ألبان الشام
ألبان الشام، هم الأقلية العرقية الألبانية المقيمة في بلاد الشام وبصفة أساسية في سوريا.
التاريخ
العهد العثماني
يقدّر عدد الألبان في سوريا بعشرة آلاف يعيش معظمهم في دمشق ومئات منهم في حمص وحماة وحلب واللاذقية، ويمكن تقسيمهم إلى ثلاثة أقسام؛ القسم الأول والأقدم الذي يُقدّر عدده بحوالى الألف، جاؤوا مع جيوش محمد علي باشا إلى بلاد الشام عام 1831 وبقوا هناك بعد انسحاب جيوشه عام 1840 وعُرفوا بلقب واحد (الأرناؤوط) في لبنان وفلسطين والأردن وسوريا. وباستثناء هذا اللقب لا يميز هؤلاء شيء عن بقية السكان نظراً إلى الزواج المختلط ونسيان اللغة والانقطاع التام عن بلاد الأرناؤوط، كما كانت تسمى في العثمانية الولايات الأربع في غرب البلقان التي كان يعيش فيها الألبان (كوسوفا وشكودرا ومناستير ويانينا).
أما القسم الثاني والأكبر فقد هاجر إلى سوريا الحالية نتيجة للحرب البلقانية 1912 - 1913 والأحداث اللاحقة التي غيرت طبيعة المنطقة، أي بعد نهاية الحكم العثماني وظهور الدول الجديدة.
اتى معظم هؤلاء من كوسوفوالتي كانت صربيا قد احتلتها خلال حرب البلقان وانضمت معها إلى مملكة يوغسلافيا (1918 - 1941)، حيث تعرّض الألبان فيها إلى ضغوط كبيرة لدفعهم للهجرة إلى الشرق، فهاجر مئات الألوف إلى هجريا ومن هناك تابع الآلاف منهم الطريق إلى دمشق أو«الشام الشريف» كما كانت تعهد. وفي الوقت نفسه كانت ألبانيا قد استقرت في 1920 بحدودها التي تضم حوالى نصف الألبان، وبرز فيها أحمد زوغوالذي بدأ ينافس مصطفى كمال في إصلاحاته الفهمانية، ما دفع ببعض رجال الدين المحافظين إلى الدعوة للهجرة إلى بلاد الشام. ومن هؤلاء كان الشيخ نوح نجاتي الذي حرص على اصطحاب ابنه ناصر الدين (الذي كان يستخدم أولاً لقب الأرناؤوط ثم تحول عنه إلى الألباني)، الذي سيصبح من مؤسسي السلفية الجديدة في النصف الثاني من القرن العشرين.
القرن 20
اتى هؤلاء الألبان إلى دمشق في ظروف صعبة جداً وكافحوا للبقاء على قيد الحياة في الموطن الجديد (منهم ثلاثة سيصبحون من أشهر الفهماء في تصليح الساعات: ناصر الدين الألباني وعبدالقادر الأرناؤوط وشعيب الأرناؤوط) مع عدم التواصل مع الوطن الأصلي لأسباب سياسية، وهذا ما أدى إلى الانكفاء على النخبة المحلية التي هاجرت واستقرت هناك (الشيخ نوح نجاتي والشيخ سليمان غاوجي من ألبانيا والشيخ إسلام بريشتينا من كوسوفو).
وفي النصف الأول من القرن العشرين برز مع تكوين الحكومة العربية في دمشق والإعلان عن استقلال سوريا في 1920، الجيل الأول من من أبناء الألبان القدامى الذين هاجروا إلى بلاد الشام في القرن التاسع عشر، ومن هؤلاء معروف الأرناؤوط (1892 - 1948) الذي يعتبر من رواد الرواية والمسرح في سوريا والشاعر مصطفى خلقي (1850 - 1915) وابنه علي خلقي (1911 - 1984) الذي يعتبر من رواد السيرة السورية.
في النصف الثاني من القرن العشرين برزت ثلاثة أسماء ستتجاوز الحدود السورية في مجال الحديث والتحقيق (ناصر الدين الألباني وعبدالقادر الأرناؤوط وشعيب الارناؤوط). وفي الربع الأخير من القرن برز الجيل الثالث الذي ضم بعض الأطباء والمهندسين والباحثين.
ولكن الربع الأخير من القرن العشرين شهد أيضاً عودة التواصل بين الأقلية الألبانية والموطن الأصلي. فقد أصبحت كوسوفومنذ 1974 من مكوّنات الفيديرالية اليوغسلافية وأخذت تتواصل كدولة أم مع الأقلية الألبانية في سورية إلى حد أنها أقامت الأسبوع الثقافي الكوسوفي في سورية خلال 1980 وشجعت الشباب على زيارة الموطن الأصلي لتفهم اللغة أوللتفهم في جامعة بريشتينا. ومن ناحية أخرى كانت ألبانيا قد أخذت تخرج من عزلتها الطويلة مع وفاة أنور خوجا في 1985 وتولي رامز عليا الحكم، حيث دعت وفداً كبيراً من ألبان سورية إلى زيارتها في 1988.
القرن 21
إلا حتى الأمور ساءت من حديث بعد إلغاء الحكم الذاتي الواسع لكوسوفوعلى يد ميلوشيفيتش في 1989 وانبترت الصلات بين ألبان سورية وكوسوفوإلى ما بعد حرب 1999 التي أفضت في 2008 إلى إعلان استقلال كوسوفو. ولكن علاقة النظام السوري الوثيقة مع روسيا وصربيا جعلت سورية تقف باستمرار في صف صربيا وهوما انعكس على علاقة ألبان سورية بموطنهم الأصلي (كوسوفو).
التوزيع
كان الألبان في دمشق يتمركزون في محلة الديوانية بشمال دمشق، التي لا يزال الجامع القديم فيها يحمل اسم جامع الأرناؤوط، ثم انتقلوا في النصف الثاني من القرن العشرين إلى جنوب دمشق (القدم) ليؤسسوا محلة باسمهم أيضاً في جوار مقام العسالي الذي بناه والي الشام أحمد الأرناؤوط في القرن السابع عشر. وقد أصبحت القدم/العسالي (التي توسعت كثيراً مع هجرة الحوارنة ومجيء النازحين من الجولان في 1967)، من الأسماء المعروفة منذ بداية الحراك الشعبي ضد النظام. بعد قيام الثورة السورية 2011-2012 تحولت هذه المنطقة إلى ساحة لقاءة بين المعارضة المسلحة والجيش النظامي في أواخر يونيو2012، حيث قام الجيش بقصف المنطقة ثم اقتحام البيوت حيث اغتال منير الأرناؤوط وبهلول الأرناؤوط وغيرهما.
قضايا
التهميش
خلال حكم حزب البعث، منذ 1963، هُمش ألبان سوريا نظراً إلى عدم اهتمامهم أوإدراجهم في الأجهزة الحزبية والعسكرية والأمنية، وربما كان الاستثناء الوحيد شفيق الأرناؤوط (من أحفاد ألبان القرن التاسع عشر) الذي شغل أعلى منصب حتى ذلك الحين (محافظ اللاذقية). أما الآن فهناك استثناء آخر يتمثل في ماريا الأرناؤوط، ابنة الفنان عبد القادر الأرناؤوط) التي عُيّنت في كانون الثاني (يناير) 2011 مديرة دار الأسد للثقافة والفنون. وفي اللقاء نجد حتى الشاعرة عائشة أرناؤوط المقيمة في باريس كانت من أوائل من انضم إلى صفوف المعارضة السورية وأعربت انسحابها من اتحاد الكتاب التابع للنظام.
موقفهم من الثورة السورية
من الطبيعي حتى يهجر قصف واقتحام الجيش النظامي السوري صداه في الموطن الأصلي (كوسوفووألبانيا) مع تباين ردات العمل. فقد صرّح نائب وزير الخارجية الكوسوفي بتريت إمامي في 30 حزيران أنه «لا يوجد كوسوفيون في مناطق الاشتباك» و«أن أولئك الموجودين هناك من بقايا الدولة العثمانية». وقد تفاعل هذا الموقف حيث ردّ عليه الأكاديمي محمد موفاكوبمنطقة في الجريدة الأكثر انتشاراً «كوها ديتوره» كما قام «تلفزيون 21» في اليوم ذاته ببث برنامج حواري لمدة ساعة ونصف شارك فيه الصحافي المخضرم والخبير في الشؤون العربية نهاد إسلامي والمؤرخ نجم الدين حفيظي والمختص في التراث العثماني نهاد كراستخصصي. ومن الواضح حتى وسائل الإعلام الكوسوفية قد أبرزت الفرق بين الموقف الشعبي والموقف الرسمي.
تفاعل هذا الموقف في ألبانيا المجاورة، التي تعتبر الدولة الأم للألبان في العالم، حيث أفاد مصدر حكومــي رفيع «الحياة» بأن رئيس الوزراء صالح بريشا اطلع على منطقـــة الأكاديمي محمد موفاكوالتي أوضحت الأوضاع الإنسانية الصعبة لضحايا النظام وأصدر فيسبعة أغسطس 2012 بياناً يدين فيه بأقسى العبارات «المجازر التي يرتكبها النظام ضد الشعب السوري التي ترتقي لجرائم ضد الإنسانية» وشجب الموقف المتفرج للمجتمع الدولي، الذي جاز سابقاً بالتدخل في البوسنة وكوسوفووليبيا، ونادى «إلى حظر طيران وفتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية» وعبّر عن استعداد ألبانيا لإرسال مساعدات طبية عاجلة بما فيها مستشفى ميداني إلى معسكرات اللاجئين السوريين في الأردن أوفي هجريا. وقد بدأت الاتصالات مع الجانب الأردني منذ ظهر الأربعاءثمانية آب للاتفاق على ترتيب وصول المساعدات الطبية الألبانية إلى مخيمات اللاجئين السوريين.
مشاهير ألبان الشام
- ناصر الدين الألباني، عالم وساعاتي.
- عبدالقادر الأرناؤوط، عالم وساعاتي.
- شعيب الأرناؤوط، عالم وساعاتي.
- معروف الأرناؤوط، روائي ومحرر مسرحي مسرحي.
- مصطفى خلقي شاعر.
- علي خلقي، أديب.
- شفيق الأرناؤوط، محافظ اللاذقية في السبعينيات.
- ماريا الأرناؤوط، مديرة دار الأسد للثقافة والفنون.
- عائشة أرناؤوط، شاعرة سورية مقيمة في باريس.
انظر أيضاً
- ألبان
- ديموغرافيا سوريا
- ديموغرافيا لبنان
المصادر
- ^ محمد م. الأرناؤوط. "المأساة السورية تكشف عن «ألبان الشام» تاريخاً وضحايا". دار الحياة. Retrieved 2012-08-25.