ابن خصيب
ابن خصيب، هوأحد ولاة الدولة العباسية، والذي عينه الخليفة العباسي على مصر. يُذكر أنه تولى الحكم من مدينة المنيا الواقعة في صعيد مصر والتي اشتهرت في عهده بمنية ابن خصيب أومنية مصر خصيب.
ولاياته على مصر
يروي ابن بطوطة في كتابه تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار: "ثم سافرت منها إلى مدينة منية ابن خصيب، وهي مدينة كبيرة الساحة متسعة المساحة مبنية على شاطئ النيل. وحق حقيق لها على بلاد الصعيد التفضيل. بها المارس والمشاهد والزوايا والمساجد وكانت في القديم منية عامل مصر الخصيب".
ويذكر حتى أحد الخلفاء من بني العباس غضب على أهل مصر. فآلى حتى يولي عليهم أحقر عبيده، وأصغرهم شأناً، قصداً لإرذالهم والتنكيل بهم وكان خصيب أحقرهم إذ كان يتولى تسخين الحمّام فخلع عليه، وأمّره على مصر، وظنه أنه يسير فيهم سيرة سوء، ويقصدهم بالإذاية، حسبما هوالمعهود ممن ولي عن غير عهد بالعز. فلما استقر خصيب بمصر، سار في أهلها أحسن سيرة. وشهر بالكرم والإيثار. فكان أقرب الخلفاء وسواهم يقصدونه، فيجزل العطاء لهم، ويعودون إلى بغداد شاكرين لما أولاهم. وأن الخليفة افتقد بعض العباسيين وغاب عنه مدة ثم أتاه، فسأله عن مغيبه، فأبلغه أنه قصد خصيباً. وذكر له ما أعطاه خصيب. وكان عطاء جزيلاً. فغضب الخليفة، وأمر بسمل عيني خصيب، وإخراجه من مصر إلى بغداد، وأن يطرح في أسواقها. فلما ورد الأمر بالقبض عليه حيل بينه وبين دخوله منزله وكانت بيده ياقوته عظيمة الشأن فخبأها عنده، وخاطها في ثوب له ليلاً وسملت عيناه، وطرح في أسواق بغداد. فمر به بعض الشعراء فنطق له يا خصيب: " إني كنت قصدتك من بغداد إلى مصر مادحاً لك بقصيدة فوافقت انصرافك عنها، وأحب حتى تسمعها. فنطق: كيف من الممكن أن بسماعها وأنا على ما تراه ،يا ترى؟ فنطق: إنما قصدي سماعك لها. وأما العطاء فقد أعطيت الناس وأجزلت جزاك الله خيراً نطق فاعمل فأنشد: أنت الخصيب وهذه مصر فتدفقا فكلاكما بحر.
فلما أتى على آخرها نطق له: افتق هذه الخياطة، فعمل ذلك. فنطق له: خذ الياقوتة. فأبى، فأقسم عليه حتى يأخذها. فأخذها ومضى بها إلى سوق الجوهريين. فلما عرضها عليهم نطقوا له إذا هذه لا تصلح إلا للخليفة. فحملوا أمرها إلى الخليفة، فأمر الخليفة بإحضار الشاعر واستفهمه عن شأن الياقوتة، فأبلغه بخبرها. فتأسف على ما عمله بخصيب وأمر بمثوله بين يديه، وأجزل له العطاء، وحكّمه فيما يريد. فرغب حتى يعطيه هذه المنية، فعمل ذلك، وسكنها خصيب إلى حتى توفي وأورثها عقبه إلى حتى انقرضوا. وكان قاضي هذه المنية أيام دخولي إليها فخر الدين النويري المالكي، وواليها شمس الدين أمير خير كريم. دخلت يوماً الحمام بهذه البلدة، فرأيت الناس بها لا يستترون. فعظم ذلك علي وأتيته، فأفهمته بذلك. فأمرني ألا أبرح، وأمر بإحضار المكترين للحمامات، وخطت عليهم العقود، أنه متى ولج أحد الحمام دون مئزر فإنهم يؤاخذون على ذلك. واشتد عليهم أعظم الاشتداد. ثم انصرفت عنه.
المصادر
- ^ مدينة ابن خصيب، المسالك