تلقت أسعار النفط الخام دعما قويا من انخفاض المخزونات الأمريكية في مركز كوشينج بولاية أوكلاهوما إلى 22 مليون برميل، وهو مستوى قريب بشكل خطير، من الحد الأدنى لمستوى التشغيل، ما أثار القلق بشأن احتمال انخفاض المخزونات إلى ما دون الحد الأدنى.
وانخفضت مخزونات النفط في كاشينج من أعلى مستوى لها خلال عامين عند 43 مليون برميل في يونيو إلى أقل من 22 مليون برميل، وفقا لمعهد البترول الأمريكي.
ويقول لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون: إن الانخفاض الكبير في المخزونات النفطية جاء نتيجة ارتفاع الطلب من مصافي التكرير وكذلك ارتفاع الطلب على الصادرات، لافتين إلى أنه إذا لم يرتفع مستوى المخزون بشكل ملموس فسيكون لذلك تأثير صعودي إضافي في الأسعار، ما يدفع خام غرب تكساس الوسيط إلى الاقتراب من 100 دولار للبرميل.
وأشاروا إلى أنه قبل عدة أعوام انخفضت المخزونات في كوشينج إلى أقل من 20 مليون برميل، لكن ذلك كان قبل أن تصبح الولايات المتحدة مصدرا رئيسا للنفط والوقود، لذلك تم تجديد المخزونات بسرعة.
وتوقع المحللون أن تشهد الصين ارتفاع صادراتها من المنتجات البترولية المكررة في أكتوبر، حيث يشهد البنزين ووقود الطائرات أكبر الزيادات، وقد حفز الطلب المحلي الفاتر والهوامش المرتفعة في الخارج شركات التكرير الصينية على استخدام جميع حصص التصدير الخاصة بها.
وفي هذا الإطار، يقول مارتن جراف مدير شركة "إنرجي شتايرمارك" النمساوية للطاقة: إن الاتجاهات الصعودية للنفط الخام تعود لتسيطر بقوة على معنويات السوق، مشيرا إلى تأكيد شركة "كيمب" أنه خلال الأسابيع الأربعة الماضية اشترى التجار ما مجموعه 183 مليون برميل من العقود الآجلة للنفط الخام والوقود.
وأشار إلى ارتفاع نسبة الرهانات الصعودية إلى الرهانات الهبوطية على النفط والوقود إلى ما يقرب من 8 إلى 1 معتبرا - بحسب كيمب، موضحا أن أسواق النفط الخام جاهزة لتصحيح الأسعار والعودة إلى المكاسب القياسية في الربع الرابع من العام الجاري.
ويرى، سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف أن السعودية وروسيا قامتا بتمديد خفض الإنتاج المشترك بمقدار 1.3 مليون برميل يوميا، ما يؤكد تشديد السوق حتى نهاية العام الجاري، ما ساعد على ارتفاع الأسعار، خاصة مع ظهور بيانات حديثة تؤكد أيضا قوة وتماسك الطلب في الصين.
وذكر أنه فيما يتعلق بنمو الإمدادات من خارج "أوبك"، فإن نمو إنتاج الولايات المتحدة هو أمر ليس مؤكدا هذه الأيام، لافتا إلى تأكيد شركة أوكسيدنتال بتروليوم أنه ليس لديها أي نية لتغيير خطط إنتاجها على الرغم من ارتفاع أسعار النفط إلى ما فوق 90 دولارا للبرميل، انتظارا لحدوث توازن حقيقي ومستدام في السوق النفطية.
ومن ناحيته، يقول جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد إيه إف" في كرواتيا: إن استمرار ارتفاع أسعار الطاقة يؤثر في اقتصادات جميع دول العالم، خاصة دول الاستهلاك، وقد يكون له تأثير في توقعات المستهلكين للتضخم، مشيرا إلى تأكيد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الأسبوع الماضي أن أسعار الطاقة هي أشياء تجب مراقبتها عن كثب.
وأوضح أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يوازن بين الركود والنمو منذ أشهر وقد أثبت أنه مستعد وقادر على اتخاذ خطوات محفوفة بالمخاطر مثل سلسلة ممتدة من رفع أسعار الفائدة لإصلاح الوضع في اقتصاد الولايات المتحدة.
وتتفق، ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام مع أن المخاطر الجيوسياسية مستمرة ومتصاعدة في التأثير السلبي في استقرار سوق النفط الخام، موضحة أنه منذ 2020، شهدت سبع دول إفريقية توترات سياسية، بما في ذلك دولة الجابون العضو في منظمة أوبك.
وأوضحت أنه بعيدا عن إفريقيا، تؤثر الحرب الروسية في أوكرانيا في أسواق المنتجات النفطية، وقد حدثت زيادة في إمدادات المنتجات النفطية الروسية إلى إفريقيا منذ فرض القيود على واردات المنتجات الروسية إلى الاتحاد الأوروبي ودخول الحدود القصوى للأسعار حيز التنفيذ كجزء من العقوبات المفروضة على روسيا.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط نحو 1 في المائة خلال تعاملات أمس، مع تركيز الأسواق على شح الإمدادات مع اقتراب فصل الشتاء. وتواجه أسواق النفط رياحا معاكسة من تزايد المخاوف من ركود اقتصادي في ظل محاولات المصارف المركزية، وفي مقدمتها مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، للإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة مدة أطول لمواجهة التضخم.
وبحلول الساعة 06:41 صباحا بتوقيت جرينتش (09:41 صباحا بتوقيت مكة المكرمة)، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت القياسي -تسليم نوفمبر بنسبة 0.83 في المائة، ليصل إلى 94.74 دولار للبرميل.
في الوقت نفسه، زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي -تسليم نوفمبر 2023- بنسبة 1 في المائة، ليصل إلى 91.29 دولار للبرميل، إذ أظهرت بيانات الصناعة، الصادرة الثلاثاء، أن مخزونات النفط الخام الأمريكية ارتفعت الأسبوع الماضي بنحو 1.6 مليون برميل، مقابل توقعات المحللين بانخفاض قدره نحو 300 ألف برميل.
واستمرت الأسواق في القلق بشأن انخفاض مخزونات الخام الأمريكية بمركز التخزين الرئيس في كوشينج بولاية أوكلاهوما إلى ما دون الحد الأدنى من مستويات التشغيل.
كما يمكن أن يؤدي مزيد من عمليات السحب في كوشينج -نقطة تسليم العقود الآجلة للخام الأمريكي- إلى فرض ضغوط صعودية جديدة على أسواق النفط، لأنها ستؤدي إلى تفاقم تراجع الإمدادات الناجم عن تخفيضات الإمدادات من قبل منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" وحلفائها، المعروفين باسم تحالف "أوبك+".
