اعترافات كاتم صوت (رواية)

**اعترافات كاتم صوت**
المؤلف	مؤنس الرزاز
اللغة	عربية
الناشر
الإصدار

اعترافات كاتم صوت، هي رواية للمحرر الأردني مؤنس الرزاز. وهي ضمن أفضل مائة رواية عربية.

أحداث الرواية

ملف:Eatrafat katem sout.pdf

لقراءة الرواية، اضغط على الصورة

في رواية اعترافات كاتم صوت نجد حتى مؤنس الرزاز يستخدم تقنية مألوفة في الرواية المعاصرة، أي تلك التقنية التي يوزع فيها المؤلف الكلام على المتحدثين بطريقة غير منظمة دون حتى يعمد على إدارة الحوار بينهم. فعندما يتحدث الأب في الرواية يكتفي بالحوار مع نفسه، وكذلك تعمل الأم والابنة الصغيرة في الاقامة الجبرية حيث تعيد الشخصيات انتاج إحساسها بالعزلة والصمت. ومن هنا يأخذ عنوان القسم الأول من الرواية "مدارات الصدى" دلالته المحورية، إذ حتى الصدى يحل محل الصوت في غياب أي تبادل حواري بين الشخصيات. من جهة أخرى يمكن القول إذا هذا القسم من الرواية مبني استنادا إلى أسلوب زوايا النظر، ولكنها هنا زوايا نظر تخص أحداثا متعددة لا حدثا أوموقفا روائيا بعينه. وهوأسلوب يفيد في تقليب معنى العمل أوالحدث على وجوه متعددة بتمريرها في منشور تكون وجوهه شخصيات عديدة. إلى غير ذلك يتحلل العمل إلى زوايا نظر تمثل الأب والأم والابنة الصغيرة والملازم والراوي.

تقوم الابنة بتدشين النص إذ تصف مشهد العزلة. إذا الأبطال التراجيديين الثلاثة (الأب والأم والابنة) يغرقون في العزلة والصمت رغم وجودهم معا في بيت الاقامة الجبرية. ولا تتواصل العائلة المسجونة مع العالم الخارجي إلا عندما يتصل الابن من الخارج في يوم محدد من أيام الأسبوع. ويشكل التواصل المتبتر مع العالم الخارجي تمهيدا لانتنطق الرواية من الحديث عن شخصيات الاقامة الجبرية إلى الحديث عن اعترافات يوسف/ كاتم الصوت. وما كان ممكنا لولا حركة الانتنطق الذكية (من بيت العزلة إلى العالم الخارجي) تشريح أعماق القاتل/ كاتم الصوت الذي يحتل بؤرة العمل الروائي.

تبدأ "اعترافات كاتم صوت" بمونولوج الابن، ويلخص هذا المونولوج ظروف الاقامة الجبرية، ثم يقوم الأب والأم بجلاء شروط هذه الاقامة ويوضحان قسمات المكان المستباح بأعين الحرس. كما نتبين من سياق الحوارات الداخلية للشخصيات حتى الأب كان مسؤولا كبيرا في السلطة التي اعتقلته. وتتوضح في هذه الحوارات بعض خيوط حياة هذه الشخصيات حيث يتعهد القارئ على تاريخ الأب المناضل الذي وصل حزبه إلى السلطة ثم اختلف معه فزج به في الاقامة الجبرية، وعلى تاريخ الأم التي أحبت الأب وتزوجته إعجابا به وبأفكاره السياسية.

القسم الخاص بـ"اعترافات كاتم الصوت" يشكل المادة الأساسية في العمل، وليست الأقسام الأخرى سوى وسائل لايضاح الظروف المحيطة والانتنطق إلى لحظة الاعتراف. ومن هنا يستخدم المحرر في هذا القسم ضمير المتحدث موحيا بالبعد الحميم من أبعاد الاعتراف والبوح الداخلي. إذا الصفحات (51-70) هي جملة اعتراف متصلة يقوم يوسف من خلالها بتحليل وظيفته ككاتم للأصوات شارحا لنا الأسباب التي جعلته يمتهن هذه الوظيفة. ويبدوالمؤلف وكأنه يفرد الفضاء السردي لاعتراف كاتم الصوت عبر مونولوج طويل يتحدث فيه يوسف لسيلفيا التي استأجرها ليسرد لها اعترافاته. لكن سيلفيا لا تسمع بل تقرأ حركات الشفاه، وبما حتى شارب يوسف عريض يغطي شفتيه فإنها لا تعهد عم يتحدث!

نقبض في لحظة الاعتراف إذا على المفارقة الساخرة التي تغلف فضاء النص. ونحن في البداية نظن حتى كاتم الصوت وحده هوالذي يجهر بصوته، وعندما نتقدم في النص نكتشف حتى الطرف الذي يفترض حتى يسمع الاعتراف يعاني من الصمم. لكن المفارقة الكبرى تتمثل في كون كاتم الصوت نفسه لا يدرك حتى سيلفيا لا تسمعه. بهذا المعنى تطابق اللعبة السردية، التي يتوسلها المحرر، بين صوت يوسف ومسدسه الكاتم للصوت. إلى غير ذلك فان الإيهام السردي، من خلال الإيحاء بالحميمية وتحقق لحظة الاعتراف وتحويل ما نسميه بالسامع الضمني إلى صورته المادية الملموسة في النص الروائي، هووسيلة لتقليص الفعالية التي يحققها بروز ضمير المتحدث في النص لأن يوسف/ كاتم الصوت، مثله مثل العائلة المقيمة في الإقامة الجبرية، محكوم بالعزلة والصمت. ولعل اصطناع شخصية كاتم الصوت ووضعية الاعتراف كذلك تكشف عن نية المحرر الاختفاء وراء الشخصية للتشديد على منظوره للعالم بأن يجعل كاتم الصوت يمارس اعترافا كاريكاتوريا أمام فتاة صماء دون حتى يكتشف للحظة واحدة أنه يعري ذاته لذاته لا تسمعه الفتاة التي استأجرها لتحقيق عمل الاعتراف والتطهر من أدران ما عمله.