إدمون دوتي

عودة للموسوعة

إدمون دوتي

إدموند دوتي - إضاءة عن مؤسس أنثروبولوجيا الدين الكولونيالية بالمغرب

إدمون دوتي Edmond Doutté، (عاش 1867 - 1926) سوسيولوجي من مدرسة الجزائر كما وصفه آلان مسعودي. مؤسس أنثروبولوجيا الدين الكولونيالية بالمغرب.

السيرة

ولد عام 1867 بمدينة إيڤروالفرنسية، وسينهى دراسته بمنطقة شالون سير مارن الفرنسية، حسب الاسم المعروف في القرن 18، التي أصبحت تسمى اليوم شالون أون شومبان، التي تقع شمال شرق فرنسا على مقربة من ألمانيا. وكان أبوه يدرّس هناك في قسم الفلاحة. لكن ابنه سيختار مسارا آخر، حيث تفهم فهم المتاحف بباريس، و العلوم الطبيعية ثم الآداب.

أُلحق بالحكومة العامة في يناير 1892 كإداري مساعد في الأوراس الجزائرية، لكن ظروفه الصحية جعلته يطلب الانتنطق إلى وهران كمحرر سنة 1894. وخلالها تابع دراسته على يد مولييراس في الكرسي العمومي. وحصل على إجازة/عطلة من أجل تحضير لدبلوم مدرسة الآداب، وقد استجاب العمل الذي أنجزه لانتظارات رينيه باسيه. وهذا النجاح جعله سنة 1898 يصبح أستاذا للآداب بمدرسة تلمسان الذي كان يديرها آنذاك وليام مارساي. شغل ألفرد بل مكانه في مدرسة تلمسان بعد سقمه بالسُل، وفضل الاستقرار في الجزائر مع زوجته وطفليه. كُلف سنة 1899-1900 بمهمة إنجاز قائمة المخطوطات العربية للمساجد الجزائرية . وبعدها مباشرة أوفد إلى المغرب بين سنتي 1900 و1901 لدراسة المناطق التي لم تتصل بعدُ بالحداثة الأوربية، والإعداد أيضا لإدماج المغرب في دائرة التأثير الفرنسي، وأسفر هذا العمل عن تقرير بعنوان “وسائل تطوير التأثير الفرنسي في المغرب”1900. والأهم من وجهة نظر جزائرية، تأمين الطريق الأفضل للنفاذ الفرنسي، وطبع هذا الأسلوب براغماتية تفتقد اللياقة كما يقول آلان مسعودي. وتتالت بعد ذلك البعثات، إلى فيكيك سنة 1902، وغيرها.

شغل سنة 1901 منصبين في نفس الوقت، الأول في مصلحة المنشورات العربية للحكومة العامة في الجزائر، والثاني إلقاء دروس العامية العربية في مدرسة الآداب. وفضله جورج فير سنة 1903 لشغل كرسي التاريخ المعاصر للجزائر، وعوضت دروسه في اللغة بدروس تاريخ الحضارة الإسلامية في سنة 1905- وهي ما شكلت كتاب السحر والدين-. ولم ينجح في تأسيس كرسي تاريخ الإسلام الإفريقي أوالسوسيولوجيا الأهلية بعد محاولته ذلك. سيشغل بعد الحرب العالمية الأولى كرسي المدرسة الكولونيالية، وفي نفس الوقت كرسي العلوم السياسية، أصبح عضوالمعهد الإثنولوجي، وعضومؤسس لأكاديمية العلوم الكولونيالية. أصبحت مهامه الفهمية إلى المغرب أساسية في وقته، حيث نشر في مجلة “تعليمات كولونيالية”، ونشر كتابه “مراكش” سنة 1905 بموافقة لجنة المغرب، وفيه مساره من الدار البيضاء إلى مراكش، مرورا بأزمور، ودكالة، والرحامنة. وأرفق ذلك بعدة صور. وأصبح دوتي يزور المغرب جميع خريف مابين 1906 و1909، رفقة مرافقيه المحليين الوفيين سي علال العبدي، وسي بومدين بن زيان، ودعمت تلك الزيارات ماديا من قبل الإقامة العامة للشؤون الأهلية، فهما حتى هذا العمل كان جزءا من مشروع كبير، وبتشجيع من جمعية الجغرافيا التجارية للاتحاد الكولونيالي.

سينشر سنة 1900 منطقه الهام “ملاحظات حول الإسلام المغاربي: الأولياء” بمجلة تاريخ الأديان في عددين متواليين. اتى الموضوع بعد 15 سنة من كتاب لويس رينان المعنون ب” الأولياء والخوان”. لقد جدد المنظور، مع الأخذ بعين الاعتبار أعمال كولدزيهر، وسنوك هاركرونج، وأيضا الأبحاث الإثنوغرافية حول المغرب التي أنجزها مولييراس، ولامارتينيير، ولاكروا، وشارل دوفوكو. ولما لا أيضا إدوارد فيسترمارك، الذي لم يسبق حتى عهده. لقد لخص أوليات طقس الصلحاء الموروثة من العمق الديني الماقبل إسلامي. كان دوتي تلميذا وفيا لاسمين كبيرين، اعتمدهما في دراساته، الأول: هنري باسيه، الذي أهداه دوتي كتابه “الدين والسحر” بالعبارات التالية:” إلى السيد هنري باسيه، مدير المدرسة العليا للآداب بالجزائر، تكريما واعترافا”. والثاني: أوجست مولييراس، صاحب كتاب “اكتشاف المغرب”، وأستاذه في الرحلة. وكلا من هذين العالمين ينتميان إلى ما يسمى المدرسة الجزائرية.


وفاته

وتوفي في باريس سنة 1926، عن سن تناهز التاسعة والخمسين. وهويستعد لبدء إحدى رحلاته إلى المغرب.

الأعمال الفهمية

أحصى أندري آدم في البيبليوغرافيا النقدية 12 عملا من تأليف إدموند دوتي . وتنقسم إلى ثلاثة أنواع؛ الأولى، تعبير عن رحلات استكشافية إلى عدة مناطق في المغرب، وهي ست أعمال. والثانية، وهي ثلاث تناقش ظواهر اجتماعية محددة، مثل: عيد الطُلبة ، أوالتنظيم المنزلي ، أوسقوط السلطنة . والثالثة، دراسات تتعلق بظواهر دينية مباشرة، أحدها المعنون ب” ملاحظات حول الإسلام المغاربي: الزوايا” 1900. والثاني، “كومة الأحجار المقدسة وبعض الممارسات المتعلقة بها في جنوب المغرب” 1903. ثم الكتاب الأهم “السحر والدين في إفريقيا الشمالية” 1909. ويمكن حتى نضيف ست مراجعات حول الإسلام والمغارب في مجلة “السنة السوسيولوجية” وذكرتها لوسيت فانسيت. وسيرا على منهجه في اعتبار السوسيولوجيا تبدأ مع الحماية سنة 1912، لم يدرج عبد الكبير الخطيبي، إدمون دوتي ضمن الباحثين السوسيولوجيين.

وفي العمل الهجريبي لجاك بيرك، سيصف كتاب “السحر والدين في إفريقيا الشمالية” ب “الكتاب العظيم”، وأنه “محاولة أولى من أبرز ما خط إلى اليوم في هذا المجال في المغرب العربي”، وسيلخص صاحبه بالعبارات الدالة التالية:” ملاحظ نافذ، ورحالة متيقظ، وجدُّ متفطن لتسليم الفهم عبر الخيال، وجدت فيه الإثنولوجيا الإنجليزية والسوسيولوجيا الفرنسية مطبِقا منَظما” . ما يدفع بيرك لهذا الوصف الأخير طبيعة الأعمال التي كانت قبل دوتي، مثل أعمال إدوار فيسترمارك، وهنري باسي، وإيميل لاووست، التي لا تضاهي عمله لا من حيث جمع المعلومات، ولا من حيث طريقة العرض، وهما الأمران اللذان لم يتطورا إلا مع “الكتاب العظيم” لدوتي. وتشير الباحثة الفرنسية لوسيت فالنسي إلى الحفاوة البالغة التي استقبلت به المدرسة الفرنسية دراسات إدمون دوتي، وتجلت في المراجعات المتعددة على صفحات مجلة” الحولية السوسيولوجية”؛ فبدءا من 1904، في الجزء السابع للمجلة، راجع هوبرت منطقه” الأكوام المقدسة…”. وفي 1906 راجع إيميل دوركهايم منطقه “التنظيم المنزلي…”. وفي سنة 1907 يفترض أن يخصص مارسل موس قراءة في كتاب”مراكش”، واعترف بتقدير حتى دوتي اشتغل على قضايا طرحتها مجلة “السنة السوسيولوجية”، وانتقده في عدد من القضايا. بعدها بثلاث سنوات قام ر.هرتز بقراءة حول كتاب “الدين والسحر”.إضافة إلى أنه تميز بالرحلة القائمة أساسا على الملاحظة الدقيقة، والتدوين الرقمي المستمر لمختلف المعلومات. وقد كانت رحلاته الست في المغرب كافية لجمع المادة الفهمية للخوض باقتدار في “السحر والدين في إفريقيا الشمالية”.على هذا الأساس وصفته لوسيت فالنسي ب “العالم الموسوعي “لأنه “لامس الأنثروبولوجيا الطبيعية، وفهم المعادن، وفهم اللهجات، والسوسيولوجيا، إنه عصامي وموسوعي، وبموهبة كبيرة، إذا عمله قاوم بشكل لافت مرور الزمن، ومازلنا نعود إليه للاستفادة” . ورغم جميع المجالات التي تحدث فيها دوتي فإنه يبقى حسب رولان لوبيل” اختصاصي في المسائل الدينية بإفريقيا الشمالية” .وتجدر الإشارة إلى حتى بول باسكون ضَمن كتابه “دراسات قروية” تقريرا بعنوان “التقرير السري: الوضع السياسي في الحوز، 1 يناير 1907″ خطه إدموند دوتي لفائدة مديرية الشؤون الأهلية، مرفقا بدراسة نقدية بعنوان “الأنثروبولوجيا والاستعمار”، وفيه يبرز مساهمة دوتي في وضع الفهم في خدمة المصالح الاستعمارية، كباقي جميع المتخصصين من جيله في جميع المجالات. وفي هذا التقرير إشارات مهمة إلى المجموعات الدينية، ونكتفي بالإشارة إلى حديثه عن الوضعية الدينية في الحوز، مميزا في البداية بين نوعين من المجموعات، الطرق الدينية،والأضرحة التي ليست لها رئيس ولا أعضاء في الطريقة. والطُرق لها أهمية أكبر في المدن، والأضرحة لها بعض التأثير في المدن، لكن تأثيرها أكبر في القبائل” ، فالأولى متمثلة في الزاوية التهامية والتجانية، باعتبارهما الأكثر نفوذا، ثم الأضرحة التي يحتل فيه “بِلْهْوَلْ” مكانة أساسية، النافذ في قبيلة “دْليم” المنحدرة من منطقة الساقية الحمراء الصحراوية.

وسيتواصل اهتمام بعض الباحثين المعاصرين بدوتي، مثل محمد الدهان أستاذ فهم الاجتماع بجامعة محمد الخامس، الذي خصص في بحثه لنيل دبلوم الدراسات العليا حول الفهم والإيديولوجيا في الأنثروبولوجيا الاستعمارية صفحات هامة لتحليل كتاب السحر والدين في إفريقيا الشمالية، ورحلتي دوتي “مراكش” و”في القبيلة”. بعد هذا البحث توالت اهتمامات الأستاذ الدهان البحثية حول الأنثروبولوجيا الكولونيالية عامة، وإدموند دوتي خاصة. وسيشارك سنة 2003 بدراسة حول “المسار الإثنوغرافي لإدموند دوتي في جنوب المغرب” في ندوة دولية بجامعة محمد الخامس في موضوع: “السفر في العالم العربي الإسلامي: التواصل والحداثة”.وفيما يلي أبرز الخط التي ألفها دوتي، المرتبطة بالظاهرة الدينية، وقد أوردنا الدراسات الأكثر شهرة، واستثنينا كتابا “مراكش” ﴿1905﴾، و”في القبيلة” ﴿1914﴾ إلى فرصة قادمة، لحين تخصيص دراسة شاملة عن “الإسلام من خلال الرحالة الفرنسيين”.

ملاحظات حول الإسلام المغاربي: الأولياء

Notes sur l’islam maghrébin : les Marabouts نشر إدموند دوتي «ملاحظات حول الإسلام المغاربي: الأولياء» في مجلة تاريخ الأديان، السنة العشرون، الجزء الرابع، بباريس، منشورات إرنست لورو، سنة 1899، باللغة الفرنسية، ولا تتوفر أي ترجمة للمنطق إلى اللغة العربية على الأقل. يتناول دوتي في هذه الدراسة ظاهرة تقديس الأولياء في المنطقة المغاربية، ويعرض دوتي لهذه الظاهرة متسائلا، ومفسرا مسببات انتشارها في البيئة المغاربية المسلمة لدى العامة.ويعالج هذه القضايا في مقدمة عن مفارقة البساطة والتعقيد في الدين الإسلامي “التوحيدي”، وتقديس الأولياء ومفهوم الشرك في الإسلام، والبحث عن الوسيط بين الإنسان والله عبر الولاية (انظر ص.345)، ورصد مظاهر تقديس الأولياء في المنطقة المغاربية، ومنح تفسيرات لتجذر ظاهرة تقديس الأولياء باستحضار فرضيات م.لابي وكولدزهير، وتأصل ظاهرة تقديس الأولياء لدى الأمازيغ، واختلاف أشكال وتمظهرات تقديس الأولياء عبر المناطق، والأثر الروحي والسياسي لتواجد الولي في منطقة معينة، ثم الخاتمة.ويستحضر دوتي وجهة نظر م. لابي الفلسفية، بأن تقديس الأولياء راجع بالضرورة إلى ذلك الإحساس الديني الذي يدفع العامة إلى” تصور الله وتخيله كما يحبون.. إنه انتقام القلب والخيال من التجريد التوحيدي”ص.353. وقريب من هذا المنوال يرى العالم المجري گولدزيهر بأن الأصل في تقديس الأولياء بشمال أفريقيا نابع من تقديس ضمني سابق لدى الأمازيغ للسحرة قبل الإسلام، إذ كانوا يعتبرون أصحاب نبوءات وكهنة دين أيضا، .ص. 353، وهذا المعنى يفترض أن نجده مطورا أكثر في كتاب “الدين والسحر في إفريقيا الشمالية”. واعتمد دوتي خطا مهمة حول المغرب مثل أعمال مولييراس، ودولامارتينيير، ودولاكروا، ودوفوكو. ويشير أيضا حتى هذا العمل غير مكتمل لأنه مازال يحتاج إلى مصادر مكتوبة بالعربية، وكذلك إلى الملاحظة والمعطيات الشفوية، ويطرح سؤالا هاما عن قيمة الشهادات التي نعتمدها من وجهة نظر التاريخ الديني فقط. وهذا النضج التوثيقي كان قريبا من أعين المدرسة الدوركهايمية، التي ستحتفي بكتابه “السحر والدين” ولذلك كان يذكر مصادره بدقة كما في الموضوع الذي بين أيدينا.


الإسلام الجزائري في سنة 1900

L’Islam Algérien en l’an 1900 يقع كتاب “الإسلام الجزائري في سنة 1900″ في صفحة. وفي النسخة التي حصلنا عليها باللغة الفرنسية، والمتوفرة في المسقط الإلكتروني للمخطة الوطنية الفرنسية ﴿كاليكا﴾، نجد على ظهر الصفحة الأولى/الغلاف البيانات التالية”

الجزائر- مصطفى، مطبعة وتصوير جيرالت، 1900″، ثم الطابع الخاص للمخطة الوطنية، وشعار الجمهورية الفرنسية. ولم يشر من اطلعت على دراساتهم لأعمال دوتي لهذا المؤلَف! بدءا من أندري آدم الذي لم يذكره في بيبليوغرافيته، لأنه تقيد بالإنتاج الفهمي حول المغرب فقط ، وجاك بيرك، ومحمد الدهان الذي كان من المفروض حتى يطلع عليه لأنه ذكر أفكارا مختلفة حول الدين غير موجودة في جميع الخط السابقة، والأمر نفسه ينطبق على آلان مسعودي الذي عهد بالمؤلف والمؤَلَف في موسوعة المستشرقين الفرنسيين. وعلى الرغم من تقيدي في هذا المشروع بالدراسات المنجزة حول المغرب، فقد رأيت حتى أضيف هذا الكتاب حول الإسلام الجزائري إلى هذه الدراسة لاحتوائه أفكارا لم ترد في الخط أوالموضوعات الأخرى حول المغرب.

في توطئة الكتاب يقول دوتي أنه يسعى من خلال هذا الكتاب تقديم فكرة لمجموع الإسلام الجزائري، نظرا لأن الدين مركب، وغالبا ما لا يعهد بشكل جيد. وهوالأمر الذي يريد إبرازه من مختلف جوانبه في الإسلام الجزائري.ويتشكل الكتاب من العناوين التالية:

العقائد الإسلامية، شعائر المسلمين، والقانون./مصادر القانون الديني./ تطور الممضى والقانون، والتقنين، وطقوس المدارس./أسلمة إفريقيا الصغرى، والخوارج./ شعائر الصلحاء: الأولياء، الشرفاء./ النصوص، والجمعيات الصوفية./ الطرق الصوفية الجزائرية./ الاحتفالات، والأعياد الدينية، والخرافات، والبقايا./ المعابد والمباني الدينية: الأولياء، والمساجد، والزوايا./ الإسلام الرسمي: فهماء الدين الجزائريين، والتعليم الإسلامي العالي. /الخاتمة.ملاحق: 1/ بعض المؤشرات البيبليوغرافية. 2/ ملاحظات حول الممضى الخارجي.3/ العلوم الإسلامية بالمدراس الجزائرية.4/ الإسلام في المدارس العليا الجزائرية. 5/ خط إسلامية مهمة نشرتها الحكومة العامة الجزائرية. 5/ نص تعليمات السيد الحاكم العام بتاريخ 25 يناير 1895 حول الإشراف السياسي والإداري على الأهالي الجزائريين والمسلمين الأجانب.

المجتمع المغاربي المسلم: السحر والدين في إفريقيا الشمالية

Magie et religion dans l’Afrique du Nord

هذا الكتاب في الأصل دروس ألقاها إدموند دوتي في المدرسة العليا للآداب، التي كان أستاذا بها في الجزائر، وبدأت في دجنبر 1905، وهوتاريخ إلقاء المحاضرة الأولى التي قدم بها الكتاب. وفي سنة 1909 نشر الكتاب بالجزائر عن مطبعة تيبوغرافي أدولف أوردان. وسيعاد طبع الكتاب بباريس سنة 1994 عن دار ميزونوف وغوتنر.وبعد قرن من تأليف إدموند دوتي لمؤلفه “الدين والسحر في إفريقيا الشمالية”، قام الناقد الأدبي فريد الزاهي، الباحث بالمركز الجامعي للبحث الفهمي، جامعة محمد الخامس-السويسي، بترجمته إلى العربية سنة 2008. وصدر عن دار مرسم للطبع والنشر بالدار البيضاء. وبفضل هذا العمل حصل على جائزة الأطلس الكبير لأحسن ترجمة سنة 2008، التي تقدمها وزارة الثقافة المغربية، ومصلحة التعاون الثقافي بسفارة فرنسا بالمغرب. وهي عملا ترجمة تستحق التنويه لدقتها البالغة، وسلاسة العبارة العربية المستعملة، وتكفي الإشارة حتى الهوامش أيضا قام بترجمتها.وفي حدود فهمنا، بعد حتى بحثنا في عدد مهم من المخطات الوطنية والإلكترونية الدولية، لم يترجم هذا العمل إلى اللغة الإنجليزية، رغم مرور قرن على تأليف الكتاب!

يقول إدموند دوتي “إن موضوع الكتاب الحالي يتعلق بنشأة الفكرة السحرية والمقدس” ، وإذ يؤكد أنه يهتم بالفكرة الدينية، فهويشير أنه لم يقف عند دراسة المقدس المشخص، أي الأولياء وغير ذلك. ولم يتناول أيضا “تاريخ الدعوات والصلوات وأصولها”، إذ أجل الحديث فيها إلى حين الاشتغال على الذات الإلهية، وتبلور الموضوع بشكل أدق. غير أنه في حدود الأعمال التي حصرناها، وبتأكيد من المترجم، فإن هذا العمل لم ير النور.

يتشكل كتاب “الدين والسحر” من الفصول التالية:

توطئة. / المقدمة./ السحرة والكهنة والعرافون. /الطقوس السحرية./ العزائم أوالشعائر الشفوية./ الطلاسم أوالطقوس المصورة./ الغايات العملية للسحر./ السحر والفهم والدين. /العرافة الاستقرائية. / العرافة الحدسية. /القوى المقدسة وتواترها. / التضحية. /أنقاض السحر القديم: الكرنفال. / أنقاض السحر القديم:

الأعياد الموسمية وطقوس الطبيعة. /الخاتمة

كان يعي إدموند دوتي أهمية العمل الذي يقوم به في سياق الدراسات السابقة، ظهر ذلك في التوطئة التي يقول فيها:” تتمثل الفكرة العامة لهذا الدرس في تطبيق النظريات التي بلورها منذ نصف قرن الإثنوغرافيون، وخاصة المدرسة الأنثروبولوجية الإنجليزية والمدرسة الفرنسية، على الظواهر الدينية الإشارة في إفريقيا الشمالية” . ويعترف منذ البداية حتى الكثير من تفسيراته تبدوهشة، لكن الأهم بنظره تقديمه النسقي المؤقت للمعلومات التي أوردها. كما أنه يقر بعدم ملاءمة النظرية الطوطمية لتفسير الحضارة الإسلامية التي يدرسها، والتي يعتبرها أكثر تطورا من حضارات أخرى طبقت عليها تلك النظرية.يتطرق بعد ذلك إلى الفرضية التي سادت في وقته لدراسة الديانة الإسلامية، التي هجرز على التأثيرات وما تمتحه حضارة من أخرى. ويقصد النظرية التطورية التي تبناها تايلور ومرغان، وفرايزر . وفرضية البقايا الوثنية التي طرحها إدوار فيسترمارك. غير أنه يستدرك عليها قائلا:” فقد سعينا قبل جميع شيء إلى تقديم العلة السوسيولوجية والسيكولوجية للمؤسسات وتطورها منذ القدم، مهما تكن المنطقة التي صدرت عنها” .يشير في التوطئة إلى حتى المصادر الكلاسيكية هي المعتمدة. وبمطالعة قوائم الهوامش لمختلف الفصول، نذكر بعض المصادر التي تتجاوز المائة في مجملها، والموزعة على عدة مجالات، كالتالي:

القضايا الإسلامية: استند إلى النص القرآني، وسليم البخاري وشارحه الأبرز القسطلاني. وسليم مسلم، وفي مجال الشريعة لم يخرج عن الممضى المالكي وبالأخص مختصر لبخليل مع شراحه وحواشيه…الخ.والتاريخ الإسلامي: المقدمة لابن خلدون، أبحاث في التاريخ القديم قبل الإسلام لبيرسوفال، الأغاني للأصبهاني، المغرب في بلاد إفريقيا والمغرب للبكري، ووصف إفريقيا ل الحسن بن الوزان، مروج المضى ل المسعودي، وردة التصوف ل كراولي، وغيرها.

وبخصوص الفلكلور: بقايا الوثنية عند العرب لويلهاوزن، تنطقيد وعوائد ومؤسسات الأهالي بالجزائر لفييو. العربي كما هول روبرت، ألف ليلة وليلة. الرحمة في الطب والحكمة للسيوطي، العربية الدارجة ل ديسبيرميت، سحر العناصر في الإسلام ل كولدزيهر، السحر الآشوري ل فوصي، السحر اليهودي ل بلو، السحر عند العرب ل ويلهاوزن، السحر الكلداني ل لونورمان، العبادات والأساطير والدين ل رايناش، وغيرها.

وفي فهم الاجتماع والأنثروبولوجيا: ، الغصن المضىي لفرايزر، المغرب المجهول لمولييراس، السحر ل هوبير، مصادر القدرات السحرية في المجتمعات الأسترالية لمارسل موس، الحضارات البدائية لتايلور. الديانات السامية ل سميث، ديانة الشعوب البدائية ل برينتون، سيكولوجيا الأحاسيس ل ريبو، تطور المادة لگوستاڤ لوبون، وغيرها.


ختاما

أبرز ما يميز أعمال إدموند دوتي، كتاب” السحر والدين في إفريقيا الشمالية”، إذ يدشن به لبداية أنثروبولوجيا الإسلام في المغرب العربي. أما الخط الأخرى، خاصة الرحلات فإنها لم تكن جديدة من حيث المنهج، إذ تجاوز لمولييراس، وشارل دوفوكو، وألفرد لوشاتوليي حتى قاموا بمثلها. غير حتى جميع تلك المعطيات التي سيجمعها دوتي سيوظفها بشكل نسقي في “السحر والدين”. ” والأهم حتى دوتي قد تجاوز من خلال هذا البحث المجال الخاص بالظواهر الدينية، ليقترح تصورا أنثروبولوجيا كاملا للثقافة المغربية التقليدية وعلاقة الإنسان المغربي بهذه الثقافة” .وقد اصطبغت أعمال دوتي بمنهج تأويلي غير خاف، يلخص ذلك الباحث المغربي حسن رشيق في السمات التالية:القيام بوصف جزئي للظواهر المدروسة. البحث عن معنى الطقوس المدروسة باستلهام الإثنوغرافيا المقارنة.محاولة إثبات كيفية أسلمة جميع الطقوس المدروسة.

يحدد البقايا الوثنية ﴿أطلال، آثار…﴾ التي لم تتعرض لعملية الأسلمة.وهذا المنهج حتمه التواصل النظري الذي يقيمه دوتي مع المدرسة الفرنسية، خصوصا أنه يسعى إلى إصباغ المعنى على مختلف الطقوس الملاحظة، ولذلك يحضر بشكل جلي منهج المقارنة، الذي يجعل تلك الطقوس قابلة للفهم. وكما يقول رشيق فأن تؤول طقسا محليا يعني البحث عن معنى كوني مهيمن .

بعض من أغلفة خط إدمون دوتي

المصادر

  1. ^ "إدموند دوتي - إضاءة عن مؤسس أنثروبولوجيا الدين الكولونيالية بالمغرب". مسقط أرنتروبوس. 11/5/2012. Retrieved 4/6/2012. Unknown parameter |outhor= ignored (help); Check date values in: |accessdate=, |date= (help)
تاريخ النشر: 2020-06-04 14:03:06
التصنيفات: Pages with citations using unsupported parameters, CS1 errors: dates, مواليد 1867, وفيات 1926, أشخاص من إيڤرو, أنثروپولوجيون فرنسيون, علماء اجتماع فرنسيون, طاقم تدريس جامعة الجزائر, الجزائر الفرنسية, المغرب الفرنسي, باحثو الإسلام, مستشرقون فرنسيون, مستعربون, الإسلام في المغرب, الإسلام في الجزائر, أمازيغ

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

فاضل 84 يوما.. تعرف على موعد شهر رمضان وأول أيامه فلكيا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:28
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 45%

الأهلى يسعى لاستعادة الانتصارات أمام سيراميكا بالدورى الليلة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:33
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 47%

الأرصاد: شبورة على الطرق وطقس بارد ليلا.. والصغرى بالقاهرة 11 درجة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:38
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 44%

قرارات هامة للبنك المركزي المصري فى 2022

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:06
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 67%

فيديو مأساوي.. وفاة 3 عمال وإصابة 5 آخرين سقطوا في بيارة صرف صحي

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:15
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 50%

داود الرجل وداود الطفل

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:09
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 52%

الإحصاء: 1.6 مليون نسمة زيادة فى عدد سكان مصر خلال عام 2022

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:25
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 44%

النشرة المرورية.. كثافات مرتفعة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:35
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 36%

كيف تفرق بين عقد البيع الابتدائى والنهائى بخطوات قانونية

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:37
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 38%

صباح الخير يا مصر.

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:07
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 67%

البطون‏ ‏الجائعة‏ ‏لايغريها‏ ‏السلام

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:09
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 56%

فيديو آخر ظهور لـ نورهان خليل قاتلة أمها بعد ضبطها مع عشيقها

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:17
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 61%

إصابة 3 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بالعياط

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:39
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 40%

قصة فيلم أهداه «فريد شوقى» لزعيم الحرية في عيد بورسعيد القومي

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:08
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 63%

أكاديمية الشرطة تعلن نتيجة الطلاب المقبولين فى مؤتمر صحفى اليوم

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:32
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 35%

التموين: بدء تنظيم معارض "أهلا رمضان" أول يناير حتى نهاية الشهر الكريم

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:31
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 39%

تعرف على إجراءات الوقاية من حوادث الشبورة منعا للحوادث.. انفوجراف

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:29
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 39%

وفاة قبطان مصري محترقًا في انفجار سفينة على سواحل تركيا

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:13
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 56%

حصاد 2022.. تعرف على ترتيب محمد صلاح بين أفضل الهدافين فى أوروبا

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-28 09:22:30
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 40%

تحميل تطبيق المنصة العربية