سويد بن أبي كاهل اليشكري
أبوسعيد سُويد بن أبي كاهل بن حارثة بن حِسْل الكناني اليشكري (ت. 683 م) شاعر مخضرم من مخضرمي الجاهلية والإسلام. كانت أمهُ امرأةً من بني غُبَر، وكانت عند رجل من بني ذبيان بن قيس عيلان، فمات عنها، فتزوجها أبوكاهل، وكانت فيما يُنطق حاملاً، فنسب ابنَها إليه لما َّولدته، وسَّماه سويداً. فكان سويدُ إذا غضب على بني يَشْكُر ادَّعى إلى بني ذبيان، وإذا رضيَ عنهم أقام على نسبه فيهم. يوحي شعر سويد أنه كان رجلاً مرهف الإحساس، راقي الذوق ولم يكن أعرابياً فظّاً، وكان أبرصَ، أصلع، فقيراً مع احتمال حتىقد يكون قارئاً ومحرراً.
بعضُ الدارسين جعله نصرانياً وهذا غير سليم لأنَّه كان مشركاً قبل الإسلام كغيره من أبناء قبيلته، ثم أسلم وبقي في ظل الإسلام ستين سنة، يؤكد ذلك أنَّ أحداً من الرواة لم يُشِر إلى أنه كان نصرانياً.
أمَّا وفاته فالأرجح حتى تكون ما بعد أربع وستين للهجرة، لأنه استوعب ولايةَ عامر بن مسعود الجُمحي على الكوفة وكانت سنة أربع وستين للهجرة، وفي عهده سُجن سويد لأنه هجا بني شيبان.
ولسويد منـزلةٌ أدبية كبيرة فقد اختار المفضل الضبي قصيدتَه العينية التي مطلعها:
أرّق العين خيال لم يًدعْ | من سليمى ففؤادي مُنتزًعْ |
واشتهر من أبياتها قوله:
بَسَطَتْ رابعةُ الحبلَ لَنَا | فَوَصَلْنَا الحبلَ مِنْها ما اتَّسَعْ |
وقوله:
ولسانا صيرفيا صارما | كحسام السيف ما مس بتر |
ومرجع هذا طبيعة الحدثة العربية ذات الخاصية المتفردة، فهي إذا ما صيغ منها شعر موزون أونثر مسجوع عملت في النفوس عمل السيف في الأبدان فلا غروإذا شبهوا اللسان بالسيف.
وهي من القصائد المشهورة في تاريخ الشعر العربي، وقد حفظ الرواة منها نيفاً ومئة بيت.
ووضعه أبوعُبيدة معمر بن المثنى في طبقة طرفة بن العبد والحارث بن حلزة وعمروبن كلثوم، وذكره ابن قتيبة في مقدّمته فيمن اختار من الشعراء المشهورين والذين يقع الاحتجاجُ بأشعارهم. وشرح الأنباري عينيَته، وذكرهُ الأصفهاني وابن رشيق وغيرُهم.
له شعرٌ كثير إلاَّ أنَّ أكثرَه ضاع. وقد تناول فيما بقي من شعره جميع الأغراض الأدبية التي تناولها الشعراءُ في عصره، كالهاتى والفخر والغزل والحكمة والوصف، ولا يُفتقد إلا موضوعان اثنان هما الرّثاء والمديح.
يتميز شعره بالوضوح والبساطة والبعد عن التعقيد أوالغوص وراء توليد الأفكار والمعاني، وبتجنُّب الإغراب والمغالاة. وكان ذلك نتيجة الاعتماد على البيئة الماديَّة الحسيَّة التي يعيشها كغيره من الشعراء الجاهليين والمخضرمين. وكان سويد يهتم باختيار ألفاظه وينتقي لكل موضوع ما يلائمه من الألفاظ، معتنياً بما فيها من جَرْسٍ موسيقي يُسهم في الوصف والتصوير والتلوين الموسيقي داخل البيت الواحد، أوضمن القصيدة. وكان يهتم بقوافيه وينوّع في اختيارِ أوزانه ويحافظ على كثيرٍ من الأصول العربية المهمَلة، فيبعثُها ويحدّدْ استعمالها، ثقةً منه بشاعريته وقوة بيانه.
المصادر
- مها قنوت. "سُوَيْد بنُ َأبي كاهِل اليَشْكُريً". الموسوعة العربية.
- أبوالفرج الأصفهاني، الأغاني (نسخة مصورة عن طبعة دار الخط المصرية، مؤسسة جمال للطباعة والنشر).
- محمد بن سلام الجمحي، طبقات فحول الشعراء (مصر 1980).
- مها قنوت، سويد بن أبي كاهل (دار البشائر، دمشق 1993).