عبد العظيم الديب

عودة للموسوعة

عبد العظيم الديب

التعريف به ونشأته

عبد العظيم الديب

ولد الشيخ عبد العظيم الديب في إحدى قرى محافظة الغربية بمصر عام 1348 هـ/ 1929م، وحفظ القرآن الكريم منذ صغره في كُتّاب القرية، ثم أتم تعليمه في معاهد الأزهر الابتدائية والثانوية، وانتظم في صفوف جماعة الإخوان المسلمين منذ بواكير شبابه، وتتلمذ مع الشيخ القرضاوي على الأستاذ البهي الخولي، ثم تخرج في كلية دار العلومبجامعة القاهرة، وحصل على درجة الماجستير منها حول دراسة عن حياة الإمام الجويني وآثاره، كما حصل على درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف برسالة جامعية أخرى عن فقه الإمام الجويني، ثم غادر مصر متوجهًا إلى قطر عام 1396هـ/ 1976م؛ حيث عمل أستاذًا ثم رئيسًا لقسم الفقه والأصول بكلية الشريعة جامعة قطر سابقًا، ومدير مركز بحوث السيرة والسنة فيها بالنيابة.

وقد تربى الشيخ عبد العظيم الديب على العلامة المحقق شيخ العروبة فريد العصر إمام العربية أبي فهر محمود محمد شاكر رحمه الله تعالى، كما تتلمذ أيضًا على يد العلامة المحقق عبد السلام هارون، والعلامة الفقيه مصطفى أبوزيد، والعلامة الأصولي عبد الغني عبد الخالق رحمهم الله تعالى.

إن العلامة الدكتور عبد العظيم الديب من تلك المدرسة التي أنشأها آل شاكر رحمهم الله تعالى، وأهم ما يميز تلك المدرسة حتى جميع من تخرج فيها فهماء مشايخ أفراد بين أقرانهم.


فإذا كان العلامة المحدث الفقيه الأصولي اللغوي محدث الديار المصرية باعث النهضة الحديثية شمس الأئمة أبوالأشبال أحمد بن محمد شاكر أشهر هذه المدرسة ومنشئها، فإن أخاه وربيبه وتلميذه العلامة المحقق شيخ العروبة فريد العصر إمام العربية أبا فهر محمود محمد شاكر -رحمه الله تعالى- هوالذي فرخ التلاميذ ورباهم ورعاهم.


جهوده الفهمية ومؤلفاته

اختار الدكتور العلامة الدكتور عبد العظيم الديب منذ وعى طريقًا للفهم طريق التحقيق الفهمي، ووجَّه جُلَّ اهتمامه لدراسة التراث الإسلامي، الذي يرى أنه هوالأساس الذي لا أساس سواه لبناء ثقافتنا، وكان يرى حتى الشرط الأهم من الشروط الغائبة لنهضتنا هوإعادة قراءة التاريخ الإسلامي، والدراسة الفهمية الواعية لدورتنا الحضارية.

وعكف على تراث إمام الحرمين الجويني حتى وُصف بـ(صاحب إمام الحرمين)، وأخرج من خطه: "البرهان"، و"غياث الأمم"، و"الدرة المضيئة".

كما منَّ الله تعالى على الأمة العربية والإسلامية وعلى الدكتور عبد العظيم حتى أخرج لنا موسوعته الفقهية "نهاية المطلب في دراية الممضى"، التي قدم لها العلامة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الإتحاد العالمي لفهماء المسلمين، واصفًا تلك الموسوعة بـ"الخدمة الجليلة للمخطة الإسلامية".

وعن جهود الشيخ رحمه الله في تحقيق هذه الموسوعة يقول الأستاذ جمال سلطان:

"هل يتصور أحد حتى يعكف رجل واحد على جمع وتحقيق موسوعة فهمية ضخمة تبعثرت أجزاؤها ومجلداتها في بلاد كثيرة من القاهرة إلى دمشق إلى إسطنبول إلى فاس إلى غيرها؛ لكي يضم شتاتها، ثم يعكف على سبرها وتحقيقها ثم ضبطها ثم إخراجها خلقًا آخر.. ليس كتابًا من مائة أومائتي صفحة، ولكنها موسوعة من أربعة وأربعين مجلدًا، بلغت عدد صفحاتها قرابة أحد عشر ألف صفحة من البتر الكبير، هذا إنجاز وحيد من إنجازات العلامة الكبير عبد العظيم الديب، مع موسوعة "نهاية المطلب في دراية الممضى" لإمام الحرمين الجويني، ولم يقف أمام هذا العمل أحد من أهل الفهم والراسخين في التحقيق إلا أذهله الجهد المبذول فيه، ولتقريب حجم هذا الجهد الذي استغرق عشرين عامًا من عمره وسهره وجهده، فإن ما قدمه في الموسوعة كان يكفيه لتأليف ضعف عدد مجلداتها خطًا في قضايا الفهم والفكر والتاريخ والفهم، ناهيك عن تحقيقه لخط أخرى للإمام الجويني مثل (غياث الأمم)، أبرز وأخطر ما ألفه السابقون في الفكر السياسي الإسلامي، وخط أخرى ألفها هوفي الفقه وأصوله حيث كان تخصصه، وكذلك في التاريخ حيث كان راسخ القدم في الإحاطة به والوعي بسننه".

أخلاقه

كل من رافق الشيخ أوجلس معه لاحظ بشدة مدى حب الشيخ -رحمه الله- لأساتذته الذين تفهم عليهم واستفاد منهم، ودوام ثنائه عليهم والنادىء لهم، خصوصًا العلامة الكبير الشيخ محمود شاكر، فقد كان كثير الذكر له والحديث عنه والإعجاب به (وحُقَّ له)، وكذلك الأستاذ عبد السلام هارون، رحم الله الجميع.

كانت الحياة قد عركت الشيخ وعاصر من الأمور ما جعل الجلوس إليه والحديث معه متعة ما بعدها متعه، خصوصًا ما يتعلق بتاريخ الأمة (والذي ذكر الشيخ أنه ما طرق بابه إلا دفاعًا عن الأمة وغيرةً عليها)، وأدوار الدعوة فيها والنظرة الثاقبة للمستقبل، وما ينبغي حتى يقوم به النادىة تجنبًا لكبوات الماضي.. وقد كان الشيخ مرجعًا في التاريخ، ذا نظرة ثاقبة واعية ودراسة وافية، يفهم هذا جميع من جلس إليه واستمع منه، أوجاء له محاضراته ودروسه.

والمعروف عن الدكتور عبد العظيم محبته وحرصه على الخمول وعدم الشهرة، مع تواضعه الجم وأدبه الرفيع وعفة لسانه، ولم يُعهد عنه يومًا أنه ذكر أحدًا بسوء أوذمَّ أحدًا من الفهماء، وإن أراد تنبيهًا لخطأ فبمنتهى الأدب والإنصاف.

من مؤلفاته

  1. إمام الحرمين أبوالمعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني، حياته وعصره - آثاره وفكره.
  2. فقه إمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله الجويني، خصائصه - أثره - منزلته.
  3. الدرة المضية فيما سقط فيه الخلاف بين الشافعية والحنفية.
  4. الندوة الألفية لإمام الحرمين الجويني.
  5. الغزالي وأصول الفقه.
  6. المنهج في كتابات الغربيين عن التاريخ الإسلامي، من إصدارات كتاب الأمة.
  7. نحورؤية جديدة للتاريخ الإسلامي.

من حدثاته

يقول الشيخ رحمه الله: كان من أكثر أساتذتي تأثيرًا شيخي الجليل الأستاذ محمود محمد شاكر.. فقد رأيت هذا العملاق العلامة يطيل التدقيق في جميع ما يخط، رأيت هذا من شيخي الجليل، فوعيت وتفهمت واقتديت بل وجدتني أولى بالتردد، والخشية ألف مرة.

ولقد استوعب ذلك مني بعض الأساتذة الأجلاء، والكرام الباحثين فكانوا يستفزونني، ويحثونني على حتى أنشر ما أخط. نطق لي الشيخ عبد الجليل شلبي: أنت ما ترغب حتى تقول آخر حدثة في الموضوع الذي تخطه، وهذا -يا بني- محال، إذا الحدثة الأخيرة لن تنطق أبدًا.. انشر ما تخطه، غيرك يكمله أويبني عليه، أويصححه، ولا حرج في ذلك.


إن تشويه التاريخ الإسلامي من الخطورة بمكان، فهي تتمثل في ناحيتين:

أ- تشويه الإسلام نفسه حيث يظهر عجزه عند التطبيق.

ب- القضاء على النموذج والمثال؛ فحين ينادي النادىة بتطبيق الإسلام دينًا ودولة، عقيدة وشريعة، سيجدون من يسأل: على أي نظام،يا ترى؟ على أي هيئة،يا ترى؟ على النمط الأموي الذي كان وكان... أم على النمط العباسي... أم على النمط العثماني؟!

وفاته

بعد جهاد طويل في خدمة دينه وأمته، وبعد معاناة طويلة مع السقم الذي ألَمَّ به منذ سنين، وفي مستشفى حمد العام بدولة قطر، توفي الشيخ عبد العظيم الديب، صباح الأربعاء العشرين من محرم 1431 هـ/ السادس من يناير 2010م .


نطقوا عنه

الدكتور يوسف القرضاوي

في تصديره لموسوعة "نهاية المطلب في دراية الممضى" نطق الشيخ القرضاوي متحدثًا عن الشيخ رحمه الله: "عهدت الدكتور الديب -منذ يفاعته- رجل صدق.. صدق مع نفسه، وصدق مع ربه، وصدق مع إخوانه، وصدق مع الناس أجمعين، مستمسكًا بالعروة الوثقى لا انفصام لها".

وتابع: "عهدته قوي الإيمان، عميق اليقين، نير البصيرة، نقي السريرة، يقظ الضمير، حي القلب، جياش العاطفة، طاهر المسلك، بعيدًا عن الريبة".

وأضاف: "وعهدت فيه الحماس والغيرة لما يؤمن به.. لا يضن بجهد ولا وقت ولا نفس ولا نفيس في سبيل ما يؤمن به، مدافعًا عنه وإن خالفه الناس، وقد يغلوفي الدفاع عن بعض الفصائل الإسلامية حتى يكاد يحسبه سامعه من المتشددين، وما هومنهم".

وبيَّن حتى "الدكتور الديب رجل عالم بحاثة دءوب، طويل النفس، دقيق الحس، نافذ البصيرة، متمكن من مادته، قادر على الموازنة والتحليل، له ملكة فهمية أصيلة يقتدر بها على الفَهْم والفحص والنقد، صبور على متاعب الفهم، وللفهم متاعب ومشقات لا يدركها إلا من مارسها وعايشها". ونطق القرضاوي إنه رغم رشاقة قلمه وبلاغته "لم يشغله (التأليف) كما شغله (التحقيق)، فقد اختار الطريق الوعر، والمهمة الأصعب".

ودلل القرضاوي على صعوبة مهمة التحقيق والجهد فيها قائلاً: "إن تحقيق (النهاية) أو(نهاية المطلب) كان حلمًا وأمنية له منذ عهد إمام الحرمين، ثم غدا أملاً وراتى، ثم تحول إلى حقيقة منذ بدأ يبحث عن نسخه منذ سنة 1975م، ومنذ وصل إلى قطر سنة 1976م وهومشغول بالكتاب".

وتابع: "ومنذ نحوعشرين عامًا وهوعاكف على (النهاية) أو(نهاية المطلب) أعظم آثار الإمام الفقهية، وأبرز ما يعهد بقدره في الفقه، ومنزلته في التأصيل والاستنباط.. عايشه هذه السنين ورافقه.. يقرؤه على مهل، ويجتهد حتى يفهمه على الصواب ما أمكن، وأن يفسر غامضه، ويفك طلاسمه".

وعن معاناته في تحقيق "نهاية المطلب" يقول القرضاوي: "أنا أدرى الناس بما عاناه الدكتور الديب في تحقيقه لهذا المخطوط، من حيث جمع أصوله المبعثرة في شتى مخطات العالم، فقد ظل يقرأ فهارس المخطوطات ويتتبعها، ويزور المخطات هنا وهناك بنفسه، ويسأل العارفين، ويستعين بالأصدقاء، وأنا منهم؛ ليبحثوا له عن نسخ من الكتاب، حتى جمع أقصى ما يمكن الحصول عليه من أجزاء الكتاب من مظانه في العالم، عن طريق التصوير طبعًا".

وتابع: "جَهَد د. الديب جُهده حتى جمع من الكتاب عشرين نسخة صورها من مخطات العالم في القاهرة والإسكندرية وسوهاج من مصر، ودمشق وحلب من سوريا، والسلطان أحمد وآيا صوفيا من هجريا، ولكن لم توجد منه نسخة كاملة، وبلغ عدد مجلداتها (44)، وعدد أوراقها (10336)، ونسخت بخط اليد في (14590) صفحة".

وتابع: "بالإضافة إلى المختصرات والنصوص المساعدة، وهي تسع نسخ، بلغ عدد مجلداتها (15)، وعدد أوراقها (3750) تقريبًا".

وبيّن حتى الدكتور الديب ينتمي إلى مدرسة في التحقيق متميزة، شيوخها الكبار: آل شاكر أحمد ومحمود، وعبد السلام هارون، والسيد أحمد صقر -رحمهم الله- وأمثالهم.

  • ترجمة الشيخ عبد العظيم الديب - سيرة الإسلام
تاريخ النشر: 2020-06-04 07:10:05
التصنيفات: علماء دين مصريون, علماء دين سنة

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

تصنيف الإسكواش.. علي فرج يستعيد صدارة التصنيف العالمي

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-05 12:22:26
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 49%

"مدرسة تحسين الخطوط العربية".. أحدث إصدارات هيئة الكتاب

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-05 12:21:52
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 51%

5 قتلى و8 جرحى بهجوم مسلح في الإكوادور

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-05 12:22:28
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 65%

عضو إسكان النواب: الدولة نجحت في القضاء على المناطق العشوائية الخطرة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-05 12:21:42
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 56%

مدرب برتغالي مرشح لخلافة منذر الكبير في الرجاء

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-05 12:22:31
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 61%

الأرصاد: نشاط للرياح مثير للرمال والأتربة خلال الـ72 ساعة المقبلة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-05 12:22:25
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 42%

ليون المكسيكي في كأس العالم للاندية

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-05 12:22:25
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 62%

تقديم "جزيرة الحياة" على مسرح مكتبة مصر العامة بالمنيا (صور)

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-05 12:21:54
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 57%

أسعار الفراخ اليوم الإثنين 5 يونيو 2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-05 12:21:45
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 63%

باق 15 يوما.. متى يبدأ فصل الصيف رسمياً وكم يبلغ طوله؟

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-05 12:22:29
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 41%

كلوب ليون المكسيكى رابع المتأهلين إلى كأس العالم للأندية

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-05 12:22:32
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 37%

الحماية المدنية تنقذ “كلب” محتجز بأحد العقارات بالفيوم

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-05 12:22:00
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 62%

مقتل شاب في الجبل الأحمر الاحتفاظ بخمسة أشخاص

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-05 12:22:33
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 53%

تحميل تطبيق المنصة العربية