وبار
ذكر الهمداني حتى وبار هوشقيق "كيومرت" وينطق "جيومرت"، وقد أولدهما "أميم". وبوبار عهدت أرض "وبار"، وهي أرض أميم.
واتى في جغرافيا "بطلميوس" امم شعب ربي دعي "Iobaritai" "Jobaritae" "Jobabitae" ، على أنه من شعوب العربية الجنوبية، ويسكن على مقربة من أرض قبيلة أخرى نادىها Sachalitae ، وتقطن عند خليج يدعى باسمها "Sinus Sahalits". وهذا الاسم قريب جداً من اسم "وبار"، لذلك مضى المستشرقون إلى حتى "Jobaritae"، هوشعب وبار أو"بنووبار". غير حتى هنالك عدداً من الفهماء يرون حتى الاسم الأصلي الذي ورد في جغرافيا بطلميوس هو"يوباب"، غير حتى النساخ قد أخطأوا في النسخ فحرفوا حرف الباء "B" الثاني في هذا الاسم وصيّروه راء "R"، فصار الاسم بعد هذا التحريف "Jobabitae". فالشعب الذي قصده بطلميوس - على حد قول هؤلاء - هو"يوباب" أو"يباب"، إلا انه لا يوجد هنالك مرشد قوي يثبت حدوث هذا التحريف.
وفي موضع ليس ببعيد هذا ا،كان الذي ذكره بطلميوس تقع أرض وبار الشهيرة، وهي بين رمال يبرين واليمن "ما بين نجران وحضرموت وما بين مهرة والشحر"، أوما بين الشحر إلى تحوم صنعاء. وقيل: " قرية وبار كانت لبني وبار، وبين رمال بني سعد وبين الشحر ومهرة"، والنسبة إليها "أباري". ونرى إذا هذه النسبة قريبة من الاسم الذي ذكره بطلميوس.. ويدعي "ياقوت الحموي" إنها مسماة ب "وبار بن إرم بن سام بن نوح".
أسطورة النسناس
وقد روت الخط العربية قصصاً كثيرة عن "وبار"، ومن جملة الأساطير التي تروى عنها أسطورة "النسناس". وتتلخص في أنهم "من ولد النسناس بن أميم بن عمليق بن يلمع بن لاوذ بن سام"، وأنهم كانوا في الأصل بشراً، فجعلهم الله نسناساً، للرجل منهم نصف رأس ونصف وجه وعين واحدة ويد واحدة ورجل واحدة، وأنهم صاروا يرعون كما ترعى البهائم، وأنهم يقفزون قفزاً شديداً ويعدون عدواً منكراً. والظاهر حتى لهذه القصص والأساطير أصولاً جاهلية، وقد وضع منها في الإسلام شيء كثير، ووضع معها شعر كثير على لسان ذلك "الإنسان الحيوان"، ولا يزال الناس يروونها حتى الآن.
وقد أنكر بعض المستشرقين، وجود وبار، وزعموا أنهم من الشعوب التي ابتكر وجودها القصاص قائلين إذا تلك الرمال الواسعة المخيفة هي التي أوحت إلى القصاص والأخباريين إختراع شعب "وبار" وقصص النسناس. والذي أراه حتى هذا لا يمنع من وجود شعب بهذا الاسم، وإن كنا لا نعهد من أمره شيئاً إلا هذه القصص والأساطير. وقديماً أنكروا وجود عاد وثمود، ثم اتضح بعد ذلك من الكتابات وجود عاد وثمود. إلى غير ذلك قد يعثر في المستقبل على كتابات وبارية لعلها تلقي ضوءاً على حالة ذلك الشعب.
وتجد في رواية أهل الأخبار عن عمار "وبار" وكثرة زروعها ومراعيها ومياهها في الجاهلية شيئاً من الأساس. فقد أيد السياح ذلك، وأثبتوا وجود أثر من آثار عمران قديم. وهوسند يتخذه القائلون بتطور جوّ بلاد العرب، وسطحها لإثبات رأيهم في هذا التغيير.
افادات المستشرقين
ولم يمضى اسم "وبار" من ذاكرة سكان العرب حتى هذا اليوم. فهم يروون حتى في الربع الخالي موضعاً منكوباً هوالآن خراب، هومكان "وبار". وقد قاد بعض الأعراب "فلبي" إلى موضع في الربع الخالي، نطق له عنه إنه مكان "وبار" المدينة التي غضب الله عليها، فأنزل بها العقاب، وصارت، خراباً. وقد تبين ل "فلبي" حتى ذلك الموضع هوفوهة بركان، قذف حمماً، فبانت الأرض المحيطة به وكأنها خرائب تولدت من حريق. وتحدث أعراب آخرون للسائح "برترام توماس" عن مكان آخر يقع في جنوب شرقي هذا الموضع بمسافة "250" ميل، نطقوا له إنه مكان "وبار" المدينة المفقودة المنكوبة كما عثر رجال شركة "أرامكو" على موضع في البادية وذلك في سنة 1944 ؛ زعم لهم الأعراب انه مكان وبار، مما يشير على حتى الأعراب يطلقون اسم وبار على مواضع عديدة تقع في البوادي. والبوادي أنسب مكان يليق في نظرهم بانقد يكون موطن وبار.
المصادر
جواد علي. المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام.