الديدرية

مغارة الديدرية.

الديدرية مغارة أثرية في وادي الديدرية Dederiyeh، بسلسلة جبال سمعان (منطقة عفرين)، شمالي حلب، أبعادها 60×15م وارتفاعها 10م، اكتشفت المغارة من قبل بعثة سورية - يابانية بإشراف سلطان محيسن وتاكيروأكازاوا T.Akazawa، في عام 1987. ثم بدأت فيها تنقيبات نظامية منذ عام 1989، ولازالت مستمرة حتى اليوم.

كشفت التنقيبات، التي هجرزت في القسم الرئيس من المغارة، عن 15 طبقة أثرية، بلغت ثخانتهاخمسة أمتار، وهي تدل على سكن المغارة من قبل إنسان النياندرتال في العصر الحجري القديم الأوسط (الباليوليت الأوسط)، الواقع بين 20000 - 40000 سنة خلت.

أهم المكتشفات

من أبرز المكتشفات التي أتت من هذه المنطقة، الهياكل العظمية العائدة إلى هذا الإنسان، إذ عثر على بقايا عظمية متنوعة تعود لنحو15 شخصاً، أكثرهم من الأطفال، وأهمها الهيكل العظمي المسمى طفل الديدرية الأول، الذي عثر عام 1993 في الطبقة الثالثة عشرة، على عمق 1.5م تقريباً من سطح الأرض، ويعود لطفل عمره 2.5 سنة تقريباً، دفن في حفرة مستلقياً على ظهره، ويداه ممدودتان، وقدماه مثنيان، وتحت رأسه بلاطة حجرية، وعلى صدره من جهة القلب أداة صوانية عليها مؤشرات تدل على عملية دفن شعائري هي من أقدم ما عهد في العالم. هذا الهيكل هوالأفضل حفظاً من نوعه حتى اليوم. وهناك الهيكل الثاني الذي عثر عام 1997-1998، المسمى طفل الديدرية الثاني، وهومن عمر الطفل الأول تقريباً، وقد عثر في الطبقة الثالثة في المغارة، على عمق 50سم من السطح، في حفرة أبعادها 70×50سم، وعمقها25سم، لكنه ليس كاملاً، وإنما اقتصر على عظام الرأس والأطراف، ووجدت معه كميات مختلفة من الأدوات الحجرية وعظم ظهر سلحفاة.

لقد أعطت الطبقات الأثرية أيضاً أدوات حجرية متنوعة، أهمها النصال والمقاحف العائدة إلى ما يسمى بالحضارة الموستيرية، وهناك بقايا المواقد والبقايا العظمية للماعز والغنم والبقر والغزال والحصان وغيرها إضافة إلى بقايا نباتية ولاسيما اللوز.

لقد أرخت الطبقات الأثرية في المغارة على عصر يراوح بين 50000 - 80000 سنة خلت، وهناك آثار استيطان يعود إلى الألف الثانية عشرة ق.م (العصر النطوفي). وتعد هياكل الديدرية من أبرز مكتشفات القرن العشرين في المنطقة، وهي المكتشفات الأولى من نوعها في سورية، وتلقي ضوءاً جديداً على قضية ظهور إنسان النياندرتال وانتشاره في الأرض وعلاقته بالإنسان العاقل، وهذا موضوع نقاش وبحث مستمرين جدياً في الأوساط الفهمية العالمية لأهميته البالغة في فهم قضية نشوء الإنسان وتطوره وانتشاره على وجه المعمورة.