كان حسن العقل طيب الحديث على لكنة سوادية كانت في لسانه شديدة لأن مولده كان في بعض قرى كسكر كان من أحظى خلق اللَّه عند الهادي نطق يوسف بن إبراهيم حدثني الطيفوري أنه كان متطبباً لطيفور الذي كان يقول إنه أخوالخيزران والناس يقولون أوأكثرهم إنه مولى الخيزران ولما وجه المنصور المهدي إلى الري لمحاربة سنقار حمل المهدي الخيزران وهي حامل وكان عيسى المعروف بأبي قريش صيدلانياً في العسكر فلما تبينت الخيزران إرتفاع العلة بعثت بمائها مع عجوز ممن معها ونطقت لها أعرضي هذا الماء على جيمع المتطببين الذين في عسكر المهدي وجميع من ينظر في ذلك فعملت العجوز وكنا في ذلك الوقت بهمدان وإجتازت في منصرفها بخيمة عيسى فرأت جماعة من غلمان أهل العسكر وقوفاً يعرضون عليه قوارير الماء فكرهت حتى تجوزه قبل حتى ينظر إلى الماء فنطق لها عند نظره إلى الماء هذا ماء إمرأة وهي حامل بغلام فأدت العجوز عنه ما نطق إلى الخيزران فسجدت شكراً للّه وأطلقت عدة مماليك وسارت إلى المهدي فأبلغته بما نطقت العجوز فأظهر من السرور بذلك أكثر من سرورها وأمر بإحضار عيسى وسأله عما نطقت العجوز فأفهمه حتى الأمر على ما ذكرت فوصله ووصلته الخيزران بمال جليل وأمره بلزوم الخدمة وهجر خيمته وما كان فيها من متاع الصيادلة نطق الطيفوري فأراد طيفور حتى ينفعني فأوفد إلى الخيزران إذا متطببي ماهر بصناعة الطب فابعثي إليه بالماء حتى يراه فعملت ذلك في اليوم الثاني فنطق لي قل مثل قول عيسى فأفهمته حتى الماء يشير على أنها حامل فأما تمييز الغلام من الجارية فذلك ما لا أقوله فجهد بي جميع الجهد حتى أجيبه إلى ذلك فلم أعمل صيانة لنفسي عن الاكتساب بالمخرقة فأدى قولي إليها فأمرت لي بألف درهم واحد وأمرت بملازمتها فلما وافت الري ولدت بها الهادي وصح عند المهدي حتى أبا قريش عنين بعد حتى إمتحن بكل محنة فسر بذلك وأحظاه وتقدم عنده على جميع الخصيان وكان ذلك من مسببات الصنع لي فضممت إلى أمير المؤمنين موسى ودعيت متطببه وهورضيع وفطيم ثم ولدت هارون الرشيد بالري أيضاً فكان مولده كان شؤماً على الهادي لأن الحظوة كلها أوأكثرها صارت له دونه فأضر بي ذلك في جاهي وما كنت فيه من كثرة الدخل إلى حتى ترعرع موسى ففهم الأمر فكان ذلك مما زاد في جاهي وجميل رأيه في فكان ينيلني من أفضاله أكثر مما كانت الخيزران تنيلنيه‏.‏ وفتح اللّه على المهدي وقتل سنقار وطراحته شهريار أبا مهرويه وخلد وبسخنز أبا الحرث بن بسخنز والربعين وسبى ذراريهم فكان من ذلك السبي مهرويه وخلد وقرابتهما شاهك وكانت على مائدة شهريار وهي أم السندي إبن شاهك وكان منهم الحرث بن بسخنز وجميع هؤلاء الموالي الرازيين ثم استوعب الهادي وأفضت الخلافة إلى المهدي فاتصل بي الأمر وعظم قدري لأني صرت متطبب ولي العهد ثم ملك الهادي أمة العزيز فكانت أعز عليه من جلدة ما بين عينيه وهي أم جعفر وعبد اللّه وإسماعيل وإسحاق وعيسى المعروف بالجرجاني وموسى الأعمى وأم عيسى زوج المأمون وأم محمد وعبيد اللَّه إبنتيه فبناني موسى الهادي جميع ولدها وأفهم أمة العزيز أنه يتبرك بي فنلت منها أكثر من أملي مما كان من الهادي ثم دبر الهادي البيعة لابنه جعفر بن موسى فنادىني قبل البيعة بيوم فخلع علي وحملني على دابة من دواب رحله بسرجه ولجامه وأمر لي بمائة ألف حملت إلى منزلي ونطق لا تبرح الدار باقي يومك وليلتك وأكثر نهار غدك حتى أبايع لابنك جعفر فتنصرف إلى منزلك وأنت أنبل الناس لأنك توليت تربية ابن خليفة صار ولي العهد ووَليَ وليُّ العهد الخلافة فربيت ابنه إلى حتى صار ولي عهده وبلغ أمة العزيز الخبر فعملت بي مثل الذي عمل الهادي من الصلة وحُمِّلت إلى منزلي ثياب صحاح ولم تحملني على دابة وأقمت في الدار بعيساباذ إلى حتى طلعت الشمس من غد اليوم الذي نلت فيه ما نلت ثم جلس الهادي وقد أحضر جميع بني هاشم فأخذت عليهم البيعة لجعفر وأحلفوا عليها وعلى خلع الرشيد ثم آل زائدة فكان يزيد بن مزيد أول من خلع الرشيد وبايع جعفر بعده ثم شراحيل بن معن بن زائدة وأهل بيته ثم سعيد بن سلم بن قتيبة بن مسلم ثم آل مالك وكان أول من والىمنهم عبد اللَّه ثم الصحابة وسائر مشايخ العرب ثم القواد فما انتصف النهار إلا وقد والىأكثر القواد وكان في القواد هرثمة بن أعين ولقبه المشؤوم وكان المنصور قد قوّده على خمسمائة ولم يكن له حركة بعد حتى قود فتوفي أكثر أصحابه ولم يثبت له مكان من توفي منهم فأحضروه وأمروه بالبيعة فنطق له يا أمير المؤمنين لمن أبايع فنطق له لجعفر بن أمير المؤمنين نطق إذا يميني مشغولة ببيعة أمير المؤمنين وشمالي مشغولة ببيعة هارون فأبايع بماذا فنطق له تخلع هارون وتبايع جعفراً فنطق يا أمير المؤمنين أنا رجل أدين بنصيحتك ونصيحة الأئمة منكم أهل البيت وباللّه لوتخوفت حتى تحرقني على صدقي إياك بالنار لما حجزني ذلك عن صدقك إذا البيعة يا أمير المؤمنين إنما هي أيمان وقد حلفت لهارون بمثل ما تستحلفني به لجعفر وإن خلعت اليوم هارون خلعت جعفر في غد وكذلك جميع من حلف لهارون على هذا فغدر به نطق فاستشاط موسى من قوله وأمر بوجء عنقه وتسرعت جماعة من الموالي والقواد نحوه بالجررة والعمد فنهاهم الهادي عنه ثم عاوده الأمر بالبيعة فنطق يا أمير المؤمنين قولي هذا قولي الأول فزبره الهادي ونطق له اخرج إلى لعنة اللَّه لا بايعت ولا والىأصحابك ألف سنة ثم أمر بإخراجه من الدار بعيساباذا وإسقاط قيادته ونطق أطلقوه لينفد حيث أحب لاصحبه اللّه ولا كلأه ثم وجم مقدار نصف ساعة لا يأمر ولا ينهى ثم حمل رأسه ونطق ليندون خادمه الحق الفاجر فنطق له ألحقه فأصنع به ماذا فنطق ترده على أمير المؤمنين نطق فلحقه يندون فيما بين باب خراسان وباب بردان بالقرب من الموضع المعروف بباب النقب وهويريد منزله على نهر المهدي فرده فلما ولج نطق له يا حائك تبايع أهل بيت أمير المؤمنين فيهم عم جده وعم أبيه وعمومته وإخوته وسائر لحمته وتبايع وجوه العرب والموالي والقواد وتمسك أنت عن البيعة فنطق هرثمة يا أمير المؤمنين وما حاجتك إلى بيعة الحائك بعد بيعة من ذكرت من أشراف الناس ألا إذا الأمر على ما حكيت لك إنه لا يخلع اليوم أحد هارون ويبقى في غد لجعفر نطق الطيفوري فالتفت الهادي إلى من جاء مجلسه فنطق لهم شاهت الوجوه صدق واللَّه هرثمة وبر وغدرتم وأمر الهادي عند هذا الكلام لهرثمة بخمسين ألف درهم وأبتره الموضع الذي لحقه فيه يندون فسمي ذلك الموضع عسكر هرثمة إلى هذه الغاية وانصرف الناس كلهم في أمر عظيم من أمر ذي قدر قد غمه ما لقيه به الخليفة ومما يتسقطه من البلاء إذا وقع بالهادي حادث لمسارعتهم إلى خلع الرشيد ومن بطانته لجعفر قد كانوا أملوا خلافة صاحبهم والغنى بما قد قلد منهم فصاروا يتخوفون على نفس صاحبهم التلف وعلى أنفسهم حتى سلموا من القتل والبلاء والفقر ودخل موسى الهادي على أمة العزيز فنطقت له يا أمير المؤمنين ما أحسب أحداً عاين ولا سمع بمثل ما عاينا وسمعنا فإن أصبحنا في غاية الأمل لهذا الفتى وأمسينا على غاية الخوف عليه‏.‏ فنطق إذا الأمر لعلى ما ذكرت وأزيدك واحدة نطقت وما هي يا أمير المؤمنين نطق أمرت برد هرثمة لأضرب عنقه فلما مثل بين يدي حيل بيني وبينه واضطررت إلى حتى وصلته وأبترته وأنا على زيادة حمل مرتبته والتنويه باسمه فبكت أمة العزيز فنطق لها أرجوحتى يسرك اللَّه فتوهمت وتوهم جميع من يطيف بها أنه على اغتيال الرشيد بالسم فلم يمهل ولم تمض به ليال قلائل حتى توفي الهادي وولي الخلافة هارون الرشيد فواللَّه لقد أحسن غاية الإحسان في أمر جعفر وزاده نعماً إلى نعمه وزوجه أم محمد ابنته نطق يوسف بن إبراهيم وحدثني أبومسلم عن حميد الطائي المعروف بالطوسي - ولم يكن حميد طوسياً وكانت كورته في الديوان مرووكذلك كورة طاهر مرووالطاهر ولي بوشنج وموسى بن أبي العابس الشاشي لم تكن كورته الشاش وكورته هراة ومحمد إبن أبي الفضل الطوسي كورته نسا وهومنسوب إلى طوس والسبب في نسب هؤلاء وعدة من أصحاب الدولة إلى غير كورهم حتى منهم من كان مخرجه في كورة فنسب إلى الكورة التي فيها ضياعه ومنهم من ولي بلداً طالت فيه ولايته إياه فنسب إلى ذلك البلد - نطق أبومسلم اعتل أبوغانم يعني أباه علة صعبة فتولى علاجه منها الطيفوري المتطبب وكان في أبي غانم حدة شديدة تخرجه إلى قذف أصحابه والى الإقدام بالمكروه عليهم فإني لواقف على رأسه وأنا غلام في قبادر زبيرون إذ ولج عليه الطيفوري فجس عرقه ونظر إلى مائه ثم ناجاه بشيء لم أفهمه فنطق له كذبت يا ماص بظر أمه فنطق له الطيفوري أعض اللّه أكذبنا بكذا وكذا من أمه فقلت في نفسي مضىت واللَّه نفس الطيفوري فنطق أبوغانم يا ابن الكافرة لقد أقدمت ويلك كيف من الممكن أن اجترأت علي بهذا فنطق له واللَّه ما احتملت سيدي الهادي قط على لقائي بحرف خشن ولقد كان يقذفني فأرد عليه مثل قوله فكيف أحتمل لك وأنت كلب قذفي فحلف لي أبومسلم أنه رأى أباه ضاحكاً باكياً يفهم في بعض أسرة وجهه الضحك وفي بعضها البكاء ثم نطق له واللَّه إنك كنت ترد على أمير المؤمنين الهادي القذف الذي كان يقذفك به فنطق له الطيفوري اللهم نعم فنطق له فأسألك باللَّه لِمَ أحببت في عرض حميد ما أحببت وقذفته بما شئت من القذف متى قذفتك ثم بكى على الهادي بكاء كثيراً نطق يوسف فسألت الطيفوري عما حدثني به أبومسلم من ذلك فبكى حتى تخوفت عليه الموت مما تداخله من الجزع عند ذكر حميد ونطق واللَّه ما عاشرت بعد الهادي أحر نفساً ولا أكرم طبعاً ولا أطيب عشرة ولا أشد إنصافاً من حميد إلا أنه كان صاحب جيش فكان يظهر ما يجب على أصحاب الجيوش إظهاره‏.‏ فإذا صار مع إخوانه كان كأنه من المنبترين إليهم لا من المفضلين عليهم نطق يوسف وحدثني الطيفوري أنه كان مع حميد الطوسي بقصر إبن هبيرة أيام تغلب صاحبنا على مدينة السلام وما والاها فقدِمت عليه جماعة من جبل طيء عليهم رئيس لهم يقدمونه على أنفسهم ويقرون له بالفضل والسؤدد عليهم فأذن له في الدخول عليه في مجلس عام قد احتشد لإظهار عدده فيه ثم نطق لذلك الرئيس ماأقدمك يا ابن عم فنطق له قدمت مدداً لك إذ كنت على محاربة هذا الدعي لما لا يجب له ولا يستحقه يعني صاحبنا فنطق له حميد لست أقبل مدداً إلا من وثقت بصرامته وقوة قلبه واحتماله لما تصعب على أكثر الناس في نصرتي ولا بد من امتحانك فإن خرجت على المحنة قبلتك وإلا رددتك إلى أهللك فنطق له الطائي فامتحني بما أحببت فأخرج حميد عموداً من تحت مصلاه ثم نطق له إبسط ذراعك فبسط ذراعه فحمل حميد العمود على عاتقه ثم هوى به إلى ذراع الطائي فلما قرب العمود من ذراعه حمل يده فأظهر حميد غضباً عليه ثم نطق له رددت يدي فترضاه الطائي ثم نادىه إلى معاودة إمتحانه فأمره حميد بإظهار ذراعه فعمل فحمل حميد العمود ليضرب به ذراعه فلما قرب العمود من ذراع الطائي عمل مثل عمله في المرة الأولى فلما جذب ذراعه ولم يمكن حميداً من ضربها بالعمود أمر بسجنه بعد سحبه في مجلسه وأخذ دوابه ودواب أصحابه وطردهم من معسكره فانصرفوا من عنده رجالة بأسوأ حال نطق الطيفوري فلمته على ما كان منه فاستضحك ثم نطق لي قد أطلقت لك الضحك مني والإستهزاء بي وقذف عرضي متى تحدثت في الطب بحضرتك بشيء تنكره فأما قيادة الجيوش فذلك ما لا يناسبك فيه حظ فلا تنكر مخالفة رأيك رأيي ثم نطق لي أنا رجل من يمن وكان الرسول صلى الله علية وسلم مضرياً والخلافة في أيدي مضر فكما أني أحب قومي فكذلك الخلفاء تحب قومها وإن أظهرت ميلاً إلى قومي في بعض الأوقات وانحرافاً عمن هوأمس بها رحماً مني فإني غير شاك في ميلها إليهم إذا حققت الحقائق ومعي من أبناء نزار بشر كثير وكان في استشعاري من قدم علي من قومي مفسدة لقلوب من قد امتحنته وعهدت بلاءه من النزارية ولست أدري لعل جميع من أتاني من عشيرتي لا يساوي رجلاً واحداً من النزارية فأردت بما كان مني استجلاب قلوب من معي وأن ينصرف من أتاني من عشيرتي منذرين لا مبشرين لأنهم متى انصرفوا منذرين انبترت عنا مادتهم ومتى انصرفوا مبشرين أتاني منهم من لا يسعه مال ما في أيدينا من السواد عملمت أنه قد أصاب التدبير ولم يخطئ فيما بنى عليه أمره‏.‏

المصادر