أن تكون عربياً اليوم (كتاب)

عودة للموسوعة

أن تكون عربياً اليوم (كتاب)

أن تكون عربياً اليوم
المؤلف فيصل جلول
البلد  لبنان
اللغة العربية
الناشر دار المسيرة
الإصدار 2011

أن تكون عربياً اليوم، هوكتاب من تأليف فيصل جلول، نشرته دار المسيرة، تونس في 2011.

عن الكتاب

في إطار اهتمامه الثقافي المفتوح على الإنساني والسياسي والحضاري والمجتمعي، اختار المحرر اللبناني فيصل جلول، في كتابه حتى تكون عربياً اليوم، منطقات مكتوبة بين تسعينيات القرن الفائت ومطلع القرن الجديد، درس عبرها في ما أسماه «الكينونة العربية» بمواصفاتها السائدة: تبعية للأجنبي، وتخلّف تكنولوجي، وأنظمة سياسية سيئة، وثقافة سياسية تنحوللفتنة ومشاريع التفتيت وتُنظِّر للخضوع، بدءاً بجريمة 11 سبتمبر 2001، ووصولاً إلى الثورات العربية.


مقتطفات

في بيروت يرى سمير ان الناس في لبنان، وربما في انحاء عديدة من العالم العربي، مصابون باحباط شديد تجاه العروبة وانهم قد لا يصغون كثيرا الى ما اردده حين ادعى الى الادلاء برأيي حول بعض المشكلات التي يعاني منها العرب. عندما اقول على سبيل المثال ان المقاومة هي الوحيدة المؤهلة لرسم مستقبل العراق قد لا يصادف هذا القول محبذين كثرا. ويرى رائد ان مشاركتي في النشاطات التي تنظم في اطار قومي ليست مجدية لأنها تصب في خانة “علاقات الاخوة” التي يعاني اللبنانيون من آثارها السلبية. ويتساءل كريم وطانيوس عن مقدار الجَلَد الذي اتمتع به للاستماع الى خطب قومية تقليدية لم تعد تحمل رداً مناسبا على اية معضلة جدية، في حين يسأل احمد الذي يتحدث ككاردينال مرموق بتعجب ممزوج ببعض الحيرة الخفيفة “شوبدك بهالشغلة”؟!

ولبعض الاصحاب في بيروت آراء في هذه المسألة اشد قوة اخشى من ذكرها فتؤدي الى استئناف نقاشات حماسية وانفعالية لا تخلومن اللوم والعتب. ولبعضهم الآخر ملاحظات يختلط فيها الموقف الجدي بالنادىبة شأن جهاد الذي يروي نتفا من تجربته الشخصية ثم يختم بابتسامة مرفقة بحركة يد عملاقة تقترب عادة من وجه محدثه: “مش لألك هاي”. اما لقمان فقد قرر منذ سنوات انه “متسامح” مع اصحابه الذين ينتمون الى جميع التيارات وبات يكتفي بالتعليق على بعض التفاصيل بنادىبات سلبية مرحة تنطوي على اقتناع واثق لا تتخلله برهة شك واحدة.

في اطار النقاش القومي تتسلل ملاحظات شبيهة بتلك الوارد ذكرها للتو، فريدة تحذرك من مساعدة المستبدين من غير قصد لأنك تسخر من تعبير “الاحتلال الداخلي” التي يرددها بلا حذر بعض المعارضين الماركسيين العرب للقول ان الانظمة العربية تحتل شعوبها وبلدانها كما يحتل الاجانب العراق!! وترى فداء انك تعيش في الغرب مرتاحاً اذ تتحدث عن اولوية الصراع مع الاحتلال الاجنبي على القضايا والخلافات الداخلية، وهي تعتبر ان الاولوية بالنسبة للعربي المقيم تكمن في التغيير الداخلي. وتؤكد فاطمة بلا تردد ان اي شيء افضل من الدول العربية القائمة… ولكن في امكنة مختلفة وخلال وقت راهن وماض سمعت وتسمع كلاما آخر.

تطل ساحة “الالما” على نهر السين في ضفته اليمنى في احدى دوائر العاصمة الفرنسية المميزة. يحتل مطعم “شي فرانسيس” زاوية مفضلة في هذا المكان. فهويجمع طرفي جادة جورج الخامس وجادة “مونتاني” الاشهر بقابلات ابنيتها العريقة ومحلات الملابس النسائية الفاخرة المتلاصقة في صف يصلها بفندق “بلازا آتينيه” الساحر. في “شي فرانسيس” مازحنا زميلي الوافد من بلد خليجي وأنّا، النادلة المغربية بالقول ليس لدينا حجز مسبق وانت عربية مثلنا فهل يرضيك ان نبيت على الطوى. تبتسم وحيدة وتتدبر لنا طاولة ثم تعود بعد دقائق لتقول “انا عربية وفخورة بعروبتي اقولها مرفوعة الرأس”. اعتقدت ساذجا ان اعلانها العروبي ينطوي على استدراج قدر اكبر من “البخشيش” فكان عليّ ان اعتذر بشدة عندما لاحظت انقباضها ازاء عرضي الغبي. في اليوم التالي كان عضوفي حزب كردي معارض يحاول جادا!!! اقناع معارضين عرب مشدوهين التقوا في العاصمة الفرنسية لبحث شؤون بلدهم ان القومية الكردية مظلومة ويجب دعمها عبر التخلص من القومية العربية، وفي يوم آخر كان اسامة يحضني على تشكيل هيئة دولية تجعل من مروان البرغوثي نلسون مانديلا العرب…

في بهوفندق “بيرنرز ستريت” في شارع متفرع من “اوكسفورد ستريت” شانزيليزيه العاصمة البريطانية نطق لي النحات احمد وهوناشط في التيار التروتسكي انه يعمل بحماسة الى جانب النائب البريطاني جورج غالوي دفاعا عن العراق وانه لا يقر بأي تناقض بين عروبته وتروتسكيته في حين يعتقد السائق حسين ان العرب يمكن ان ينهضوا مجددا اذا ما نهض عرب المهاجر المتمسكين بدينهم ذلك ان الناس في “البلاد” حياتهم “مقفلة”.

في تاريخ سابق نطق لي بائع الفطائر التونسي على شاطئ مدينة حمامات ان ثمن الفطيرة نصف دينار للعربي ودينار بالتمام والكمال للاجنبي وفي شارع المكلا الرئيسي في حضرموت اليمن اجتمع عشرات الشبان حول زميلي العامل في فضائية عربية صاعدة لتحية قناته على ادائها العربي وفي نواكشوط كانت ام كلثوم تغني “اسأل روحك” في الدائرة الخامسة من العاصمة الموريتانية في مصنع للخياطة يعمل فيه عرب سود البشرة فيما صورة جمال عبد الناصر وحيدة في المكان الذي خلا من رسم لرئيس البلاد. وفي الكويت اكد لي عبد الجليل الذي لم يغادر بلاده طيلة الغزوانه لم يكن يشعر بالحقد على الجندي العراقي فهو“عربي مثلي. مصيبتنا صنعها صدام وحده”…

ما من شك ان ردود عمل الاصدقاء والاهل والمعارف في بيروت تفصح عن ضيق بالعروبة آخذ في الاتساع وتطرح سؤالا حول معنى انقد يكون المرء عربيا اليوم،يا ترى؟ السؤال يزداد الحاحاً وحرجا عندماقد يكون بين “زملائك” في العروبة مستبد اوديكتاتور اوعدد من الجنرالات المهزومين الذين لا يجدي نكرانهم. ويكبر السؤال عندما تكون عروبتك في لقاءة نصف الجيش الاميركي في العراق والذي يقول قادته انهم جاؤوا الى المنطقة من اجل تحطيم التيار القومي في المشرق العربي بعد ان نجحوا في تدمير التيار الاسلامي الاصولي الحاكم في افغانستان. ويعد الغزاة بمليارات الدولارات لهذه الغاية ويلوحون بديموقراطية وهمية تستمد قوتها من مناخ الاستبداد السائد في معظم بقاع العرب. بيد ان التحدي الاهم للعروبة يكمن في لقاءة رغبة الدولة الصهيونية بتصفية جميع اشكال التضامن والتعاون العربي التي ما انفكت على هشاشتها تصيب القادة الاسرائيليين بالدوار.

معنى ان تكون عربيا اليوم لا يختصر بما تجاوز من مؤشرات. فالعروبة تجابه الكثير من التحديات من بينها الخراب الاجتماعي الآخذ في الانتشار حيث تهب جماعات اتنية مندمجة منذ قرون في العالم العربي مطالبة بالانفصال عنه ومدعية لنفسها بعض ثرواته ومواقعه الاستراتيجية واراضيه ورموزه، الى تسرب القسمة الى الجماعة العربية نفسه، فهنا تشجيع لفرق ممضىية وهناك تدبير لقسمة بين القحطانية والعدنانية، وهنالك حض على تشطير المذاهب الاربعة وفي جانب آخر دعوة للقسمة بين الافارقة العرب وغير العرب وبين الافارقة والآسيويين العرب اوالمشارقة والمغاربة والخليجيين (بلا وادي النيل؟!) بحسب ترويسات صحيفة عربية صادرة في لندن. وفي جانب خامس تبذل جهود لفصل شمال هذا البلد اوذاك عن جنوبه ومن يدري قد يأتي يوم تصل فيه دعوات المجابهة والقسمة الى حي البسطة وحي المصيطبة في بيروت اوالدقي والحسين في القاهرة اوالحميدية والمهاجرين في دمشق اوالتواهي ومعاشيق في عدن اوبلكور وحيدرة في الجزائر اوساحة عبدون ودوار مكسيم في عمان…

معنى ان تكون عربيا اليوم يقابل تحدي الاحكام القيمية الحضارية التي تطلق على العرب (غير جديرين بالانتاج والتقدم. لم يساهموا في بناء الحضارة الانسانية. يهربون قبل بدء المعركة مع اعدائهم… الخ) فأنت تنتمي الى امة عادت مجددا الى المسرح السياسي الدولي منذ نصف قرن فقط وبعد غياب متواصل لأكثر من اربعة قرون. عادت وفي جوفها دولة صهيونية عسيرة الهضم محمية من قوى العالم العظمى وترى ان مصيرها رهن بالسيطرة اليهودية التامة على الاراضي العربية الواقعة بين الفرات الى النيل والسيطرة غير المباشرة على الشرق الاوسط. امة ما لبث الغرب يشحذ هويته من خلال الصراع معها تارة بواسطة الحروب الصليبية واخرى بالكولونيالية المتحججة بالتحديث وثالثا بالحروب الاستباقية المتذرعة بالديموقراطية ومقاومة الاستبداد.

ان تكون عربيا اليوم يعني ان تعيش في رعاية حكام محليين لا يدين معظمهم بكراسيه لشعبه وانما للقوى المسيطرة على هذا العالم والتي ترعى صعود الحكام وهبوطهم وتصنفهم وفق اولوياتها وهواجسها. فالافضل هوالاكثر استجابة وخدمة لمصالح القوة الاعظم ومن لف لفها والاسوأ هوالذي تسول له نفسه القيام بشيء آخر.

“طل الصباح ولك علوش…” مطلع اغنية لعلي الديك جعلها فواز موسيقى صباحية في هاتفه الننطق توقظه يوميا من النوم. لم يختر وهوطالب في الجامعة الاميركية في بيروت وخريج مدارس النخبة قبل الجامعة، مبترا من اغاني فناني جيله الاجانب: “مايكل جاكسون ومادونا وشاكيرا وسيلين ديون وغيرهم” اوفناني جيل اهله: “بينك فلويد” مجموعة “آبا” ليوفيري اوجوداسان… الخ اختار علي الديك لحدثاته البسيطة وموسيقاه المصنوعة بأدوات محلية صافية وادائه الفطري لأن فواز من الممكن يشعر بحاجة ماسة، كغيره من ملايين الشبان العرب، الى الدفاع عن انتمائه العربي بما يتيحه محيطه على الرغم من جميع التحديات والاثنطق الوارد ذكرها.

مع علي الديك تقدر ان تقول هذا ما عندي في الوقت الحاضر. قد لا يرتقي الى اقصى درجات الفخر لكنني لا استطيع ان افخر بما عندكم فهولكم وعالميته لا تغير طبيعة المنشأ قيد انملة. ان تكون عربيا اليوم يعني ان تصر على ان تكون انت على الرغم من هبوط اسهم امتك الى الحضيض في بورصة اسعار الامم. فالمهم الا تبيعها في انتظار ظروف افضل والا خسرت الحاضر والمستقبل في آن واحد.


المصادر

  1. ^ "فيصل جلول: «أن تكون عربياً اليوم»". جريدة السفير. 2011-11-01. Retrieved 2012-12-16.
  2. ^ "جريدة النهار معنى ان تكون عربيا اليوم". المسقط الشخصي لفيصل جلول. 2012-12-16. Retrieved 2012-12-16.
تاريخ النشر: 2020-06-04 11:30:57
التصنيفات: كتب 2011, كتب فيصل جلول

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الحزب الحاكم في تركيا: يحق لإردوغان الترشح لولاية جديدة

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-11 15:21:59
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 96%

الصحة العالمية تحذر: قد نعود إلى المربع الأول في جائحة كورون

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-11 15:21:38
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 56%

حديقة الحيوان: 70 ألف زائر يوميًا والاستمتاع بوسائل الترفيه الجديدة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-11 15:21:22
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 42%

أسعار الذهب تتراجع 3 جنيهات.. وعيار 21 يهبط لـ 799 جنيها للجرام

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-11 15:21:29
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 50%

الكرملين: ماكرون أُبقي على مسافة من بوتين لرفضه اختبار «كورونا»

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-11 15:22:00
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 87%

الرئيس السيسي: انضمام مصر إلى إعلان قمة بريست "حماية المناخ وقت العمل"

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-11 15:21:26
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 49%

إيران تحيي ذكرى الثورة الإسلامية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-11 15:21:39
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 61%

الأزمة الأوكرانية.. دول البلطيق تسعى إلى زيادة تسلحها

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-11 15:21:36
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 65%

رئيس حكومة اليمن: كل المؤشرات تؤكد أن ميليشا الحوثي مدعومة م

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-11 15:21:37
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 62%

الرهان على رفع الفائدة يدعم الدولار بعد ارتفاع التضخم الأميركي

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-02-11 15:21:58
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 85%

غدا ارتفاع بالحرارة وشبورة كثيفة على الطرق والعظمى بالقاهرة 20 درجة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-11 15:21:24
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 44%

الرئيس السيسي يدعو المشاركين فى قمة بريست لحضور مؤتمر المناخ فى مصر

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-11 15:21:25
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 49%

انفجار في مسجد بمدينة قلعه نو الأفغانية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-11 15:21:34
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 69%

شاهد آخر مران للأهلي قبل مواجهة الهلال السعودى فى مونديال الأندية

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-11 15:21:23
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 49%

"الموت لأمريكا".. كيف احتفل الإيرانيون بذكرى الثورة الإسلامي

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-11 15:21:30
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 60%

انفجار صهريج غاز في بيروت

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-11 15:21:33
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 58%

عشرات الآلاف يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى رغم تشديدات الاحتلال

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-11 15:21:24
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 44%

مأساة ريان تتكرر في سوريا.. انتشال غلام من بئر في حلب

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-02-11 15:21:32
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 65%

تحميل تطبيق المنصة العربية