في غضون 8 أيام من العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، أعلنت القوى الغربية رزمة عقوبات اقتصادية صارمة ضدّ مؤسسات مالية روسية فضلاً عن شخصيات سياسية بارزة، وذلك لكبح جماح عملياتها العسكرية على الأراضي الأوكرانية.

وبينما تتصاعد حدة العقوبات يوماً بعد يوم، بدأت بعض التقارير الاستخباراتية والإعلامية تتصدر عناوين الصحف الغربية التي كشفت مؤخراً عن الحصن الاقتصادي المنيع التي بدأت تشيده موسكو منذ ضمها للقرم في عام 2014. وأشار تقرير نشرته صحيفة صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية الخميس تحت عنوان "كيف استعد بوتين للعقوبات بأطنان من الذهب الإفريقي".

وتأكيداً للادعاءات التي سردتها في التقرير، أشارت الصحيفة إلى زيارة الجنرال حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة السوداني إلى موسكو الأسبوع الماضي بينما كانت القوات الروسية تتدفق عبر الحدود إلى أوكرانيا، في علامة أخرى على قوة العلاقات الثنائية بين البلدين، والتي أتاحت لروسيا أن تصبح أكبر لاعب أجنبي في قطاع التعدين الضخم في السودان.

عقوبات غربية صارمة

بالتزامن مع إعلان موسكو اعترافها باستقلال كل من لوغانسك ودونيتسك، باشر الغرب فوراً بتضييق الخناق على موسكو سياسياً واقتصادياً، وحتى رياضياً وثقافياً، وبدأت أمريكا ومن خلفها الدول الأوروبية فرض عقوبات متنوعة على روسيا، أهمها عقوبات على البنك المركزي الروسي وصندوق الثروة السيادي، بالإضافة إلى إزالة بعض البنوك الروسية من نظام "سويفت" للتحويلات المالية العالمية.

وشملت العقوبات أيضاً تجميد أصول السياسيين البارزين في الكرملين، وعلى رأسهم الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف، بالإضافة إلى إدراج سيرجي شويغو وزير الدفاع الروسي. وضمهم إلى قائمة حظر السفر وتجميد الأصول في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وطالت حزم العقوبات المتتالية شركات الطيران الروسية، من خلال منع تحليقها في الأجواء الأوروبية والأمريكية. كما جمدت أصول مملوكة للبنك المركزي الروسي، واستهدفت العقوبات 70% من الأسواق المالية الروسية والشركات الكبرى المملوكة للدولة بما فيها الشركات المملوكة لوزارة الدفاع.

"حصن روسيا الذهبي"

حسب الصحيفة البريطانية، قامت روسيا بتهريب مئات الأطنان من الذهب غير المشروع من السودان على مدى السنوات القليلة الماضية كجزء من جهود أوسع لبناء "حصن لروسيا" ودرء إمكانية زيادة العقوبات المتعلقة بأوكرانيا.

وضاعف الكرملين كمية الذهب الموجودة في البنك المركزي الروسي بأكثر من أربعة أضعاف منذ عام 2010، ما مكن موسكو من إنشاء "صندوق حرب" من خلال مزج الواردات الأجنبية واحتياطيات الذهب المحلية الهائلة، حيث تعتبر روسيا كثالث أكبر منتج للذهب في العالم.

وبينما تجاوز الذهب احتياطيات الدولار للمرة الأولى اعتباراً من يونيو/حزيران 2020، حيث شكلت السبائك الذهبية أكثر من 23% من إجمالي الاحتياطيات التي ارتفعت إلى 630 مليار دولار حتى الشهر الماضي، تشير الإحصاءات الرسمية إلى أن السودان لا يصدر أي ذهب تقريباً إلى روسيا، وهو ما نفاه مسؤول تنفيذي في إحدى أكبر شركات الذهب السودانية لصحيفة التلغراف مدعياً أنه يجري نقل حوالي 30 طناً إلى روسيا كل عام من السودان.

كيف أصبحت روسا أهم لاعب في مجال التعدين بالسودان؟

يقول الخبراء الذين نقلت عنهم صحيفة البريطانية، إن مجموعة فاغنر، وهي شركة عسكرية خاصة يديرها أشخاص مقربون من الكرملين، تدرب قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي، والتي تعتبر بمثابة منظمة شبه عسكرية كبيرة تجلس إلى جانب الجيش النظامي في السودان.

ويلفت الخبراء إلى أن الجماعتين المدججتين بالسلاح قد عملتا معاً لتأمين مناجم ذهب مهمة لشركات التعدين الروسية في السودان، حيث الأمن ضعيف في المناطق النائية.

فيما يرى مراقبون أن السودان أهم مصدر للذهب الإفريقي بالنسبة لروسيا، لكنه ليس البلد الوحيد على رادار الكرملين، معزِين ذلك إلى النفوذ الروسي في القارة السمراء على حساب اضمحلال النفوذ الفرنسي، الأمر الذي تستغله موسكو لتخفيف أثر العقوبات من خلال محاولاتها الدخول إلى دول لديها مصادر طبيعية هائلة ومساعدتها على زيادة احتياطي المعادن لديها.

TRT عربي