فخر الملك بن عمار

عودة للموسوعة

فخر الملك بن عمار

برتران دى سان گيل يتلقى استسلام القاضي فخر الملك بن عمار، بعد الاستيلاء على مدينة طرابلس، الرسم أمر به لوي-فيليپ للمتحف التاريخي بڤرساي في 1838، ونفذه في 1842 الرسام ألكسندر-شارل دبك

فخر الملك بن عمار كان آخر قضاة طرابلس قبل سقوطها في أيدي الصليبيين من 1099 حتى 1109، وينتمي إلى بني عمار.

حصار طرابلس

عندما وصل القائد الصليبي برتران دى سان گيل إلى مشارف الشام كان أول من استوعب الخطر الصليبي فخر الملك بن عمار، فصمم على الإعداد لهذا الخطر قبل حتى يتغلغل في البلاد الشامية، وذلك بالدعوة إلى حلف إسلامي يقف في وجهه، فراسل الأمير "ياخز" في حمص والملك "دقاق بن تتش" في دمشق يقول لهما: من الصواب حتى يعاجل صنجيل إذ هوفي هذه العدة القريبة، فاستجابا له، فخرج الأمير "ياخز" بنفسه وسيّر "دقاق" ألفي مقاتل، وخرجت الامدادات الطرابلسية فاجتمعوا على باب طرابلس وصافوا "سان گيل" هناك].

ويقول ابن الأثير، في أحداث سنة 496هـ:

"وكان صنجيل يحاصر مدينة طرابلس الشام، والمواد تأتيها، وبها فخر الملك بن عمار، وكان يرسل أصحابه في المراكب يغيرون على البلاد التي بيد الفرنج ويقتلون من وجدوا، ويقصد بذلك حتى يخلوالسواد ممن يغرس لتقلَّ المواد من الفرنج فيرحلوا عنه".

ثم تأتي سنة 497هـ، فيقول ابن الأثير: "في هذه السنة وصلت مراكب من بلاد الفرنج إلى مدينة اللاذقية فيها التجار والأجناد والحجاج وغير ذلك، واستعان بهم صنجيل الفرنجي على حصار طرابلس، فحاصروها معه برًا وبحرًا وضايقوها وقاتلوها أيامًا، فلم يروا فيها مطمعًا فرحلوا عنها إلى مدينة جبيل...".

سنتان مرتا وفخر الملك محاصر في مدينته، وهوصامد يدافع عنها دفاع الأبطال، ويستعين الأعداء بقوى جديدة فلا ينالون من صموده منالاً.

وفي سنة 499 هـ يقول ابن الاثير: كان صنجيل قد ملك مدينة جبلة، وأقام على طرابلس يحاصرها فحيث لم يقدر حتى يملكها، بنى بالقرب منها حصنًا وبنى تحته ربضًا، وأقام مُراصدًا لها، ومنتظرًا وجود فرصة فيها، فخرج الملك أبوعلي بن عمار صاحب طرابلس فأحرق ربضه ووقف صنجيل على بعض سقوفه المتحرقة ومعه جماعة من القمامصة والفرسان فانخسف بهم فسقم صنجيل ومات بعد عشرة أيام، فحمل إلى القدس ودفن فيه.

ثم إذا ملك الروم أمر أصحابه باللاذقية ليحملوا الميرة إلى هؤلاء الفرنج الذين على طرابلس فحملوها في البحر، فأخرج إليها فخر الملك بن عمار أسطولاً فجرى بينهم وبين الروم قتال شديد، فظفر المسلمون ببترة من الروم فأخذوها وأسروا من كان بها وعادوا.

ولم تزل الحرب بين أهل طرابلس والفرنج خمس سنين إلى هذا الوقت، فعدمت الأقوات بها وخاف أهلها على نفوسهم وأولادهم وحرمهم، فجلا الفقراء وافتقر الأغنياء، وظهر من ابن عمار صبر عظيم وشجاعة ورأي سديد، ومما أضر بالمسلمين فيها حتى صاحبها استنجد بـ"سقمان بن أرتق" فجمع العساكر وسار إليه، فمات في الطريق.

وأجرى فخر الملك ابن عمار الجرايات على الجند والضعفاء فلما قلّت الأموال عنده شرع يقسط على الناس ما يخرجه في باب الجهاد فأخذ من رجلين من الأغنياء مالاً مع غيرهما فخرج الرجلان إلى الفرنج ونطقا: إذا صاحبنا صادرنا فخرجنا إليكم لنكون معكم، وذكروا له أنه تأتيه الميرة من عرقة والجبل، فجعل الفرنج جمعًا على ذلك الجانب يحفظه من دخول شيء إلى البلد فأوفد ابن عمار وبذل للفرنج مالاً كثيرًا ليسلموا الرجلين إليه فلم يعملوا فوضع عليهما من قتلهما غيلة].

ويظهر من هذا حتى ابن عمار لم يكن بطلاً شجاعًا فقط، بل كان إلى ذلك حازمًا بعيد النظر، محكم التدبير، جلدًا أمام الاهوال، فلم يشغله ما فيه عن التفكير في أمر هذين الخائنين، فصمم على معاقبتهما لأن هجرهما سليمين يشجع أمثالهما على الخيانة فأحكم تدبير أمر اغتيالهما، واستطاع اختراق صفوف أعدائه والوصول الى اغتيالهما، وفي هذا ما فيه من قوة العزم وسداد الرأي وإحكام الأمر، حتى لا يتجرأ أحد على الخيانة والركون إلى أعداء الله.

يقول المؤرخون: اجتمع على منازلة طرابلس جميع من"برتران" الابن الاكبر لريموند الصنجيلي، ودوليم غوردان، ابن اخت ريموند المذكور، و"تانكريد" امير انطاكية واللاذقية و"بلدوين" ملك بيت المقدس، و"بلدوين" كونت الرها و"غوسلين" أمير قلعة تل باشر.

وكانت القوى المهاجمة للمدينة تتألف من 4000 فارس بروفنسي قدموا مع برتران، وعدد كبير من الجنوية اتىوا بعشرين سفينة، إلى جانب سفن برتران وعددها أربعون، و500 فارس أتى بهم بلدوين ملك القدس، إلى جانب عدد كبير من الرجالة و700 فارس من خيرة فرسان تانكريد، بالاضافة إلى بلدوين كونت الرها، وجوسلين وحرسيهما، ثم جموع المردة ومن أتى من جبل لبنان.

كان هذا الجمع قد تجمع على طرابلس بعد ان كلّت قواها بعد عشر سنوات من الحصار المضروب والقتال الدائم، وكان هوالذي ولج طرابلس.


توجه فخر الملك إلى بغداد

بعد حتى اشتد الحصار على طرابلس، آيس فخر الملك من قدرته على الصمود فترة أطول، فاستحسن الذهاب إلى بغداد لطلب المعونة من الدولة السلجوقية، لذا توجه مسرعًا وكله أمل حتى يجد عندهم ما يفيده، ولكن الأمور جرت بعكس ما كان يتمنى، لأن السلاجقة بالرغم من أنهم وعدوه بالمساعدة ولكن الفاطميين استولوا على طرابلس، وقبضوا على بني عمار، وحملوهم إلى مصر بدل حتى ينقذوها من أيدي الصليبيين، وهجروا فيها حامية ضعيفة مما جعل طرابلس لقمة سائغة أمامهم، وهذا ما يشير إليه ابن كثير فيقول:

[في هذه السنة -أي 501هـ- في شهر رمضان ورد القاضي فخر الملك أبوعلي بن عمار صاحب طرابلس الشام إلى بغداد قاصدًا باب السلطان محمد، مستنفرًا على الفرنج طالبًا تسيير العساكر لإزاحتهم، والذي حثّه على ذلك أنه لما طال حصر الفرنج لمدينة طرابلس على ما ذكرناه ضاقت عليه الأقوات وقلّت، واشتد الأمر عليه وعلى أهل البلد، فمنَّ الله عليهم سنة خمسمائة بميرة في البحر من جزيرة قبرص وأنطاكية وجزائر البنادقة، فاشتدت قلوبهم وقووا على حفظ البلد بعد حتى كانوا استسلموا‏.‏

فلما وصل إلى بغداد أمر السلطان الأمراء كافة بتلقيه وإكرامه، ولما اجتمع بالسلطان قدّم هديته وسأله السلطان عن حاله وما يعانيه في مجاهدة الكفار ويقاسيه من ركوب الخطوب في قتالهم، فذكر له حاله وقوة عدوه وطول حصره وطلب النجدة، وضمن أنه إذا سيّرت العساكر معه أوصل إليهم جميع ما يلتمسونه، فوعده السلطان بذلك، وأوفد معه جيشًا بقيادة الأمير حسين بن أتابك قتلغ تكين، وخلع عليه السلطان خلعًا نفيسة وأعطاه شيئًا كثيرًا وودّعه، وسار ومعه الأمير حسين، فلم يجدِ ذلك نفعًا].

سقوط طرابلس

بعد توجه فخر الملك إلى بغداد وانقلاب ابن عمه عليه، راسل بعض أهل طرابلس "الأفضل" أمير الجيوش بمصر يلتمسون منه واليًاقد يكون عندهم ومعه الميرة في البحر، فسيّر إليهم شرف الدولة بن أبي الطيب واليًا ومعه الغلة وغيرها مما بحاجة إليه البلاد في الحصار، فلما صار فيها قبض على جماعة من أهل ابن عمار وأصحابه وأخذ ما وجده من ذخائره وآلاته وغير ذلك وحمل الجميع إلى مصر في البحر([24])‏، ومن غير المعروف إذا كان بقي بطرابلس أحد من الأندلسيين أوالمغاربة إبان سقوطها بيد الفرنج وطوال مدة حكمهم لها، من أواخر 502- 688هـ/1109-1289م.

نطق ابن الأثير في حوادث سنة 501هـ: فيها قدم فخر الملك بن عمار صاحب طرابلس الشام إلى بغداد للاستنجاد على الفرنج، فاستناب بطرابلس ابن عمه ذا المناقب وأمره بالمقام بها، ورتب معه الأجناد برًا وبحرًا وأعطاهم جامكية ستة أشهر سلفًا، وجعل جميع موضع إلى من يقوم بحفظه بحيث ان ابن عمه لا يحتاج إلى عمل شيء من ذلك وسار إلى دمشق، فأظهر ابن عمه الخلاف له والعصيان عليه ونادى بشعار المصريين، فلما عهد فخر الملك ذلك خط إلى أصحابه يأمرهم بالقبض عليه وحمله إلى حصن الخوابي فعملوا ما أمرهم].

ويقول ابن شداد في كتابه الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة متحدثًا عن سقوط طرابلس: [... هبط عليها صنجيل بجموعه في شهر رجب سنة خمس وتسعين وأربعمائة، وحاصرها وضايقها، وأناخ عليها بخيله ورجله، فبعث فخرُ الملك إلى الملوك بالهدايا والتحف يستنجدهم، ويستصرخهم، فلم يُعنْهُ أحد منهم، فلما لم يرَ منهم معاضدةً ولا مساعدةً، رغب إلى "صنجيل" في رحيله عنه، وبذل له أموالاً وبعث إليه ميرة، وتضرع جهده، فلم ينفعه ذلك عنده، فلما ضاق بالحصار ذرعًا وعجز عن دفع العدوّ عنه، خرج من أطرابلس قاصدًا السلطان محمود بن ملكشاه واستناب فيها ابن عمّه "أبا المناقب" ورتّب معه سعد الدولة فتيان بن الأعسر، ونفق في الجند ستة أشهر، فجلس أبوالمناقب في بعض الأيام في مجلسه وعنده وجوه أهل أطرابلس، فخلط في كلامه فنهاه سعد الدولة، فصاح، ونطق: "لا يا سيدي، لا يا سيدي"، فجرّد أبوالمناقب سيفه وضرب سعدَ الدولة فقتله، وانهزم من كان في المجلس، فقطّع سعد الدولة إربًا إربًا، فقام أهلُ البلد وقبضوا عليه، واعتقلوه، ونادوا بشعار الأفضل ابن أمير الجيوش، وذلك في شهر رمضان سنة خمسمائة وواحد للهجرة.

ولما بلغ الأفضل ما عمله أهل أطرابلس جهّز إليهم جيشًا في البحر، وجعل مُقدّمهُ تاج العجم، فعمد تاج العجم إلى أخذ جميع أمواله، وما يحفظ البلد، فرقي إلى الأفضل أنه يريد العصيان بأطرابلس، فقبض على ما كان حمله في المراكب، وولّى بدر الدولة ابن الطيب الدمشقي، فوصل إلى أطرابلس، وكان أهلها قد ضاقت صدورهم من طول الحصار، ثم رأوا من تخلّفه ما رغّبهم عنه ونفّرهم منه فعوّلوا على طرده، ثم رأوا إبقاءه لأنهم لا ملجأ لهم إلا المصريين.

ووصلت من مصر مراكب بالغلات والرجال، فاعتقل بدر الدولة أعيان البلد وأصحاب فخر الملك وحريمه، فأخذهم وسيّرهم في المراكب إلى مصر، وبعث معهم ما كان بأطرابلس من السلاح والذخائر والأموال، فاعتقل أهل بني عّمار بمصر.

ولم تزل الفرنج على طرابلس مجدّين في حصارها، وأهلها يتكرر استصراخهم إلى الملوك ولا يجابون، وضعفوا عن مدافعة العدووممانعته، وعمل الفرنج أبراجًا وأسندوها إلى السور، وأشرفوا بها على البلد وأوصلوا منها النكاية إلى جميع أحد، فطلبوا الأمان فأجيبوا.

واستعجل بعض الجند في النزول إلى البر قبل إحكام عَقد الأيمان، فدخل الفرنج من حيث خرج الجندي، فقتلوا وسبَوا من كان فيها، وأخذوا ما لا يحصى من السلاح والمال. وذلك في ذي الحجة سنة اثنتين وخمسمائة بعد حتى حاصروها سبع سنين وأربعة أشهر]([25]).

الاستقرار في مصر

كان فخر الملك لما خرج من طرابلس سار في البحر إلى بيروت، وقصد دمشق فالتقى بأتابك طغتكين، ثم توجه إلى بغداد والتقى بالسلطان، وأقام عنده إلى حتى أنس من نصرته، لكن لما بلغه رجوعُ طرابلس إلى المصريين، ونقل حريمه وأمواله وذخائره وسلاحه، انكفأ راجعًا إلى دمشق فدخلها في النصف من المحرم سنة اثنتين وخمسمائة هجرية، وقصد صاحبها طغتكين فأكرمه وأبتره بلادًا كثيرة، فأكرمه وأحسن لقياه، وسأله حتى يعينه إلى الوصول إلى "جبلة" فأجابه، وسيّر معه عسكرًا إليها فدخلها، ثم توجه إلى مصر سنة 516هـ بعد حتى اشتدّ الأمر عليه، وسلّم نفسه للدولة الفاطمية بعد مضي حوالي أربعة عشر سنة.

يقول د عمر عبد السلام تدمري: [أما بنوعمار، فقد انقرض وجودهم فيها قبل سقوطها بقليل؛ إذ أوفد الأفضل وزير مصر أحد الولاة فحمل أهل فخر الملك ابن عمار وأصحابه جميعًا إلى مصر في البحر سنة 502 هـ. فيما كان فخر الملك ينتقل بين جبلة وشيزر ودمشق وبغداد والموصل وماردين، قبل حتى يعود إلى مصر في سنة 516هـ/1123م ويعلن ولاءه للخليفة الفاطمي الآمر بالله]([28]).

ويذكر المقريزي في أحداث شهر صفر سنة 516هـ: [فيه وصل فخر الملك أبوعلي عمار بن محمد بن عمار صاحب طرابلس إلى مصر، ونطق في كتابه الذي حمله إلى الخليفة الآمر بأحكام الله: [والمملوك لم يصل إلى هذه الوجهة إلا وقد فهم حتى له من الذنوب السالفة ما يستحق به القتل، وقتله بسيوف هذه الدولة عدل وإحياء له وتشريف، وفخر يكفّر عنه بعض ذنوبه من كفر نعمتها؛ فإن خرج الأمر بذلك فمنّة كريمة، وإن خفف عنه فتخليده في السجن أحب إليه من رجوعه إلى تأميل غير هذه الدولة].

فلما عرض هذا بالحضرة أدركته الرأفة بعد حتى استفظع جميع الحاضرين أمره وأشير بإيقاع الحوطة عليه وإيداعه خزانة البنود، فنطق الوزير المأمون بن البطائحي للخليفة: [قد أجلّ الله عواطف مولانا ورحمته من حتى يهاجر أحد إلى أبوابه ويلجأ إلى عفوه فيخيب أمله ويؤاخذ بذنبه، وما بعد استسلامه إلا الشكر لله والعفوعن جرمه، فإن العفوزكاة القدرة عليه، ويضمه ما ضم أمثاله].

فأعجب الخليفة الآمر ذلك، وخرج الأمر بأن تُعدَّد على ابن عمار ذنوبُه وذنوبُ أسلافه، وينطق له: قد أمضىت مهاجرتك ما كان يجب من عقوبتك. فإذا اعترف بذنوبه وذنوب أسلافه ينطق له: قد غفر ذنبك وأنت مخيّر بين أمرين؛ إما حتى تعود فيصل إليك من الإنعام ما يبلغك إلى حيث ترغب ويصحبك من يوصلك إلى مأمنك، وإما حتى تؤثر الإقامة بفناء الدولة فتقيم على أنك تلزم ما يعنيك وتقنع بما ينعم به عليك وتقبل على شأنك، وتهجر التعرض للمخالطات وتتجنب جميع المكروهات.

فلما خوطب بذلك قبّل الأرض وأبى حتى يحمل رأسه ووجهه، وحدثا خوطب في حمله، نطق: لست أحمله حتى أتلقى حدثات العفوعن إمام زماني وتمتلئ مسامعي بألفاظ مغفرته. فبلّغته الحضرة ما تمناه، وحصل له الأمن؛ وأمر به إلى دار أعدت له، وجعل فيها شهوات السمع والبصر، وحملت إليه الضيافات الكثيرة، وجرّد برسم خدمته حاجب معه عدة مستخدمين، فأقام أيامًا يسيرة ثم حملت إليه الكسوات التي لا نظير لها، ووصله من المواهب ما أربى على أمله، وقرّر له راتبًا في جميع شهر، ستون دينارًا مع مياومة الدقيق واللحم والحيوان. وصار يتعهد ما يفتقد به أعيان الضيوف من بواكير الفاكهة المستغربة وأنواع التحف المستظرفة ورسوم المواسم، وحمل عنه الحاجب والمستخدمون، وجعل له في المواسم والأعياد من الكسوات الفاخرة ما يميزه عن أمثاله. ولزم طريقة حمدت منه، فاستمر إليه الإحسان؛ وصار يركب في يومي الركوب ويومي السلام وغيرهما].


نقد

بالرغم من جميع ما عمله فخر الملك لرد هجمات الصليبيين نجد بعض الكتاب يحيكون القصص حول خيانته، وأنه السبب في سقوط طرابلس، حيث ذكر د. راغب السرجاني في كتابه الطريق إلى بيت المقدس، تحت عنوان "الصليبييون وتواطؤ العبيديين الشيعة" استنادًا إلى كتاب اسمه "أعمال الفرنجة وحجاج بيت المقدس ص274" لمحرر مجهول([26]) ما نصّه:

[ثم مرَّ الجيش الصليبي على مدينة طرابُلُس اللُّبنانيَّة، وكانت هذه المدينة مقرَّ حُكم أحد العائلات الشيعيَّة، وهي عائلة بني عمَّار، وحاكمها في ذلك الوقت هوفخر الملك أبوعليّ، ومع كونها شيعيَّة إلا أنها كانت منشقَّة عن الدولة العبيدية بمصر، وكانت هذه المدينة تُسيطر على عدَّة مدن وقرى مجاورة مكوِّنة بذلك إمارة واسعة نسبيًّا، تحكم عدَّة مناطق في لُبنان وسوريا.

قرَّر فخر الملك أبوعلي بن عمار حتى يُهَادن الصليبيين، فحمل أعلامهم على أسوار مدينته دلالة تبعيته لهم، وأقرَّ بدفع جزية لهم...].

وما ذكره ليس له شاهد في خط المؤرخين، بل الشواهد على خلافه، وقد تقدم الكلام عن صمود ابن عمار وتخاذل السلاجقة وغيرهم عن التصدي للغزاة، وأن فخر الملك كان أول من تنبّه إلى خطر الصليبيين ولكنه لم يجد آذانًا صاغية، ولم يذكر أحد من المؤرخين أنه حمل أعلام الاستسلام غير ذلك المؤلف المجهول.

ولست أدري كيف من الممكن أن يسوّغ د. السرجاني لنفسه حتى يهمل جميع أقوال المؤرخين المتقدم ذكرها وغيرها، ثم يعتمد بعد ذلك على (مؤلف مجهول). ولكن ما يهون الخطب حتى هذه ليست أول تهمة تلصق بالشيعة زورًا وبهتانًا، فقد افترى عليهم بعض من خط عن سقوط بغداد بيد المغول، حيث اعتبر حتى الشيعة هم السبب في ذلك، للتغطية على فساد الخليفة في ذلك الوقت، والأعجب من ذلك حتى هذه الافتراءات تجد من يتلقفها ويروج لها وإن كانت بعيدة عن روح البحث الموضوعي التي ينبغي حتى يتصف بها الباحث.

المصادر

  1. ^ دولة بني عمّار في طرابلس، النجف
مناصب سياسية
سبقه
جلال الملك
قاضي طرابلس
1098-1109
تبعه
برتران دى سان گيل
تاريخ النشر: 2020-06-04 16:42:56
التصنيفات: تاريخ طرابلس, الإسلام والحملات الصليبية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

وحوش الدروس الخصوصية على القنوات التعليمية قريبا

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-04 15:20:08
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 66%

الرئيس السيسي يجتمع مع رئيس الوزراء ووزير الزراعة

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-04 15:19:56
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 62%

سعر الدرهم ينخفض مقابل اليورو والدولار

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-04 15:20:27
مستوى الصحة: 71% الأهمية: 72%

الرجاء يحتفظ بمهاجمه بعد التوصل إلى اتفاق مع العربي الكويتي

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-04 15:20:37
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 72%

وزيرة البيئة: مشروع لإعادة تأهيل الشعاب المرجانية بالبحر الأحمر

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-04 15:20:06
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 66%

المغرب يرحب بتعيين السنغالي عبد الله باتيلي مبعوثا أمميا إلى ليبيا

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-04 15:20:41
مستوى الصحة: 61% الأهمية: 70%

مؤشرات أولية.. علام الأقرب لـ «مقعد» نقيب المحامين

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-04 15:20:05
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 52%

استراحة ساعة في انتخابات المحامين

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-04 15:20:02
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 54%

«القوى العاملة» تعلن عن وظائف بمؤسسات طبية بالإمارات

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-04 15:19:58
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 66%

طقس الإثنين حار رطب نهاراً على القاهرة.. معتدل ليلاً

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-04 15:19:59
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 52%

الرئيس السيسي يستقبل وزير خارجية السعودية

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-04 15:20:26
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 50%

انطلاق أعمال الكشف الطبي للطلاب المستجدين بألسن عين شمس ٢٠٢٢/٢٠٢٣

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-04 15:20:25
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 57%

رسميا.. البنك الأهلي يعلن ضم محمد أبو جبل لمدة 3 أعوام - رياضة

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-04 15:20:38
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 68%

نقيب محامي القاهرة: العملية الإنتخابية تدور فى سلاسة وزخم

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-04 15:20:22
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 58%

برلمانية تتقدم بطلب إحاطة حول آلية زيادة مرتبات المعلمين

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-04 15:20:03
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 56%

المغرب يشارك في مناورات “الأسد المتأهب”

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-04 15:20:35
مستوى الصحة: 68% الأهمية: 74%

هل يغيب آدم ماسينا عن كأس العالم؟

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-09-04 15:20:31
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 84%

تحميل تطبيق المنصة العربية