فرانسيس بيكون

عودة للموسوعة

فرانسيس بيكون

فرانسيس بيكون
سير فرانسيس بيكون
وُلـِد (1561-01-22)22 يناير 1561، لندن، إنگلترة
توفي 9 أبريل 1626(1626-04-09) (عن عمر 65 عاماً)، هاي‌گيت، إنگلترة
العصر فلسفة النهضة
المنطقة الفلسفة الغربية
المدرسة Empiricism
The Italianate York Water Gate - المدخل إلى يورك هاوس، بُني حوالي 1726 بعد وفاة بيكون

فرانسيس بيكون، أول ڤايكونت سانت ألبان Francis Bacon, 1st Viscount St Alban KC QC (و.22 يناير 1561 –تسعة أبريل 1626) كان فيلسوفاً إنجليزياً ورجل دولة ومؤلف. وقد عمل كمدعٍ عام وLord Chancellor لإنجلترة. واشتهر أيضاً بدوره المحوري في الثورة الفهمية. أشهر أعماله ضمت The New Atlantis. بيكون أصبح فارساً في 1603, وخـُلِق له اللقب Baron Verulam في 1618, ثم خـُلِق له أيضاً ڤايكونت سانت ألبان في 1621; ولما لم يكن له ورثة, فقد انقرض كلا اللقبين بوفاته.

فرانسيس بيكون معروف بقيادته للثورة الفهمية عن طريق فلسفته الجديدة القائمة على " الملاحظة والتجريب " . من الرواد الذين إنتبهوا إلى غياب جدوى المنطق الأرسطي الذي يعتمد على القياس.

بداية حياته

فرانسيس بيكون


عمله

Trinity College, Great Court بنافورة

كان بيكون ملتزماً تعاليم الكنيسة الأنگليكانية، كما كان مناصراً للملك وحقه الإلهي ضد البرلمان، وحارب أقرب أصدقائه ومعارضيه والمحسنين إليه خلال كونه محامياً ونائباً عاماً، وفي الوقت ذاته كانت مؤلفاته نتاج روح حرة وفكر وقَّاد. وكان الفصل بين الفهم والإيمان الديني، ومن ثمَّ بين الكنيسة والدولة، منهجه، مما يوحي إلى بعض التناقض الكامن في نفسه.

لم يكن بيكون أبرز سياسيي عصره فحسب بل كان أيضاً أبرز مفكريه وكتَّابه، إذ خط في الفلسفة والأدب والعلوم. وكانت في ذهنه أفكار تهدف إلى إصلاح الفهم الإنسانية وتطويرها تطويراً جذريّاً، وعنوان أحد مؤلفاته «التجديد العظيم» (1623) Instauration Magna ، الذي كان ترجمةً لاتينية عن الإنكليزية لعمله الكبير «تقدم الفهم» (1605) Advancement of Learning ، يشي بهذا المخطط الكبير الذي كان يساوره ويتعرض فيه إلى دور الميتافيزيقا (فهم ما وراء الطبيعة) في منهجية البحث الفهمي. وقد طور هذه الأفكار في كتابه «الأداة الجديدة» (1620) Novum Organum الذي أظهر فيه تمرداً على الفكر والفلسفة الأرسطوطالية وطريقة الاستقراء في البحث الفهمي، مما سيظهر أثره لاحقاً لدى المفكرين الإنكليز وخاصة جون ستوارت ميل. وبسبب انغماسه في الحياة السياسية وحياة البلاط ودسائسها ظلَّ بيكون بعيداً عن التطور الفهمي المعاصر، رافضاً المنظور الكوبرنيكي للكون. وحدد في كتاب «أطلانتس الجديدة» The New Atlantis، الذي نشر بعد وفاته عام1625، معالم المدينة الفاضلة، وروح التنوير الفكري الإنساني التي يجب حتى تسودها، مما مهد لقيام الجمعية الملكية The Royal Society في لندن.

صعود فرانسيس بيكون وسقوطه 1561-1621

نحن الآن أمام أكبر عقل وأنشطه منادىة للفخر ، لقد وقفنا على مولده ونسبه، ودراسته للأدب والدبلوماسية والقانون ، وفقره غير المتسقط، والتماسه للوظيفة، دون حتى يسمع بع أحد، وتحذيره لصديقه المحسن الخير المجرم، ومقاضاته إياه على كره منه. ولقد استنفد الفهم والفهم والطموح جميع طاقته، حتى لم يعد به ميل إلى النساء، على أنه على أية حال، كان يحب الشبان. وفي سن الخامسة والأربعين (1606) تزوج من أليس برنهام Barnham التي هيأت له 220 جنيهاً في العام. ولكنه لم ينجب أطفالاً.

وعندما اعتلى جيمس الأول عرش إنجلترا بعث إليه بيكون بكتاب مسرف في الزلفى والملق، يعرض نفه على الملك على أنه صالح لتقلد المناصب وأهل لها وأما كان ابن حامل أختام الملك، وابن أخ لآل سيسل أومن أبناء عمومتهم أ وخؤولتهم، فإنه أحس بأن طول انتظاره للوظيفة الحكومية يعكس شيئاً من روح العداء من جانب الوزراء المتربعين على كراسي الحكم، وربما كانت انتهازيته المتبرمة، نتيجة،

وفي نفس الوقت سبباً في تأخر تعيينه في أحد المناصب. كان قد خدم بالعمل في البرلمان لمدة تسعة عشر عاماً، ودافع فيها عادة عن الحكومة، واشتهر بسعة الإطلاع، والفكر البناء، والعبارة الواضحة الأخاذة. وكان يرسل بين الحين والحين. إلى الملك "مذكرات" تفيض بالآراء السديدة في كيفية النهوض بالتفاهم المتبادل والتعاون بين مجلس العموم واللوردات، وتوحيد برلماني إنجلترا وإسكتلندة، وإنهاء الاضطهاد الديني للمخالفين، وتهدئة أيرلندة باستمالة الكاثوليك فيها، وإعطاء الكاثوليك في إنجلترا مزيداً من الحرية دون فتح الباب للمزاعم البابوية، وإيجاد وسيلة للتوفيق بين الأنجليكانيين والبيوريتانيين. وقرر مؤرخ تفهم الشئون السياسية في تلك الحقبة دراسة مستفيضة-قرر "أن تطبيق هذا البرنامج لم يكن يعني ألا تغيير جميع مساوئ النصف الثاني من هذا القرن (". وطرح جيمس هذه الاقتراحات جانباً على أنها غير عملية في ظروف التفكير السائدة. واكتفى بضم بيكون إلى طبقة الفرسان الثلاثمائة الذين وزعهم 1603، وتذرع بيكون بالصبر وظل يمني نفسه.

The Hall, Gray’s Inn, 1892, by Herbert Railton

وعلى الرغم من جميع شيء، فان براعته بوصفه محامياً لم توفر له الغنى والثراء إلا في شيء من البطء. وفي 1607 قدرت ثروته بنحو24.155 جنيه. وفي ضيعته التي زودها بكل ألوان الترف، في جور هامبري، كما هيأ لها نخبة من العاملين المرتفعي الأجور والسكرتيرين اليقظتين مثل توماس هوبز، نقول أنه في هذه الضيعة استطاع حتى ينعم بالجمال والراحة اللتين أحبهما في حكمة أكثر مما ينبغي، ورعى صحته بالعمل في الحديقة التي بنى في وسطها ركناً فاخراً يأوي إليه ليخلوإلى نفسه ويتفرغ إلى الدرس والبحث، فخط كما يخط الفلاسفة وعاش كما يعيش الأمراء، إنه لم يجد سبيلاً يبرر حتىقد يكون العقل مفلساً، ويبرر ألاقد يكون "سليمان" (أي الحكيم) ملكاً.

إن بيكون لم يطل به الأمد حتى يبلغ الهدف، فان الملك جيمس الذي قدره حق قدره آخر الأمر عينه في 1607 مساعداً للنائب العام وفي 1613 نائباً عاماً، وفي 1616 عضواً في مجلس شورى الملك، وفي 1617 حاملاً للأختام، وفي 1618 قاضياً للقضاة. وخلعت عليه ألقاب كريمة جديدة لتزين مواهبه وقدراته: ففي 1618 عين بارون فيرولام الأول ، وفي يناير 1621 ڤايكونت سانت ألبانز. ولما غادر جيمس إنجلترا إلى إسكتلندة، هجر قاضي قضاته ليحكم البلاد. "واستقبل بيكون سفراء يحف به الجلال والعظمة" وعاش في جورهامبري تحوطه الفخامة والأبهة "حتى بدا حتى البلاط الملكي هنا (في قصر جورهامبري)، وليس قصر هويتهول أوفي قصر سان جيمس".

لقد حظي بيكون بكل شيء إلا الشرف. ففي سعيه وراء المناصب كثيراً ما ضحى بالمبادئ، فاستغل نفوذه، كمساعد للنائب العام، لإصدار الأحكام القضائية على الصورة التي يرغب فيها الملك(28)ودافع، وهوحامل للأختام الملكية، عن أشد الاحتكارات تعسفاً وظلماً، وحماها وواضح أنه عمل هذا إبقاء على رضاء بكنجهام. وقبل، وهوقاض، هدايا ثمينة من المتقاضين أمام المحكمة. ولم يكن جميع هذا إلا شيئاً من فساد هذا العصر ورخاوته، حتى الموظفين العامين كانوا يتقاضون رواتب هزيلة، فعوضوا عنها "بالهدايا والعطايا" ممن يساعدونهم. واعترف جيمس قائلاً: إذا كان لا بد لي من معاقبة الرشوة، لما هجرت واحداً من الرعايا". إذا جيمس نفسه كان يقبل الرشوة.

وثارت ثائرة البرلمان الذي اجتمع في يناير 1621 ضد الملك-وكره بيكون، لأنه أكبر مدافع عنه، وأنه هوالذي قضى بشرعية الاحتكارات، وإذا لم يكن في مقدور البرلمان بعد حتى يخلع الملك، فان في مقدوره تجريح وزيره ومساءلته. وفي فبراير عين لجنة لتقصي الحقائق في دور القضاء خاصة. وفي مدارس اللجنة تقريراً أثبت فيه أنها وجدت مخالفات كثيرة، لا سيما في تصرفات قاضي القضاة وسلوكه، واتهمته بثلاث وعشرين حالة محددة من حالات الفساد. وأهاب بيكون بالملك حتى ينقذه، متنبأ بأن "هؤلاء الذين يطعنون قاضي القضاة الآن، وسرعان ما يطعنون التاج بعده".

وأشار عليه جيمس بإقرار الاتهام، ومن ثم يضرب مثلاً يحول دون الفساد في الوظائف العامة مستقلاً، وفي 22 أبريل أوفد بيكون اعترافاً إلى مجلس اللوردات. وسلم بأنه أخذ هدايا من المتقاضين، كما عمل سائر القضاة، وأنكر حتى أحكامه تأثرت بها-فانه كان قد أصدر في قضايا كثيرة أحكاماً ضد مقدمي الهدايا. وحكم عليه مجلس اللوردات "بدفع غرامة قدرها أربعون ألفاً من الجنيهات. وبالسجن في برج لندن لمدة يرضاها الملك، ولاقد يكون له إلى الأبد الحق في تولي المناصب العامة، وإلا يدخل البرلمان في الدولة بأسرها. "وسيق في 30 مايوإلى برج لندن، ولكن أفرج عنه بعد أربعة أيام بأمر من الملك الذي ألغى كذلك الغرامة التي تبهض كاهله. وآوى قاضي القضاة المعاقب إلى جورهامبري، وحاول حتى يحيا حياة أكثر بساطة. ووجد راولي Rawley وهوأول من خط سيرة حياة بيكون-على ورقة خطها عند وفاته، بالرمز "كنت أعدل قاض في إنجلترا في هذه السنوات الخمسين، ولكنه كان كذلك أعدل تفريع من البرلمان في هاتين المائتين من السنين".

وكانت لهذا الاتهام والمحاكمة آثار طيبة؛ ذلك أنها خففت من الفساد في الوظائف العامة؛ ولا سيما في دور القضاء، كما وضعت سابقة مسئولية وزراء الملك أمام البرلمان. كما أنها صرفت بيكون عن ميدان السياسة، الذي كان فيه متحرراً في التفكير؛ رجعياً في التطبيق؛ وردته ثانية إلى مجال بديل؛ هومجال الفهم والفلسفة حيث أمكنه "أن يدق الناقوس لتجتمع العبقريات معاً" وأن ينادي في نثر رائع بثورة العقل ومنهجه.


التجديد الكبير

فرانسيس بيكون

كانت الفلسفة لأمد طويل ، الملجأ الذي يلوذ به بيكون هرباً من عناء العمل، إذا لم تكن حبه الدفين الذي يطوي علية جوانحه، وأسعد ما يصبوإليه ويقبل عليه؛ وكان بالعمل قد نشر في 1603-1605 مؤلفاً عظيماً The Proficience and Advancement Of Learning (إتقان الفهم والنهوض بها) ولكن بدا له حتى هذا مجرد برنامج تمهيدي وليس إنجازاً. وفي 1609 خط إلى أسقف إلي Ely: أرجوحتى يأذن الله لي في حتى أخط كتاباً مستفيضاً منصفاً في الفلسفة..." ، وفي 1610 خط إلى كازوبون (عالم لاهوتي ومحرر فرنسي معاصر له): "إن ما أهدف إليه هوحتى أحدث تنظيماً أفضل لحياة الإنسان... بفضل التأمل السليم الصادق".

وفي أثناء السنوات التي أزعجته فيها المناصب، كان بيكون قد أبصر-في افتراض طائش في أيام السعة والثراء-بخطة وقورة لتجديد الفهم والفلسفة. وقبل سبعة شهور من سقوطه، أعرب الخطة في كتاب باللاتينية موجه إلى جميع أوربا، أسماه في جرأة "التجديد الكبير". وكانت صحيفة العنوان نفسها تحدياً، ذلك أنه قد رسم عليها قارب يعبر بأقصى سرعته أعمدة هرقل إلى الأطلسي، ووضع بين العمدة أحد شعارات العصور الوسطى "لا تمضى إلى أبعد من ذلك" وخط بيكون "إن كثيرين يفترض أن يمرون عبره، ولسوف تزداد الفهم والفهم". وأضافت المقدمة المزهوة "إن فرانسيس فيرولام (بيكون) قد تدبر هذا بينه وبين نفسه، وحكم بأنه من مصلحة الأجيال الحاضرة والمستقبلة حتى تتعهد على أفكاره".


ولما عثر حتى "ما يجري في مجال الفهم الآن ليس إلا مجرد دوران حوله، وحركة دائبة تنتهي إلى حيث تبدأ، خلص إلى أنه": ليس ثمة إلا سبيل واحد أمامنا.... وهوحتى نحاول الأمر كله من جديد، وفق خطة أفضل، وأن نشرع في حتى نقيم من جديد، إقامة تامة، صرح العلوم والفنون العملية، وكل الفهم الإنسانية، على أساس سليم.... وفضلاً عن ذلك فانه لما لم يكن يفهم كم من الزمن قد ينقضي قبل حتى تتيسر هذه الأفكار لأحد غيره.... فإنه عقد العزم على ان ينشر على الفور جميع ما يستطيع إنجازه، حتى يبقى، طالما وفاته، موجزاً أوخطة لما كان قد فكر فيه. إذا جميع المطامح بدت لناظريه هزلية ضئيلة إذا قورنت بالفهم الذي هوبصدده(35).


وجعل إهداء المشروع برمته إلى جيمس الأول مع راتى المعذرة "لأني سرقت من الوقت المخصص لإنجاز المهام التي وكلتها إلى، وقتاً اقتضاه هذا العمل"، ولكن مع أكبر الأمل في "أنقد يكون في نتيجته تخليد لذكرى اسمك وتشريف لعهدك"-وهذا ما حدث، فان جيمس كان رجلاً معروفاً بسعة الإطلاع والنوايا الطيبة، فلوأمكن إقناعه بتمويل الخطة، فأي تقدم كان يمكن تحقيقه،يا ترى؟ وكما كان روجر بيكون قد أوفد قبل ذلك بزمن طويل (1268) إلى البابا كليمنت الرابع "العمل العظيم" يتلمس منه العون على تطبيق اقتراح بالنهوض بالفهم والفهم، فان سمية أهاب الآن بالملك حتى يأخذ على عاتقه "مهمة ملكية" هي تنظيم البحث الفهمي، والتوحيد الفلسفي لنتائجه، من أجل الخير المادي والأدبي للجنس البشري. وذكر جيمس "بالملوك الفلاسفة"-نرفا، تراجان، هادريان، أنطونينوس، بيوس، ماركوس أوريليوس، الذين هيئوا للإمبراطورية الرومانية حكومة فاضلة لمدة قرن من الزمان (96-180) بعد الميلاد. فهل كان من أجل حاجته إلى الاعتمادات الحكومية وأمله في الحصول عليها، أنه أيد الملك بمثل هذا العناد والإصرار، وبشكل جر عليه الخراب؟.

الجدل التاريخي والنظريات الهامشية

بيكون وشيكسبير

تمثال لبيكون at his burial place, St Michael's Church في سانت ألبانز

وفي مقدمة أخرى طلب بيكون من القارئ حتى يلقي نظرة على الفهم السائد وقد هلهلته الأخطاء، وركد بشكل مخز. لأن: "العباقرة العظام، على تعاقب العصور، كانوا يرغمون على الانحراف عن طريقهم، إذا الرجال ذوي القدرة والفكر، فوق مستوى السوقة، كان يسرهم، من أجل الشهرة، حتى ينحنوا أمام حكم الزمن والجماهير، إلى غير ذلك فإن أي تفكير من مستوى رفيع ظهر في أي مكان، كانت تعصف به رياح الأفكار السوقية".

ولكي يهدئ من روع رجال اللاهوت الذين كانوا متسلطين على الشعب أوالملك، فان بيكون حذر قراءه من حتى "يقصروا معنى" ما يضطلع به "في حدود الواجب، فيما يتعلق بالمسائل الإلهية أوالدينية". وتنصل من أي قصد له في التعرض للعقائد أوالشئون الدينية. "إن المهمة التي بين يدي ليست رأياً يجب اعتناقه، بل هي عمل يجب القيام به... إني لا أكد وانصب في وضع أساس أي ممضى أونظرية، بل أساس منفعة الإنسان وقوته". واستحث الآخرين حتى يقبلوا عليه وينضموا إليه في عمله، ووثق في حتى الأجيال المتعاقبة ستواصله.

وفي نشرة تمهيدية رائعة عرض بيكون خطة للمشروع:

فرانسيس بيكون

فأولاً، يمكن حتى يحاول تصنيفاً جديداً للعلوم القائمة أوالمرغوب فيها، ويفرد لها مسائلها ومجالات البحث فيها، وهذا هوما أنجزه في "النهوض بالفهم"، الذي ترجمه ووسع فيه كتاب (التوسع في العلوم) 1623، حتى يصل إلى القراء في القارة.

ثانياً:، يمكن حتى يتفحص مواطن الضعف في المنطق المعاصر، ويسعى إلى "استغلال أدق وأكمل للعقل ابشري" مما صاغه أرسطوفي رسائله المنطقية، المعروفة في جملتها باسم Organon، وهذا ما عمله بيكون في كتابه Novum Organum (1620).

ثالثاً: يمكن حتى يشرع "تاريخ طبيعي" "لظواهر الكون"-الفلك، الفيزياء، البيولوجيا.

رابعاً: يمكن حتى يعرض في "سلم الفكر" نماذج من التحقيق الفهمي، طبقاً لطريقته الجديدة.

خامساً: يمكن حتى يصف مثل هذه الأمور، بوصفها بشائر، :كما كشفتها أنا بنفسي".

سادساً: يمكن حتى يشرع في تفسير تلك الفلسفة التي تعقبها في مختلف العلوم على هذا النحو، ومن ثم يجب إيضاحها وإثبات صحتها. "أن إكمال الجزء الأخير... فوق طاقتي وأكثر مما أصبوإليه". ويبدولنا، نحن الذين نتخبط ونلهث اليوم في خضم الفهم والمجالات، حتى برنامج بيكون عقيم أشد العقم. ولكن الفهم لم تكن آنئذ بمثل هذه السعة والدقة، وأن روعة الأجزاء التي أنجزت لتغفر جراءة الكل. وعندما أفضى بيكون إلى سيسل بقوله "أني ضممت جميع الفهم إلى نطاق ولايتي"، فإنه لم يقصد أنه في مقدوره حتى يستوعب جميع العلوم تفصيلاً، ولكنه قصد حتى يستعرض العلوم، وكأنما يمسحها أويلقي عليها نظرة عامة "من عل"، بغرض تنسيقها وتشجيعها. ونطق وليم هارفي عن بيكون إنه "خط الفلسفة، على نهج قاضي القضاة في الكتابة"، بل وخططها كما يخطط القائد الإمبراطوري معركة.

وانا لندرك اتساع مجال العقل وحدة الذهن عند بيكون إذا نحن تتبعناه في كتاب "النهوض بالفهم"، إنه يعرض أفكاره في تواضع غير مألوف، على أنها "ليست أفضل كثيراً من الصوت... الذي يحدثه الموسيقيون حين يضبطون آلاتهم". ولكنه يعزف هنا جميع نغماته المميزة، إنه يدعوإلى مضاعفة عدد الكليات والمخطات والمعامل وحدائق الأحياء والمتاحف الفهمية والصناعية، وتدعيمها جميعاً، كما يدعوإلى تحسين رواتب المعمين والباحثين، وتخصيص اعتمادات أكبر لتمويل التجارب الفهمية، وإلى اتصال متبادل وتعاون أوثق وخطة أفضل لتوزيع العمل بين جامعات أوربا.


أنه، في تقديسه أوعبادته للفهم، لم يفقد رؤيته السليمة للأشياء أووجهة النظر السليمة، فهويدعوإلى تعليم عام متحرر، يضم الأدب والفلسفة، لأنه يهيئ للوصول إلى حكم سليم على الغايات التي تقترن بتحسين الوسائل على أساس فهمي. وهويحاول حتى يصنف العلوم في ترتيب منطقي، ويحدد مجالاتها وحدودها ويوجه كلاً منها إلى أمهات المسائل التي تنتظر الفحص والحل وتحقق كثيراً عن طريق العلوم-تسجيل أفضل التطورات السقم عند المريض، إطالة الحياة باستعمال الأدوية الواقية، الفحص الدقيق "للظواهر النفسية"، والنهوض بفهم النفس الاجتماعي. حتى لقد استبق دراستنا المعاصرة في وسائل النجاح.


أما القسم الثاني والأكثر جراءة من "التجديد الكبير" فكان محاولة لصياغة منهج للفهم. لقد عهد أرسطوالاستقراء، ونادى إليه أحياناً، ولكن الأسلوب الغالب في منطقته هوالاستنباط، والمثل الأعلى فيه هوالقياس. وأحس بيكون بأن المنهج القديم Organon قد أبقى الفهم راكداً، بتوكيده على الفكر النظري أكثر منه على الملاحظة الواقعية. أما "المنهج الجديد" فقد عرض فيه بيكون نظاماً وأسلوباً جديدين للفكر-الدراسة الاستقرائية للطبيعة ذاتها، عن طريق الخبرة والتجربة. وهذا الكتاب أيضاً، ولوحتى بيكون هجره دون حتى يكمله، وعلى الرغم من جميع عيوبه، هوأروع إنتاج في الفلسفة الإنجليزية، وأول دعوة صريحة واضحة إلى عصر العقل. ولقد خط باللاتينية، ولكن في عبارات مشرقة بليغة، جرى نصفها مجرى الحكم وجوامع الحدث. إذا السطور الأولى جمعت أطراف فلسفة... تعلن الثورة الاستقرائية، وتؤذن أوتنذر بالثورة الصناعية، وتضع مفتاح التجريبية في يد هوبز ولوك ومل وسبنسر.


إن الإنسان بوصفه خادم الطبيعة ومفسرها، يمكن حتى يعمل ويفهم الكثير، والكثير حقاً من مجرى الطبيعة، ما دام قد لاحظ الطبيعة واقعياً، أوبفكره... أما ما وراء هذا فهولا يستطيع حتى يدرك شيئاً أويعمل شيئاً. إذا الفهم الإنسانية والقدرة البشرية تلتقيان في الإنسان الواحد، وحيثما لا يعهد مجرى الطبيعة، لا يمكن إنتاج الأثر المطلوب. ولكي تسيطر على الطبيعة. ينبغي حتى تمتثل لها .


وكما أقترح ديكارت بعد ذلك بسبعة عشر عاماً، في "بحث عن النهج"؛ حتى يبدأ الفلسفة بالشك في جميع شيء، فأن بيكون هنا يحتاج تنقية الفكر "كخطوة أولى في التجديد". ذلك حتى "الفهم الإنسانية كما نعهدها في أنفسنا، حتى هي إلا خليط وأكداس لم يتيسر هضمها، مكونة من كثير من السذاجة وسرعة التصديق، وكثير من المصادفات والأعراض غير الجوهرية، وكذلك من الأفكار الصبيانية التي تشربناها في أول الأمر(44)". ومن ثم يجدر بنا، منذ البداية، حتى نخلي أذهاننا، قدر الطاقة، من أية إنشغالات سابقة وتحيزات وافتراضات، بل يجدر بنا حتى حتى نصرف من أفلاطون وأرسطو، ونكتسح من أفكارنا "الأصنام" أوالأوهام الخالدة التي ولدها فينا فرط الحساسية في الحكم على الأمور أوالمعتقدات والتعاليم التقليدية السائدة في مجتمعنا، ويجب حتى ننبذ الحيل التي يمليها التفكير لمجرد الرغبة في شيء ما، والحماقات اللفظية للتفكير الغامض،


ويجب حتى نخلف وراء ظهورنا، جميع طرق الاستنباط الفخمة، تلك الطرق التي عرضت حتى نستنبط ألفاً من الحقائق الباطنية من بضع بديهيات أومبادئ قليلة. وليس في الفهم قبعة سحرية، وكل ما يؤخذ من القبعة لخدمتنا يجب حتى يوضع أولاً عن طريق الملاحظة أوالتجربة. ولكن لا يقصد هنا مجرد الملاحظة العابرة، أو"السرد البسيط" للمعطيات، ولكن "الخبرة.... المطلوبة للتجربة". وعلى هذا نجد حتى بيكون الذي غالباً ما انتقص من قدره على أنه يتجاهل المنهج الحقيقي للفهم، يتقدم ليصف المنهج العملي للفهم الحديث:

إن المنهج السليم للاختبار، يشعل النور أولاً (بالافتراض)، ثم بواسطة هذا الضوء ينير الطريق، بادئاً بالاختبار ترتيباً سليماً. ومنه يستنتج بديهيات "الثمار الأولى"، (النتائج المؤقتة) ومن البديهيات الراسخة تبدأ ثانية تجارب جديدة... إذا التجربة نفسها هي التي ستقرر وتحكم.


ومهما يكن من أمر فإن بيكون كان على حذر من الفرضيات. حيث كانت في الكثير الغالب توحي بها التنطقيد أوالتحيز أوالرغبة، أي توحي بها (مرة أخرى) "الأصنام". فكان يرتاب في أي نهج تقليدي تصطفي الفرضية فيه، قصداً أوعن غير قصد من التجريب معطيات مثبتة أومؤكدة لها، وتفسر تفسيراً خاطئاً أوتتعامى عن الشواهد العكسية أوالمضادة. وتجنباً للوقوع في هذا الشرك، اقترح بيكون استقراء شاقاً، بتجميع جميع الحقائق الوثيق الصلة بالمسألة، وتحليل هذه الحقائق ومقارنتها وتصنيفها، وربطها بعضها ببعض، ثم "بعملية سليمة من "الاستبعاد والنبذ" أي التخلص من فرضية بعد أخرى، على التعاقب، حتى يمكن الكشف عن "الصيغة" أوالقانون الضمني وجوهر الظاهرة(46). إذا فهم "الصيغة" يفترض أن يهيئ تحكماً متزايداً في الحدث، فيعيد الفهم بالتدريج خلق البيئة، بل من المحتمل خلق الإنسان نفسه.

وأحس بيكون بأن هذا هوالهدف النهائي-أي حتى منهج الفهم يفترض أن يطبق على التحليل البالغ الدقة للشخصية الإنسانية، والتصميم على إعادة تشكيلها. وبحث بيكون على دراسة الغرائز والعواطف، وهذه وتلك وثيقة الصلة بالذهن، قدر صلة الرياح بالبحر(47). ولكن هنا بصفة خاصة، لاقد يكون الخطأ في مجرد التماس الفهم، بل في نقلها، ويمكن إعادة خلق الإنسان عن طريق التعليم المستنير، لوأننا كنا نريد حتى تجذب إلى ميدان التربية عقولاً من الطراز الأول بمنحهم الرواتب الكافية وتكريمهم. ويبدي بيكون إعجابه بالجزويت، وتمنى لوأنهم "كانوا على ممضىنا وفي صفنا"، ويستنكر الملخصات، ويحبذ التمثيل في الكليات، ويدعوإلى مزيد من الفهم في البرامج، فإذا نظرنا إلى الفهم والتعليم على هذا الأساس، فإنهما (كما اتى في "قارة أطلنطس الجديدة" لنقد يكونا من خدم الحكومة وإدارتها. بل مرشدها وهدفها؛ ويختم قاضي القضاة الأمين بقوله "إني أراهن بكل شيء في سبيل نصرة الفن على الطبيعة في سباقها".


فلسفة رجل الدولة

هنا نحس بعقل جبار قوي-رجل واحد على مدى قرن، متمكن من الفلسفة ومن السياسة على حد سواء. وقد يشوقنا حتى نقف على تفكير الفيلسوف في السياسة، وتفكير السياسي في الفلسفة.

وعلى الرغم من أنه كان لبيكون منهج في الفلسفة، وأنه هجر عرضاً حسن الترتيب لفكره، باستثناء المنطق، فإن اتجاه أفكاره كان واضحاً، ولوأنها اتخذت شكلاً يشير على رجل كان لزاماً عليه كثيراً حتى يخرج عن هدوء الفلسفة لينظر في قضية قانونية، أوليقف في وجه المعارضة في البرلمان، أوليمحص الرأي والنصح ملكاً لا يجدي معه الرأي والمسورة. ويجدر بنا حتى نجمع آراءه من تعليقاته العابرة ومن نبذه الأدبية، بما في ذلك "منطقاته" (1597 ، 1612 ، 1645). وفي إهدائه هذه الموضوعات إلى بكنجهام، وفي غرور صناعة الكتابة، خط بيكون ، "إني أرى.... حتى الأثر قد يبقى ما بقيت الخط". وكان أسلوبه في رسائله متكلفاً ملتوياً، حتى لقد اعترفت زوجته: "إني لا أفهم كتابته الملفوفة المليئة بالألغاز(50)". وبذل في "الموضوعات" جهداً أكبر، وراض قلمه على الوضوح ووصل إلى قوة هائلة في التعبير، لا تباريه فيها إلا صحائف معدودة في النثر الإنجليزي، من حيث المادة ذات المغزى الهام الزاخرة بالتشبيهات المشرقة الواضحة في صياغة دقيقة، وكأنما أولع تاسيتس (مؤرخ روماني-القرن الأول الميلادي) بالفلسفة، وتنازل ليكون واضحاً.


إن حكمة بيكون دنيوية إذا ينصرف عن الميتافيزيقا(ما وراء الطبيعة) إلى الخفي أوالطائش من الأمور، وقليلاً ما قفز طموحه الوثاب من الجزء إلى الكل. ومهما يكن من أمر فإنه أحياناً أنه يخوض في مادية حتمية: "لا يوجد في الطبيعة حقاً، شيء عدا الأجسام الفردية التي تؤدي أعمالاً فردية صرفة طبقاً لقانون محدد". وإن البحث في الطبيعة ليأتي بأحسن النتائج حين يبدأ بالفيزياء وينتهي بالرياضيات ولكن "الطبيعة" هنا قد تعني العالم الخارجي. لقد آثر بيكون الفلاسفة المتشككين قبل سقراط، على أفلاطون وأرسطو. وامتدح ديموقريطس الفيلسوف المادي. ولكنه حينئذ يرتضي تمييزاً دقيقاً بين الجسم والنفس ، ويستبق برگسون للفكر على أنه "مادي أساسي". "إن إدراك الإنسان يتأثر برؤية مل يجري في الفنون الميكانيكية.... ومن ثم يتخيل حتى شيئاً شبيهاً بهذا يجري في الطبيعة للأشياء". ويرفض مقدماً البيولوجيا الميكانيكية عند ديكارت.


ومع ما يعتمل في نفسه من عواطف متصارعة نحوالدين، نراه "يتبل" في حرص، فلسفته "بالدين، وكأنما يتبل بالملح" "الأفضل عندي حتى أصدق الخرافات التي في حياة القديسين وفي التلمود وفي الخط المقدسة، على حتىقد يكون هذا العالم بلا عقل". ويضع الإلحاد في مكانه في بترة تكررت مرتين(58). وإن تحليله لأسباب الإلحاد لتوضح فكرة هذا الكتاب:-

إن مسببات الإلحاد هي الانقسامات في العقيدة، إذا كانت كثيرة، لأن أي انقسام أساسي يلهب حماسة الفريقين كليهما وغيرتهم، ولكن الانقسامات الكثيرة تقود إلى الإلحاد، وثمة سبب آخر، وهوأعمال القسس المخزية. وأخيراً، عصور الفهم، وخاصة إذا سادهم السلم والرخاء، فان المتاعب والعداوات تزيد في اتجاه عقول الناس إلى الدين.

إن بيكون يؤكد قاعدة حتى "الدين يحد من جميع ألوان الفهم". وطبقاً لما رواه قسيسه راولي "كان يمضى كثيراً إلى الصلاة في الكنيسة، إذا سمحت ظروفه الصحية"... ولقي ربه على العقيدة السليمة للكنيسة الإنجليزية". وعلى الرغم من ذلك، فإنه أفاد، مثل خلفه العظيم وليم أوكهام، من التمييز بين الحقيقة اللاهوتية والحقيقة الفلسفية، فقد يتمسك الدين بمعتقدات لا يجد الفهم والفلسفة عليها دليلاً، ولكن الفلسفة يجب حتى تعتمد على العقل فقط، كما حتى الفهم ينبغي حتى يلتمس تفسيرات دنيوية صرفة، على أساس سبب ونتيجة ماديتين.

وعلى الرغم من تحمس بيكون للفهم، فإنه يخضعها أويضعها في المحل الثاني من الأخلاق. فليس ثمة نفع للإنسانية إذا لم يؤد التوسع في الفهم إلى الخير. "إن طيبة النفس هي أبرز مزايا العقل ومنازله الرفيع" ومهما يكن من أمر فان حماسته المألوفة حين يتحدث عن الفضائل المسيحية. ومن الواجب ممارسة الفضيلة باعتدال، لأن الأشرار قد يخدعون غير الحكماء. وقليل من الخدع أوالرياء ضروري للنجاح، إذا لم يكن المدنية. والحب ضرب من الجنون، والزواج نوع من الشرك أوالفخ: "إن الذي له زوجة وأولاد، يضع عقبات في سبيل النجاح، لأنهم عوائق في سبيل المغامرات والمشروعات الكبيرة...

إن أفضل العمال وأعظمها أثراً على الناس نبعت من أناس ليس لهم زوجة ولا أولاد. "وأقر بيكون-مثل اليزابث وهلدبراند-عزوبة رجال الدين". إذا حياة العزوبة تصلح لرجال الكنيسة، لأن الصدقات لا تكاد تروي الأرض، إذا كان لزاماً عليها أولاً حتى تملأ بركة" (لاحظ نزعته إلى الاستعارة والمجاز والإيجار الأنجلوسكسوني). إذا الصداقة خير من الحب. وإن المتزوجين ليكونون صدقات غير مستقرة. إذا بيكون يتحدث عن الحب والزواج بأسلوب رجل ضحى بالعواطف الرقيقة في سبيل الطموح، ورجل أمكنه حتى يحكم مملكة أفضل من حتى يحكم بيته.

أما فلسفته السياسية فقد قابلت حالات وظروفاً أكثر مما قابلت نظريات. وأوتي من الشجاعة ما امتدح معها ماكيافللي. وارتضى صراحة المبدأ القائل بأن الدول ليست مقيدة بالقانون الأخلاقي الذي تلقنه لرعاياها. وأحس-مثل تخصصه، بأن الحرب الجيدة ترحب بأي سبب، "ويجب ألا نستمع إلى رأي أساتذة وفلاسفة العصور الوسطى الذي يقول بأنه ليس من العدل حتى تشن الحرب إلا إذا سبقها وقوع الضرر أوالاستفزاز... إذا الخوف الحقيقي من خطر محدق، ولولم تحدث أية ضربات، سبب مشروع للحرب." وفي أية حادثة "فان الحرب العادلة الشريفة هي الطريقة المثلى" للمحافظة على الأوضاع السليمة للأمة. وإنه لمن أقصى درجات الأهمية، من أجل الإمبراطورية والعظمة، حتى تؤمن الأمة بأن "سلاحها هومناط شرفها، وهوهدفها وشغلها الشاغل".


والبحرية القوية ضمان لاحترام الجيران. "والسيادة على البحار هي الرمز الحقيقي للملكية". وفي شباب الدولة تزدهر الأسلحة، وفي وسط عمر الدولة، تزدهر الفهم، ثم تزدهر الأسلحة والفهم كلتاهما معاً لفترة من الزمن، وفي عصر اضمحلال الدولة تنتعش الأعمال التجارية والتجارة. وسكان المدن محاربون ضعاف، والفلاحون أوالقرويون أفضل منهم في الحرب، ولكن صغار ملاك الأرض الأحرار أفضل الجميع. ومن ثم فان بيكون مثل مور، استنكر المساحات الزراعية الكبيرة المسورة، لأنها تقلل من نسبة ملاك الأراضي في السكان. واستنكر هجريز الثروة على أنه سبب هام من مسببات الفتن والثورات:

وأول علاج أومانع لهذه، هوحتى نزيل بكل الوسائل الممكنة، السبب المادي... وهوالحاجة والفاقة... ونهتم بكل ما يخدم التوسع في التجارة وتوازنها، وتعزيز الصناعة والقضاء على الخمول، والتبديد والتبذير، بسن قوانين الحد من الإنفاق وتنظيمه. وتحسين التربة وعدم إرهاقها وتحديد أسعار الحاجيات المبيعة وتخفيف الضرائب.... وفوق هذا كله، انتهاج سياسة حكيمة في عدم تجميع ثروات الدولة وأموالها في أيد قليلة.... إذا المال مثل السماد، لا خير فيه، إلا إذا انتشر.

وارتاب بيكون في البرلمان، بوصفه مشكلاً من ملاك الأراضي والتجار غير المتفهمين المتعصبين أووكلائهم، وفكر في حتى جيمس الأول، بالمقارنة بهؤلاء، متفهم يتحلى بروح إنسانية، بل حتى نظرية الملك في "الحكم الاستبدادي المطلق" بدت في نظره خيرة كبديل عن الزمر الجشعة والمذاهب العنيفة. واعتبر-مثل معاصره ريشيليو-أن هجريز السلطة في يد الملك، وإخضاع كبار ملاك الأراضي له، خطوة ضرورية لإقامة حكومة منظمة. ومضى، مثل فولتير. إلى حتى تعليم رجل واحد أيسر من تعليم الجماهير. إذا الثروة الهائلة الخاصة لم تزعج الملك. وكان جيمس مشدوداً في عناد بالغ إلى التبذير والضرائب والسلام.

وسخر بيكون من "الفلاسفة" الذين "يسنون قوانين خيالية لدول خيالية، إذا منطقاتهم أومحاضراتهم، كالنجوم التي لا تعطي إلا قليلاً من الضوء لأنها على ازدياد شاهق". ولكنه في أيام سأمه، أغرى بأن يصور نوع المجتمع الذي يريده للناس ليعيشوا فيه. ولا ريب في أنه قد قرأ "يوتوبيا" مور (1516)، وكان كامبانلا قد نشر لتوه كتابه "مدينة الشمس" (1623)، والآن في 1624 خط بيكون "القارة الجديدة" (The New Atlantis) "أبحرنا من بيروالتي كنا قد قضينا فيها سنة كاملة إلى الصين واليابان عبر البحر الجنوبي": هدوء تام، أرزاق محدودة، جزيرة تحوطها العناية الإلهية، شعب يحيا حياة سعيدة في ظل قوانين سنها لهم المغفور له الملك سليمان.

وبدلاً من البرلمان. مجلس سليمان-مجموعة من المراصد والمعامل والمخطات وحدائق الحيوان والنبات، مزودة برجال الفهم ورجال الاقتصاد والفنيين والأطباء وفهماء النفس والفلاسفة، مختارين (كما هوالحال في جمهورية أفلاطون) بعد اختبارات متكافئة بعد فرص تعليمية متكافئة، ثم (دون إجراء انتخابات) يحكمون الدولة، أوبالأحرى، يحكمون الطبيعة، لمصلحة الإنسان. ويشرح أحد هؤلاء الحكام المتبربرين القادمين من أوربا فيقول: "إن غاية مؤسستنا هي فهم مسببات الأمور وحركاتها الخفية، وتوسيع حدود "إمبراطورية الإنسان، من أجل التأثير في جميع الأمور الممكنة(70)"، وفي هذه "الفتنة" التي في جنوب المحيط الهادي اخترع سحرة سليمان بالعمل الميكروسكوب والتلسكوب والساعات الذاتية الملء، والغواصات والسيارات والطائرات، واكتشفوا المسكنات والتنويم المغناطيسي، ووسائل المحافظة على الصحة وإطالة العمر، ووجدوا طرق تطعيم النبات وتوليد أنواع جديدة، وتحويل المعادن الخسيسة إلى معادن نفيسة، ونقل الموسيقى إلى أماكن بعيدة.

وفي مجلس سليمان ترتبط الحكومة والفهم معاً. وكل الأدوات وتنظيم البحث، وهوما كان بيكون قد توسل إلى جيمس حتى يزود به البلاد، موجودة هنا، في القارة الجديدة، كجزء من عدة الحكومة وأدواتها. والجزيرة تتمتع باستقلال اقتصادي، وهي تتحاشى التجارة الخارجية لأنها شرك ينصب للحرب. إنها تستورد الفهم لا السلع. إلى غير ذلك يحتل الفيلسوف المتواضع مكان رجل الدولة المزهوبنفسه، كما حتى نفس الرجل الذي كان قد نصح بالحرب أحياناً عند الاقتضاء، بوصفها دواء مقوياً أومنشطاً اجتماعياً، نراه الآن، وقد آذنت شمس حياته بمغيب، يحلم بجنة من السلام.

صيحة العقل

استمر بيكون يعمل حتى النهاية. فنشر بعد عام واحد من تقاعده، "تاريخ حكم هنري السابع"، سجل به مستوى جديداً لكتابة التاريخ، فهوتفسير واضح صريح، في نثر رشيق قوي، للقضايا والسياسات والأحداث، وصورة وصفية أدبية منصفة نزيهة أخاذة بعيد عن المثالية، حقيقية إلى حد بعيد. وأعقب هذا مجموعة من الرسائل: "دراسة في الرياح" "دراسة في الكثافة والتخلخل". "دراسة في الحياة والموت"، وأبحاث أخرى، لقد تهيأ له الآن من الفراغ ما لم يكن يتسقطه، فليس ثمة أهل ولا أصدقاء، فان جميع طلاب المنافع الذين كانوا يزدحمون على بابه أيام نفوذه وسلطانه، تمسحوا الآن بأعتاب أخرى. وسأل مرة أحد من يتبادل معهم الرسائل: "من معك من الزملاء في عملك،يا ترى؟ فأجاب إنني الآن في وحدة تامة".


وفيما كان يحاول حتى يختبركم من الوقت يمكن حتى يحفظ الجليد اللحم من التعفن والفساد، بتر الرحلة ذات يوم من أيام الربيع ليشتري دجاجة، وذبحها وحفظها في الجليد، فوجد أنه أصيب بقشعريرة. فلجأ إلى دار لورد أروندل Arundel المجاورة، حيث وضعوه في الفراش، وظن أنه سقم عارض لا يلبث حتى يزول، وخط حتى التجربة "نجحت نجاحاً تاماً"، إنه حفظ الدجاجة، ولكنه فقد حياته. فقد قضت عليه الحمى، وخنقه البلغم فيتسعة أبريل 1626. ومات في سن الخامسة والستين. وانطفأت الشمعة المتوهجة فجأة.

لم يكن بيكون، كما افترض بوب "أحكم وأذكى وأحط بني الإنسان". فان مونتاني كان أحكم، وفولتير أذكى، وهنري الثامن أحط، ونطق أعداء بيكون عنه أنه كان عطوفاً نافعاً، يبادر إلى الصفح والمغفرة. وكان أنانياً إلى حد الخنوع والاستسلام، ومزهواً إلى حد إغضاب الآلهة. ولكننا نشاركه هذه الأخطاء إلى حد نغتفر معه طبيعته البشرية من أجل الأضواء التي نشرها. إذا غروره كان القوة الدافعة فيه. وإذا كنا نرى أنفسنا كما يرانا غيرنا لشلت حركتنا وتوقفنا عن العمل.

ولم يكن بيكون من رجال الفهم أوالأفراد الفهميين، ولكنه كان فيلسوف فهم. وكان مدى الملاحظة عنده هائلاً، ولكن مجال تأمله وتفكيره كان فسيحاً إلى حد لا يهيئ له الوقت الكافي للبحث الخاص. وحاول شيئاً من هذا دون نتيجة تذكر... وتخلف كثيراً عن تقدم الفهم المعاصر. ونبذ آراء كوبرنيكس الفلكية، ولكنه أورد أسباباً وجيهة لذلك(74). وتجاهل كبلر وجاليليوونابيير. وكثيراً ما تنبه (كما وقع في "القارة الجديدة") إلى دور ملكة الخيال والافتراض والاستنباط في البحث الفهمي، ولكنه ظل ينتقص من أهميته، وأتى اقتراحه بطول الأناة في تجميع الحقائق وتصنيفها، بأحسن النتائج في فهم الفلك، حيث زودت الأرصاد النجمية والتسجيلات التي قام بها آلاف الباحثين-زودت كوبرنيكس بمادة استقرائية، لاستنباطاته الثورية، ولكنها لم تكن قريبة الشبه بالطرق العملية التي كشفت في عصره قوانين حركات الكواكب وتوابع المشتري وجاذبية الأرض والدورة الدموية.


ولم يزعم بيكون أنه اكتشف الاستقراء، وعهد حتى أناساً كثيرون مارسوه من قبل. ولم يكن أول من "أطاح" بأرسطو. فان رجالاً مثل روجر بيكون، وبترس راموس، عملاً هذا لعدة قرون خلت. ولكن أرسطوالذي أطاحوا به (كما تحقق بيكون أحياناً) لم يكن أرسطوالإغريق الذي كان كثيراً ما استخدم وامتدح الاستقراء والتجريب، ولكن أرسطوالفيلسوف الذي صنعه العرب وأتباع الفلسفة السكولاستية (الفلسفة النصرانية في العصور الوسطى). إذا الذي أراد بيكون حتى يقضي عليه هوالمحاولة الخاطئة لاستنباط عقائد العصور الوسطى من الميتافيزقيا القديمة، لقد ساعد بيكون على أية حال، على تخليص أوربا النهضة من الإذعان البالغ التزمت للقديم.

ولم يكن أول من أكد حتى الفهم طريق القوة. فقد عمل روجر بيكون هذا من قبل، ونطق كامبانللا، في بلاغة بيكون: "إن قوتنا تتناسب مع معهدتنا(75)". وربما أفرط رجل الدولة في الإلحاح على الغايات النفعية (طبقاً لممضى المنفعة) للعلوم. ومع ذلك فانه أقر بقيمة "العلوم البحتة" بمقارنتها "بالعلوم التطبيقية"-تمييزاً "لنور الفهم" عن "ثماره". وحث على دراسة الغايات والوسائل بقدر سواء، وأدرك حتى قرناً من الاختراع لا بد حتى يخلق مشاكل كبرى، أكثر من حتى يحل المشاكل القائمة، إذا هجر الدوافع الإنسانية على حالها دون تغيير. وربما تبين بيكون، في انحلاله الخلقي هونفسه، الهوة التي خلقها تقدم الفهم إلى ما أبعد من تهذيب الخلق.

ترى ماذا تظل بعد ما أسلفنا من استنتاجات متأخرة،يا ترى؟ يبقى حتى بيكون كان أقوى أهل الفكر والذكاء وأعظمهم أثراً في زمانه. لقد بزه شكسبير بطبيعة الحال في الخيال والفن الأدبي. ولكن عقل بيكون حلق في الكون كله، مثل نور كشاف يحدق ويحقق مستطلعاً، في جميع الزوايا والخفايا، فتمثلت فيه جميع حماسة النهضة المتقدة اليقظة، وكل الإنارة والزهواللذين تملكا كولمبوس وهويبحر مسعوراً إلى عالم جديد. انصت إلى هذه الصيحة المرحة من الديك روبين Cock Robin وهويؤذن بانبلاج الفجر:

إلى غير ذلك انتهيت من هذا القسط من التعليم الذي يمس الفهم المدنية، وبهذه الفهم المدنية ختمت الفلسفة الإنسانية، وبهذه الفلسفة الإنسانية، انتهيت من الفلسفة بصفة عامة. والآن وقد توقفت قليلاً، أنظر إلى الوراء، إلى ما مررت به أوتصفحته، فانه يظهر لي، قدر ما يستطيع الإنسان حتى يحكم على نفسه، حتى هذه الكتابة ليست أفضل كثيراً من الصخب أوالصوت الذي يحدثه الموسيقيون عند ضبط آلاتهم، مما لا يطرب الإنسان لسماعه، ومع ذلك فان هذا الضبط سبب في حلاوة الموسيقى فيما بعد. وكذلك قنعت أنا بضبط آلات الوحي والتأمل حتىقد يكون العزف أفضل والأيدي أقدر. وحقاً، أني إذ أضع أمامي حالة هذه الأزمان التي قامت فيها الفهم بزيارتها أوجولتها الثالثة، بكل خصائصها، مثل تفوق عباقرة هذا الزمان وحيويتهم، والمساعدات والأنوار التي حصلنا عليها من أعمال الكتاب القدامى،

وفن الطباعة الذي ينقل الخط إلى جميع الناس من جميع المستويات، وانفتاح العالم بفضل الملاحة التي كشفت النقاب عن تجارب لا حصر لها، وعن قدر كبير من التاريخ الطبيعي... أقول حقاً إني إزاء هذا كله، لا أملك إلا حتى أصل إلى الاقتناع بأن هذه الحقبة الثالثة من الزمن تفوق كثيراً عهد الفهم اليونانية والرومانية... أما عن جهودي وأعمالي، إذا كان ثمة جهود وأعمال لي، فانه إذا عنى الإنسان حتى يسر نفسه أويسر الآخرين بالانتقاص من قيمتها أونقدها، فإنها ستعود إلى المطلب القديم المتسم بالصبر والجلد "اضربني إذا ما أردت، ولكن اسمعني فقط" فلينتقد الناس وليقرعوا ما شاءوا، فانهم بذلك يفترض أن يلاحظون ويقدرون(76).

إن بيكون عبر عن أنبل مشاعر عصره-لتحقيق حياة أفضل عن طريق التوسع في الفهم-ومن ثم فان الأعقاب خلدوا ذكراه بتذكار حي، هوتأثرهم به، لقد حركت روحه-لا طريقته-الفهماء وبعثت فيهم القوة والنشاط. فكم أنعشهم وشحذ عزائمهم، بعد قرون كانت العقول فيها حبيسة قواعدها، أوواقعة في شراك عناكب من نسج الرغبات لا الحقائق، حتى يصادفوا رجلاً أحب صوت الحقيقة مهما كان عنيفاً، وأحب جوالبحث والكشف، وهوجويبعث على الحياة، رجلاً عثر متعة في إلقاء ظلال الشك على دياجر الجهل والخرافة والخوف. وظن بعض رجال ذاك العصر، مثل دون، حتى العالم في طريقه إلى الاضمحلال والانحلال، وأنه يسير بسرعة إلى نهاية الفناء والتحطيم، فأعرب بيكون إلى عصره أنه فترة شباب عالم، زاخرة بفورات الحياة.

ولم يكن الناس لينصتوا إلى بيكون في بداية الأمر، فإنهم في إنجلترا وفرنسا وألمانيا آثروا تحكيم السلاح في صراع العقائد، فلما خفت حدة هذا الصراع، فان هؤلاء الذين لمقد يكونوا مغلولين بقيود الحقائق، احتشدوا، تحدوهم روح بيكون، ليزيدوا من سيطرة الناس، لا على الناس، بل على ظروف حياة الإنسان وما يعتورها من عقبات. وعندما أسس رجال من الإنجليز "الجمعية الملكية في لندن للنهوض بالفهم الطبيعية" (1660)، كان تكريماً لفرانسيس بيكون وتخليداً لذكراه، حتىقد يكون مصدر وحي الجمعية وملهمها، ومن الجائز أن: "مجلس سليمان" في "القارة الجديدة" هوالذي حدد هدفها. وحيا لايبنتز بيكون باعتباره خالقاً للفلسفة من جديد(78). وعندما تكاتف فلاسفة عصر التنوير لتأليف دائرة معارفهم التي هزت العالم (1751) فانهم أهدوها إلى فرانسيس بيكون. وخط ديدروفي نشرتها التمهيدية: "إذا كنا أدينا مهمتنا بنجاح، فإننا نكون مدينين بأكبر الفضل لقاضي القضاة بيكون الذي اقترح خطة قاموس عالمي للعلوم والفنون، في عصر لم يوجد فيه-إذا صح التعبير-علوم ولا فنون، وأن هذا العبقري الفذ، خط في عصر كان من المحال فيه كتابة تاريخ لما هومعروف-خط تاريخاً أودراسة لما هوضروري حتى نتفهمه أونعهده".

وفي غمرة الحماس نطق دالمبرت عن بيكون "إنه أعظم الفلاسفة وأفصحهم وأكثرهم شمولاً". ولما تمخضت جماعة التنوير عن الثورة الفرنسية قررت نشر مؤلفات بيكون على حساب الدولة. ونهج الفكر البريطاني في مغزاه ومبناه، من هويز إلى سبنسر-باستثناء بركلي وهيوم والهيجليين الإنجليز-منهج بيكون، فان نزعته إلى إدراك العالم الخارجي على أساس من الممضى الذري عند ديموقريطس، هي التي حركت هوبز إلى المادية، وتوكيده على الاستقراء هوالذي وجه هويز إلى فهم النفس التجريبي الذي تتحرر فيه دراسة العقل من ميتافيزيقا النفس، كما حتى هجريزه على "المنافع" و"التطبيقات" أسهم مع فلسفة هلفشيوس في توجيه بنتام إلى تعيين "النافع والصالح أوالحسن". وأخيراً فان روح بيكون هي التي هيأت إنجلترا للانقلاب الصناعي.

ومن هنا جاز لنا حتى نضع بيكون في قمة عصر العقل. إنه لم يكن مثل بعض من اتىوا بعده، يحب العقل حباً أعمى، فانه ارتاب في أية أفكار أوخطط لم يتحقق منها التجريب العملي، وفي جميع النتائج التي شابتها الرغبة. "إن الإدراك الإنساني ليس ضوءاً جافاً، إذا الإرادة والعواطف تنفخ فيه، ومن ثم تنطلق العلوم التي يمكن تسميتها: بعلوم يريدها الإنسان، لأن ما يرى الإنسان أنه يكادقد يكون حقيقياً، يصدقه ويؤمن به على الفور". وآثر بيكون "ذلك العقل المنتزع من الحقائق،.... ومن تحالف أوثق وأنقى بين هاتين القوتين: التجريبية والعقلانية، يمكن حتى نأمل في خير كثير".

كما حتى بيكون لم يقل، مثل فلاسفة القرن الثامن عشر، بأن العقل عدوالدين أوأنه بديل عنه، إنه أفسح لكل منهما مجالاً في الفلسفة وفي الحياة. ولكنه كره الاعتماد على التنطقيد والنصوص والمراجع، وطالب بتغييرات عقلانية طبيعية بدلاً من الافتراض أوالحدس العاطفي، ومن الاعتراضات الخارقة للطبيعة، والأساطير الشعبية المألوفة. إذا بيكون حمل راية جميع العلوم، وجذب للانضواء تحتها أشد العقول تلهفاً في الأجيال القادمة. وسواء شاء أولم يشأ، فان العمل الذي نادى إليه- التنظيم الكامل للبحث الفهمي، والتوسع في الفهم ونشرها في العالم بأسره-نقول إذا هذا العمل يحوي في طياته بذور أعمق مسرحية في الأزمنة الحديثة: المسيحية، كاثوليكية أوبروتستانتية، تناضل من أجل حياتها، ضد انتشار الفهم والفلسفة وقوتهما. وكانت المسرحية الآن قد ألقت مقدمتها على العالم.

وفاته

أعماله وفلسفته

يتميز أسلوب بيكون بقصر العبارة وكثافة الفكرة وجزالة اللفظ، مما يجعل كتابته مفعمة بالحكمة والتبصُّر. وكان يستخدم صوراً شعرية ليس للزينة فقط بل لتعزيز فكرة يطرحها أولإضفاء حيوية على اللهجة الخطابية، حتى إنَّ الكثير من عباراته غدت حكماً وأقوالاً مأثورة. كان رائد الفلسفة والأدب والمنهج الفهمي في إنكلترة ومن أعلام النثر الإنكليزي، وفي الوقت ذاته لم يتخل عن اللاتينية التي كان يعدها الوعاء الحافظ لكل ذي قيمة.

قائمة الأعمال المطبوعة

  • Essays (1597)
  • The Elements of the Common Law of England (1597)
  • A Declaration of the Practises & Treasons Attempted and Committed by Robert, late Earl of Essex and his Complices (1601)
  • Francis Bacon His Apology, in Certain Imputations Concerning the late Earl of Essex (1604)
  • Certain Considerations Touching the Better Pacification and Edification of the Chrch of England (1604)
  • Valerius Terminus of the Interpretation of Nature (1604)
  • The Proficience and Advancement of Learning (1605)
  • De sapientia veterum liber (1609)
  • The Charge of Sir Francs Bacon, Knight, the King's Attorney-General, Touching Duels (1614)
  • The Wisdom of the Ancients (1619)
  • Novum Organum (1620)
  • The History of the Reign of King Henry the Seventh (1622)
  • Apophthegms, New and Old (1625)
  • The Translation of Certain Psalms (1625)
  • The New Atlantis (1626)
  • Sylva Sylvarum (1627)
  • Scripta in naturali et universli philisophia (pub. 1653)

طالع أيضاً

  • The Baconian theory of Shakespearean authorship
  • Baconian method
  • Bacon's cipher
  • مدرسة فرنسيس بيكون
  • Cestui que (Defense and Comment on Chudleigh's Case)

الهامش

المصادر

إبراهيم شهابي ـ طارق علوش. "بيكون (فرانسيس ـ)". الموسوعة العربية.

ول ديورانت. سيرة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود. Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)

  • Material originally from the 1911 Schaff-Herzog Encyclopedia of Religion.
  • Material originally from the 1912 Schaff-Herzog Encyclopedia of Religion.
  • تحوي هذه الموضوعة معلومات مترجمة من الطبعة الحادية عشرة لدائرة المعارف البريطانية لسنة 1911 وهي الآن من ضمن الملكية العامة.


  • نطقب:A Short Biographical Dictionary of English Literature
  • John Farrell, "The Science of Suspicion." Paranoia and Modernity: Cervantes to Rousseau (Cornell UP, 2006), chapter six.
  • "Our Western Heritage" Roselle / Young: Chapter five "The 'Scientific Revolution' and the 'Intellectual Revolution'".

وصلات خارجية

  • أعمال من فرانسيس بيكون في مشروع گوتنبرگ
  • Works by/about Francis Bacon, from Internet Archive. Scanned, illustrated original editions.
  • Francis Bacon Books
  • Online editions of Bacon's works
  • Essays by Francis Bacon at Quotidiana.org
  • The Essays: Francis Bacon
  • Novum Organum Online
  • Sir Francis Bacon's New Advancement of Learning
  • : Baconianism
  • Rictor Norton, "Sir Francis Bacon" quotes excised passages of Sir Simonds D'Ewes
  • Quotations Book - Francis Bacon
  • Francis Bacon entry in the Stanford Encyclopedia of Philosophy by Juergen Klein
  • The Twickenham Museum - Sir Francis Bacon
  • Henry Wotton employed by Bacon's intelligence system
  • Francis Bacon Research Trust - Studies of Bacon's connections to the Rosicrucians, Freemasonry, Shakespeare
  • A more easily readable version of the New Organon
  • Cryptographic Shakespeare
  • The Works of Sir Francis Bacon
  • Famous quotes by Francis Bacon


مناصب سياسية
سبقه
Sir Thomas Egerton
Lord High Chancellor
1617-1621
تبعه
In Commission
سبقه
Henry Hobart
Attorney General of England and Wales
1613-1617
تبعه
Henry Yelverton
پرلمان إنگلترة
سبقه
Miles Sandys
Member of Parliament for Taunton

1586-1588
تبعه
William Aubrey
سبقه
Arthur Atye
Member of Parliament for Liverpool

1588-1594
تبعه
Thomas Gerard
نبيل إنگليزي
سبقه
New Creation
Viscount St Alban
1621-1626
تبعه
انقرض
Baron Verulam
1618-1626
تاريخ النشر: 2020-06-08 01:17:13
التصنيفات: Articles with hCards, Pages with citations using unsupported parameters, مقالات مأخوذة من الطبعة الحادية عشرة لدائرة المعارف البريطانية, مواليد 1561, وفيات 1626, أشخاص من سانت ألبانز, أشخاص من وستمنستر, خريجو جامعة كمبردج, فلاسفة العصر الحديث المبكر, فلاسفة إنگليز, كتاب مقالات إنگليز, أساطين البلاغة الإنگليز, تاريخ الطريقة العلمية, كتاب اللاتينية الجديدة, Lord Chancellors of England, المدعون العموم لإنگلترة وويلز, أعضاء البرلمان الإنگليزي قبل 1707, جواسيس إنجليز, أشخاص تيودور, أنگليكان إنگليز, النظرية البيكونية, Viscounts in the Peerage of England, وفيات بالالتهاب الرئوي, طوباويون, Queen's Counsel 1597-1800, وفيات بأمراض معدية في إنگلترة, Hermeticists, فلاسفة بريطانيون

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

سبورتينغ البيضاوي يحقق تأهلا تاريخيا لنهائي دوري أبطال إفريقيا

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-16 00:23:34
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 70%

الانفصال تم منذ 3 أشهر.. تفاصيل طلاق هنا الزاهد وأحمد فهمى بعد 4 سنوات

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-16 00:23:01
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 46%

الجهاد الإسلامي: يوجد غطاء دولي لكل ما يقوم به الاحتلال من إ

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-16 00:23:41
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 61%

شرطي يطلق الرصاص لتوقيف بزناس مبحوث عنه بشفشاون

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-16 00:23:38
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 78%

الرباط .. الحكم الصادر في حق أربعة متهمين بالإرهاب

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-16 00:23:46
مستوى الصحة: 72% الأهمية: 71%

طبيب بمستشفى الشفاء: مخزون المياه بالمجمع شارف على الانتهاء

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-16 00:23:47
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 53%

مصر تدين قصف الاحتلال محيط المستشفى الميداني الأردني في غزة

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-16 00:23:14
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 68%

متى يشكل معدل ضربات القلب خطراً على صحتك؟

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-16 00:23:03
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 36%

عاجل..مجلس الأمن يعتمد قرارا يدعو إلى هدن إنسانية في غزة

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-11-16 00:23:41
مستوى الصحة: 73% الأهمية: 84%

مندوب فلسطين بمجلس الأمن يوجه سؤال للأعضاء: ماذا ستفعلون حيا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-16 00:23:33
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 52%

مسؤول أمريكي: نعارض ضم أو اقتطاع أراضِ بغزة وأي مخطط يقوض حل

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-16 00:23:56
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 59%

مندوب إسرائيل بالأمم المتحدة: قرار مجلس الأمن بشأن الهدن الإ

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-16 00:23:26
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 52%

الخارجية الإسرائيلية: لا مجال لهدن إنسانية دون عودة الأسرى

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-11-16 00:23:20
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 59%

تحميل تطبيق المنصة العربية