يوجد خلاف كبير بين الدارسين بخصوص شخصية هيبوليتس والكتابات المنسوبة إليه.

توجد روايتان عن سيرة هذا الشهيد، الأولى الواردة في التاريخ الروماني أنه كان ضابطًا ومسئولاً عن القديس لورنس Laurence أثناء حبسه. تأثر هيبّوليتَس بالقديس فآمن وتعمد وبعد استشهاده ساعد في تكفينه ودفنه. وبسبب ذلك أُحضِر أمام الإمبراطور الذي وبّخه على إهانة الزيّ الرسمي وأمر بجلده، وكان معه تسعة عشر مسيحيًا ضُرِبوا حتى الموت.

ثم حُكِم على القديس بتمزيقه بواسطة الخيل، فأحضروا حصانين من أشرس الخيل وأعنفها وربطوهما بحبل طويل ربطوه في رجليّ القديس.

انطلق الحصانان يجُرَّان القديس فوق الأرض والحجارة، حتى تغطّت الطرق والأشجار والصخور بدمائه، وكان المؤمنون يسيرون وراءه يمسحون هذه الدماء بمناديلهم ويجمعون أشلاءه ولحمه المتناثر، حتى أسلم الروح كان ذلك سنة 235م.

السيرة الثانية وهي الأقرب إلى الحقيقة تقول عنه أنه كان كاهنًا رومانيًا عاش في أوائل القرن الثالث (حوالي 170-237م)، وكان رجل فهم ومن أبرز كُتاب اللاهوت في الكنيسة الرومانية الأولى، ومن المحتمل حتىقد يكون تلميذًا للقديس إيرينيؤس، إذ كان مدينًا له في اللاهوتيات كما يظهر بوضوح في تعليمه عن الخلاص.

صدامه مع الأسقفين زفرينوس وكالستوس

وجد نفسه في خلاف مع الأسقفين زفرينوس وكالستوس (يوسابيوس 20:6).

عارض هيبّوليتَس زفيرينوس Zephyrinus أسقف روما لأنه، من وجهة نظره، كان بطيئًا في كشف الهرطقات ودحضها. اتهمه هيبوليتس بالهرطقة ومخالفة التقليد الكنسي لتهاونه مع الهراطقة.

واصطدم القديس هيبوليتس مع كالستوس بخصوص إنسان المسيح، وطبيعة الكنيسة والغفران.

فمن جهة إنسان المسيح يميز بين ثلاثة مراحل في الحدثة الإلهي: هوالعقل الذاتي في ذهن اللَّه، والحدثة المنطوق به لإتمام الخلقة، والحدثة المتجسد يسوع المسيح. نطق بأن الحدثة (المسيح) متميز عن الآب بطريقة بها اتهمه كالستوس بأنه يعتقد بوجود إلهيين.

أراد هيبوليتس كنيسة طاهرة فكان ثائرًا ضد المغفرة لمن يخطئ خطأ خطيرًا بعد نوال المعمودية.

استقل هيبوليتس وأنشأ كنيسة مستقلة تولي رعايتها، انضم إليها كثيرون منهم شرفاء، فصار هيبوليتس أول أسقف روماني منشق.

تمثال رخامي لهيبوليتس في عام 1551م

وجد في حفريات Via Tiburtine في مقبرة هيبوليتس تمثال رخامي استقر في متحف اللاتران. وهولشخصٍ يرتدي ثوب الفلاسفة، يجلس على كرسي متكئ على مائدة، ومنقوش عليه حساب فصحي من أول سنوات الإمبراطور الكسندروس (222م)، ومن الجانب الآخر لائحة بمصنفاته تتفق إلي حد ما مع ما ورد فييوسابيوس (22:6) و" مشاهير الرجال 61" للقديس جيروم.

يرى البعض حتى هذا التمثال يرجع إلى القرن الثاني لسيدة قام أتباع هيبوليتس بوضع رأس جديدة له، وقاموا بعمل نقوش في أثناء حياة هيبوليتس ليصير تمثالاً له.

يرى البعض حتى هذا التجديد للتمثال تمّ في عصر متأخر.

ثقافته وكتاباته

لعلّه كان يوناني الأصل، إذ كان متفوقًا في اللغة اليونانية، ويحمل فكرًا يونانيًا، وهوآخر روماني محرر ماهر يستخدم اللغة اليونانية، صار لاهوتيًا قائدًا في كنيسة روما.

يرى البعض حتى القديس هيبوليتس يقابل القديس إيريناؤس في اللاهوت، والعلامة أوريجينوس كدارسٍ ، وترتليان في نظراته، لكنه أقلّهم جميعًا من جهة الأصالة وتقديم ما جديد.

عهده العلامة أوريجينوس وأصغى إليه في سنة 212م بروما حيث كان يعظ في "مديح السيد المخلص".

صاغ الكثير من مصنفاته في أصلها اليوناني، أولاً لأن روما تجاهلت اليونانية تدريجيًا، فلم يبقَ فيها من يعتني بالنصوص اليونانية. هذا بجانب ما حوته مصنفاته من آراء غير أرثوذكسية في اللاهوت ليهتم أحد بحفظها ودراستها. وأيضًا لأنه كان أحد طرفي الانشقاق في روما، لذا تعرّضت كتاباته الأصلية للضياع، وغالبًا لم تُحفظ إلا من خلال الترجمات.

1.أهم عمل يُنسب للقديس هيبوليتس هو" تفنيد جميع الهرطقات Refutation of All Heresies هذه التي وُجدت أصولها في المدارس الفلسفية اليونانية. على أي الأحوال لم يقبل بعض الدارسين نسبة هذا العمل له. وقد اتى في قسمين رئيسين وعشرة فصول.

2.أيضًا من أبرز كتاباته "التقليد الكنسي Apostolic Tradition". ضاع الأصل اليوناني ولم يبقَ سوي بعض مقتطفات في مؤلفات يونانية متأخرة ولا سيما في الكتاب الثامن من وصايا الرسل. وهوصادر عن نظامٍ كنسيٍ في وقت متأخر خاص بالليتورجيات، وهويقدم لنا معلومات هامة عن السيامات والخدام في الكنيسة ونظام الموعوظين والعماد والإفخارستيا ووجبة الأغابي والممارسات الكنسية الأخرى.

3. الرد علي المنظوم Syntagma، فيه يفند 32 بدعة.

4. تفاسير رمزية لكثير من أسفار الكتاب المقدس، مثل تفسير دانيال الذي حُفظ بالكامل بالسلافيه Slavonic، وهوأول تفسير أرثوذكسي له محفوظ.

5. القانون الموراتوري Muratorian Conon، يعتبر أقدم لائحة بأسفار العهد الجديد. وجده لويس أنطونيوس موراتوري مدير مخطة دوق مودينه سنة 1740م في مخطوط بمخطة القديس أمبروسيوس في ميلان، يعود في الأرجح إلي القرن الثامن. يعتبر البعض الترجمة لاتينية ركيكة من الممكن من مخلفات هيبوليتس الروماني.

6.جدول خاص بمواعيد عيد الفصح وعظات ورسائل عن الفصح، وفي مديح السيد المخلص، وفي هرطقة نويتوس Npetis. من بين كتاباته الأخرى منطق "عن المسيح وضد المسيح"، "بركات اسحق ويعقوب"، و"بركات موسى".

استشهاده

في عام 253م إذ حل الاضطهاد علي الكنيسة في روما في عصر الإمبراطور مكسيمينيوس ثراكس Maximinus Thrax نُفِي جميع من الأسقفين بونطانوس Pontianus وهيبوليتس إلى جزيرةسردينيا Sardinia. وقد توفي مستشهدًا في "جزيرة الموت “Islula nociva نتيجة معاناته في الجزيرة.

قبل نياحتهما تصالحًا، وأعاد الأسقف فابيان Fabian جسديهما إلى روما ليُدفنا في يومٍ واحدٍ في 13 أغسطس. دُفن هيبوليتس في المدافن بـ Via Tiburtina، ودُفن بونتنيانوس في مدافن القديس كالستوس. وقام فيما بعد داماسوس الأول بتكريم هيبوليتس وصنع نقشًا عرَّفه فيه انه "شهيد". يعيّد له الغرب في 13 أغسطس، والكنيسة البيزنطية في 30 يناير.

انظر أيضاً

• Apostolic Tradition
• Epistle to Diognetus
• Canons of Hippolytus
• Josephus's Discourse to the Greeks concerning Hades (actually by Hippolytus)

هوامش

المصادر

• Cross, F. L. (2005). The Oxford Dictionary of the Christian Church. Oxford University Press.
• Froom, Le Roy Edwin (1948). The Prophetic Faith of Our fathers, Vol. 1. Review and Herald Publishing Association.
• Hippolytus (170–236). Commentary on Daniel, The Ante-Nicene Fathers, Vol 5.
• Hippolytus (170–236b). Treatise on Christ and Antichrist, The Ante-Nicene Fathers, Vol 5.
• Mansfeld, Jaap (1997). Prolegomena: Questions to be Settled before the Study of an Author or a Text. Brill Academic Publishers.
• Smith, Yancy W. (2008). Hippolytus' Commentary On the Song of Songs in Social and Critical Context. Brite Divinity School at Texas Christian University.

وصلات خارجية

• Ante Nicene Fathers Vol. 5: Fathers of the Third Century: Hippolytus, Cyprian, Caius, Novatian, Appendix.
• Against Noetus
• Refutation of All Heresies
• Catholic Encyclopedia: St. Hippolytus of Rome
• Encyclopaedia Britannica, Hippolytus of Rome
• The Apostolic Tradition of Hippolytus of Rome
• Hieromartyr Hippolytus the Pope of Rome (January 30) Orthodox icon and synaxarion
• Martyr Hippolytus of Rome (August 13)
• The Holy Martyr Hippolytus the Prologue from Ochrid by Nikolai Velimirovic
• Philosophumena; or, The refutation of all heresies, formerly attributed to Origen of Alexandria, but now to Hippolytus, bishop and martyr, who flourished about 220 A.D. Translated from the text of Cruice at the Internet Archive.
• Patron Saints Index: Hippolytus

قائمة المراجع

• Bunsen, Hippolytus and his Age (1852, 2nd ed., 1854; Ger. ed., 1853)
• Döllinger, Hippolytus und Kallistus (Regensb. 1853; Eng. transl., Edinb., 1876)
• Gerhard Ficker, Studien zur Hippolytfrage (Leipzig, 1893)
• Hans Achelis, Hippolytstudien (Leipzig, 1897)
• Karl Johannes Neumann, Hippolytus von Rom in seiner Stellung zu Staat und Welt, part i (Leipzig, 1902)
• Adhémar d'Ales, La Théologie de Saint Hippolyte (Paris, 1906). (G.K.)
• J. B. Lightfoot, The Apostolic Fathers vol. i, part ii (London, 1889–1890).
• تحوي هذه الموضوعة معلومات مترجمة من الطبعة الحادية عشرة لدائرة المعارف البريطانية لسنة 1911 وهي الآن من ضمن الملكية العامة.