الثلث وهوالسدس .

الأحناف :

نطقوا إذا نطق أوصيت بكذا للمساكين فيمكن حتى تصرف إلى مسكين واحد، وبعضهم يقول لا بد من تصرف لإثنين، ولوأوصى لفقراء بلدة كذا جاز حتى يصرف لفقراء غيرهم وقيل لا ولكن الأول هوالمفتى به.

المالكية والحنابلة:

نطقوا إذا أوصى للمساكين فإن الفقراء يدخلون فيهم، وكذا إذا نطق أوصيت للفقراء فإن المساكين يدخلون فيهم عملاً بالعهد إذا كان في الأصل أحدهما غير الآخر لأن المسكين عندهم هوالذي لا يملك شيئاً، والفقير ما يملك شيئاً لا يكفيه قوت عامه. أما إذا عين ونطق أوصيت للمساكين دون الفقراء اختصت الوصية بالمساكين وبالعكس .

الوصية بالحج

الشافعية والحنابلة :

نطقوا تصح الوصية بالحج سواء كان فرضاً أونفلاً فإذا كان الحج فرضاً عملى ورثته حتى يحجوا عنه من رأس المال الذي هجره سواء أوصى أولم يوص. أما إذا كان الحج نفلاً، وأوصى حتى يحج عنه زيد بخمسة آلاف ليرة سورية وقد تبين حتى الحجة تكفي ثلاثة آلاف ليرة سورية فإذا كان زيد الذي أوصى له غير وارث نعطيه خمسة الآلاف ويحج عنه ولوكان فيها زيادة لأنها وصية، أما إذا كان الشخص الموصى له وارثاً يحج عنه بأجر المثل والباقي يرد إلى الورثة، فإذا لم يعمل أحججنا عنه غيره بأقل ما يقدر عليه حتى يحج عنه من بلده .

ولونطقوا حجوا عني بثلث مالي، وثلثة يبلغ حججاً كثيرة فتنفذ وصيته ونرسل جميع سنة من يحج عنه حتى ينفذ ثلثه فإن فضل من ثلثه ما لا يبلغ حتى يحج عنه أحد من بلده حج عنه من أقرب البلدان إلى مكة حتى ينفذ ثلثه، فإن فضل قليل من الليرات السورية بحيث لا يستطيع حتى يحج بهما أحد ردّت ميراثاً .

الأحناف:

نطقوا تصح الوصية عن حجت الفريضة، فإذا كان بمال يكفي للإنفاق على رجل يسافر من بلده راكبا وجب حتى يحج عنه من بلده بحيث يبدأ السفر منها، أما إذا كان المال لا يكفي فينفق على من يحج عنه من الجهة التي يكفي منها المال، فمثلا إذا أوصى رجل من حماه حتى يحج عنه فإن كان المبلغ الذي أوصى به يكفي للسفر من حماه وجب حتىقد يكون الحج مبتدئا منها وإن كان المبلغ يكفي لأن يحج عنه من المدينة المنورة مثلا فإنه يصح حتى يحج عنه من المدينة المنورة وقس على ذلك .

المالكية :

نطقوا تجوز أيضا الوصية بالحج عنه عن حجة الفريضة أما الوصية لمن يصلي عنه أويصوم عنه فإنها باطلة .

الوصية للمساجد

الشافعية والحنابلة والمالكية :

نطقوا تصح الوصية لعمارة المسجد ومصالحه . حتى نطق الشافعية لوكان لفظ الوصية (وجوه البر )

لدخل فيها بناء المساجد ومصالحة لأن البر اسم عام لكل خير ويدخل في وجوه البر والمستشفيات والمدارس والإنفاق على طلبة الفهم .

الأحناف :

تصح الوصية للمساجد عند الإمام محمد المفتى به (لا على رأي الشيخين فعندهما باطلة) وذلك بسبب حمل الكلام على مصالح هذه الأمور لا على إرادة عينها فإنها ليست من أهل الملك، هذا فيما إذا نطق أوصيت للمسجد، أما إذا نطق أوصيت للإنفاق على المسجد، فقد إتفقوا على صحة هذه الوصية .

وإذا آوصى بمصاحف توقف في المسجد يقرأ فيها فإن (الوصية) باطلة عند الإمام وسليمة عند محمد وإذا أوصى بأن يجعل أرضة هذه مسجدا فالوصية سليمة باتفاق .

الوصية للجيران

الشافعية والحنابلة :

نطقوا إذا أوصى لجيرانه بشيء ضمت الوصية أربعين دارا من جميع جانب من جوانب داره الأربعة فتكون مائة وستين دارا، وتقسم الوصية على عدد الدور لا على عدد السكان، ثم يقسم نصيب جميع دار على عدد السكان . وهذا إنما يظهر في دار محفوفة بدور في جوانبها الأربعة .

الأحناف :

نطقوا تصرف الوصية لجيرانه الملاصقون له لأن الجوار تعبير عن القرب، وحقيقة ذلك في الملاصق، وما بعده بعيد بالنسبة إليه فاصلة كانت منسقة به من يمين أوشمال أوخلف فالوصية تعطى لأهلها من سكانها بالسوية بينهم سواء كانوا مسلمين أوذميين نساءً أورجالا على حتى من كان يملك دارا وليس بساكنها لا يأخذ من الوصية شيئا .

ونطق أبويوسف ومحمد : الجار يضم أهل المحلة جميعا وهم اللذين يضمهم مسجد واحد وجماعه واحد ودعوة واحدة لأن العهد يطلق الجار على هذا .

المالكية :

نطقوا إذا نطق أوصيت للجيران بكذا ضمت الوصية جيرانه الملاصقين له من أي جهة من الجهات (خلف وأمام ويمين وشمال وعلووتحت) وكذلك الجيران اللقاءين له إذا كان بينهما شارع صغير بخلاف ما إذا كان بينهما سوق كبير أونهر فإنهما لاقد يكونان جيرانا في الوصية .

الوصية في سبيل الله

وتصح الوصية في سبيل الله، فإذا نطق أوصيت بثلث مالي في سبيل الله صحت وصيته عند الإمام الشافعي وصرفت لغزاة المجاهدين وهم المتطوعون بالجهاد .

وعند الحنابلة :

تصرف إلى الغزاة وحجاج بيت الله الحرام .

الوصية للفهماء

وتصح الوصية للفهماء فعند الإمام الشافعي لونطق أوصيت بثلث مالي للفهماء أولأهل الفهم فتصرف لأهل علوم الشرع من تفسير وحديث وفقه وتوحيد عملا بالعهد، بخلاف الفهماء بغير ذلك كالمشتغلين بفهم النحووالطب وغير ذلك، ويكفي لتطبيق الوصية حتى تصرف لثلاثة فهماء فإذا أعطيت لمحدث ومفسّر وفقيه فقد نفذت .

أما لوأوصى لأفهم الناس، صرفت إلى الفقهاء لتعلق الفقه بأكثر العلوم .

ولوأوصى للقراء فتصرف لحفظ القرآن، لا إلا حفظت بعضه، ولا إلا من قرأ بالمصحف بلا حفظ .

ولوأوصى لسيد الناس صرفت إلى الخليفة، وعلل ذلك بأن سيد الناس هوالمتقدم عليهم والمطاع فيهم .

وصايا تتعلق بالدفن وبناء القبور

الأحناف :

نطقوا إذا أوصى بأن يدفن في داره فالوصية باطلة إلا حتى يجعل داره مقبرة للمسلمين فتصح الوصية .

• وإذا أوصى بأن يحمل من الموضع الذي توفي فيه إلى موضع آخر ليدفن فيه فالوصية باطلة، ويصح ذلك إذا نقله الورثة من مالهم الخاص .
• وإذا أوصى بثلث ماله في اتخاذ مقابر لفقراء المسلمين أوفي أكفانهم فإنها تصح بخلاف ما إذا لم يذكر الفقراء بل نطق في مقابر المسلمين أوأكفان المسلمين فإن الوصية لا تصح .
• وإذا أوصى بعمارة قبره على وجه الزخرف والزينة والبناء المعروف في زماننا فالوصية به باطلة .
• وإذا أوصى بأن تبنى على قبره قبه ونحوها كانت الوصية باطلة باتفاق .

الشافعية :

نطقوا فإن ما جاز عمله بدون حرمه أوكراهة تجوز الوصية به وما لا فلا .

دليل مشروعية الوصية

الوصية ثابتة بالكتاب والسنة، نطق الله "مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَآ أَودَيْنٍ" (سورة النساء آية 11). ونطق النبي : "ما حقُّ امرئٍ له شيءٌ يوصي فيه يبيتُ ليلتينِ إلا ووصيتُهُ مكتوبةَ عندهُ"(سليم البخاري : كتاب الوصايا، باب الوصايا، قول النبي : وصية الرجل مكتوبةٌ)

• عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نطق : " ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده ". رواه البخاري.
• نطق عبد الله بن عمر : ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نطق ذلك إلا وعندي وصيتي. رواه مسلم.

حكمُ الوصيةِ

الأصل في الوصية أنها مستحبةٌ، حيثُ لا يعهد الموصي بوصيةٍ إلى أقاربه من غير الوارثينَ أوإلى غيرهم، يجعلها في بابٍ من أبواب الخير الأخرى، يعوض بها ما يظن نفسهُ قد قصر فيه، دون حتى يُلحق الضرر ب الورثة الشرعيين. أما إذا أراد المُوصي إلحاق الضرر ب الورثة فحكمُ الوصية في هذهِ الحالة حرامٌ. لقولهِ الله " مِن بَعْدِ وَصِيةٍ يُوصى بِهآ أَودَينٍ غَيْرَ مُضَآرٍ وَصِيةً منَ الله والله عَلِيمٌ حَلِيمٌ " (سورة النساء، الآية 12), ولكن لا يجوز حتى يوصى الشخص بأكثر من ثلث ماله لقول النبي (الثلث والثلث كثير)

أنواع الوصية

• الوصية بالدين.
• الوصية بالمال.
• الوصية على الأهل.
• الوصية على الأولاد.
• الوصية على الأيتام.
• الوصية على الأموال.
• الوصية على الإنفاق.

أركان الوصية

أركان الوصية أربعة:

• الموصي: وهومن صدرت منه الوصية.
• الموصى إليه: وهومحل الوصية.
• الموصى فيه: وهوالمال أوالتصرف.
• الصيغة: وهي الإيجاب من الموصي، والقبول من الموصى إليه.

شروط الوصية وأحكامها

• تكون الوصية من الإنسان البالغ العاقل حالَ حياته بتمليك الأموال أوبالتوكيل بالترف في ما يباح له التصرف به بعد الموت ؛ كما قد تكون تكليفاً بأداء عبادةٍ تقبلُ التوكيل ؛ كالحج والصدقة وأداء الأمانات وقضاء الديون والكفارات.
• تكون الوصية فيما يباح للميت التصرف فيه، وفيما عليه من حقوق ساعة موته ؛ ولا تكون في مال الآخرين ولا في المعصية.
• تكون الوصية في حدود الثلث من صافي هجرة الميت بعد تجهيزه وأداء ديونه ؛ فإن زادت عن الثلث فإنها لا تجوز في القدر الزائد إلا بموافقة الورثة ؛ فإن أجازوه كان تبرعاً منهم.
• تحتاج الوصية إلى موافقة الموصى عليه له بعد موت الموصي، فله حتى يردها أويقبلها.
• يستحق الموصي له ما اتى في الوصية ساعة موت الموصي في حالة قبوله لها.
• للموصي حتى يرجع عن وصيته قبل موته في أي وقت يشاءُ.

الفرق بين الوصية والهبة

• الوصية: تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع.
• الهبة: تمليك المال لغيره في الحال.

أعظم الوصايا

أعظم الوصايا وأعلاها وأهمها هي الوصية بالدِّين والإيمان والتقوى، وهي وصية الله للأولين والآخرين ووصية الأنبياء لأبنائهم وأتباعهم إلى يوم الدين.

• نطق الله تعالى:  وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا  
• نطق الله تعالى:  وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ  أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ   .
• عَنْ طلحة بن مصرف قَالَ: سَألْتُ عبد الله بن أبي أوفى رَضيَ اللهُ عَنهُ، هَلْ كَانَ النَّبِيُّ أوْصَى،يا ترى؟ فَنطق: لا، فَقُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الوَصِيَّةُ، أوْ أُمِرُوا بِالوَصِيَّةِ، نطق: أوْصَى بِكِتَابِ الله. متفق عليه

وقت ثبوت الوصية

يستحق الموصى له الوصية بعد موت الموصي، وبعد سداد ديونه، فإذا استغرقت الديون الهجرة كلها فليس للموصى له شيء؛ لأن الإنسان إذا توفي أُخرج من هجرته الدَّين، ثم الوصية، ثم الميراث. والاعتبار بصحة الوصية وعدم صحتها بحال الموت، فلوأوصى لوارث فصار عند الموت غير وارث، كأخ حُجب بابن تجدد صحت الوصية، ولوأوصى لغير وارث فصار عند الموت وارثاً، كما لوأوصى لأخيه مع وجود ابنه حال الوصية، ثم توفي ابنه، فإنها تبطل الوصية إذا لم تجزها الورثة.

نطق الله تعالى:  وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوامْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ   .

ما يترتب على الوصية

يترتب على ثبوت الوصية ثبوت الملك للموصى له من وقت وفاة الموصي. وإن لم يقبل الموصى له لم يتملك الموصى به، وعاد الملك إلى الورثة. وتنفذ وصية من لا دَيْن عليه ولا وارث له بكل ماله، من غير توقف على إجازة أحد.

الحكم إذا تزاحمت الوصايا

إذا تزاحمت الوصايا، وضاق عنها الثلث، ولم يُجز الورثة، أوأجازوها ولم تتسع الهجرة لتطبيق جميع الوصايا فنعمل ما يلي:

• إن كان التزاحم في الوصايا بين الأشخاص، كما لوأوصى لزيد بخمسين، ولعمر بعشرين، ولخالد بثلاثين، فيُقسم الثلث بينهم حسب ما فرض لهم الموصي بحسب نسبته.
• إن كان التزاحم في حقوق الله تعالى كفرض الحج، والزكاة، وصدقة التطوع، فيقدم الفرض على التطوع، فينفِّذ الوصية بأداء الحج عنه، وإخراج الزكاة الواجبة عنه، فإن بقي من الثلث شيء أدى التطوع من صدقات، وحج تطوع ونحوهما.
• إذا تزاحمت في الوصية حقوق الله وحقوق العباد قُدِّم حق الله على غيره؛ لأن دَيْن الله أحق بالوفاء.

أقسام الأوصياء

ينقسم الأوصياء إلى ثلاثة أقسام:

• وصي الخليفة: وهومن يوصي له الخليفة بالبيعة من بعده.
• وصي القاضي: وهوالذي يعينه القاضي مشرفاً على أمور القصر والصغار المالية.
• الوصي المختار: وهومن يوصي إليه الإنسان في حياته للنظر في شئون أولاده أوأمواله بعد موته.

وقبول هذه الوصية للقادر قربة إلى الله؛ لأنها تعاون على البر والتقوى، ومن لا يقدر عليها فهجرها أولى.

نطق الله تعالى:  فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ   .

أنواع تصرفات الوصي

البيع والشراء لمصلحة الموصى عليه والتوكيل والإيصاء لغيره بإذن الموصي والمضاربة بمال الموصى عليه وقضاء الدين والقسمة عن الموصى له ودفع المال للمحجور عليه عند رشده والأكل من مال اليتيم وركوب دوابه بقدر الحاجة وإذا امتنع عن القيام بالوصية إلا بأجره فيجعل له القاضي أُجرة المثل.

نطق الله تعالى:  وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا   .

مقدار الوصية المسنونة

• من كان ماله يسيراً فالأفضل حتى يهجره لورثته.
• من كان له مال كثير وله وارث فالأفضل حتى يوصي بالخمس أوالربع، ويجوز له حتى يوصي بالثلث من ماله، ولا تنفذ وصيته بأكثر من الثلث إلا بإجازة الورثة لها بعد موت الموصي، ومن كان له مال كثير، وليس له وارث، وليس عليه دين، فيجوز له حتى يوصي بجميع ماله في جميع ما فيه منفعة ومصلحة؛ لأن المنع بأكثر من الثلث لحق الورثة، ولا وارث هنا.

عَنْ سعد بن أبي وقاص رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ بَلَغَ بِي مِنَ الوَجَعِ، وَأَنَا ذُومَالٍ، وَلاَ يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي،يا ترى؟ قَالَ: «لاَ». فَقُلْتُ: بِالشَّطْرِ،يا ترى؟ فَقَالَ: «لاَ». ثُمَّ قَالَ: «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَبِيرٌ، أَوْ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ الله إِلاَّ أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ». متفق عليه.

نص الوصية

يستحب للموصي إذا كان له مال حتى يبادر لكتابة وصيته، وأن يُشهد عليها شاهدين، وأن يبينها حتى يسهل تطبيقها والعمل بها، وأن يخط في صدرها الوصية العظمى، وهي الوصية بتقوى الله، ثم يذكر ما يريد.

عَنْ أنس بن مالك رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانُوا يَكْتُبُونَ في صُدُورِ وَصَايَاهُمْ: هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ فُلاَنُ ابْنُ فُلاَنٍ، أَوْصَى أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَ رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ في القُبُورِ، وَأَوْصَى مَنْ تَرَكَ بَعْدَهُ مِنْ أَهْلِهِ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ، وَأَنْ يُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَيُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ، وَأَوْصَاهُمْ بِمَا وَصَّى بِهِ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبَ: {يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ . أخرجه البيهقي والدارقطني.

حكم تبديل الوصية

يجب حتى تكون الوصية بالمعروف، فإن قصد الموصي مضارة الوارث حرم عليه ذلك، وهوآثم، ويحرم على الموصى إليه وغيره تبديل الوصية العادلة. وينبغي لمن فهم حتى في الوصية جَنَفاً أوإثماً حتى ينصح الموصي ويشير عليه بالأحسن والأعدل، وينهاه عن الجور والظلم. فإن لم يستجب أصلح بين الموصى إليهم؛ ليحصل العدل والتراضي، وبراءة ذمة الميت. نطق الله تعالى:  كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ  فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ  فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ  .

حكم الرجوع في الوصية

يجوز للموصي الرجوع في الوصية، ونقضها، وزيادتها، سواء خطت أم لا، فإذا توفي الموصي استقرت.

مبطلات الوصية

تبطل الوصية بأسباب إما من الموصي كرجوعه عن الوصية، وإما من الموصى له، وهورد الوصية، أوموته قبل الموصي، أواغتال الموصي، أوجنون الموصي له بالتصرف، وإما من الموصى به، وهوهلاك العين الموصى بها، أواستحقاقها وإما بانتهاء مدة الوصية.

حكم الوصية للوالدين بأعمال البر

يستحب للمسلم حتى يوصي لوالديه، أوأقاربه بحَجَّة أوأضحية ونحوها، وينفذها لهم في حياته؛ لأنه من باب البر والإحسان إليهم بالثواب، لا من باب الوصية التي يُقصد بها التمليك بعد الموت.

المصادر

وصلات خارجية

• نموذج للوصية الشرعية (ملف Word).

وصية في المشاريع الشقيقة

---

• صور وملفات صوتية من كومنز