فترة تايشو

عودة للموسوعة

فترة تايشو

فترة تايشو 大正時代 تايشوجيداي هي فترة قصيرة في تاريخ اليابان المعاصر، امتدت من عام 1912 إلى 1926 م وتوصف غالبا بالنسخة اليابانية للسنوات الحمقاء. تايشو(大正) تعني حرفيا "العدالة الكبيرة". هذه الفترة وافقت سيادة الإمبراطور تايشو(المعروف في الغرب لما كان حيا باسمه يوشيهيتو) وفي نطاق أوسع يمكننا حتى نقول حتى ثقافة تايشوتعيد إلى الأذهان مجتمعا في طفرة (في العشرينيات وخلال بداية الثلاثينيات)، عندما اتىت بعض الموضات الغربية، مثل موسيقى الجاز، لتشوش المبادئ التقليدية الأصيلة مثل الهدوء والانسجام. كانت صحة الإمبراطور الجديد ضعيفة مما نادى إلى نقل القوة السياسية من يد حكم القلة إلى يد البرلمان الياباني والأحزاب الديمقراطية، وبهذا تعد هذه الفترة فترة انفتاح ديمقراطي تحت اسم "ديمقراطية تايشو" وهي متميزة عن سابقتها فترة ميجي التي تميزت بالاضطراب المرافق للإصلاح والفترة اللاححقة فترة شووا التي تمحورت حول السياسة العسكرية.

في 23 أغسطس 1914، أعرب اليابان الحرب على ألمانيا. في الفاتح من سبتمبر 1923 م، هز زلزال كبير منطقة كانتو.


إرث مـِيـْجي

في 30 يوليو1912 توفي الإمبراطور ميجي، وأصبح الأمير يوشيهيتوإمبراطور اليابان واعتلى العرش معلنا ابتداء فترة تايشو. تابع التأثير الغربي الذي ابتدأ في فترة ميجي تأثيره في فترة تايشو، حيث قدم موري أوغاي وناتسومه صوسيكي اللذان درسا الأدب الغربي لونا جديدا في الأدب الياباني.


الإمبراطورية الجديدة

الأسس المزعزعة للمدنية الجديدة - مسببات النزعة الاستعمارية اليابانية - الطلبات الواحدة والعشرون - مؤتمر واشنطن - قانون الهجرة الصادر سنة 1924 - غزومنشوريا- المملكة الجديدة - اليابان وروسيا اليابان وأوربا - هل لابد لأمريكا من محاربة اليابان،يا ترى؟


لقد أقامت اليابان الجديدة بناءها على أسس مزعزعة على الرغم من نموها السريع في الثراء والقوة؛ فقد زاد عدد سكانها من ثلاثة ملايين أيام "شوتوكوتايشي" حتى بلغ سبعة عشر مليوناً في حكم "هيديوشي"، ثم بلغ ثلاثين مليوناً في عهد "يوشيموني"، وزاد على خمسة وخمسين مليوناً في آخر عهد "ميجي" (1912).

وإذن فقد تضاعف السكان في مدى قرن واحد، وضاقت الجزر التي تكتنفها الجبال، والتي تقل فيها الأراضي الصالحة للزراعة، بملايينها المتزايدة؛ فسكان تلك الجزر الذين يبلغون نصف سكان الولايات المتحدة، لا يجدون مما يقيم حياتهم أكثر من جزء من عشرين جزءاً بالنسبة لثروة الولايات المتحدة؛ وإذن فلا سبيل أمامها سوى المصانع، ومع ذلك تراها فقيرة فقراً يبعث على الأسى، في مواد الوقود وفي المعادن التي لا غنى للصناعة عنها، نعم إذا القـوة الكهربائية المتولدة عـن تدفق المـاء كانت كـافية فـي المجاري التي تسيل من الجبال إلى البحر، لكن استغلال هذا المصدر أكمل استغلال لا يضيف إلى القوة المستعملة بالعمل إلا مقدار ثلثها(39)، ولا يمكن الاعتماد عليها لسد حاجات المستقبل المتزايدة؛ ووجدت طبقات من الفحم هنا وهناك ممتدة في عروق تكاد تعز على متناول الإنسان، وجدت في جزر "كيوشو" و"هوكاديو"، كما أمكن الحصول على البترول من "سخالين"، أما الحديد- وهومن الصناعة لبّها وصميمها- فيكاد لاقد يكون له أثر في التربة اليابانية(40)؛ وبعد هذا كله، فإن مستوى المعيشة المنخفض الذي فرض على سواد الناس فرضاً بحكم صعوبة الحصول على المواد والوقود وارتفاع تكاليفها، جعل الاستهلاك يزداد تأخراً بالنسبة إلى تقدم الإنتاج؛ فالمصانع التي كانت آلاتها تزداد حٌسناً جميع عام، راحت تصب فيضاً من السلع يزيد على حاجة أهل البلاد ولا يمكن شراؤه فيها، ويصرخ صرخات عالية مطالباً لنفسه بأسواق في الخارج.

من مثل هذه الظروف تنشأ الرغبة في الاستعمار، وأعني بحدثة الاستعمار ذلك الجهد الذي يبذله النظام الاقتصادي في بلد من البلاد- مستعيناً في ذلك بالحكومة التي هي أداته في تحقيق أغراضه- يبذله نحوبسط سيادته على مناطق خارجية يعتقد أنها تمده بما يحتاج إليه من وقود وأسواق ومواد خام وأرباح؛ فأين عسى حتى تجد اليابان هذه الفرصة وتلك المواد،يا ترى؟ إنها لا تستطيع حتى تتجه بأبصارها نحوالهند الصينية أوالهند أواستراليا أوالفلبين، لأن هذه البلاد قد سبقت الدول الغربية إلى الاستيلاء عليها، وفرضت فيها من الحواجز الجمركية ما يناصر سادتها البيض على أهل اليابان؛ وواضح حتى الصين قد وضعها الله على أبواب اليابان مقدراً لها حتى تكون سوقاً للسلع اليابانية، كما حتى منشوريا- منشوريا الغنية بفحمها وحديدها، والغنية بقمحها الذي لا تستطيع الجزر اليابانية حتى تستنبته في بلادها على نحويفيدها، والغنية برجالها الذين يصلحون للصناعة والضريبة والحرب- منشوريا هذه قد خط عليها كذلك حتى تكون تابعة لليابان؛ وبأي حق،يا ترى؟ بنفس الحق الذي استولت به إنجلترا على الهند واستراليا، واستولت فرنسا به على الهند الصينية، واستولت به ألمانيا على شانتونج، وروسيا على بورت آرثر، وأمريكا على الفلبين- وهوحق الحاجة التي يشعر بها القوي؛ وعلى جميع حال فليس للناس حاجة في نهاية الأمر إلى التماس المعاذير، وإنما جميع ما يتطلبونه هوالقوة والفرصة السانحة اللتان تمكنانك من عمل ما تريد؛ فالنجاح في رأي أتباع الممضى الدارويني، يبرر جميع الوسائل التي تحققه.

واتىت الفرصة تفتح لليابان صدرها رحيباً- اتىت أولاً في الحرب العالمية الأولى، ثم اتىت بعد ذلك في انهيار الحياة الاقتصادية في أوربا وأمريكا؛ فلم يقتصر أثر الحرب على مجرد الزيادة من إنتاج اليابان (كما وقع في أمريكا) زيادة تطلبتها سوق عظمى خارجية ناشئة بسبب قيام الحرب- وأعني بتلك السوق قارة أوربا التي كانت مشتبكة في القتال؛ بل إذا تلك الحرب قد أدت كذلك إلى إضعاف أوربا واستنفاد قواها، وهجرت اليابان موشكة حتى تكون بغير شريك في العالم الشرقي؛ فبسبب هذا كله غزت شانتونج سنة 1914، وبعد ذلك بعام واحد تقدمت إلى الصين "بالمطالب الواحدة والعشرين" التي لوتمكنت من فرضها على الصين، لأصبحت الصين مستعمرة هائلة تابعة لليابان الضئيلة.

فالمجموعة الأولى من المطالب أرادت من الصين حتى تعترف بسيادة اليابان على شانتونج؛ وطالبت اليابان بالمجموعة الثانية منها بامتيازات صناعية معينة، وبالاعتراف بحقوق خاصة تتمتع بها اليابان في منشوريا ومنغوليا الشرقية؛ وعرضت المجموعة الثالثة من تلك المطالب حتى تكون أكبر شركات التعدين في أرض الصين شركة مشهجرة بين الصين واليابان؛ وطالبت المجموعة الرابعة (وهي موجهة ضد راتى أمريكا في حتى تكون لها محطة للفحم بالقرب من فوشو) "بألا تتنازل الصين عن أية جزيرة أوميناء أومرسى على طول الساحل لدولة ثالثة"؛ واقترحت المجموعة الخامسة اقتراحاً متواضعاً، وهوحتى تستخدم الصين منذ ذلك الحين فصاعداً مستشارين يابانيين في شؤونها السياسية والاقتصادية والحربية، وأن تكون إدارة الشرطة في المدن الصينية الكبرى في يد مشهجرة بين الصينيين واليابانيين؛ وأن تشتري الصين نصف ذخائرها على الأقل من اليابان؛ وأن تكون لليابان جميع الحرية في أعطى السكك الحديدية وحفر المناجم وبناء الموانئ في منطقة فوكيان.

واحتجت الولايات المتحدة بأن بعض هذه "المطالب" فيه اعتداء على سلامة الأراضي الصينية وعلى مبدأ "الباب المفتوح"، فألغت اليابان المجموعة الخامسة من تلك المطالب، وعدَّلت بقيتها، ثم قدمتها للصين مقرونة بإنذار نهائي في اليوم السابع من شهر مايوسنة 1915، فقبلتها الصين في اليوم التالي لتقديمها، وتبع ذلك مقاطعة من الصين للبضائع اليابانية؛ لكن اليابان مضت في طريقها قدماً، على زعم يؤيد التاريخُ صحته، وهوحتى المقاطعة التجارية لا بد منتهية عاجلاً أوآجلاً إلى فشل، لأن التجارة تميل بطبيعتها إلى حتى تتبع أقل التكاليف؛ وفي سنة 1917 بسط "الفيكونت إشياي" في لباقة، موقف اليابان للشعب الأمريكي، حتى حمل الوزير "لانسنج" على توقيع اتفاق يعترف بأن "لليابان مصالح خاصة في الصين، خصوصاً في الأجزاء المتاخمة لممتلكاتها"؛ وفي مؤتمر واشنطن سنة 1922 أرغم الوزير "هيوز" اليابانيين على الاعتراف بمبدأ "الباب المفتوح" في الصين، وبأن تقتنع الـيابان بـأسطول يبلغ ستين فـي المائة مـن حجـم الأسطول الإنجليزي أوالأمريكي ، ووافقت اليابان في نهاية المؤتمر على حتى تعيد إلى الصين ذلك الجزء من شانتونج (تسنجتاو) الذي كانت أخذته من ألمانيا إبان الحرب؛ ثم توفي الحلف الإنجليزي الياباني موتاً هادئاً، وراحت أمريكا تحلم في فراشها الدافئ بسلام لا تزعجه الحروب أبد الآبدين.

لكن السياسة الأمريكية اصطدمت بفشل من أبشع ما شهدته في تاريخها، بسبب تلك الثقة الصبيانية في مستقبل ناعم، ذلك حتى الرئيس "[[تيودور روزفلت" لما رأى سكان الساحل الممتد على المحيط الهادي قد أزعجتهم هجرات اليابانيين المتواصلة إلى كاليفورنيا، أخذ في سنة 1907 يفاوض الحكومة اليابانية مستعيناً بسلامة إدراكه التي كانت تكمن في ثنايا حياته الصاخبة التي قرَّبته إلى قلوب الشعب، واتفق معها "اتفاق السيد الكريم مع السيد الكريم" بحيث وعدت اليابان حتى تمنع هجرة عمالها إلى الولايات المتحدة؛ لكن ازدياد نسبة المواليد بين أولئك اليابانيين الذين كانوا قد جاز لهم عملاً بالدخول، لم تزل تزعج الولايات الغربية من أمريكا، حتى إذا كثيراً من تلك الولايات أصدر القوانين التي تحرم على الأجانب امتلاك الأراضي؛ ولما قرر "الكونجرس الأمريكي" سنة 1924 حتى يحدد الهجرة إلى البلاد، أبى حتى يطبق على الأجناس الآسيوية مبدأ النسبة المخفضة التي جاز بها للشعوب الأوربية ، بل حرم هجرة الآسيويين تحريماً قاطعاً، وقد كان من المستطاع حتى نصل إلى نفس النتيجة تقريباً لوطبقنا النسبة الجديدة على جميع الأجناس بغير تمييز ولا تعيين، واحتج الوزير "هيوز" قائلاً: "إن هذا التشريع لا فائدة منه إطلاقاً حتى بالنسبة للغاية التي سُنَّ من أجل تحقيقها"؛ لكن المتحمسين فسروا الإنذار الذي وجهه السفير الياباني بشأن "النتائج الخطيرة التي قد تترتب على هذا القانون، فسروا بأنه تهديد، واستولت عليهم حمى البغضاء فأصدروا "قانون الهجرة".

واشتعلت النار اشتعالاً في اليابان كلها لهذا الذي بدأ في عينها إهانة مقصودة؛ وعقدت الاجتماعات وألقيت الخطب، وانتحر وطنيُّ متحمس على طريقة "هارا كيري" أمام دار "الفيكونت إنويي" ليعبر بانتحاره ذلك عن شعور القوم جميعاً بالعار؛ أما زعماء اليابان، فكانوا يفهمون حتى بلادهم قد أضعفها زلزال سنة 1923، فصمتوا وتربصوا ينتظرون الفرصة السانحة، فلوسارت الأمور سيراً طبيعياً، فسيفتُّ الضعف كذلك بأمريكا وأوربا، وعندئذ ستنتهز اليابان فرصتها الثانية، وتثأر لنفسها ولوبعد حين.

فلما أعقبت أعظم الحروب جميعاً أزمةٌ اقتصاديةُ هي أعظم الأزمات جميعاً، وجدت اليابان فرصتها التي طال انتظارها لها، لكي تثبت أركان سيادتها في الشرق الأقصى؛ إذ أعربت حتى السلطات الصينية قد أساءت إلى تجار اليابان في منشوريا، هذا إلى شعور خفي عندها بأن سككها الحديدية وسائر مُسْتَغَلاتها الاقتصادية هناك تتهددها المنافسة الصينية، فأمرت جيشها في سبتمبر سنة 1941 حتى يتقدم في منشوريا، بادئة في ذلك بالعدوان، أما الصين فكانت في حالة من الفوضى بسبب الثورة وبسبب حركة انفصالية بين أنطقيمها وبسبب ارتشاء ساستها، فلم تستطع حتى تجمع حدثتها في مناهضة اليابان إلا على صورة واحدة، وهي حتى تعود من حديث إلى مقاطعة البضائع اليابانية، فلما تذرعت اليابان بحجة النادىية الصينية لمقاطعة التجارة اليابانية، وغزت شنغهاي (1932)، لم ينهض من الصينيين لمقاومة هذا الغزوإلا قلة ضئيلة؛ ووجهت الولايات المتحدة اعتراضات في هذا الصدد، ووافقتها عليها الدول الأوربية (من حيث المبدأ) موافقة باعثها الحذر، لكنها كانت في شغل من مصالحها التجارية الفردية بحيث لم تستطع حتى تجمع حدثتها جميعاً على إجراء حاسم إزاء هذه الإزالة السريعة لسيادة الرجل الأبيض على الشرق الأقصى، تلك السيادة التي لم تدم إلا قليلاً؛ وعينت عصبة الأمم لجنة برئاسة "إيرل ليتُن"، فقامت ببحث يظهر فيه الإحكام والحياد، ثم قدمت تقريرها؛ غير حتى اليابان انسحبت من العصبة على نفس الأساس الذي نادى الولايات المتحدة سنة 1935 إلى رفضها الاشتراك في "هيئة العدل الدولية"- وهوأنها لا ترغب حتى تحاكم أمام هيئة قُضاتها هُم أعداؤها؛ وكانت مقاطعة البضائع اليابانية في الصين قد خفضت واردات اليابان إلى الصين بنسبة أربعة وسبعين في المائة بين شهر أغسطس سنة 1932 وشهر مايوسنة 1933؛ لكن التجارة اليابانية في الوقت نفسه كانت تطرد التجارة الصينية من الفلبين وولايات الملايووالبحار الجنوبية؛ ولم تحل سنة 1934 حتى استطاع ساسة اليابان- بمعونة ساسة الصين- حتى يحملوا الصين على إقرار تعريفة جمركية في صالح المنتجات اليابانية ضد منتجات الدول الغربية(43).

وفي مارس سنة 1932 عينت السلطات اليابانية "هنري بويي" وارث عرش مانشوفي الصين، رئيساً لحكومة دولة منشوكوالجديدة، ثم نصبته بعد عامين ملكاً باسم "كانج ته"، وكان ذووالمناصب في تلك الحكومة إما من اليابانيين أومن أهل الصين الموالين لليابان، وقد كان خلف جميع موظف صيني مستشار ياباني(44)؛ فبينما كانت خطة "الباب المفتوح" معترفاً بها من الوجهة الفنية، التمست اليابان سبلها نحووضع التجارة والموارد المنشوكية تحت سلطانها(45)؛ ولئن تعذر على اليابانيين حتى يمضوا في هجرتهم من بلادهم إلى تلك الدولة، فقد تدفقت رؤوس الأموال اليابانية إليها تدفقاً غزيراً؛ ومدت الخطوط الحديدية لأغراض تجارية وعسكرية، وأصلحت الطرق بخطوات سريعة، وبدأت المفاوضات لشراء "السكة الحديدية الشرقية الصينية" من السوفييت؛ ولم يكتف الجيش الياباني الظافر القادر بتنظيم الدولة الجديدة، بل جعل يملي سياسة حكومتها في طوكيو؛ وغزا إقليم "جبهول" بالنيابة عن الملك "بويي"، ثم تقدم حتى كاد يبلغ "بيبنج"، لكنه تقهقر تقهقراً مشرفاً، لينتظر الفرصة السانحة.

وإلى حتى تحين الفرصة المرتقبة، راح ممثلوا اليابان في تانكنج يبذلون جهدهم المالي كله ليكسبوا من الحكومة الصينية رضاها عن زعامة اليابان في جميع جانب من جوانب حياة الصين الاقتصادية والسياسية؛ فإذا ما كسبت الصين بالغزوأوبالقروض المالية، باتت اليابان على استعداد للقاءة عدوتها القديمة، التي كانت فيما مضى إمبراطورية الروس أجمعين، وأصبحت اليوم تعهد باسم "اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية"؛ وإن الجيش الياباني ليستطيع حتى يضرب ضربته في أي موضع على طول القوافل في منغوليا فيخترق "كالجان" و"أورجا"؛ أوعبر الحدود المنشوكية فيتوغل في "شيتا"، أوفي أي موضع آخر من مئات المواضع الضعيفة التي يتثنى عندها الخط الحديدي حول الدولة الجديدة؛ ذلك الخط الذي يخترق سيبريا، والذي لا يزال في معظم أجزائه في الشرق الأقصى خطاً مفرداً، أقول إذا الجيش الياباني يستطيع حتى يضرب ضربته في أي موضع من تلك المواضع، فيبتر الرباط الحيوي الذي يربط الصين وفلاديفستك وما وراء بيكال، بعاصمة الروس؛ فأخذت روسيا تعد نفسها لهذا الصراع المحتوم إعداداً فيه روح البطولة وحرارة التحمس؛ فبذلت مجهوداً في استغلال مناجم الفحم وإقامة مصانع الصلب في مدينتي "كوزنتسك" و"ماجنيتوجورسك"، بحيث يمكن تحويل تلك المناجم والمصانع إلى معامل هائلة للذخيرة، وأعدت في الوقت نفسه طائفة كبيرة من الغواصات في "فلاديفستك" ليلاقي الأسطول الياباني، كما أعدت مئات من قاذفات القنابل التي جعلت أعينها مفتوحة ترقب مراكز الإنتاج والمواصلات في اليابان، وتلحظ مدنها المنشأة من خشب دماره ميسور.

ووقفت الدول الغربية خلف هذه الطليعة المنذرة بالشر، وقفت وجلة خائبة الراتى: فأمريكا يأكلها الغضب لفقدانها أسواق الصين؛ وفرنسا تتساءل: ترى كم يتاح لها حتى تظل مسيطرة على الهند الصينية، وإنجلترا قلقة على استراليا والهند، ومضطربة بسبب منافسة اليابان لها، لا في الصين وحدها بل في جميع أراتى ملكها في الشرق؛ ومع ذلك ففرنسا آثرت حتى تعين اليابان معونة مالية على منُاصبتها العدوان، وبريطانيا الحذرة رأت حتى تنتظر في صبر لم يسبق له مثيل، راجية حتى يفتك جميع من منافستيها العظيمتين في التجارة الآسيوية بالأخرى، فتهجرا العالم لإنجلترا وحدها من جديد؛ وأخذ تضارب المصالح يشتد حدة يوماً بعد يوم، ويدنورويداً رويداً من الصراع المكشوف؛ وأصرّت اليابان على حتى تحتفظ الشركات الأجنبية التي تبيع لها البترول، بمخزون من البترول على أرض يابانية يكفي حاجة الجزر نصف عام في حالة الطوارئ؛ وأغلقت مانشوكوأبوابها في وجه البترول الياباني، واستطاعت اليابان- رغم احتجاجات الأمريكيين ورغم معارضة رئيس جمهورية أورجواي- استطاعت حتى تأخذ تصريحاً من الهيئة التشريعية في أورجواي، بأن تقيم على نهر بلات ميناء حرة، تدخلها السلع اليابانية بغير ضريبة جمركية، أوتصنع فيها البضائع اليابانية؛ ومن هذا المركز الحربي، ستنفذ اليابان إلى قلب أمريكا اللاتينية من حيث التجارة والمال، ستنفذ بخطوات لم يسبق لها مثيل في السرعة منذ عَمِل الغزوالألماني السريع لأمريكا الجنوبية على نشوب الحرب العظمى، وعلى اشتراك أمريكا فيها؛ ولئن أخذت ذكريات تلك الحرب في الزوال، فإن العدة لتتخذ من حديث لحرب جديدة.

أليس لأمريكا بد من محاربة اليابان،يا ترى؟ إذا نظامنا الاقتصادي يسخوفي العطاء لأصحاب رؤوس الأموال، فيعطيهم قسطاً كبيراً من الثروة التي يتعاون على خَلْقها الفهم والإدارة والأيدي العاملة، فلا يبقى إلا قدراً أقل مما ينبغي حتى يبقيه لسواد المنتجين، حتى يتاح لهم حتى يشتروا السلع التي أنتجوها؛ وبهذا يفيض قدرٌ زائد من السلع، يصرخ مطالباً بغزوالأسواق الخارجية، وإلا اضطرب مجرى الإنتاج في داخل البــلاد (أواضطر أصحـاب تلك السلع حتى يزيدوا من القدرة الاستهلاكية بين أفراد الشعب؛ ولئن كان هذا القول سليماً بالنسبة لنظامنا الاقتصادي (يقصد النظام الأمريكي) فهوأصح بالنسبة لليابان، فهي مضطرة كذلك إلى غزوأسواق خارجية، لا لكي تحتفظ بثروتها فحسب، بل لتضمن كذلك الوقود والمواد الخام التي لا غنى عنها لقيام صناعتها؛ ويشاء التاريخ الساخر حتى تكون هذه اليابان التي أيقظتها أمريكا من حياتها الزراعية الساكنة سنة 1853 ودفعتها في حياة الصناعة والتجارة؛ هي نفسها التي توجه اليوم جميع قوتها وكل دهائها لكسب الأسواق الآسيوية، بانخفاض أسعار السلع الأمريكية، ولفرض رقابتها على تلك الأسواق بالغزوالحربي وبالأساليب الدبلوماسية، تلك الأسواق التي كانت هي بعينها ما علقت أمريكا راتىها عليها لأنها أوسع مخرج يمكن تهيئته لفيض البضائع الأمريكية؛ وقد عهدنا في التاريخ أنه إذا تنافست دولتان على أسواق بعينها، فإن الدولة الخاسرة في مجال المنافسة الاقتصادية- إذا ما كانت أقوى من زميلتها ثروة وعدة حربية- هي التي تعلن الحرب على الأخرى.

ولاشك حتى حرباً كهذه لونشبت بين أمريكا واليابان، كانت خاتمة مُرة لما أسدته أمريكا من يد في فتح أعين اليابان؛ لكن شؤون الدول ينتابها مَدٌّ لوأفلت زمامه من أيدي القابضين على الأمور، قبل حتى يستجمع قوته، فإنه لا بد مكتسح الأمة التي يطفوبأرضها، إلى مأزق من الظروف لا يدع أمامها مجالاً للاختيار إلا بين طريقين، فإما الذل وإما القتال؛ ويميل مَنْ قد تجاوزوا سن الجندية، إلى إيثار الحرب على الخشوع؛ وليس يقلل من خطر نشوب قتال بيننا وبين اليابان؛ الاحتمالُ القوي بأن تنشب حرب بينها وبين روسيا؛ لأنه لوعادت هاتان الأمتان إلى تحدي إحداهما الأخرى، فقد لا نجد بداً من التدخل في الأمر على أساس المبدأ القديم، ذلك المبدأ الذي نهضت لتأييده أمثلة كثيرة في عصرنا بحيث نستخلص منها الحكمة السديدة، وهي أنه خير لنا حتى نعاون على الفتك بمنافس تعرض عملاً لهجمة من عدوه، من حتى ننتظر حتى يكسب نصراً يزيد في قوته زيادة خطرة؛ أما إذا أردنا ألا ننساق في هذا الطريق، فكل ما نتطلبه حتى نتذكر أنه مهما بلغت شدة الحاجة باليابان إلى أسواق الشرق؛ فهذه الأسواق أبعد جداً من حتى تكون شرطاً لازماً لازدهار تجارتنا؛ وأننا إذا كسبنا تلك الأسواق، إما بحرب باهظة النفقات في بحار بعيدة، أوبتنافس يدعونا إلى الهبوط بمستوى حياة شعبنا، فذلك كسب أجوف؛ وقد يحدث نعمة لبلادنا حتى يضطر تجارنا إلى البحث عن أسواق لسلعهم داخل حدود بلادنا؛ وعندئذ فقد يتبين لنا حتى سعادتنا لا تعتمد على غزونا لأسواق وراء البحار، بل إذا سعادتنا في نشر ثمرات الاختراع والصناعة ومنتجاتها نشراً يتيح لأهل بلادنا- وإنهم لكثيرون- حتىقد يكونوا سوقاً تكفي لبيع مصنوعاتنا- حتى إذا بلغت المصنوعات أعلى درجات الإنتاج؛ لأن مساحة قدرها 000ر738ر3 ميلاً مربعاً تكفي لاستنفاد ذلك الإنتاج.

أما وقد علَّمنا اليابان أساليب الصناعة والحرب، فلا بد لنا حتى نصبر على القضاء الذي جعلها مؤقتاً سيدة الشرق اقتصادياً وحربياً؛ فليس بنا حاجة إلى الحقد على "أبناء الشمس" إذا ما حانت ساعة قوتهم ومجدهم، ولا إلى حسدهم على إمبراطوريتهم المتهافتة أوثروتهم التي قد تتعرض للزوال؛ إذا العالم فيه من سعة الرحب ما يكفينا ويكفيهم معاً؛ ولوشئنا، لوجدنا في البحار آفاقاً لا تزال بعيدة بيننا وبينهم؛ بحيث تهيئ لنا السلام .


اليابان بعد الحرب العالمية الأولى: ديمقراطية تايشو

كشافة الأولاد اليابانية يتدربون بالبنادق.
تلميذة يابانية من فترة تايشو.

الشيوعية ورد العمل

السياسة الخارجية لتايشو

نهاية ديمقراطية تايشو

هذه بذرة منطقة عن التاريخ بحاجة للنمووالتحسين، فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها.
      {{{{{3
هذه بذرة منطقة عن التاريخ بحاجة للنمووالتحسين، فساهم في إثرائها بالمشاركة في تحريرها.
{{{{{3 {{{{{4
هل أنت مهتم باليابان،يا ترى؟ ستجد الكثير من المعلومات في بوابة اليابان.
تاريخ النشر: 2020-06-04 11:24:30
التصنيفات: مقالات تحتوي نصاً باللغة اليابانية, بذرة اليابان, جميع المقالات المتعلقة باليابان, تاريخ اليابان, فترات اليابان

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

عمرو عثمان: قانون فصل الموظف المتعاطي هدفه الحد من من الحوادث

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 14:22:52
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 53%

فى 4 أيام.. «من أجل زيكو» يحقق 6.2 مليون جنيه

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 14:23:29
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 67%

باحثة أمريكية: السيسي يولي اهتماما كبيرا بالشباب (خاص)

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 14:23:49
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 59%

الإمارات تسجل 2.759 إصابة جديدة بكورونا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 14:23:45
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 56%

النيابة تنتدب الأدلة الجنائية لفحص حريق فيلا سهير رمزي

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 14:23:12
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 68%

الدومينيكان تتصدى للجائحة بـ"غرف كوفيد" في فنادقها

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-01-09 14:23:58
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 65%

اتحاد العمال: منتدى شباب العالم من أهم دعائم الاقتصاد الوطني

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 14:22:48
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 56%

ريهام حجاج تبدأ تصوير مسلسلها الرمضانى الجديد «يو تيرن»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 14:23:27
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 67%

الأسهم السعودية تكسب 130 نقطة وتسجل أعلى إغلاق في 7 أسابيع

المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2022-01-09 14:23:07
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 49%

وحيد حاليلوزيتش: من السهل التباكي.. والوضع الصحي مقلق

المصدر: راديو مارس - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 14:22:53
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 58%

أمطار خفيفة تضرب أسيوط ووجود نشاط للرياح ورفع درجة الاستعداد

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 14:23:05
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 63%

الإمارات الإماراتي يوافق على إعارة ادم النفاتي للرجاء

المصدر: راديو مارس - المغرب التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 14:22:50
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 70%

تفاصيل إقامة معرض للعائلة المقدسة بالتزامن مع منتدى شباب العالم

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 14:22:47
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 63%

حبس 6 متهمين بسرقة 50 طن أسمدة بالإسكندرية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-09 14:23:13
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 50%

تحميل تطبيق المنصة العربية