لم يبخل على الفن بنقطة من عرقه؛ فأمتعنا وأسعدنا حتى صارت ابتسامته على الشاشة وصوت ضحكته علامة مميزة عرف بها بين أبناء جيله، بأكثر من 150 عملا فنيا حفر اسمه بين الكبار، وكما أن طريق كل مبدع ليس مفروشا بالورود فحياة الفنان القدير إبراهيم سعفان لم تكن مفروشة كذلك بالورود.

«الوطن» تحاور خالد إبراهيم سعفان، نجل الفنان الراحل، وتفتح معه صندوق ذكريات والده، في ذكرى وفاته المعروف اليوم 4 سبتمبر، والذي أكد لنا أن تاريخ 4 سبتمبر المشهور بين الجميع ليس هو التاريخ الصحيح لوفاة والده، وإنما تاريخ الوفاة الحقيقي يوم 14 سبتمبر 1982 بالإمارات أثناء تقديمه لأحد الأعمال هناك، كما يتحدث عن حياة والده الأسرية والمآسي التي عاشها، وإلى نص الحوار.

كيف كان يتعامل مع الأسرة؟

لم يكن يتدخل في أمور المنزل وترك تصريفها وإدارتها وتربية الأبناء للوالدة، وكان مشغولا بفنه وعمله فقط، وتزوجا سنة 1953، وكانت جارته في المنزل في شبرا.

رزقا في بداية زواجهما ببنت وثلاثة أبناء ماتوا خلال أول أربع سنوات من الزواج، بسبب الجفاف، وسبب هذا حزنا كبيرا لديهما، «كانوا بيتعالجوا غلط، وفيه أطفال كتير ماتوا في الخمسينات، لحد ولادة أختي الكبيرة سنة 1959، وأنا وراها لحد مبقينا 5 أبناء، 3 ذكور وبنتين».

كان له هيبة تشبه «سي السيد» في ثلاثية نجيب محفوظ، ولم يكن يجرؤ أحد منا أن يتحدث في وجوده أو يحدث صوتا يزعجه، وكانت الهيبة لكل جيله، وبالأخص ممثلي الكوميديا، فهم جادون جدا، وبعيونهم مسحة حزن، ناتجة عن المآسي التي في حياتهم وهو خلاف ما يشاهَد في أعمالهم الفنية.

كان راجلا طيبا ومتواضعا للغاية، وكان ينحني حينما يصافح أي شخص كبيرا كان أم صغيرا، وكان من المحبوبين في الوسط الفني جدا من الجميع.

البعض يقول إنه بدأ حياته مدرسا.. فهل هذا صحيح؟

عمل بالتدريس في بداية حياته، بعد حصوله على ليسانس الشريعة والقانون، ثم حصل على بكالوريوس «فن تمثيل» والذي أصبح بعد ذلك معهد السينما، وكان أستاذه الفنان القدير ذكي طليمات، كما درس للفنانة القديرة سعاد حسني، وعلمها القراءة والكتابة سنة 1959 أثناء التحضير لفيلم «حسن ونعيمة»، والذي كان تعاونا رائعا بين المخرج هنري بركات والكاتب عبدالرحمن الخميسي، جد الفنانة لقاء الخميسي.

وعهد الخميسي له بتعليم سعاد حسني لعدم التحاقها بالمدرسة، «خلاها في خلال 6 أشهر كأن معاها أولى ثانوي، وعمل دور صغير مع محرم فؤاد في الفيلم، وكان ماسك ناي وطالع بدور سعفان في فرقة محرم فؤاد في الفيلم، وكان أول عمل يعمله في السينما».

هل كرم سعفان بالشكل الكافي؟

لم يكرم مطلقا، والتكريم الوحيد كان سنة 1985 بعد وفاته، عندما نظمت احتفالية بمناسبة مرور 25 سنة أي اليوبيل الفضي للتليفزيون وكرموا فيها مجموعة كبيرة من الفنانين لكن لم يحدث تكريم خاص له، بالإضافة إلى وضع لافتة «عاش هنا» على منزل الأسرة بشبرا منذ عامين.

هل كان له دور في اكتشاف أحد من الفنانين؟

بالطبع اكتشف كثيرين منهم أبرزهم الراحل وائل نور، الذي كان جارا للأسرة بشبرا، والفنان ضياء الميرغني، حيث قدمه وساعده في دخول مجال التمثيل.

هل كان لديه أصدقاء من الفنانين؟

بالطبع كان مقربًا من الكثيرين، منهم فؤاد المهندس، فريد شوقي، رشدي أباظة، عبدالمنعم إبراهيم، عبدالمنعم مدبولي، أمين الهنيدي، سيد زيان، محمد رضا، حسن عابدين، وتوفيق الدقن، محمود المليجي. وكان سمير غانم حالة خاصة بالنسبة إليه.

وكان أقربهم له رشدي أباظة حيث لم يكن يدخل عملا في السبعينات إلا ويطلب والده ليكون معه، كما كانت شادية تحب العمل معه وتتفاءل به.

وكان من شدة حبه للفنان فاخر فاخر والد الفنانة هالة فاخر، أن سما اثنين من أبنائه الذين توفيا بالجفاف على اسمه، لكن لم يمهلهما الأجل.

ما أصعب موقف مر عليه في حياته؟

كان موقف وفاة والده سنة 1970 هو الأصعب على الإطلاق، ففي الوقت الذي أبلغ فيه بوفاة والده كان ميعاد صعوده على خشبة المسرح لعرض مسرحية كوميدية، فكان بين نارين التوجه إلى والده لإنهاء إجراءات الغسل والدفن والانتهاء من عمله الملزم به، «كان عنده عرض لازم يحضره وعمل العرض وراح دفن أبوه، وكان الغريب إنه كان بيعمل دور شاب بيضحك الكل رغم ما به من ألم»، وكان من أصعب المواقف أيضا وفاة أبنائه.

ما سر قبوله لدى كل من شاهده؟

القبول منحة ربانية ليس لأحد فضل فيها أو يد، وهي رزق في المقام الأول، و«فيه حد ممكن يكون موهوب جدا ومعندوش قبول، وغيره يكون مش موهوب لكن عنده قبول»، ومن أسباب قبوله أنها كان طيبا جدا، وحافظا لكتاب الله، ويعامل الجميع بمنتهى اللطف والمحبة والحنو. «يكفيني إن الناس بتبصلي باحترام وحب أما يعرفوا إني ابن إبراهيم سعفان، أبويا مقدمش ربع موهبته وربع اللي عنده، وسابلنا سيرة كويسة».

وأثناء الجامعة زامل الرئيس الجزائري هواري بو مدين وعندما زار مصر في السبعينات طلب من الرئيس أنور السادات قابلة زميل الدراسة إبراهيم سعفان، وأرسل الرئيس السادات للإذاعي وجدي الحكيم، ليحضر والده وقابلوا هواري بومدين.

هل يشتغل أحد أبناء أو أحفاد الفنان الراحل بالفن؟

أخي الأصغر عازف قانون محترف وخريج معهد الموسيقى العربية، لكن لم يكن أحد منا ليجرؤ على أن يطلب منه العمل بالتمثيل.