القوى الثورية بين التكتيك السياسي والفعل الثوري


سامي طيب الأسماء

كنا نتغنى والثورة في أوج بهائها (يا شراعاً أوصل القارب للشاطئ فجراً) وكانت حينها أشرعة الثورة تمضي نحو تحقيق الحلم السوداني (حرية سلام وعدالة) … ولكن أبت الرياح إلا أن تمزق تلكم الأشرعة لتواصل الثورة رحلتها من جديد غير هيابة ولا آبهة .

وفي رحلتنا يجب أن نحلل أسباب الفشل والعقبات الكأداء والعواقب الماثلة في تمزق النسيج الثوري بين قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة والشد والجذب بين قوى الثورة المكافحة ما أدى لخروج الزواحف من جحورها لتنقلب على ثورة لم يتفق أهلها على الوسائل والأدوات حينما اتفقوا على الحد الأدنى وهو إسقاط الإنقاذ.

لقد ذهب الناس في تحليل طبيعة الخلاف بين قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة ونسوا أو تناسوا أن جوهر الخلاف هو الاختلاف البنيوي بين طبيعة الأحزاب  (السياسية) وطبيعة اللجان (الثورية) فالخلاف إذن في تغليب الوسائل الثورية أو تفعيل التكتيك السياسي في مجابهة المشكل السوداني المعقد .

يجب ألا يغفل الشارع الثوري أن الأحزاب لها يد سلفت في العمل الثوري بل العسكري في مجابهة الإنقاذ وما جيش الأمة وجيش الفتح إلا عمل ثوري ومقاومة خشنة للإنقاذ وجبروتها كما أن الأحزاب قدمت الكثير وتقدمت كوادرها الصفوف على مدى حكم الإنقاذ الأولى والثانية .

إن العمل الثوري التراكمي أنتج ثورة ديسمبر العظيمة وما قدمه أبناؤنا الثوار وما زالوا يقدمونه من تضحية وبسالة أسطورية خلق لهم منطقا ثوريا ساطعاّ لا يقبل التكتيك السياسي ولا يتماهى إلا بفرقان الخيط الأبيض من الأسود من فجر الخلاص لذا انفجر الخلاف بين القوى الثورية واهتبل المخذلون والمشاؤون بالنميم هذا الاختلاف ليبثوا سمومهم عبر مصادرهم وجواسيسهم ليدقوا (عطر منشم) بين القوى الثورية لتتعطل زوارق الثورة عن بلوغ الشواطئ.

نعم أتفق مع أبنائنا الثوار أن طبيعة الحراك الثوري في هذه المرحلة لن يقبل بأنصاف الحلول أو التعامل مع قتلة الثوار بمبدأ عفا الله عما سلف والجلوس إليهم بعد أن أيقن الجميع أن لجنة البشير الأمنية ومن خلفها يتامى الإنقاذ وسواقط الثورة لا يضمرون للثورة سوى الشر ولا يتمنون لجذوتها سوى الانطفاء والخمود.

ولكن حتى وسط المعارك المصيرية لابد أن تفعل إعدادات التكتيك السياسي حتى الاستسلام يحتاج إلى مفاوضات وهنا تكمن التعقيدات بين القوى الثورية .

نصيحتي الشخصية لقوى الثورة أن تتحد أولا فهذا الشرط مصيري وحتمي وبعد الوحدة يجب أن يجتمع الاستراتيجيون في القوى الثورية لوضع خارطة طريق تتبع تكتبك (توزيع الأدوار) بين ثورة هادرة وتكتيكات سياسية ماكرة باتساق وذكاء Inter Harmony تضع فيه الأحزاب السياسية خبراتها في التعامل مع الإنقاذ بتحوراتها المختلفة وتضغط فيه لجان المقاومة بوجودها الباسل في الميدان مع وضع خطط إعلامية وحرب نفسية تزلزل أركان الانقلابيين وتقتلعهم اقتلاعا .

نعم إن الأوان للاتفاق والاتساق بين القوى الثورية ٱن الأوان لتوزيع الأدوار بين الفعل الثوري والتكتيك السياسي ٱن الأوان لتفعيل قدرات الثوار فالشعب أقوى والردة مستحيلة.

تاريخ الخبر: 2022-10-11 15:23:06
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 67%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية