بروميثيوس طليقاً

عودة للموسوعة

بروميثيوس طليقاً

1820 title page, C. and J. Ollier, London.

بروميثيوس طليقاً لشيللي: الشعر يتحدى شرور العالم «أرجوحتى يؤذن لي في هذا المقام بأن اعترف بأني احمل بين جوانحي شهوة لإصلاح العالم، على حد تعبير أحد الفلاسفة الاسكوتلنديين، وهوتعبير لا يصدر إلا عن مثل هذا الفيلسوف (...). أما عن نفسي فإني أؤثر حتى أزج في الجحيم مع أفلاطون ولورد بيكون، على حتى أعيش في الجنة مع بالي ومالتوس. على انه من خطأ الرأي حتى يحسب حاسب أني أكرّس انتاجي الشعري لخدمة الاصلاح الاجتماعي وحده، أوأني أخال حتى انتاجي يضم نظرية في الحياة مرتّبة مسبّبة. فأنا أمقت الشعر التعليمي مقتاً لا مزيد عليه، لأن جميع ما يمكن شرحه نثراً بنفس القدر من النجاحقد يكون مملاًّ وسقيماً إذا هونُظم شعراً. لقد كان غرضي الى هذه اللحظة لا يتجاوز تقريب المثل الأخلاقية العليا الى أذهان الخاصة من قراء الشعر، وهي أذهان مصقولة. فأنا أفهم ان المبادئ الأخلاقية المجردة ان هي إلا بذور ملقاة في طريق الحياة، تدوسها أقدام العابرين من دون وعي منهم، ولقد كان حريّاً بهذه المبادئ حتى تكون غرساً مباركاً يثمر السعادة لبني الإنسان. هي حب مهدور الى ان يتفهم قلب الإنسان الحب ويتسع للإعجاب ويتخم بالثقة ويعتصم بالراتى ويقوى على احتمال الخطوب».

شرح

بهذه العبارات -وفق ترجمة الراحل لويس عوض- قدم الشاعر البريطاني برسي شيللي لواحد من أروع أعماله المسرحية والشعرية: مسرحية «بروميثيوس طليقاً». ومن الواضح ان شيللي لم يحدد هنا، فقط، غرضه من كتابة هذه المسرحية، بل قدم وصفاً حياً لجوهر بطل المسرحية وميزاته: الإنسان الأول الواعي إنسانيتَه والساعي وراء مثله العليا، وفق الأساطير اليونانية القديمة، وكذلك وفق عشرات الكتّاب الذين استعادوا تلك الشخصية الأسطورية ليحوّلوها أعمالاً فنية تقول للإنسان مكانته ومكانه في الوجود، من غوته الى اندريه جيد وغيرهما.

Joseph Severn, Posthumous Portrait of Shelley Writing Prometheus Unbound (1845).

فالحال أنه من قبل شيللي ومن بعده، فتنت حكاية بروميثيوس الكتّاب والشعراء والقراء النبيهين عامة، إذ قدمت شخصيتها الرئيسية على صورة المتمرد الساعي الى جعل القيم والحرية شعار وجود الإنسان على وجه البسيطة، وتحديداً ضد إرادة القوى الجبارة التي كان همها تقييدَه. ونعهد طبعاً، حتى الكتّاب الذين تناولوا أسطورة بروميثيوس، أعادوا دائماً تفسيرها على ضوء عصرهم وأفكارهم الراهنة، إنما من دون حتى يبدّلوا من جوهرها المتحلق من حول توق الإنسان الى الحرية. وشيللي لم يشذّ عن هؤلاء، ناهيك عن أنه في لغته الجميلة، وانطلاقاً من شخصيته المنطلقة نفسها، عهد كيف من الممكن أن يُلبس شخصيته ومسرحيته رداءً لا يزال يُعتبر حتى يومنا هذا انسانياً وخلاّقاً. ولعل خير مرشد على ذلك، حتى الشعراء والكتّاب العرب حين اكتشفوا مسألة السعي الى الحرية والانطلاق قضيةً لهم مع بدايات الوعي الذاتي الفني الجديد أواسط القرن العشرين، كانت شخصية بروميثيوس، احدى اكثر الشخصيات التي اجتذبتهم فعبّروا عنها شعراً ونثراً، وأحياناً في مسالك حياتهم نفسها، فإذا أضفنا الى هذا ان شيللي، الذاتي الساعي في آن معاً إلى إصلاح العالم، قدّم إلى المبدعين العرب تلك المعادلة التي يفتقدون اليها، بين ما ذاتي وما هوموضوعي، هم الخارجون لتَوِّهم من مجتمعات ترى في الذاتية عيباً وخروجاً عن سنة الجماعة، ندرك سبباً إضافياً لهيامهم بشيللي، وخصوصاً بمسرحيته «بروميثيوس طليقاً» التي ترجمها لويس عوض وقدّمها في وقتها تماماً. ولكن لئن كان الفكر العربي اكتشف شيللي ومسرحيته متأخراً، فإن الفكر الأوروبي اكتشفهما باكراً، وكانا جزءاً من نهضته الإنسانية التي صنعت حداثته ولا تزال تعمل.


ومن هنا، يمكن القول من دون تردد، إذا «بروميثيوس طليقاً» ساهمت، الى أعمال أخرى كثيرة في الطبع، في حداثة انسانية على مستوى الفكر، كان أوانها قد حان حين أعاد الإنسان اكتشاف نفسه كمركز للكون، بعدما كان نسي ذلك منذ انقضاء العصور الاغريقية.

ان بروميثيوس، مثل انطيگون، يعتبر في مسرحية شيللي، وأيضاً في الكثير من الأعمال المقتبسة عن الأسطورة نفسها، رمزاً للإرادة الإنسانية حين تجابه الصعوبات والقوى الجبارة، لكنها لا تنحوالى أيّ تنازل عن تلك الإرادة متحمّلة في سبيل ذلك جميع أنواع العذاب والألم... ولعل أهمية عمل شيللي وتميُّزه يكمنان في قدرة لغة هذا الشاعر على التوغل في صلب شخصية بطله، فاللغة هنا -الى الحدث- هي الأساس، لأن اللغة بالنسبة الى شيللي هي عمل تحرر أيضاً.


تاريخ

نشر برسي بيشي شيللي مسرحيته للمرة الأولى في العام 1820، وكانت حين قدّمت للمرة الأولى مؤلفة من ثلاثة فصول، وتروي الحكاية ان النجاح الساحق الذي حققه العمل من فوره، جعل مؤلفه يضيف اليه لاحقاً الفصل الرابع والأخير، وهوأشبه بأنشودة ظافرة تأتي بعد فوز البطل، تمجد إنسانيته وإرادته.

ملخص

فكرياً، سار شيللي في هذه المسرحية على خطى سلفه الألماني الكبير غوته، الذي كان تناول هذا العمل بدوره، وذلك في مجال الهجريز على روح التمرّد لدى بطله. ومن الواضح ان استيحاء شيللي اسطورة بروميثيوس القديمة كان جزئياً، اذ صار زيوس لديه مجرد رمز للشر، بينما صار بروميثيوس مخلّصاً للبشرية. والبطل هنا قد يستخدم السلاح بالمعنى الحرفي للحدثة، لكن اعتماده الأول في تحرّكهقد يكون على الفهم. وهوبفضل هذه الفهم أساساً يتمكن من حتى يرجع الناس إلى القيم وإلى اتّباع سبل الحكمة بعد حتى يُلحق الهزيمة بالشر. والمسرحية تبدأ حين يعمد زيوس، في سبيل معاقبة البطل الذي جعل نفسه مدافعاً عن البشر، الى الحكم عليه بأن يُوْثَق عند قمة جبل في القوقاز، حيث تروح الصقور ملتهمة كبده باستمرار. وبروميثيوس يتحمل جميع ما يلحق به من أذى، من دون حتى يفقد أمله بالخلاص حين تحل نهاية زيوس ويسقط عن عرشه فيكون الفوز لروح الخير. وبروميثيوس يعهد أنه إنْ أدلى بالسر الذي يمتلكه، سيكون في إمكانه ان ينقذ نفسه، لكنه لا يعمل، لأن السر ملك للبشرية لا لقوى الشر. وفي النهاية، وإذ يتحمل البطل مصيره وينتظر، يختفي زيوس، إذ ينزله عن عرشه ديموگورگون، روح الكون المبدعة، فيما يقوم هرقل، الرامز الى القوة، بإنقاذ بروميثيوس ومعه البشرية من الآلام التي سببها لهم الشر. وإثر ذلك، تستعيد آسيا (الرامزة الى الطبيعة) بهاءها وجمالها لتقترن ببروميثيوس، ويبدأ بذلك زمن الحب والخير.

من الواضح ان ما أراد شيللي ان يعبّر عنه هنا، انما هوفلسفته حول فكرة الخلاص الإنساني، تلك الفكرة التي نجده يعبّر عنها في بقية أعاله، وخلاصتها ان الشر ليس عضوياً جزءاً من الطبيعة البشرية، بل هوأمر عارض، من الممكن، والضروري السعي لقهره وإزالته من الكون. وبالتالي، فإن على جميع فرد ان يقوى ويتّبع المثل العليا ويسير على هدي ارادته حتى يساهم في ازالة الشر وإلغائه نهائياً من على وجه البسيطة. وفي هذا الاطار، من المؤكد ان الحب والإرادة والتحام الإنسان بالطبيعة (وكلها أفكار عصر النهضة التي تأسست عليها النزعة الإنسانية) تلعب دوراً كبيراً، بل الدور الرئيسي، أما السلاح فهوالفهم الممثلة باللغة كما أسلفنا.

الشخصيات

  • Prometheus.
  • Demogorgon.
  • Jupiter.
  • The Earth.
  • Ocean.
  • Apollo.
  • Mercury.
  • Hercules.
  • Asia. (Oceanides)
  • Panthea. (Oceanides)
  • Ione. (Oceanides)
  • The Phantasm of Jupiter.
  • The Spirit of the Earth.
  • Spirits of the Hours.
  • Spirits.
  • Echoes.
  • Fawns.
  • Furies.

المؤلف

يعتبر شيللي واحداً من أكبر الشعراء الذين أنجبتهم اللغة الانكليزية في القرن التاسع عشر، اضافة الى ان نزعته الرومانطيقية جعلته مؤسّساً وبالتالي مثار نقاش دائم، بل الأكثر اثارة للسجال بين أقرانه من الشعراء والكتاب الرومانطيقيين الانگليز، خصوصا ان رومانسيته يغلب عليها نزعة تفاؤلية. ولد شيللي العام 1792، في ساسكس في بريطانيا لأب ثري. وهوتلقّى الجزء الأساس من دراسته في اكسفورد، حيث ارتبط بصداقة مع توماس جفرسون هوگ، الذي سيخط سيرته لاحقاً. غير أنه طرد من أوكسفورد لاحقاً بتهمة الدعوة الى الإلحاد. وفي ذلك الحين تزوج ثم تعهد الى الفيلسوف الفوضوي ويليام گودوين فتأثر به كثيراً، ثم تزوج ابنته في زواج ثان، وبعد ذلك، وفي الوقت الذي راح ينشر فيه أعماله، تجوّل في أوروبا (فرنسا ثم ايطاليا التي سيموت فيها العام 1822) وهوخط معظم أعماله خلال اقامته في ايطاليا، ومن أبرز تلك الأعمال اضافة الى «بروميثيوس طليقا»: «سنسي» و«أدوناييس» و«آلاستور» أو«روح العزلة» و«دفاعاً عن الشعر» و«ثورة الإسلام» و«فوز الحياة».

ملاحظات


المصادر

  • دار الحياة - ابراهيم العريس
  • Abrams, M. H. Natural Supernaturalism. New York: W. W. Norton & Company, 1973.
  • Bloom, Harold. Shelley's Mythmaking. New Haven, 1959.
  • Bodkin, Maud. Archetypal Patterns in Poetry. London: Oxford University Press, 1963.
  • Brisman, Susan Hawk. "'Unsaying His High Language': The Problem of Voice in 'Prometheus Unbound'." Studies in Romanticism, Vol. 16, No. 1, Romanticism and Language (Winter, 1977), pp. 51-86.
  • De Luca, V. A. "The Style of Millennial Announcement in Prometheus Unbound." Keats-Shelley Journal, Vol. 28, (1979), pp. 78-101.
  • Grabo, Carl. A Newton Among Poets: Shelley's Use of Science in Prometheus Unbound. Chapel Hill, University of North Carolina Press, 1930.
  • Grabo, Carl Henry. Prometheus Unbound: An Interpretation. New York: Gordian Press, 1968.
  • Hughes, D. J. "Potentiality in 'Prometheus Unbound'." Studies in Romanticism, Vol. 2, No. 2 (Winter, 1963), pp. 107-126.
  • Isomaki, Richard. "Love as Cause in Prometheus Unbound." Studies in English Literature, 1500-1900, Vol. 29, No. 4, Nineteenth Century (Autumn, 1989), pp. 655-673.
  • Knight, G. Wilson. The Starlit Dome. Oxford, 1941.
  • Locock, Charles D. The Poems of Percy Bysshe Shelley. London: Methuen and Company, 1911.
  • Pierce, John B. "'Mont Blanc' and 'Prometheus Unbound': Shelley's Use of the Rhetoric of Silence." Keats-Shelley Journal, Vol. 38, (1989), pp. 103-126.
  • Rajan, Tilottama. "Deconstruction or Reconstruction: Reading Shelley's Prometheus Unbound." Studies in Romanticism, Vol. 23, No. 3, Percy Bysshe Shelley (Fall, 1984), pp. 317-338.
  • Ross, Marlon B. "Shelley's Wayward Dream-Poem: The Apprehending Reader in Prometheus Unbound." Keats-Shelley Journal, Vol. 36, (1987), pp. 110-133.
  • Rossetti, William Michael, ed. The Poetical Works of Percy Bysshe Shelley. Revised, with notes, and a memoir. London: E. Moxon, Son, & Company, 1870.
  • Shelley, Percy. Prometheus Unbound. London: C and J Ollier, 1820.
  • Shelley, Percy. Complete Works (Julian Edition). Edited by Roger Ingpen and Walter Peck. London: Benn, 1930.
  • Smith, Wiltrude L. "An Overlooked Source for Prometheus Unbound." Studies in Philology, XLVIII (1951), 783-792.
  • Solve, Melvin Theodor. Shelley: His Theory of Poetry. Chicago: University of Chicago Press, 1927. (Ann Arbor, University Microfilms, 1976).
  • Sperry, Stuart M. "Necessity and the Role of the Hero in Shelley's Prometheus Unbound." PMLA, Vol. 96, No. 2 (March, 1981), pp. 242-254.
  • Twitchell, James B. "Shelley's Metapsychological System in Act IV of 'Prometheus Unbound'." Keats-Shelley Journal, Vol. 24, (1975), pp. 29-48.
  • Wasserman, Earl. Shelley's "Prometheus Unbound". Baltimore: Johns Hopkins University Press, 1965
  • Waldoff, Leon. (1975). "The Father-Son Conflict in Prometheus Unbound: The Psychology of a Vision." Psychoanalytical Review, 62:79-96.
  • Zillman, Lawrence. Shelley's Prometheus Unbound. Seattle: University of Washington Press, 1959.

وصلات خارجية

اقرأ نصاً ذا علاقة في

Prometheus Unbound


  • Prometheus Unbound An in-depth analysis and summary of Shelley's play.
  • Online version on Bartleby.com.
تاريخ النشر: 2020-06-04 10:49:58
التصنيفات: مسرحيات پرسي بيش شلي, مسرحيات 1820, أعمال پرسي بيش شلي, أعمال 1820

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

القبض على مقيم مصري لتحرشه بفتاة في الرياض السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-12-26 18:27:01
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 67%

التواصل الأمني آلية لتدعيم الإحساس بالأمن ”حصيلة سنة 2023”

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-12-26 18:26:45
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 50%

وزارة الثقافة تستعد لافتتاح مهرجان الشعر النبطي السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-12-26 18:27:03
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 65%

موانئ"وMEDLOG تضعان حجر الأساس لمنطقة لوجستية متكاملة بميناء جدة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2023-12-26 18:27:05
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 58%

مخرج “الجوكر” يشعل حماس الجمهور بجزء ثانِ للفيلم

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-12-26 18:26:40
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 61%

الرياض: القبض على شخص تحرَّش بفتاة - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-12-26 18:26:56
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 50%

هل يسهم لقاء البرهان وحميدتي في وقف الحرب بالسودان؟

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-12-26 18:24:51
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 70%

تحميل تطبيق المنصة العربية