مازالت الدورة الاقتصادية بالمغرب تعاني بشكل عميق من البطالة، التي تعتبر نقطة سوداء في التقارير الإحصائية الصادرة عن مؤسسات رسمية، حسب ما أظهرته المندوبية السامية للتخطيط في مذكرتها الإخبارية حول “وضعية سوق الشغل خلال سنة 2023″، إذ سجلت ارتفاعا جديداً في معدل البطالة من 11,8 في المائة إلى 13,0 في المائة على المستوى الوطني.
ويعزى هذا الإرتفاع في نسب البطالة، وفق مراقبون إقتصاديون، إلى الأزمات الاقتصادية الوطنية، التي أثرت بشكل كبير وملحوظ على الاقتصاد المغربي، وفي مقدمتها “جائحة كوفيد” و”الصدمة التضخمية”، بالإضافة إلى توالي “مواسم الجفاف” الذي ساعد على تدمير مخطط التشغيل في المناطق القروية التي تعتمد بالأساس على الأنشطة الفلاحية.
تعليقا على هذا الموضوع، قال بدر الزاهر الأزرق، الخبير الاقتصادي، إن “المعطيات المتعلقة بالبطالة التي أوردتها المندوبية السامية للتخطيط، مرتبطة أساسا بالسياقات الاقتصادية المتأثرة بالأزمات والتي مرت منها المملكة المغربية في السنوات الأخيرة”، مضفا: “اليوم نتحدث عن آثار الجائحة التي مازالت تنخر جسم الاقتصاد المغربي، وأيضا إرتفاع مؤشر التضخم إضافة إلى التقلبات المناخية التي أثرت بشكل كبير على مناصب العمل في القطاع الفلاحي سواء الدائمة أو الموسمية”.
وأشار الزاهر الأزرق، في تصريح لـ”الأيام 24″، إلى أنه “منذ 2020 كانت هناك أزمات متتالية أسهمت في إفلاس العديد من المقاولات، وأيضا تراجع مردودية كثير من القطاعات أبرزها قطاع الفلاحة، وإن كانت هناك انتعاشة على مستوى السياحة لم نتمكن من إرجاع النسب الحقيقية والعادية للبطالة ما بين 10 إلى 11 في المائة”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “هذه النسب مرتبطة أيضا بأوضاع أخرى مرتبطة بالفقر والهشاشة، لكن يمكن للمغرب استرجاع جزء من نسب البطالة عن طريق قطاعي الصناعة والسياحة، وادماجها في المشهد الاقتصادي من أجل تحسين السوق الوطنية للشغل”.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن “قطاع الخاص سيلعب دورا مهما خاصة أن ميثاق الجديد للإستثمار ينص على الدور المحوري الذي سيلعبه هذا القطاع، وأن الحكومة تتجه في منحى الاستقرار أو التقليص من المناصب العمومية والاعتماد بشكل كبير على الخواص”، مبرزا أنه “سيتم تقوية المقاولات المغربية وأيضا خلق مناخ ملائم لتطوير المقولات بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية”.
وأضاف أيضا أنه “مازالت مجموعة من المدن المغربية تعاني من شبح البطالة نظراً للأزمات المتعاقبة والتي أثرت على الدورة الاقتصادية المغربية، لذلك يتطلب الوضع الحالي عملا كبيراً من أجل إيجاد حلول واقعية للخروج من متاهة الفقر والهشاشة”.
