نظرية كانون- بارد

عودة للموسوعة
المنطقة المهادية من الدماغ.

المفاهيم الرئيسية لنظرية كانون- بارد (بالإنجليزية: Cannon–Bard theory)‏ هي حتى التعبير الوجداني (أوالانفعالي أوالشعوري أوالعاطفي) ينتج عن وظيفة البنى الوطائية (تحت المهادية)، والمشاعر الوجدانية تنتج عن تنبيه المهاد الظهراني. تتصف التغيرات الفسيولوجية والإحساس الشخصي بشعور ما استجابةً لمنبهات معينة بأنها منفصلةً ومستقلة؛ إذ لا يجب حتى تحدث الإثارة قبل الانفعال، وبالتالي تلعب المنطقة المهادية دورًا رئيسيًا في نظرية الانفعال هذه. وبناءً على ذلك، سُميّت هذه النظرية أيضًا بالنظرية المهادية للانفعال.

منشأ النظرية

كان والتر برادفورد كانون (1871 - 1945) عالم فسيولوجيا في جامعة هارفارد، وربما كانت أطروحته الكلاسيكية عن الاستتباب أفضل ما عُرف به. كان فيليب بارد (1898- 1977) طالب دكتوراه تحت يدي والتر كانون، وطوّرا معًا نموذجًا للانفعال أطلقا عليه اسم نظرية كانون- بارد. كان كانون مختبِرًا ومُجرِّبًا اعتمد في دراساته على فسيولوجيا الحيوان. أظهر كانون وبارد من خلال هذه الدراسات دور الدماغ في توليد الاستجابات الفسيولوجية والمشاعر، وهودور مهم في التفسير الذي قدماه للتجارب الانفعالية وكيفية إنتاجها.

كانت نظرية جيمس-لانج هي نظرية الانفعال السائدة في زمن كانون. استوعب كانون حتى اختبار هذه النظرية يحتاج فحص التعبير الانفعالي الذي لا يحتاج التغذية الراجعة الواردة الحشوية، وكان هذا ضروريًا لأن الصلة بين التغيرات الحشوية والتغذية الراجعة المطلوبة لتنبيه التظاهرات الدماغية لانفعال ما لن يبق موجودًا. ومن أجل القيام بذلك، استخدم كانون أعصابًا واردةً مقطوعةً من الجذع الودي للجهاز العصبي الذاتي عند القطط. جمع كانون هذه النتائج التجريبية عام 1915 ثم نقحها ونشرها، واقترح أخيرًا نموذجه في الانفعال باعتباره منافسًا وبديلًا لنظرية الانفعال لجيمس لانج.

تعتمد نظرية جيمس-لانج في تفسيرها للتجارب الانفعالية الفريدة على تدفق الدفعات العصبية من المحيط لتكون تجارب شعورية فريدة؛ إذ افترض وليام جيمس حتى هذه الدفعات تأتي من جميع أجزاء العضوية، بما فيها الجلد والعضلات والأحشاء. نُسب للأحشاء -حسب رأي جيمس- الدور الرئيسي في ذلك. تتكون هذه الأحشاء من عضلات ملساء وغدد. حدد كانون وأوضح خمس نقاط يختلف فيها مع مفهوم نظرية جيمس لانج حول اعتبار المراكز الوعائية المحركة الموجودة في الدماغ تفسيرًا للتجربة الانفعالية.

النقطة الأولى: لا يؤدي الفصل التام بين الأحشاء والجهاز العصبي المركزي إلى تغيير السلوك الانفعالي

في إحدى التجارب، بقيت القطط على قيد الحياة وفي صحة جيدة بعد الإزالة التامة لجهازها العصبي الودي. أدت إزالة هذا الجهاز إلى إلغاء جميع ردود العمل الخاضعة لسيطرة المراكز المُحركة للأوعية، وهي المناطق التي اقترحت نظرية جيمس لانج أنها مسؤولة عن التجارب الانفعالية. وُجد حتى تخريب وظائف هذه المراكز كان له تأثيرٌ قليلٌ أومعدوم في الاستجابات الانفعالية عند الحيوان، إذ أظهرت القطط علامات غضب نموذجية كرد عمل على نباح الكلاب، وأظهرت الحيوانات أيضًا تعبيرات انفعالية كاملة في جميع الأعضاء التي لم تفقد صلتها بالدماغ.

النقطة الثانية: تحدث نفس التغيرات الحشوية في حالات انفعالية مختلفة بشدة، وفي حالات أخرى غير انفعالية

يعمل الجهاز العصبي الودي على أنه وحدة متكاملة. وتحدث التغيرات الحشوية بسبب عمل الجهاز العصبي الودي، ومن ضمنها: زيادة معدل ضربات القلب، وتضيّق الشرينات، وتوسع القصيبات، وزيادة مستوى السكر في الدم، والتعرق، وتوسع حدقة العين، وانتصاب الشعر، وإفراز الأدرينالين.

يمكن رؤية هذه التغيرات الفسيولوجية بأقصى درجاتها تحت أي ظرف من الظروف. وتتضمن الحالات الانفعالية القابلة للتمييز: الخوف والغضب وحالات الحمى والاختناق والتعرض لدرجات الحرارة المنخفضة.

أوضح كانون حتى ردود العمل الحشوية كانت منتظمة جدًا على حتى تشكل طريقةً لتمييز الانفعالات التي تملك نوعية جسدية متنوعة. وافترض أنه إذا كانت الانفعالات ناتجة عن الدفعات العصبية القادمة من الأحشاء، فيمكننا حتى نتسقط الخوف والغضب والبرودة والاختناق والحمى، وهذا ليس واقعيًا.

النقطة الثالثة: الأحشاء هي بنى غير حساسة نسبيًا

خط كانون عن وجود اعتقاد رائج وهوحتى حساسية أعضاء الجسم تزداد حدثا تغلغلنا عميقًا بداخلها؛ إلا حتى هذا ليس واقعيًا. الأعصاب المنتشرة في الأحشاء هي ألياف عصبية حسية واردة بمقدار 1/10 فقط من مجمل الألياف العصبية الحسية الواردة. على سبيل المثال: نحن لا ندرك عمليات الانقباض والاسترخاء أثناء حدوث العمليات الهضمية داخل الأحشاء، إذ لا يمكننا التكهن بهذه العمليات التي تتخطى وعينا الجسدي، حتى عندما تحدث تغيرات واضحة فيها.

النقطة الرابعة: التغيرات الحشوية بطيئة جدًا لتشكل مصدرًا للمشاعر الانفعالية

كما ذكر سابقًا، الأحشاء مكونة من مجموعة من العضلات الملساء والغدد التي تكون عادةً ذات استجابة بطيئة. وُجد حتى فترة الكمون للاستجابة الغلفانية النفسية (الاستجابة للمحفزات العاطفية) عند الرجال هي ثلاثة ثوان تقريبًا. ولوحظ حتى فترة الكمون للاستجابات العاطفية لصور الرجال والنساء يمكنها حتى تنتهي خلال 0.8 ثانية. أكدت نظرية جيمس لانج حتى هذه الاستجابات العاطفية تنتج عن انعكاسات من الأحشاء. وأشار كانون إلى حتى الوقت اللازم لانتنطق الدفعات العصبية من الدماغ إلى المحيط والعودة إلى الدماغ مرة أخرى لا يمكن حتى يحدث بسرعة كافية ليكون سببًا لمثل هذه الاستجابات العاطفية.

النقطة الخامسة: التحريض الاصطناعي للتغيرات الحشوية بما يناسب الانفعالات القوية لا يسبب حدوث هذه الانفعالات

عند حقن الأدرينالين، فإنه يُحرّض الاستجابات الفسيولوجية النموذجية لنشاط الجهاز العصبي الودي كما نوقش سابقًا (توسع القصيبات وتضيق الأوعية الدموية وزيادة مستوى السكر في الدم وما إلى ذلك). هذه هي التغيرات النموذجية للحالات الانفعالية الشديدة، لذلك إذا نتجت هذه التغيرات الحشوية اصطناعيًا بعد حقن الأدرينالين، يمكن عندها تسقط الانفعالات التي تليها، كما هومشروح في نظرية الانفعال لجيمس لانج. عند انتهاء هذه التجربة، لم يقابل المشاركون أي حالات انفعالية مميزة. ومع ذلك، عثر أنه يمكن للاستجابة الانفعالية حتى تتطور فقط عندما يُحقن الأدرينالين بعد مناقشة السقمى بخصوص أطفالهم السقمى أوآبائهم المتوفين. إلى غير ذلكقد يكون لحقن الأدرينالين تأثيرًا فعالًا، أي عندماقد يكون المزاج الانفعالي موجودًا مسبقًا عند المشاركين.

انتقادات إضافية لنظرية جيمس-لانج

طرح ويليام جيمس حتى هناك مراكز خاصة للعمليات الدماغية التي ترافق الانفعال أوأنها تحدث في المراكز الحركية والحسية الاعتيادية في القشرة المخية. وأجاب كانون مفترضًا أنه قد لا تكون الأولى أوالثانية، وأنه من الممكنقد يكون هناك عمليات قشرية ومراكز خاصة ترافق الاستجابات الانفعالية، وشرح باختصار فكرتين تتعلقان بوجود مصدرين للعمليات الانفعالية في الدماغ. 

ينتج التعبير الانفعالي عن عمل المراكز تحت القشرية.

لخّص كانون البحث الذي أنجزه العالِم بيشتيريف حول التعبير الانفعالي. إذ طُرح في هذا البحث حتى التعبير الانفعالي يجب حتىقد يكون مستقلًا عن القشرة الدماغية لأنه لا يمكننا دائمًا ضبط التعبيرات الانفعالية أوالتحكم بها (مثلًا الضحك بسبب الدغدغة)، لأن التغيرات الحشوية تحدث بشكل خارج عن سيطرتنا، ولأن هذه الاستجابات -التي لا يمكننا منعها أوالتحكم بها- يمكن رؤيتها حالًا بعد الولادة، وذلك قبل تطور التنظيم القشري. علاوةً على ذلك، يمكن حدوث استجابات انفعالية سليمة نتيجة منبهات مناسبة، وذلك بعد إزالة نصفي الكرة المخية من نماذج اختبار حيوانية. إلا أنه بعد إزالة المهاد البصري (السرير البصري) عند الحيوانات، لم تعد هذه التأثيرات الانفعالية موجودة، وبالتالي استُنتج حتى هذه المنطقة تلعب دورًا رئيسيًا في التعبير الانفعالي.

في دعم أكبر للتأكيد على حتى التعبير الانفعالي ينتج عن عمل المراكز تحت القشرية، قدم كانون وبريتون بحثًا تجريبيًا إضافيًا آخر باستخدام القطط. إذ أُزيلت القشرة المخية عند القطط، وبعد فترة من التعافي أبدت -بطريقة عفوية- صفات سلوكية مميزة عند تعرضها للغضب الشديد. واستمرت هذه الاستجابة العنيفة الكاذبة (الاستشاطة الكاذبة) في الظهور بعد استئصال جميع المناطق الدماغية أمام الدماغ البيني. وبمجرد إزالة الجزء الخلفي السفلي من المنطقة المهادية، خمدت هذه الاستشاطة الكاذبة التي ظهرت عند القطط. بناءً على هذا الاكتشاف، ظهر حتى المهاد هوالمنطقة التي تنطلق منها الدفعات العصبية التي تثير بدورها درجةً شديدةً من النشاط الانفعالي العضلي والحشوي، وذلك في غياب التحكم القشري. وبناءً عل هذه النتائج والملاحظات، أكد كانون حتى المهاد البصري هومنطقة في الدماغ مسؤولة عن التنظيم العصبي للتعبيرات الانفعالية المتنوعة.

مراجع

  1. ^ J.E. Roeckelein (2006). . Elsevier. صفحة 85. ISBN . مؤرشف من الأصل في 09 فبراير 2020.
  2. Friedman, B.H. (2010). "Feelings and the body: The Jamesian perspective on autonomic specificity of emotion". Biological Psychology. 84 (3): 383–393. doi:10.1016/j.biopsycho.2009.10.006. PMID 19879320. مؤرشف من الأصل في 09 فبراير 2020.
  3. ^ American Physiological Society. "Philip Bard". مؤرشف من الأصل في 24 سبتمبر 2016. اطلع عليه بتاريخ 11 مارس 2012.
  4. ^ McCarty, R. (2007). "Fight-or-Flight Response". Encyclopedia of Stress (الطبعة 2nd). New York: Academic Press. صفحات 62–64. doi:10.1016/B978-012373947-6.00160-4. ISBN .
  5. James, W.; C.G. Lange (1922). . Baltimore: Williams & Wilkins Co. مؤرشف من الأصل فيتسعة فبراير 2020.
  6. Cannon, W.B. (1927). "The James-Lange theory of emotions: A critical examination and an alternative theory". The American Journal of Psychology. 39 (1/4): 106–124. doi:10.2307/1415404. JSTOR 1415404.
  7. Dalgleish, T. (2004). "The emotional brain". Nature Reviews Neuroscience. 5 (7): 582–589. doi:10.1038/nrn1432. PMID 15208700. مؤرشف من الأصل في 09 فبراير 2020.
  8. ^ Langley, J.N.; H.K. Anderson (1894). "The constituents of the hypogastric nerves". Journal of Physiology. 17 (3–4): 177–91. doi:10.1113/jphysiol.1894.sp000526. PMC 1514563. PMID 16992211.
  9. ^ Wells, F.L.; A. Forbes (1911). "On certain electrical processes in the human body and their relations to emotional reactions". 2 (16): 8.
  10. ^ Bechterev, W. (1887). "Die bedeutung der sehhugel auf grund von experimentellen und pathologischen daten". Virchows Archiv. 110.
  11. ^ Cannon, W.B.; S.W. Britton (1925). "Pseudoaffective medulliadrenal secretion". American Journal of Physiology. 72 (2): 283–294. doi:10.1152/ajplegacy.1925.72.2.283.
  12. ^ Vinken, P.J. (1969). Handbook of Clinical Neurology. Amsterdam: North-Holland Publishing Group. صفحة 316.
تاريخ النشر: 2020-06-01 19:36:09
التصنيفات: نظريات نفسية, أخطاء CS1: دورية مفقودة, مقالات يتيمة منذ فبراير 2020, جميع المقالات اليتيمة, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, مقالات تحتوي نصا بالإنجليزية, بوابة علم النفس/مقالات متعلقة, بوابة العقل والدماغ/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

المفوضية الأوروبية تشيد بدور مصر في مؤتمر المناخ بجلاسكو 

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-11 12:17:29
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 64%

"النفط العراقية" تمضي في تطبيق قرار إخضاء نفط وغاز الشمال لإدارتها

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-11 12:16:52
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 93%

هل الاستحمام يُغْنِي عن الوضوء؟ الإفتاء تُجيب 

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-11 12:17:28
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 59%

هذه قصة منع قائد الاتحاد السوفيتي من دخول ديزني لاند

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-11 12:16:50
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 98%

الإفتاء توضح ما ورد في السنة المطهرة من ثواب السلام والمصافحة

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-11 12:17:31
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 52%

الأرصاد الجوية تحذر من تخفيف الملابس ليلاً

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-11 12:17:31
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 55%

«الأرصاد» تكشف خريطة الظواهر الجوية خلال الـ6 أيام القادمة

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-11 12:17:27
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 57%

عقيدة «بتكوين»

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-11 12:16:54
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 89%

أول مايو موعد عيد الفطر المبارك فلكيًا.. والإجازة 4 أيام

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-11 12:17:30
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

"رايت فارم" الإماراتية تجمع 2.8 مليون دولار من مستثمرين

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-11 12:16:49
مستوى الصحة: 77% الأهمية: 95%

«عمال مصر» ذكرى نصر أكتوبر المجيدة جسدت تلاحم الشعب المصري

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-11 12:17:29
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 63%

تحميل تطبيق المنصة العربية