هاشم الأتاسي

عودة للموسوعة

هاشم الأتاسي

Hashim al-Atassi
هاشم الأتاسي
President of Syria
في المنصب
December 21, 1936 –سبعة July 1939
سبقه Muhammad 'Ali Bay al-'Abid
خلفه Bahij al-Khatib
في المنصب
December 1949 – December 24, 1951
سبقه Husni al-Za'im (Military Rule)
خلفه Fawzi Selu (Military Rule)
في المنصب
March 1, 1954 – September 6, 1955
سبقه Adib Shishakli (Military Rule)
خلفه Shukri al-Quwatli
Prime Minister of Syria
في المنصب
17 أغسطس 1949 – 24 ديسمبر 1949
سبقه Rida Pasha al-Rikabi
خلفه Alaa al-Din al-Durubi Basha
في المنصب
مايو, 1920 – 28 يوليو1920
سبقه Muhsin al-Barazi
خلفه Nazim al-Kudsi
Speaker of the Parliament of Syria
في المنصب
11 ديسمبر 1919 – 17 يوليو1920
سبقه office established
خلفه Badi' Muwayyad
في المنصب
11 أغسطس –ستة سبتمبر 1928
سبقه Badi' Muwayyad
خلفه Faris al-Khoury
تفاصيل شخصية
وُلِد 1875
دمشق, سوريا العثمانية
توفي 5 ديسمبر 1960 (aged 85)
دمشق, سوريا
الحزب National Bloc
الدين الإسلام

هاشم الأتاسي (1875 -خمسة ديسمبر/كانون الأول 1960) هوثاني رئيس للجمهورية السورية في ثلاث فترات بين 21 ديسمبر/كانون الأول 1936 و7 يوليو/تموز 1939 وديسمبر/كانون الأول 1949 و24 ديسمبر/كانون الأول 1951 ثم 1 مارس/آذار 1954 و6 سبتمبر/أيلول 1955، وتاسع حاكم لسوريا منذا الاستقلال عن الدولة العثمانية؛ كما أنه شغل مناصب بارزة في الجمهورية السورية فشكّل الوزارة مرتين عام 1920 و1949 ورأس المؤتمر السوري العام بين 1919 و1920 والمجلس النيابي عام 1928، وكذلك لجان وضع الدستور الثلاث أعوام 1920 و1928 و1950، وانتخب للنيابة عن حمص عدة مرات. ينتسب الأتاسي لعائلة غنية ومعروفة في حمص وقد شغل والده خالد الأتاسي منصب مفتي حمص، تفهم فيها وفي اسطنبول وعمل في ظل الدولة العثمانية في بيروت وحمص، وكان من المقربين من الملك فيصل الأول خلال المملكة السورية العربية ونشط بعد ذلك خلال الانتداب الفرنسي على البلاد كناشط سياسي بارز مطالب بالاستقلال خصوصًا إثر تأسيسه وزعامته لحزب "الكتلة الوطنية" التي لعبت دورًا بارزًا في الحياة السياسية السورية قبل 1963.

حياته المبكرة وأوائل نشاطه

تعتبر عائلة الأتاسي التي ينتسب إليها من أشهر عائلات حمص الإقطاعية وأكثرها ثراءً، إضافة إلى نشاط سياسي محلي لها منذ عهد الدولة العثمانية. ولد هاشم الأتاسي فيستة ديسمبر/كانون الأول 1875، وتلقى دراسته الابتدائية والثانوية في حمص، ثم انتقل إلى اسطنبول حيث تفهم الإدارة العامة في الأكاديمية الملكية، وتخرج منها عام 1895. بداية حياته السياسية كانت في الدولة العثمانية عام 1898 حين تم تعيينه موظفًا مرموقًا في ولاية بيروت العثمانية، وبعد نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914 تم تعيينه محافظًا على حمص وحماة وبعلبك ويافا والأناضول، وإن كانت ولايته أشبه بولاية شرفية. بعد الحرب العالمية الأولى عام 1918 وقف الأتاسي في صف الوطنيين المطالبين بالاستقلال عن الدولة العثمانية، وانتخب عضوًا في المؤتمر السوري العام أول برلمان سوري في التاريخ، ضم أقطار بلاد الشام الأربعة في يونيو/حزيران 1919، وانتخب رئيسًا للمؤتمر. فيثمانية مارس/آذار 1920 أعرب قيام المملكة السورية العربية وبويع فيصل الأول ملكًا عليها بإجماع أعضاء المؤتمر السوري العام، وكلف الأتاسي رئاسة لجنة صياغة دستور المملكة، فأقر في يونيو/حزيران 1920، غير أنه لم يعمل به سوى لفترة قصيرة، بسبب سقوط المملكة. بعد استنطقة حكومة الركابي الثانية، كلّفه الملك فيصل الأول تشكيل الحكومة، فشكلها في 2 مايو/أيار 1920، وبذلك كان ثاني من شغل منصب رئيس الوزراء في سوريا، غير حتى عمر حكومته كان قصيرًا، وأحداثها متسارعة، فقد تلقفت الحكومة الإنذار الشهير باسم إنذار غوروثم قبلته في 13 يونيو، وأعربت حالة الطوارئ في 15 يونيو/حزيران وأعربت تطبيقًا لموافقتها على مبادئ الإنذار حل الجيش السوري في 20 يونيو/حزيران وهوما أدى إلى أحداث احتجاج وشغب في دمشق ومدن أخرى فضلاً عن احتلال المحتجين لقلعة دمشق، وقد استخدمت الحكومة الرصاص الحي ما أدى إلى مقتل عشرين متظاهرًا. لم يقتصر الأمر على ذلك، تذرع هنري غوروقائد الجيوش الفرنسية في الشرق بإنه لم يصله قبول الحكومة بالإنذار، ولذلك زحف إلى دمشق من بيروت في 21 يوليو/تموز والتقى مع بقايا الجيش السوري ومتطوعين في معركة ميسلون يوم 24 يوليو/تموز، وعمومًا فإنه حتى لولم يحل الجيش، لم يكن قادرًا بعتاده المتواضع لقاءة جيوش فرنسا في الشرق، مطلقًا. ولج الفرنسيون إلى دمشق في 25 يوليو/تموز وانتقلت الحكومة ومعها الملك إلى الكسوة، وقدّمت استنطقتها في اليوم نفسه كنتيجة لمعركة ميسلون واحتلال دمشق وتشكلت حكومة برئاسة علاء الدين الدروبي موالية للانتداب، وبعدها بثلاث أيام نفي الملك فيصل وبذلك انتهت المملكة السورية، بعد حتى مكث الأتاسي في رئاستها حوالي ثلاث أشهر، رغم ذلك فقد أثبت الأتاسي عن حنكة في الشؤون السياسية، خصوصًا حين عيّن عبد الرحمن الشهبندر المقرب من فرنسا وذوالعلاقات البارزة مع ساسة أوروبا بهدف إقامة تحالفات بين المملكة والغرب وكمحاولة لتفادي الانتداب الفرنسي على سوريا، غير أنه قد فشل في مسعاه.


الانتداب الفرنسي

Al-Atassi (second person seated from the left) in a visit to Saudi Arabia in the early 1930s wearing a Bedouin garb. To his left are Mohammad Amin al-Husayni, the Grand Mufti of Jerusalem and Shakib Arslan, an Arab nationalist philosopher from Lebanon

في أكتوبر/تشرين الأول 1927 اجتمع الأتاسي مع عدد من الناشطين البارزين ممن عهد عنهم مقارعة الانتداب الفرنسي على سوريا ومنهم شكري القوتلي وسعد الله الجابري وفارس الخوري وغيرهم، وأعربوا ميلاد "الكتلة الوطنية" التي اضطلعت بدور بارز في الحياة السياسية السورية حتى 1963، وشكّل حكومات منفردة عدة مرّات خلال مرحلتي الانتداب والاستقلال. تشكيل الكتلة الوطنية كان ردًا على حزب الشعب، الذي عهد عنه موالاته للفرنسيين وقد ترأسه عبد الرحمن الشهبندر، وكرد أيضًا على قمع الثورة السورية الكبرى التي انطلقت عام 1925 واستطاع الفرنسيون قمعها في أغسطس/آب 1927 بعد حتى زجت مائة وعشرة آلاف جندي فرنسي في سوريا، حيث نطق المجتمعون أنه من الممكن نيل استقلال سوريا وووحدتها بالوسائل السلمية بدلاً من المقاومة العنيفة. وقد ضمت الكتلة الوطنية التي أسسها الأتاسي إقطاعيين ومحامين وموظفين وطلاب، أي أنها ضمت جميع شرائح المجتمع السوري، ليس في حدود "الدولة السورية" التي أعربها الفرنسيون على دمشق وحلب فقط عام 1925 بل أيضًا في اللاذقية والسويداء ومناطق أخرى.

انتخابة رئيساً

انتخب هاشم الأتاسي رئيسًا للكتلة وعضوًا دائمًا في مخطها، وبعد مفاوضات تاج الدين الحسني مع المفوض الفرنسي هنري بونسووالتي أفضت لانتخابات جمعية تأسيسية لوضع دستور للبلاد عام 1928 رأس الأتاسي هذه الجمعية، وبالتالي وجهت له مهمة وضع الدستور السوري الثاني، وقد نصّ على كون النظام جمهوريًا برلمانيًا. خلال الاحتجاجات التي شهدتها سوريا خلال عام 1930 ردًا على عدم نشر الدستور والدعوة لانتخابات نيابية، اعتقل الفرنسيون الأتاسي عدة أشهر ونقلوه إلى جزيرة أرواد؛ وعندما نادى الفرنسيون لانتخابات نيابية في سوريا عام 1932، أسفرت الانتخابات عن فوز الكتلة الوطنية بسبعة عشر مقعدًا من بينهم الأتاسي، غير أغلب المؤرخين يرون تلاعبًا قامت به فرنسا في إعلان نتيجة الانتخابات، خصوصًا في حلب حيث سقط ابراهيم هنانوبما وصف "فضيحة الانتخابات" ليفوز نكرات. نتيجة المفاوضات بين الكتل النيابية تم التوصل لاتفاق يقضي بوصول محمد علي العابد رئيسًا للجمهورية كمرشح محايد وتشكيل حكومة مناصفة بين المعتدلين والكتلة الوطنية على حتى يرأسها حقي العظم المحسوب على المعتدلين، كذلك فقد انتخب بالتوافق صبحي بركات رئيسًا للمجلس النيابي بواحد وخمسين صوتًا لقاء سبعة عشر للأتاسي.

رئيسًا للجمهورية

في 21 ديسمبر/كانون الأول 1935 نظمت الكتلة الوطنية حفل تأبين لمناسبة ذكرى أربعين وفاة ابراهيم هنانوعلى مدرج الجامعة السورية، وأعرب فارس الخوري خلال الحفل "الميثاق الوطني"، وبدأت في أعقابه الإضرابات والاضطرابات الأمنية الدامية، بينما عجز العابد ومعه حكومة الشيخ التاج عن قمعها. وقد أغلقت في أعقاب هذه الاحتجاجات ممحرر الكتلة الوطنية في دمشق وحلب واعتقل عدد من قادتها كسعد الله الجابري فردّ الشعب بإضراب تام في دمشق ومدن أخرى دام ستين يومًا، واضطر الجيش الفرنسي للانتشار في شوارع المدن الرئيسية وهدد دي مارتيل بقصف دمشق كما حصل عام 1925، وشهدت العراق ولبنان والأردن وفلسطين ومصر مظاهرات مؤيدة للشعب السوري فضلاً عن دعم من بريطانيا، وبنتيجة الضغط الدولي اضطر المفوض الفرنسي لقاء هاشم الأتاسي رئيس الكتلة الوطنية، واتفق معه على تشكيل حكومة جديدة وتشكيل وفد سوري يقوم بالسفر إلى فرنسا للتفاوض حول معاهدة جديدة تضمن حقوق السوريين، وبنتيجة الاتفاق استنطقة حكومة الحسني وتشكلت رابع وآخر حكومات عهد العابد برئاسة عطا الأيوبي في 23 فبراير/شباط 1936؛ بعد حوالي شهر في 21 مارس/آذار غادر وفد الكتلة الوطنية إلى فرنسا ومكثت المفاوضات ستة أشهر حتى سبتمبر/أيلول، حين أعرب عن الاتفاق بين الوفد والحكومة الفرنسية فيتسعة سبتمبر/أيلول ونشرت نصوص مسودة الاتفاق في 22 أكتوبر/تشرين الأول على حتى تسقط قبل نهاية العام. ونادى العابد لانتخابات نيابية هي الثانية في تاريخ سوريا فازت بها الكتلة بالأغلبية الساحقة، وكان من النتائج المباشرة للاتفاق بين الكتلة وفرنسا عودة ارتباط دولة جبل العلويين ودولة جبل الدروز بالوطن الأم فيخمسة ديسمبر/كانون الأول 1936، لقاء احتفاظهما بالاستقلال الإداري والمالي، غير حتى نائب جبلة علي أديب عضوبرلمان دولة جبل العلويين أعرب تنازل اللاذقية عن استقلالها المالي والإداري لتكون "متساوية مع سائر المحافاظت السورية"، وأيدّه في ذلك سائر النواب وعيّن مظهر باشا أحد أركان الكتلة الوطنية محافظًا عليها. وقد افتتح البرلمان الجديد أعماله في 21 ديسمبر/كانون الأول 1935 وفي اليوم نفسه أوفد العابد كتاب استنطقته إلى المجلس فقبلها، وقد علل العابد سبب استنطقته بأسباب صحيّة بينما عثر عدد من المؤرخين حتى السبب يرجع لفوز الكتلة الوطنية، وعدم تمكن رئيس محايد من الاستمرار إثر فوز الكتلة بأغلبية ساحقة. وفي الجلسة التي قبلت فيها الاستنطقة انتخب هاشم الأتاسي رئيسًا.

الحرب العالمية الثانية

The presidential inauguration of Hashim al-Atassi, seen here delivering his speech, in Parliament on December 31, 1936.

مع نهاية عام 1938 بات واضحًا حتى فرنسا لا تود المصادقة على الاتفاقية وذلك خوفًا على ماقد يكون عليه الوضع طالما نشبت حرب مع ألمانيا تحت قيادة النازية، كرد على مماطلة فرنسا بالاستقلال وبعد تعذر إقرار قانون للأحوال الشخصية بين المحافظين وخصومهم والتي تطورت لأعمال عنف فضلاً عن سلخ لواء إسكندرون، وكذلك فإن عبد الرحمن الشهبندر ومعه حزب الشعب وكامل القصّاب، كانوا قد حشدوا الشارع للتظاهر ضد الكتلة الوطنية وضد حكم الأتاسي. بتكالب هذه العوامل قدّم الأتاسي استنطقته فيسبعة مايو/أيار 1939 ونطق في بيان الاستنطقة حتى فرنسا تواصل المماطلة حول الاستقلال السوري وسحب تام الجيوش الفرنسية، فضلاً عن إعلان لواء إسكندرون دولة مستقلة عام 1938 ثم انسحاب الجيوش الفرنسية منه لتدخلها الجيوش الهجرية عام 1939، وهوما يصفه المؤرخون برشوة لهجريا كي تظل على الحياد خلال الحرب العالمية الثانية التي كانت على الأبواب.

بعد استنطقته عاد الأتاسي إلى حمص، ورفض المشاركة في النشاط السياسي معلنًا تقاعده. السنوات اللاحقة لم تكن أبدًا بالمستقرة في سوريا، حيث علق العمل بالدستور وأعيد الحكم الفرنسي العسكري المباشر، كما حتى الجيش البريطاني احتلّ سوريا مع قوات جيوش فرنسا الحرة بقيادة شارل ديغول، واستمر الوضع طوال فترة الحرب العالمية الثانية على حاله. يذكر حتى شارل ديغول التقى الأتاسي خلال زيارة قام بها إلى حمص ونادىه للعودة عن استنطقته، مؤكدًا حتى فرنسا بعد نهاية الحرب تود الاعتراف بكامل استقلال سوريا بعد نهاية الحرب، رفض الأتاسي ذلك ونطق حتى تجربته في الرئاسة أثبتت أنه لا يمكن الوثوق بفرنسا، عمومًا فإنه عام 1941 تمّ تعيين تاج الدين الحسني رئيسًا للجمهورية، وعندما أعيدت الحياة الدستورية وجرت انتخابات نيابية عام 1943 فازت بموجبها الكتلة الوطنية مجددًا، لم يرشح الأتاسي نفسه، بل دعم ترشيح شكري القوتلي أحد زعماء دمشق، رئيسًا للجمهورية، وبالتالي عُرف الأتاسي بوصفه رئيسًا وبوصفه صانعًا للرؤساء. خلال الأزمة الحكومية عام 1947 عرض القوتلي على الأتاسي حتى يغدورئيسًا للوزراء بحيث يرأس حكومة وحدة وطنية، اشترط الأتاسي طالما قبوله تشكيل الحكومة الحد من صلاحيات الرئيس التي كانت متزايدة بما لا يتوافق وأحوال الجمهورية النيابية، غير حتى القوتلي رفض.

في آذار/مارس 1949 تمت الإطاحة بالقوتلي على يد رئيس أركان الجيش حسني الزعيم في أول انقلاب عسكري في الشرق الأوسط، وقد ترأس الزعيم حكومة عسكرية لمدة أربعة أشهر قبل حتى يطيح به انقلاب عسكري آخر في أغسطس/آب 1949 بقيادة سامي الحناوي الذي نادى الأتاسي للعودة عن تقاعده وتشكيل حكومة مؤقتة تشرف على انتخابات من شأنها استعادة الحكم المدني. امتثل الأتاسي لطلب الحناوي وضم حكومة وحدة وطنية تضم جميع الأطراف بما فيها حزب البعث العربي الاشتراكي حيث مثله ميشيل عفلق بوزارة الزراعة. ثم تمت خلال رئاسته للحكومة صياغة قانون انتخابي جديد، صوتت فيه النساء للمرة الأولى في 15 و16 نوفمبر/تشرين الثاني 1949، وتكونت جمعية تأسيسية انتخب لرئاستها، ثم رشح لولاية ثانية كرئيس للبلاد.

ولايته الثانية

Hashim al-Atassi's second inaugural address, having been elected by a unanimous vote in Parliament in December 1949 to replace the dictatorship of General Husni al-Za'im.

انتخب الأتاسي رئيسًا للمرة الثانية بإجماع الأعضاء في ديسمبر/كانون الأول 1949، غير حتى القلاقل عادت من حديث مع المطالبة بالوحدة مع العراق، وقد تحالف الأتاسي مع حزب الشعب وعين رئيسه ناظم القدسي رئيسًا للوزراء، وافتتحت مفاوضات للوحدة مع العراق. كذلك فقد شهدت ولايته الثانية إغلاق الحدود مع لبنان بحجة منع تدفق البضائع اللبنانية التي كانت تغرق السوق السورية. طوال 1950 كانت مفاوضات الانضمام إلى العراق تسير قدمًا خصوصًا بعد سفر الأتاسي إلى بغداد ولقاءه فيصل الثاني ملكها، ما أغضب أديب الشيشكلي أحد أبرز قادة الجيش، والذي حذّر الأتاسي من مغبة "استيلاء بغداد على دمشق"، رفض الأتاسي الضغوط العسكرية، فقام الشيكشلي بانقلاب عسكري واعتقل سامي الحناوي وأبرز المتعاطفين مع حزب الشعب، وعدد من الضباط الموالين للعراق في الجيش السوري، ثم طالب بتعيين فوزي السلووزيرًا الدفاع، لكونه من المقربين منه، بحيث يضمن عدم تأثير موالي العراق على الحكومة. نتيجة الانقلاب قبل الأتاسي بشروط الشيشكلي الأولى، ومع ذلك طلب من معروف الدواليبي أحد وجوه حزب الشعب تشكيل الحكومة، وقد رفض الدواليبي منح حقيبة الدفاع لفوزي السلو، وبنتيجة ذلك قام الشيشكلي بانقلاب آخر، واعتقل رئيس الوزراء وجميع أعضاء حزب الشعب وجميع الوزراء ورجال الدولة المؤيدين للأسرة الهاشمية، ثم حلّ البرلمان. احتجاجًا على ذلك قدم الأتاسي استنطقته إلى البرلمان المنحل في 24 ديسمبر/كانون الأول 1951، ورفض حتى يقدمها للشيشكلي، لكون حكمه غير دستوريًا. وطوال حكم أديب الشيشكلي بين 1951 و1954 قاد الأتاسي معارضة مستترة ضده مؤكدًا حتى حكمه غير دستوري. وبتضافر أنصار الكتلة الوطنية وأنصار حزب الشعب - الذين باتا من الأحزاب المحظورة - إضافة إلى مؤيدي الهاشمية، قامت انتفاضة وطنية من حلب في فبراير/شباط 1954، واعتقل عدنان نجل الشيشكلي، وكرد على ذلك وضع الشيشكلي الأتاسي تحت الإقامة الجبرية، ولم يقم بوضعه في السجن احترامًا لدوره البارز في الحياة السياسية السورية. في 1 مارس/آذار 1954 عاد الأتاسي من حمص إلى دمشق وتابع مهامه كرئيس للجمهورية، كما أعاد مجلس الوزراء ورئيسه معروف الدواليبي، واستعاد أيضًا جميع السفراء والوزراء والبرلمانيين الذين عزلهم الشيشكلي مناصبهم السابقة، وحاول الأتاسي خلال رئاسته الثالثة بكل قوته القضاء على جميع أثر لديكتاتورية الشيكشلي التي دامت أربع سنوات.


السنوات الأخيرة

قضى الأتاسي سنوات حكمه الأخيرة وله من العمر ثمانون عامًا، يحارب نفوذ ضباط الجيش ويسعى للحد من نفوذ الأحزاب اليسارية التي كانت تتنامى في البلاد إلى جانب الاشتراكية والتعاطف مع الاتحاد السوفياتي، وكذلك جمال عبد الناصر، الذي كان يدعمه عدد من وجوه آل الآتاسي من أمثال جمال الأتاسي ونور الدين الأتاسي. واستطاع الأتاسي خلال توليه السلطة تحييد سوريا والحفاظ عليها خارج المعسكر الاشتراكي.


خلافًا لمعظم المفكرين والقادة العرب، كان الأتاسي يعتقد حتى جمال عبد الناصر كان صغير السن لقيادة مصر والوطن العربي، وعديم الخبرة فضلاً عن آيديولوجيته الحادة، وعمد الرئيس السوري إلى إجراءات صارمة ضد التيار الناصري في سوريا، وسقط خلاف مع رئيس وزرائه صبري العسلي واتهمه بالسعي لتحويل سوريا إلى "قمر صناعي مصري". في عام 1955 كان الأتاسي يميل للقبول بحلف بغداد وهوالاتفاقية المرعيّة من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وتهدف إلى احتواء نفوذ الاتحاد السوفياتي في المنطقة، ولكن الضباط الناصريين في الجيش السوري منعوه من القيام بذلك. وخلال الصراع بين العراق الهاشمي ومصر عبد الناصر وقف الأتاسي إلى جانب العراق وتحالف مع نوري السعيد. وبعد حتى أنطق العسلي عيّن فارس الخوري رئيسًا للوزراء ليكون بذلك السوري المسيحي الوحيد الذي يتولى منصب رئيس الوزراء. وقد أوفد الأتاسي، رئيس وزرائه الخوري إلى مصر، لتقديم احتجاج لدى الحكومة المصرية على "هيمنة عبد الناصر على الشؤون العربية".

انتهت ولاية الأتاسي في سبتمبر/أيلول 1955 واعتزل الحياة السياسية وأقام في دار للعجزة. في عام 1956 أدين ابنه عدنان الأتاسي بالتحالف مع العراق لتدبير انقلاب عسكري للإطاحة بشكري القوتلي الموالي لعبد الناصر، وقد حكم على عدنان بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى، لكن احترامًا لوالده تم تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد. ويعتقد حتى الضباط الذي لفوا المحكمة العسكرية قد أصدورا أحكامًا قاسية انتقامًا من الأتاسي خصوصًا لكونه قد كبح جماح السلطة العسكرية خلال ولايتيه الثانية والثالثة، ومع ذلك فقد رفض زيارة ابنه في السجن.

توفي في حمص يومستة ديسمبر/كانون الأول 1960 خلال سنوات الجمهورية العربية المتحدة، وكانت جنازته الأكبر في تاريخ المدينة وحضرها جمال عبد الناصر إلى جانب كبار المسؤولين في الدولة، وقد تحققت رؤيته للجمهورية العربية المتحدة إذ انفصلت عام 1961 بعد ثلاثة أشهر من وفاته، وقد انتخب اثنان من أفراد أسرته هما لؤي الأتاسي ونور الدين الأتاسي رئيسين للجمهورية من بعده.

قيل عن الأتاسي بأنه رجل "المبادئ السلمية" والمؤيد "للطرق الدستورية" إلى جانب احترامه لجميع اللاعبين في السياسة السورية، ويعتبر واحد من قلة في الطبقة السياسية السورية من حقبة ما قبل البعث لم ينتقده البعثيون ويشهروا بسيرته بعد وصولهم إلى السلطة عام 1963. وقد نشرت سيرة حياته في سوريا عام 2005 على يد حفيده، غير أنه لم يهجر وراءه أي مذكرات يومية، تؤرخ للفترة التي تولى خلالها رئاسة البلاد.



المصادر

  1. ^ هاشم الأتاسي رئيسًا، الحكواتي، 25 آب 2011.
  2. ^ هاشم الأتاسي، حياته وعصره، البيان، 26 آب 2011.
  3. ^ سوريا خلق دولة وولادة أمة، وديع بشور، دار اليازجي، دمشق 1994، ص.398
  4. ^ سوريا خلق دولة وولادة أمة، وديع بشور، دار اليازجي، دمشق 1994، ص.403
  5. ^ هاشم الأتاسي والقيم التي لا تسقط أبدًا، صحيفة قاسيون، 25 آب 2011.
  6. ^ هاشم الأتاسي، مسارات، 25 آب 2011.
  • Sami Moubayed "Steel & Silk: Men and Women Who Shaped Syria 1900-2000" (Cune Press, Seattle, 2005).
  • Encyclopædia Britannica
سبقه
French Mandate Heads of State
President of Syria
1936-1939
تبعه
Bahij al-Khatib
سبقه
Husni az-Zaim (military rule)
President of Syria
1949-1951
تبعه
Fawzi as-Silu (military rule)
سبقه
Adib ash-Shishakli (military rule)
President of Syria
1954-1955
تبعه
Shukri al-Kuwatli
تاريخ النشر: 2020-06-04 14:16:43
التصنيفات: Use mdy dates from August 2010, مقالات تستعمل قوالب صيانة غير مؤرخة, Persondata templates without short description parameter, مواليد 1875, وفيات 1960, عرب من الدولة العثمانية, أشخاص من حمص, رؤساء سوريا, رؤساء وزراء سوريا, المتحدث باسم برلمان سوريا, National Bloc (Syria) politicians, آل الأتاسي

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

تدريبات منفردة لـ حمدي فتحي وعبدالمنعم قبل مواجهة إنبي في الدوري

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-03 12:21:06
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 70%

تعرف على منافذ الجيزة لتوفير السلع بأسعار مخفضة

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-03 12:20:35
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 52%

كيفية الاستعلام عن عدد أفراد بطاقة التموين 2023

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-03 12:20:57
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 50%

بيراميدز يفاوض «اسم مفاجأة».. والمدرب يطلب 120 ألف دولار شهرياً

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-03 12:20:52
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 63%

غدا.. «صحة المنيا» تطلق قافلة طبية إلى «الخياري» ضمن «حياة كريمة»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-03 12:21:13
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 68%

ضبط «الإمبراطور» أكبر تاجر عملة في حملة أمنية بالغربية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-03 12:21:12
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 67%

الأهلى يضع الرتوش الأخيرة مع رايو أفى البرتغالى لضم يعقوبو

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-03 12:21:07
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 53%

"The Washington Post": المغرب ضمن أفضل الوجهات السياحية لعام 2023

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-03 12:21:02
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 69%

الأهلي يعلن رسمياً إصابة كريم فؤاد بجزع في أربطة الركبة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-03 12:20:52
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 56%

«الصحة»: القوافل الطبية قدمت خدماتها لـ2.3 مليون مواطن العام الماضى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-03 12:20:59
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 62%

مثقفون ينعون شيخ المترجمين محمد عنانى: فقدنا مؤسسة موسوعية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-03 12:20:55
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 56%

مخطط التخفيف من آثار موجة البرد يستهدف 795 ألفا و727 نسمة

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-03 12:21:01
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

في نشرة التوظيف.. «القوى العاملة» تعلن عن 1223 فرصة عمل

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-03 12:21:00
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 50%

تقرير: قضاة النيابة العامة يشكّلون 26 في المائة من مجموع قضاة المملكة

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-03 12:20:58
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصفين الأول والثانى الثانوى

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-03 12:20:59
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 54%

لمدة 11 يوماً.. معرض «صُنِع في دمياط» للأثاث ينطلق غداً بأرض المعارض

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-03 12:20:54
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 61%

أول طالب من ذوي البصيرة: «قادرون باختلاف» جعلتنا نشعر بقيمتنا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-03 12:20:54
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 53%

وزير الزراعة: الإفراج عن 287 ألف طن أعلاف كانت موجودة بالموانئ

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-01-03 12:21:01
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 62%

تحميل تطبيق المنصة العربية