البنيوية (تُعهد أيضًا بالبنيوية الفهمية أومفهوم النظرية البنيوية) هي برنامج درس فعّال في فلسفة العلوم، التي طُورت في أواخر ستينيات القرن التاسع عشر وخلال سبعينيات القرن العشرين من قبل الكثير من الفلاسفة التحليليين.

نظرة عامة

تؤكد البنيوية حتى مختلف جوانب الواقع يمكن فهمها بشكل أفضل من خلال الهجريب الفهمي التجريبي للكيانات وعلاقاتها، عوضًا عن فهمها من خلال هذه الكيانات الملموسة في حدّ ذاتها. لا يُفسر مفهوم المادة مثلًا على أنه خاصية مطلقة للطبيعة في حدّ ذاته، بل عبر كيفية وصف العلاقات الرياضية ذات الأساس الفهمي لكيفية تفاعل مفهوم المادة مع الخصائص الأخرى، سواءً كان ذلك وفق المعنى الواسع مثل حقول الجاذبية التي تنتجها الكتلة، أووفق معنى تجريبي أكثر مثل كيفية تفاعل المادة مع الأنظمة الحسية في الجسم لتنتج إحساسات مثل الوزن. وتهدف إلى تضمين جميع الجوانب المهمة للنظرية التجريبية في إطارٍ رسميّ واحد. يؤيد نظرية النظريات (الميتا-نظرية) هذه جميع من باس فان فراسين، وفريدريك سوب، وباتريك سوبس، ورونالد جيير، وجوزيف د. سنيد، وفولفغانغ شتيغمولر، وكارلوس يولسيس مولينز، وولفغانغ بالزر، وجون ورال، وإيلي جورج زهار، وبابلولورنزانو، وأوتافيوبوينو، وأنجان تشاكرفارتي، وتيان يوتساو، وستيفن فرينش، ومايكل ريدهيد.

صاغ الفيلسوف غروفر ماكسويل مصطلح «الواقعية البنيوية» لأنواع الواقعية الفهمية المتنوعة المدفوعة بالحجج البنيوية في عام 1968. ميز الفيلسوف الواقعي البنيوي البريطاني جيمس ليديمان نوعين للواقعية البنيوية: معهدية ووجودية.

الأنواع المتنوعة

الواقعية البنيوية المعهدية

يرتبط المفهوم الفلسفي للبنيوية (الفهمية) بمفهوم الواقعية البنيوية المعهدية «إي إس آر». تبنى موقف «إي إس آر» كلًا من هينري بوانكاريه (1902)وبيرتراند راسل «1927» ورودولف كارناب «1928» بشكل مستقل أساسًا، وتبناه مجددًا جون ورال «1989»، الذي اقترح حتى البنية تظل نفسها مع تغير النظريات. جادل ورال على سبيل المثال، حتى معادلات فرينسل تتضمن بنية معينة للضوء، وكذلك معادلات ماكسويل التي استبدلت معادلات فرينسل، حيث حتى كلًا منهما يصفان الضوء على أنه اهتزازات. افترض فرينسل حتى الاهتزازات تحصل في وسط ميكانيكي يسمى «الأثير»؛ بينما افترض ماكسويل حتى الاهتزازات كانت في الحقلين الكهربائي والمغناطيسي. البنية في كلا الحالتين هي الاهتزازات وقد جرى الحفاظ عليها عندما حلّت معادلات ماكسويل مكان معادلات فرينسل. بسبب الاحتفاظ بالبنية، تتجنب الواقعية البنيوية الاستنباط التشاؤمي من جهة، ومن جهة أخرى فهي لا تجعل نجاح الفهم يظهر معجزًا، إذ تقدم حجة بلا معجزات.

مسألة نيومان

تشير مسألة نيومان أوما يسمى أيضًا «اعتراض نيومان» إلى ملاحظة نقدية على كتاب راسل تحليل المادة «1927» نشرها ماكس نيومان في عام 1928. جادل نيومان حتى انادىء «إي إس آر» أنه من الممكن فقط فهم البنية المجردة للعالم الخارجي يهمش الفهم الفهمية. أسس حجته هوإدراك أنه «يمكن تنظيم أي مجموعة من الأمور بحيثقد يكون لها بنية ما «دبليو»، بشرط وجود العدد السليم لها»، إذ تمثل «دبليو» بنيةً اعتباطيةً.

الرد على معضلة نيومان

يدافع جون ورال «2000» عن نسخة من «إي إس آر» المدعومة جرى تقديمها أثناء إعادة بناء «جمل رامزي» للنظريات الفيزيائية (تهدف جملة رامزي إلى توضيح المقترحات التي تحوي مصطلحات نظرية لا يمكن ملاحظتها من خلال الاستعاضة عنها بمصطلحات يمكن ملاحظتها». يدّعي جون ورال وإيلي جورج زهار «2001» حتى اعتراض نيومان لا ينطبق إلا في حالة عدم التمييز بين المصطلحات الملاحظة والنظرية.

يختلف نموذج رامزي للواقعية البنيوية المعهدية عن الواقعية البنيوية المنهجية المعهدية الراسلية «Russellian» ولا يتوافق معها (يكمن الفرق بينهما حتى «إي إس آر» نموذج رامزي ملتزم معهديًا بجمل رامزي، بينما تلتزم «إي إس آر» الراسلية معهديًا بالبنى التجريدية، أي بفئات التماثل «الترتيب الثاني» الخاصة بالبنية القابلة للملاحظة للعالم، وليس بالبنية الفيزيائية ذاتها «الترتيب الأول»). يدّعي ايونيس فوتسيس «2004» حتى «إي إس آر» الراسلية أيضًا منيعة ضد اعتراض نيومان: نسب نيومان بشكل خاطئ الانادىء المبسط «توجد علاقة مع بنية مجردة معينة» إلى «إي إس آر»، بينما تدعي «إي إس آر» انادىءً غير مبسط حول وجود علاقة فيزيائية فريدة تُربط سببيًا بعلاقة فريدة قابلة للملاحظة، وكلتا العلاقتين متماثلتين.

نقد إضافي

ينوّه الواقعيّ الفهمي التقليدي والناقد البارز للواقعية البنيوية ستاثيس بسيلوس «1999» حتى «أفضل فهم للواقعية البنيوية هوأنها تفرض قيدًا معهديًا حول ما يمكن معهدته وما يمكن للنظريات الفهمية كشفه». يعتقد أيضًا حتى «إي إس آر» تقابل عددًا من الاعتراضات التي لا يمكن التغلب عليها، يتضمن هذا حتى التزام «إي إس آر» المعهدي الوحيد هومعادلات غير مفسرة تعتبر غير كافية لإنتاج التنبؤات وحدها، وأن فصل «البنية لقاء الطبيعة» الذي تنادي به «إي إس آر» لا يمكن حتى يستمر.

يرد فوتسيس «2004» حتى الواقعي البنيوي «يعترف بالمعادلات المفسرة، لكنه يحاول التمييز بين التفسيرات التي تربط المصطلحات بالملاحظة مع تلك غير المرتبطة بها»، ثم يستأنف فيما يخص وجهة نظر الراسلية حتى «الطبيعة» تعني فقط الجزء غير المتماثل القابل للتحديد من الكيانات.

يدافع بسيلوس أيضًا عن النظرية المرجعية الوصفية السببية الخاصة بديفيد لويس (التي تعتبر المصطلحات النظرية المهجورة بعد تغيير نظرية ما بمثابة إشارة ناجحة «في النهاية»). ويدّعي أنها قادرة على التعامل بشكل كافٍ مع الاستمرارية المرجعية في التحولات المفاهيمية، والتي يتم خلالها التخلي عن المصطلحات النظرية، وبالتالي تصبح «إي إس آر» زائدة.

وردّ فوتسيس «2004» حتى الواقعي الفهمي لا يحتاج إلى ربط الحقيقة التقريبية لنظرية بالنجاح المرجعي. والجدير بالذكر، حتى الواقعية البنيوية لم تملِ أي نظرية مرجعية معينة في البداية؛ لكن اقترح فوتسيس «2012» نظرية مرجعية بنيوية وتبعًا لها «يمكن للمصطلحات الفهمية الإشارة إلى أشياء فردية، أي بنمط مصطلح تلوالآخر، ولكن يجب حتى تُؤخذ العلاقات التي تمثلها هذه الأمور بعين الاعتبار لتثبيت هذا المرجع».

الواقعية البنيوية الوجودية

بينما تزعم «إي إس آر» حتى بنية الواقع هي الوحيدة القابلة للفهم، تمضى الواقعية البنيوية الوجودية «أوإس آر» إلى أبعد من ذلك لتزعم حتى البنية هوجميع ما هنالك «الوجود». وفق وجهة النظر هذه، ليس للواقع «طبيعة» تكمن وراء بنيته الإشارة، فالواقع بنيوي في الأساس، على الرغم من اختلاف بعض أنواع «أوإس آر» حول أي الجوانب البنيوية التي تعتبر أولية تحديدًا. تحفز الفيزياء الحديثة «أوإس آر» بشدة خاصة نظرية الحقل الكمومي، التي تقوض المفاهيم البديهية حول وجود أشياء محددة بخصائص ضمنية. يتبنى بعض فهماء فيزياء الكم القدماء هذا التوجه، من ضمنهم هيرمان فايل «1931»، وارنست كاسيرر «1936»، وآرثر إدينغتون «1939». وقد أُطلق مؤخرًا على «أوإس آر» الإطار الأنطولوجي «الوجودي» الأكثر عصرية للفيزياء الحديثة.

يأخذ ماكس تيغمارك هذا المفهوم إلى ما أبعد من ذلك أيضًا ليضم فرضية الكون الرياضي، والتي تقترح أنه إذا كان كوننا مجرد بنية معينة، إذًا لنقد يكون حقيقيًا أكثر من أي بنية أخرى.

تعريف البنية

في المنطق الرياضي، البنية الرياضية هومفهوم قياسي، البنية الرياضية هي تعبير عن مجموعة من الكيانات المجردة والعلاقات فيما بينها. تشكل الأرقام الطبيعية تحت العمليات الحسابية بنيةً، مع علاقات مثل «قابلة للقسمة بالتساوي» و«أكبر من». تضم العلاقة «أكبر من» هنا العنصر (3, 4) وليس العنصر (4, 3). تعد النقاط في الفضاء والأرقام الحقيقية بنية أخرى في نطاق الهندسة الإقليدية، مع علاقات مثل «المسافة بين النقطة P1 والنقطة P2 هي الرقم الحقيقي R1»؛ بشكل مكافئ، تضم علاقة «المسافة» العناصر (P1,P2,R1). تضم البنى الأخرى فضاء ريمان للنسبية العامة وفضاء هيلبرت لميكانيك الكم. لا تتمتع الكيانات في البنية الرياضية بأي وجود مستقل خارج مشاركتها في العلاقات. يُعتبر وصفا البنية متكافئين، ويصفان البنية الأساسية ذاتها، إذا وُجد تطابق بين الأوصاف يحافظ على جميع العلاقات.

يعزوالكثير من مؤيدي الواقعية البنيوية بشكل رسمي أوغير رسمي «الخصائص» إلى الأمور المجردة؛ يجادل البعض أنه يجب عوضًا عن هذا اعتبار الخصائص  «التي من الممكن من الممكن إقحامها في شكلية العلاقات» منفصلة عن العلاقات.

البنى المقترحة

تنقسم المقترحات التقليدية في نظرية الحقل الكمومي «كيوإف تي» «البنية المعروفة الأساسية» إلى «تفسيرات الجسيمات» مثل إسناد الواقع إلى فضاء فوك للجسيمات، و«تفسيرات الحقل» مثل اعتبار حتى دالة الموجة الكمومية تتطابق مع الواقع الأساسي. تسبب التفسيرات المتباينة لميكانيكا الكم تعقيدًا معتبرًا؛ ومن التعقيدات الأخرى الثانوية، كون جميع من الجسيمات أوالحقول غير محلية بشكلٍ تام في «كيوإف تي» القياسية. أما التعقيد الثالث والأقل وضوحًا، حتى «التمثيلات غير المتكافئة وحديًا» متجذرة في «كيوإف تي»؛ على سبيل المثال، تُمثل الرقعة نفسها من الزمكان على أنها فراغ من قبل مراقب عطالي، ولكن على أنها مغطس حراري من قبل مراقب متسارع يلحظ إشعاع أونروه، وهذا يطرح السؤال الصعب حول ما إذا كانت بنية الفراغ أوبنية المغطس الحراري هي البنية الحقيقية، أوإذا ما كانت كلا البنيتين غير المتكافئين حقيقيتين بشكلٍ منفصل. مثال أخر، لا يحتاج تعقيدات الزمكان المنحني؛ يؤدي تحليل كسر التناظر في المغناطيسية الحديدية إلى فضاءات هيلبرت غير متكافئة. بشكل أعم، تؤدي درجات الحرية غير المحدودة الخاصة بـ«كيوإف تي» على نطاق أوسع إلى تمثيلات غير متكافئة في الحالة العامة.

يمنح الفهماء عادةً في النسبية العامة وضع «البنية الأساسية» لهيكل الزمكان، وأحيانًا عبر موتره المتري.

المراجع