خطف اوروبا (رمبرانت)

عودة للموسوعة

خطف اوروبا (رمبرانت)

The Abduction of Europa
الفنان رمبرانت
السنة 1632
النوع Oil on canvas
المسقط J. Paul Getty Museum، كاليفورنيا

Rembrandt Harmenszoon van Rijn’s The Abduction of Europa (1632) is one of his rare mythological subject paintings. The piece is oil on canvas and now located in the J. Paul Getty Museum. The inspiration for the painting is Ovid’s Metamorphoses, part of which tells the tale of Zeus’s seduction and capture of Europa. The painting shows a coastal scene with Europa being carried away in rough waters by a bull while her friends remain on shore with expressions of horror. Rembrandt combined his knowledge of classical literature with the interests of the patron in order to create this allegorical work. The use of an ancient myth to impart a contemporary thought and his portrayal of the scene using the High Baroque style are two strong aspects of the work.

كانت أوروبا، كما تقول الأسطورة، ابنة تيليفاسا «الذي يلمع من بعيد» أوآرجيوبي «ذوالوجه الأبيض». وكانت ابنة أوشقيقة فينيكس، الأرجواني، أوأيضا الفينيقي. وتضيف الأسطورة انه ذات حين كانت أوروبا تقطف الزهور، مع صديقات لها، عند شاطئ البحر قرب صور أوصيدا، خرج زيوس فجأة من وسط مياه البحر وقد اتخذ لنفسه هذه المرة شكل ثور، ثم حملها على ظهره خاطفاً اياها غير مبال بصراخها، ونقلها على ذلك النحوالى جزيرة كريت، حيث تزوجها وأنجب منها ثلاثة أبناء هم: مينوس وساربيدون ورادامانت. وهوفي أثناء ذلك قدم لها ثلاث هدايا هي: سهم يصل دائماً الى هدفه، كلب لا يهجر مجالاً لأية طريدة تفلت منه، وعملاق خلق من البرونز مهمته حراسة الجزيرة تالوس، التي لا يمكن الوصول اليها إلا من نقطة واحدة.

ونعهد من طبيعة الحال ان هذه الأسطورة المتداولة والتي تدرس حتى في المدارس الابتدائية في بعض البلدان، ومنها لبنان الذي يظهر معنياً بها أكثر من غيره من البلدان، لطالما فتنت الأدباء والشعراء والرسامين. وكان أوفيد واحداً من أوائل الذين فتنوا بها وعبّروا عن ذلك الافتتان في أشعارهم. لكن اللافت دائماً هوحتى معظم اللوحات والرسوم التي انتشرت في القديم لتمثل خطف «الثور» زيوس أوروبا، كانت تصور هذه الأخيرة وهي على ظهر الثور، مستقيمة الظهر بحيث تبدوكسيدة في موكبها أكثر مما تبدوضحية لواحدة من أشهر عمليات الخطف في التاريخ القديم. ومن الواضح في هذا السياق ان الرسامين إنما صوروا أوروبا دائماً كما يجب حتى تكون: آلهة مؤسسة، لا ضحية لنزوة سيد كبير.

والحال ان الرسامين الأكثر معاصرة بالنسبة إلينا، لم يبتعدوا من تلك النظرة المعهودة الى أوروبا. ولمقد يكونوا قليلي العدد، على أية حال، رساموالأزمان الحديثة الذين سحروا بحكاية أوروبا وخطف زيوس لها، وصوروها، ومن بين أشهرهم، بالطبع، بيكاسوالذي عبر عن الحادثة بشكل موارب في لوحته «دورا والمينوتور» (1936) التي استكملها بلوحة أخرى له هي «المرأة والسكين» التي عكس فيها الأدوار، كما يقول الباحثان كريستيان دي بارتيلا وآلان روبا في كتابهما «تحولات أوروبا»، فصوّر المرأة وهي تطعن الحيوان بسكينها. وماتيس بدوره صور خطف أوروبا في لوحة رسمها العام 1929 واشتغل عليها، كما نطق هونفسه، ثلاث سنوات، ليطلع بمشهد يتناقض تماماً مع جميع ما رسمه الآخرون: في لوحته هذه تطالعنا أوروبا جالسة بهدوء عارية على ظهر الثور الذي لا يقل عنها هدوءاً واستكانة. وفي لقاء لوحة ماتيس هذه يأتي الألماني ماكس بيكمان ليصور المشهد في العام 1933 بشكل فجائعي تبدوفيه أوروبا صارخة مرغمة على الخضوع والثور يزأر واثقاً من نفسه.

مهما يكن من أمر هنا، فإن رسامي العصور الأكثر قدماً لمقد يكونوا، على أية حال، أقل اهتماماً بأسطورة أوروبا، من زملائهم الحديثين. إذ ها هوتيتيان يرسم المشهد في واحدة من أجمل لوحاته، وفيه صوّر أوروبا جالسة على ظهر الثور تعبر عن موقف أقل ما يمكن ان ينطق فيه انه ملتبس، فيما ملائكة (على شكل كيوبيد إله الحب) ترافقها في سفرها. ومن المعروف تاريخياً حتى لوحة «خطف أوروبا» لتيتيان (1562) تعتبر أول لوحة أضفت على المشهد طابعاً درامياً، بل لا يخلومن فجائعية. لكنها ليست اللوحة الأشهر في تلك الأزمان بالطبع. ذلك ان هذه المكانة محفوظة دائماً للرسام الهولندي الكبير رمبراندت.

فرمبراندت بدوره، فتن بأسطورة أوروبا. وتقول سيرة حياته وأعماله إنه لكي يحقق المشهد في لوحة تعتبر اليوم من أشهر أعماله (وكذلك من أبرز مقتنيات متحف غيتي في لوس انجيليس في الولايات المتحدة الأميركية) قرأ الكثير من النصوص والأشعار عن الحكاية. ولا سيما ما خطه أوفيد، الذي استقى منه الرسام تفاصيل الحدث في شكل مباشر، وإن كان كثر من مؤرخي الفن يرون أيضاً حتى الشاعر الفرنسي رونسار كان مصدراً أساسياً من مصادر اشتغال رمبراندت على لوحته. ذلك ان لوحة الرسام تكاد تكون، في روحيتها العامة، ترجمة لمبتر اتى في الكتاب الثالث لـ «أناشيد» رونسار الصادر في العام 1555، حيث يقول المبتر: «كان لأوروبا شعر أشقر ولون بشرتها كان يظهر شبيهاً بالزهور وقد تفتحت/ كانت عيناها خضراوين وكانت بقعتان من لون أحمر داكن تتوجان شفتيها الورديتين/ وكان ثوبها يحمل مرافئ لا تعدّ ولا تُحصى، أنهاراً كثيرة وجزراً لا حصر لعددها/ ومن ثنايا ذلك الثوب كانت تخرج الأسوار السميكة التي تحيط بمليون مدينة ومدينة».

وعلى أية حال هنا لا بد من الإشارة الى حتى رمبراندت حين عثر ذات يوم متعته في رسم هذه الأسطورة، وفي إسداء هذه التحية الى الفاتنة التي استقى منها أهل القارة في الأزمان الساحقة اسم قارتهم فهماً حتى الحدثة تعني في الاغريقية القديمة «ذات العينين الكبيرتين»، آثر حتى يجعل للمشهد خصوصية مبتكرة: فالمشهد هوبالطبع، مشهد الثور وهويصل الى ضفة النهر حيث أوروبا تلهومع رفيقاتها، ليخطفها ويجتاز بها البحار، لكن الديكور الذي جعله الرسام في خلفية ذلك المشهد كان ديكوراً معاصراً له لا يمت الى عالم فينيقيا القديمة بصلة. والحال حتى هذا الأسلوب كان طاغياً في الرسم في شمال أوروبا في تلك الأزمان. ونحن إذا ما نظرنا، مثلاً، الى مشاهد الأساطير الاغريقية وقد صورها فنان كبير، لا يقل أهمية عن رمبراندت، وهوبروغل الكبير، سنلاحظ كيف من الممكن أن انه جعل المشاهد التي يُفترض انها حدثت في اليونان القديمة، تدور في مدن هولندية. ولم يكن ذلك، نابعاً، بالطبع، من افتقار الرسامين الى مخيلة تنقلهم، بصرياً، الى الأماكن البعيدة ليصوروا المشهد في اطاره التاريخي، بل كان نابعاً من رغبة لديهم في اعادة تفسير الأسطورة وعصرنتها، بحيث يجد مشاهد اللوحة نفسه أمام اطار مألوف لمشهد يعهد عنه الكثير ذهنياً وحان الوقت ليتعهد إليه بصرياً.

وإلى هذا النمط من مفاهيم اعادة تموضع المشهد، تنتمي هذه اللوحة التي كان رمبراندت لا يزال في السادسة والعشرين من عمره حين رسمها... على هذا النحوقسم رمبراندت فضاء لوحته قسمين: ففي الخلفية لدينا صورة لمدينة ومرفأ على البحر يشبهان الى حد كبير مدن المرافئ في ذلك الحين. أما في الجانب الأيسر من مقدمة اللوحة فلدينا رفيقات أوروبا وهن ينتحبن على ما يحدث لها، مرتديات ثياباً تنتمي الى الثياب الأوروبية - ولا سيما الهولندية - في زمن رمبراندت، لا في الزمن الفينيقي. أما أيمن المقدمة فيشغلها من طبيعة الحال مشهد أوروبا وهي على ظهر الثور. ولئن كان الثور واثقاً مما عمل ويسير في طريقه نحوالبحر من دون تردد أومن دون حتى يضطر الى بذل أي جهد، فإن موقف أوروبا يظهر هنا شديد الالتباس: سليم انها تنظر نحورفيقاتها وربما أيضاً نحووطنها الذي تجبر هكذا على مغادرته، بشيء من الحسرة والحزن. لكن حركة يديها المتمسكتين بالثور تحمل جميع الالتباس: لأنها تبدوهنا - والى حد ما - متواطئة مع خاطفها متمسكة به، بأكثر مما تبدوخاشية للسقوط عن ظهره والغرق... إذ إنها هنا لا تزال قرب الشاطئ ولا خطر عليها إذا هي سقطت.

واضح حتى رمبراندت هارفزون فان رين (1606 - 1669) وضع أوروبا في هذه اللوحة أمام قدرها ومصيرها وصوّر، ليس فقط عدم قدرتها في الافلات منهما، بل من الممكن أيضاً عدم رغبتها في ذلك. ولوحة «خطف أوروبا» لرمبراندت هي، على أية حال، واحدة من مشاهد تاريخية وأسطورية عدة صورها، خلال تلك الفترة من حياته، رسام هجس دائماً بمشاهد التاريخ - الديني والأسطوري والدنيوي أيضا - ورسمها في لوحات صنعت له مجده، بمقدار ما صنعته لوحاته المعاصرة والواقعية، ثم بخاصة عشرات البورتريهات التي صور فيها نفسه، فكان مجلياً ورائداً أيضاً في تصوير الذات.

جاك سپكس وكارِل ڤان ماندر

جاك سپكس في 1650
كارِل ڤان ماندر, من Het schilder-boeck, 1604



تأثير تيتيان

اغتصاب اوروپا، تيتيان 1560-1562

تقليد باقي

Rembrandt’s The Abduction of Europa displays much about the artistic influences of his time. His work in mindful of the patron, painted in the popular High Baroque style, and incorporates the influences of earlier artists like Titian. This piece is only one of the mythological subject he completed, but Rembrandt’s others display many of the same influences as this.

الهامش

  1. ^ "The Abduction of Europa", The J. Paul Getty Museum
  2. ^ ابراهيم العريس (2014-09-17). "«خطف أوروبا» لرمبراندت: هل ارتُكبت الجريمة بتواطؤ الضحية؟". صحيفة الحياة اللبنانية.

المراجع

  • Bomford, David. Rembrandt. London: Yale University Press, 2006.
  • Golahny, Amy. Rembrandt’s Paintings and the Venetian Tradition. University Microfilms International: Ann Harbor, MI. 1984.
  • Rosenberg, Jakob. Rembrandt Life and Work. Ithica, New York; Cornell University Press,1989.
  • Schwartz, Gary. Rembrandt, his life, his paintings. New York: Viking, 1985.
  • Westermann, Mariët. Rembrandt. London: Phaidon, 2000.

وصلات خارجية

“The Abduction of Europa,” The J. Paul Getty Museum, 2013, [1]

“Europa,” The Isabella Stewart Gardner Museum, 2014, [2]

نطقب:Rembrandt

تاريخ النشر: 2020-06-04 14:27:12
التصنيفات: Collections of the J. Paul Getty Museum, Paintings by Rembrandt, 1632 paintings

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

بريطانيا لاستقبال الخليجيين بلا تأشيرة اعتباراً من 2023

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:24:04
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 97%

تناول أكثر من فيتامين معاً يزيد خطر السرطان 30 % - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:24:09
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 61%

البرهان يجري تعديلا كبيرا في قيادة الجيش السوداني

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:22:49
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 50%

ما هي القوى المنتشرة في محافظة دير الزور في شرق سوريا؟

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:24:05
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 96%

الولايات المتحدة تعلّق 26 رحلة جوية رداً على إلغاء الصين رحلات

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:23:54
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 97%

الـ«Bucket Hat» موضة القبعات الصيفية - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:24:09
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

التموين: 36 مليون مستفيد من الدعم الإضافى على بطاقات التموين

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:22:11
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 47%

متهمان يقران بالذنب في قضية سرقة وبيع يوميات ابنة بايدن

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:23:55
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 87%

8 مهن مهددة أو ستتلاشى بفعل «الذكاء الصناعي» - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:24:10
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 57%

تفشي فايروس غامض في الهند! - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:24:08
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 62%

مقتل سعودي في مشاجرة داخل فندق بالمغرب

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:22:30
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 54%

«الحديقة» رواية من روسيا تجسد المصاعب التى يواجهها الإنسان الحر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:21:29
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 66%

وزيرة الخارجية الألمانية تقوم بزيارة ل"تكنوبارك أكادير"

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:23:41
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 71%

احذر.. أعواد تنظيف الأذن قد تصيبك بالصمم وضعف السمع

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:22:08
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 46%

مغامرات هوليوودية في أرض العرب

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:24:03
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 95%

5 جرامات من الملح تقي من السكتة الدماغية - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:24:10
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 64%

من بينها عرض فيلم «صوت الصمت» بمكتبة مصر الجديدة.. أمسيات فنية اليوم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:21:30
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 54%

نوال الزغبي تتألق فى مهرجان القلعة بأجمل أغنياتها

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:22:10
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 40%

ترقب «مواجهة دموية» بين ميليشيات الدبيبة وباشاغا

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:24:03
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 89%

مقتل سعودي على أيدي حراس أمن فندق في المغرب

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:23:53
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 93%

إصابات جدري القرود في الولايات المتحدة قد تكون بلغت الذروة

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-26 03:23:57
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 94%

تحميل تطبيق المنصة العربية