افتتاحية الدار: نقل السفير الجزائري في مدريد إلى باريس.. مناورة يائسة جديدة للكابرانات


الدار/ افتتاحية

لم يكد الكابرانات ينتهون من الدعاية للقرار الذي تم اتخاذه بنقل السفير الجزائري في مدريد إلى باريس حتى جاء الرد الإسباني غير المباشر على الابتزاز الجديد بتأكيد الحكومة الإسبانية أن المغرب “جار وشريك موثوق”، في إشارة ضمنية إلى الوضعية الملتبسة التي أصبحت عليها الشراكة مع الجزائر بالنسبة لإسبانيا والاتحاد الأوربي عموما. لم تفد تلك المناورة الجديدة بالضغط على مدريد من أجل تعديل مواقفها التقدمية الشجاعة التي عبرت عنها في الآونة الأخيرة بخصوص قضية الصحراء المغربية وخروجها من الإطار التقليدي الذي كانت دائما تحاول التمترس وراءه من خلال ترديد أسطوانة الحل السياسي الدائم تحت رعاية الأمم المتحدة.

اليوم، تعلن مدريد صراحة أن قضية الصحراء لا حل لها سوى نظام الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب منذ 2007 كأرضية للتفاوض والتسوية. واليوم أيضا لا يزال جنرالات الجزائر يعتقدون أن ورقة الغاز الذي تمد به الجزائر إسبانيا يمكن أن تمثل عامل ضغط على مدريد من أجل التراجع عن هذه المواقف. لكن الذي ينساه هؤلاء الكابرانات أن مدريد لم تعد تعوّل كثيرا على الإمدادات الجزائرية، وخططت ونفذت الكثير من البدائل بعد أن أصبحت اليوم تعتمد بالأساس على الإمدادات القادمة من الولايات المتحدة الأمريكية وقطر وغيرهما من البلدان المنتجة للغاز. فمنذ أن قرر الكابرانات وقف الإمداد عبر أنبوب غاز المغرب العربي الذي يمر بالمغرب يتوجس الأوربيون من الشريك الجزائري “غير الموثوق” الذي يمكن أن يتراجع عن الوفاء بالتزاماته في أي لحظة عنّ فيها ذلك لجنرال مخبول من الجنرالات الذين يقودون الطغمة العسكرية.

وعلى الرغم من أن السلطات الجزائرية تدفع اليوم مليارات إضافية من أجل كراء السفن لضمان الإمدادات للسوق الإسبانية إلا أن ذلك لا يمكن أن يمثل بالنسبة لمدريد دليلا كافيا على الالتزام الذي ينبغي أن يميز العلاقات التجارية، وخصوصا منها تلك التي يتوقف عليها النشاط الاقتصادي لبلد ما. لأجل ذلك فإن المخطط الأوربي للاستقلالية الطاقية الذي تم إطلاقه منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وضع نصب عينيه مجموعة من الأهداف على رأسها الاعتماد على مصادر بديلة للتزويد الطاقي من مصادر موثوقة جدا، لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تفكر في لحظة من اللحظات التفكير بتوظيف هذه الإمدادات توظيفا سياسيا أو دبلوماسيا.

طبعا الكابرانات هم أضعف من أن يلعبوا هذا الورقة الابتزازية التي تمارسها روسيا اليوم على سبيل المثال. لقد تابعنا في يونية الماضي كيف زعزع بلاغ للاتحاد الأوربي العصابة الحاكمة في الجزائر عندما حذرها من تداعيات القيود التجارية التي فرضتها على إسبانيا من خلال تعليق معاهدة التعاون بين البلدين. ورأينا كيف سارع الكابرانات إلى نفي ذلك وتقديم ما يشبه الاعتذار للأوربيين حيث أعلنت بعثة الجزائر لدى الاتحاد الأوربي أي نية لمعاقبة إسبانيا بفرض عقوبات عليها. وها هي ذي إسبانيا اليوم تتجاهل تماما كل تلك المحاولات الابتزازية اليائسة التي يمارسها الكابرانات وتمضي قُدما في تعزيز علاقاتها الثنائية مع المغرب ووضعه في المكانة التي تليق به وتحرص على الوفاء بخارطة الطريق الجديدة التي تم الاتفاق عليها في مارس الماضي.

ولهذا فإن إيفاد السفير الجزائري بمدريد إلى باريس وترك مكتب السفارة الجزائرية في إسبانيا فارغا من المسؤول الجديد لن يغير من الوضع شيئا، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يرغم الحكومة الإسبانية على تغيير موقف التزمت به أمام العالم وبشكل نهائي. والذي لا تفهمه السلطات الجزائرية وقيادتها العسكرية أن مدريد يمكن أن تجد بدائل عديدة للجزائر من أجل التزود بالطاقة والغاز لكنها أبدا لا تستطيع أن تجد بديلا للمغرب بالنظر إلى تشابك العلاقات الاقتصادية والتاريخية والأمنية والبشرية بين البلدين، فالمغرب بالنسبة لإسبانيا ليس مجرد أنبوب غاز عابر، بل هو شريك اقتصادي وسياسي على حدود التاريخ والجغرافيا لا مناص من التعامل معه.

تاريخ الخبر: 2022-07-15 00:24:07
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 52%
الأهمية: 56%

آخر الأخبار حول العالم

طقس الأحد.. أمطار رعدية بعدة مناطق من المملكة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:21
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 69%

ساعة جيب لأغنى ركاب "تايتانيك" بيعت في مزاد لقاء 1,46 مليون دولار

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:31
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 64%

طقس الأحد.. أمطار رعدية بعدة مناطق من المملكة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:15
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 68%

الحبس النافذ للمعتدين على “فتيات القرآن” بشيشاوة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:12
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

ساعة جيب لأغنى ركاب "تايتانيك" بيعت في مزاد لقاء 1,46 مليون دولار

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:38
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية