في شهر أغسطس 2021، الساعة الحادية عشر صباحاً، أجرت سحر ربيع «28 عاما» من محافظة الفيوم، اتصالاً هاتفياً بمنسقة برنامج زراعة الرئة بمستشفى عين شمس التخصصي، التابع لجامعة عين شمس، كتجربة قد تُجد، أملا في علاجها من مرضها الذي لازمها ما يقرب من 22 عاما، بداية من سن ست سنوات، وأكد لها أطباء محافظة الفيوم وقصر العيني، أن الحل الأمثل هو زراعة رئة، فلا فائدة من أي دواء استمرت عليه، لأنها مجرد مهدئات بحسب وصف والدتها.

البداية منذ 6 سنوات.. سحر تعاني من التهاب رئوي 

«صباح الخير.. مع حضرتك سحر ربيع من محافظة الفيوم، بعاني من إلتهاب رئوي شديد، ولا استطيع التنفس بسهولة، وذلك منذ سن ست سنوات حتى هذه اللحظة، وسمعت أن مستشفى عين شمس التخصصي بها زراعة رئة».. «هل هذا حقيقي؟».

تلقت هدى عبدالغني، منسقة برنامج زراعة الرئة، بعض من هذه الكلمات بصعوبة، فضيق التنفس يسيطر على حديث «سحر»: «أيوه حضرتك ده حقيقي إحنا مستشفى جامعي متخصص ونعامل المريض أفضل معاملة».

زراعة الرئة لسحر، تتوقف على وجود متبرعين، وهو ما تعلمه جيدا، فقررت خوض التجربة آملة في «الخلاص» من معاناة سنوات طويلة لها ولأسرتها، وكلها أمل وفرح لا يوصف، بوجود علاج لمرض صعب وجراحة هي الأصعب، كما وصفها فريق طبي بالمستشفى.

قلق وتوتر شديد ومطالبة بعدم إتمام العملية 

في يوم ما، الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف الليل، عاودت سحر الإتصال بـ«هدى»، تعبر لها عن قلقها الشديد على أشقائها إذا تبرعوا لها، وطلبت عدم إتمام العملية.

لم تتعامل هدى عبدالغني، مع سحر على أساس علاقة «موظف ومريض»: «بقيت زي أختي وبقينا أصحاب وحسيتها من أسرتي»، هكذا أصبحت علاقة سحر بهدى، وأصبحت الثانية بمثابة القدوة والمثل لها، تحكي لها ما يؤلمها تفضفض لها أمنياتها، الحديث لا يعرف التوقيت فالصباح والمساء كلهم سواء أمام مشاعر وآمال بالشفاء والحياة بصورة طبيعية بعد معاناة طويلة.

وعدت هدى عبدالغني، سحر، بأنها ستقدم لها الدعم طوال فترة حياتها سواء داخل المستشفى أو خارجها، ففي يوم ما أجرى شقيق سحر اتصالا هاتفيا بهدى في الساعة الثالثة فجراً، يطلب منها نصيحة لشقيقته التي عانت في هذا التوقيت من ضيق تنفس شديد استلزم نقلها للمستشفى.

اتصال من فريق برنامج زراعة الرئة بالمستشفى

على الفور تواصلت هدى مع فريق برنامج زراعة الرئة بالمستشفى وروت لهم تفاصيل الحالة، وأسرلوا حينها سيارة إسعاف لنقل سحر إلى المستشفى، وحصلت على الرعاية الكاملة.

بعد أول اتصال هاتفي بيوم، ذهبت سحر ومعها 6 من أقاربها، شقيقين وأعمامها ووالدها ووالدتها، لديهم رغبة مُلحة بالتبرع «أيا كان الثمن»، فبحسب رواية شقيقها الأكبر كامل ربيع ل«الوطن»: «أفدى أختي بحياتي»، وأصر وشقيقه جمعة (26 عام)، على التبرع لسحر بفص من رئتهما.

«كامل وربيع» صمموا على ألا يتبرع أحداً لشقيقتهما غيرهما، وكأن هي إرادة الله، فتوافق جينات كل منهما مع سحر، وتم فتح ملف للحالة بمستشفى عين شمس التخصصي لإجراء أول زراعة رئة في مصر والشرق الأوسط من متبرعين أحياء.

كيف كانت رغبة سحر في الشفاء؟

حظيت هدى عبدالغني، بثقة سحر وأسرتها، فروت هدى أحد المواقف: «يوم العملية نفسه طلبت مني أكون جنبها، وبالفعل طول فترة تواجدها في مستشفى عين شمس التخصصي كانت علاقتي بيها زي أختي سحر وأسرتها ناس جميلة»، وتمنت أن تنال سحر رغبتها في الشفاء وتعود لمنزلها معافاة.

طمأن الدكتور أحمد مصطفى، أحد أعضاء الفريق الطبي الذي أجرى العملية لسحر، أسرتها، وأكد ل«الوطن»، أن الحالة مستقرة لسحر وأشقائها الذين تبرعوا لها.