المصحف، هوتجميع في صورة كتاب أومخطوط أونص رقمي لمحتوى القرآن. وحسب العقيدة الإسلامية فقد هبط القرآن على النبي محمد بوحي من الله على مدار ثلاثة وعشرين عاماً انتهت بوفاته. كان أول مصحف موحدفي عهد عثمان بن عفان.

التسمية

المُصحف بضم الميم الجامع يطلق على الصحف المكتوبة بين الدفّتين والدفّة عي العظمة العريضة التي في بدن الإنسان أوالحيوان لأنه كان يُخط عليها كأنه أُصحِف. المُصحف بضم الميم هوالأصل والمِصحف بكسر الميم جائز. اللفظ الأصل الذي يتناسب مع أصحِف حدثة مُصحف.

استخدمت حدثة صحيفة منذ الجاهلية لأن العرب ما كان عندهم كتاب وأول كتاب تام بين دفتين هوالقرآن. قبلها كان عندهم صُحُفاً. الكتاب كان عند اليهود وكانوا يسمونهم أهل الكتاب لأنهم يخطون وليس المراد أهل ما بين الدفتين لأنهم جعلوه قراطيس يبدون بعضها ويخفون بعضها

نزول القرآن وجمعه في مصحف واحد

يتفق فهماء المسلمين على حتى القرآن لم ينزل دفعة واحدة، وإنما هبط على فترات متبترة، على امتداد أكثر من عشرين عامًا. ويعبرون عن هذا بقولهم "نزل القرآن مُنَجَّمًا"، أي "مُفرَّقا".

وقد ذكر هؤلاء الفهماء لنزول القرآن بشكل متفرّق عدة حكم منها:

1. تثبيت قلب النبي محمد للقاءة ما يلاقيه من قومه، ذكر القرآن: "كذلك لنثبِّت به فؤادك ورتلناه ترتيلًا" (سورة الفرقان:32) وفي قول القرآن: "ورتلناه ترتيلًا" إشارة إلى حتى تنزيله شيئاً فشيئًا ليتيسر الحفظ والفهم والعمل بمقتضاه.
2. الرد على الشبهات التي يختلقها المشركون ودحض حججهم أولاً بأول: "ولا يأتونك بمثلٍ إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرًا" (الفرقان:33)
3. تيسير حفظه وفهمه على النبي محمد وعلى أصحابه: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا الإسراء 106.
4. التدرج بالصحابة والأمة آنذاك في تطبيق أحكام القرآن، فليس من السهل على الإنسان التخلي عما اعتاده من عادات وتنطقيد مخالفة للقيم والعادات الإسلامية مثل استهلك الخمر.

أما المقدار الذي كان ينزل من القرآن على النبي محمد فيظهر من الأحاديث النبوية أنه كان ينزل على حسب الحاجة. أما بداية الوحي، فيعتقد المسلمون أنه بداية سورة العلق: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الإنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ". وذلك في غار حراء حيث كان النبي يتعبد ويختلي بنفسه.

وقد كان هذا في السابع عشر من رمضان، نطق ابن كثير في كتابه البداية والنهاية "كان ابتداء الوحي إلى رسول الله يوم الاثنين لسبع عشرة خلت من رمضان وقيل من الرابع والعشرين". وقد اختلف بأي يوم بالتحديد بدأ نزول الوحي لكنه متفق على أنه في أواخر رمضان.

ومن عقيدة المسلم وإيمانه بالقرآن حتى يؤمن حتى الملَك جبريل هبط بألفاظ القرآن كلها وأن القرآن كله هوكلام الله ولا ولج لجبريل ولا للرسول محمد فيها ولا في ترتيبها بل هي كما في الآية: "كتاب أُحكمت آياته ثم فُصِّلت من لدن حكيم خبير" (هود:1)

حفظ القرآن في عهد النبي محمد

إن من مميزات الأمة المسلمة حتى كتابها قد حفظ عن ظهر قلب على خلاف بقية الأمم السابقة. وقد كان في ذلك سببًا من مسببات حفظ القرآن من التحريف والتغيير على مر العصور، حسب رأي كثير من المسلمين. وقد كان النبي محمد كثيرًا ما يحث الصحابة على حفظ القرآن حتى أنه كان يتعاهد جميع من يدخل الإسلام ويدفعه إلى أحد المسلمين يفهمه القرآن. يُروى عن عبادة بن الصامت نطق: "كان رسول الله يُشغَل، فإذا قَدِمَ رجل مهاجر على رسول الله دفعه إلى رجل منا يفهمه القرآن " رواه أحمد . ولقد حفظ عدد كبير من الصحابة القرآن منهم: الخلفاء الراشدين، طلحة، سعد، ابن مسعود وغيرهم من الصحابة.

ثم إذا النبي لم يكتف بحفظ الصحابة للقرآن عن ظهر قلب، بل أمرهم حتى يخطوه ويدونوه لحمايته من الضياع والتغيير. وبذلك تحقق حفظ القرآن في الصدور وفي السطور. وقد ورد في الحديث حتى النبي محمدًا أمر في البداية ألا يخط الصحابة شيئا إلا القرآن حتى لا يختلط بغيره من الكلام: "لا تخطوا عني ومن خط عني غير القرآن فليمحه" (رواه مسلم). نطق النووي تعليقًا على هذا الحديث: "وكان النهي حين خيف اختلاطه بالقرآن، فلما أمن ذلك أذن في كتابته".

وكان صحابة النبي محمد يستعملون في كتابة القرآن ما تيسر لهم وما توفر في بيئتهم من أدوات لذلك، فكانوا يستعملون الجلود والعظام والألواح والحجارة ونحوها، كأدوات للكتابة. وبقي القرآن مكتوبًا على هذه الأمور محفوظًا عند النبي محمد وأصحابه، ولم يجمع في مصحف في عهده.

أما عن حكمة عدم جمعه في عهد النبي طبقًا للشريعة الإسلامية، فقد نطق الفهماء في ذلك:

1. أنه لم يوجد داع من جمعه في مصحف واحد كما على عهد الخلافة بعد وفاة النبي.
2. أن القرآن هبط مفرقًا على فترات مختلفة، ولم ينزل بترتيب المصحف، ثم إذا بعض الآيات نزلت ناسخة لما قبلها. ولوجمع القرآن على عهد النبي في مصحف واحد لكان وجب تغير المصاحف كلها حدثا نزلت آية أوسورة.

جمع المصحف في عهد أبي بكر الصديق

أما جمع القرآن في مصحف واحد فقد تمت للمرة الأولى في عهد أبى بكر الصديق بعد حتى توفي النبي محمد. فبعد غزوة اليمامة التي اغتال فيها الكثير من الصحابة وكان معظمهم من حفاظ القرآن، اتى عمر بن الخطاب إلى أبي بكر الصديق وطلب منه حتى يجمع القرآن في مكان واحد حتى لا يضيع بعد وفاة الحفاظ.

فقام أبوبكر بتكليف زيد بن ثابت لما رأى في زيد من الصفات تؤهله لمثل هذه الوظيفة ومنها كونه من حفاظ القرآن ومن كتابه على عهد النبي محمد وقد شهد زيد مع النبي العرضة الأخيرة للقرآن في ختام حياته. ثم إذا زيداً قد عهد بذكائه وشدة ورعه وأمانته وكمال خلقه.

روى البخاري في سليمه عن زيد أنه نطق: أوفد إليَّ أبى بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر، فنطق أبوبكر: إذا عمر أتاني فنطق: إذا القتل قد استحرَّ - أي اشتد وكثر - يوم اليمامة بالناس، وإني أخشى حتى يستحرَّ القتل بالقراء في المواطن، فيمضى كثير من القرآن، إلا إذا تجمعوه، وإني لأرى حتى تجمع القرآن، نطق أبوبكر: قلت لعمر كيف من الممكن أن أعمل شيئا لم يعمله رسول الله ،يا ترى؟ فنطق عمر: هووالله خير، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله صدري، ورأيت الذي رأى عمر. نطق زيد: وعمر عنده جالس لا يتحدث، فنطق أبوبكر: إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك، كنت تخط الوحي لرسول الله، فتَتَبع القرآن فاجمعه. فوالله لوكلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف من الممكن أن تعملان شيئا لم يعمله النبي ،يا ترى؟ فنطق أبوبكر: هووالله خير، فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر، فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعُسب وصدور الرجال…وكانت الصحف التي جُمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر. رواه البخاري.

واتفق الفهماء حتى الصحابة كان لديهم مصاحف خطوا فيها القرآن أوبعضه، قبل جمع أبي بكر لها، إلا حتى هذه المصاحف كانت جهودًا فردية لم تنال ما ناله مصحف الصدٌيق من دقة البحث والتحري وبلوغه حد التواتر والإجماع من الصحابة.

ثم بدأ زيد بجمع القرآن من الرقاع واللخاف والعظام والجلود وصدور الرجال، وأشرف عليه وأعانه في ذلك أبوبكر وعمر وكبار الصحابة. واتبع الصحابة طريقة دقيقة وضعها أبوبكر وعمر لحفظ القرآن من الخطأ، فلم يكتف الصحابة بما حفظوه في قلوبهم ولا بما خطت أيديهم ولا بما سمعوا بآذانهم بل جعلوا يتتبعون القرآن واعتمدوا في جمعه على مصدرين اثنين أحدهما ما خط بين يدي رسول الله محمد والثاني ما كان محفوظا في صدور الرجال. وبلغت مبالغتهم في الحيطة والحذر أنهم لم يقبلوا شيئا من المكتوب حتى يشهد شاهدان عدلان أنه خط بين يدي رسول الله محمد.

فعن عروة بن الزبير نطق: لما استحرَّ القتل بالقراء يومئذ، فرِقَ أبوبكر على القرآن حتى يضيع - أي خاف عليه - فنطق لعمر بن الخطاب وزيد ابن ثابت: اقعدا على باب المسجد، فمن اتىكم بشاهدين على شيء من كتاب الله فاخطاه. وبذلك أخذ مصحف أبوبكر الصفة الجماعية واتفق الصحابة كلهم عليه ونال قبولهم فكان جمعهم له على أكمل وجه وأتمه.

توحيد المصحف في عهد عثمان

وبقي القرآن على ما عليه في عهد أبي بكر إلى عهد عثمان. إلا حتى القرآن كان قد هبط على النبي محمد على سبعة أحرف (أي بسبعة لهجات) ليسهل على القبائل فهمه واستيعابه.

ثم في سنة 25 هجرية، وفي خلافة عثمان بن عفان، رأى الصحابة أنه بعد الفتوحات الإسلامية، بدأ أهل العراق والشام وبعض الأمصار بالاختلاف حول القراءة السليمة للقرآن فكان يكفّر بعضهم بعضًا. فقام عثمان بتشكيل لجنة من كَتَبَة الوحي أيام رسول الله محمد لتجميع القرآن وأمرهم بجعل نسخة واحدة موحدة ومدققة على أساس القراءة الثابتة والمتواترة عن الرسول وهي قراءة أهل مكة.

عن أنس بن مالك: حتى حُذيفة بن اليمان قَدِم عَلى عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فنطق لعثمان: استوعب الأمة قبل حتى يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى. فأوفد إلى حفصة: حتى أوفدي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك، فأوفدت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف. ونطق عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن، فاخطوه بلسان قريش، فإنه إنما هبط بلسانهم، فعملوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأوفد إلى جميع أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في جميع صحيفة ومصحف حتى يحرق. (رواه البخاري).

وسمِّي هذا المصحف بمصحف عثمان أوالمصحف الإمام، ولم يبق سوى هذا المصحف منذ عهده. وهي النسخة التي تطبع حاليا بالرسم العثماني في جميع أنحاء العالم الإسلامي.

رسم المصحف وتطوير خطه

المقصود بـ "رسم المصحف " هوالخط أوالكيفية التي خطت فيها حروف المصحفة وفقًا للمصاحف العثمانية. إذا القرآن في عهد النبي وفي عهد عثمان كذلك لم يكن مكتوبًا بنفس الكيفية التي نراها اليوم، فقد كانت الكتابة آنذاك خالية من التشكيل والنقط، ومعتمدة على السليقة العربية التي لا بحاجة لهذا التشكيل. ولم يتغير هذا الحال إلى حتى بدأت الفتوحات واختلط العرب بالعجم، وبدأ غير الناطقين بالعربية يقعون في أخطاء في قراءته. فكان من الضروري كتابة المصحف بالتشكيل والنقاط حفاظًا عليه من حتى يُقرأ بطريقة غير سليمة.

وكان التابعي أبوالأسود الدؤلي (16 ق.هـ. - 69 ه) أول من وضع ضوابط اللسان العربي، وقام بتشكيل القرآن بأمر من علي بن أبي طالب (21 ق.هـ. - 40 ه). وجعل آنئذ علامة الفتحة نقطة فوق الحرف، وعلامة الكسرة نقطة أسفله، وعلامة الضمة نقطة بين أجزاء الحرف، وجعل علامة السكون نقطتين. وبعد موت أبي الأسود الدؤلي بردح من الزمن تابع وسار على منواله بعض الفهماء، من بينهم الخليل بن أحمد الفراهيدي (100-174 هـ) الذي كان أول من صنف كتابًا في رسم نقط الحروف وعلاماتها، وهوأول من وضع الهمزة والتشديد وغيرها من علامات الضبط، ثم دوّن فهم النحوليكون ضابطًا للقرآن ليقرأ بشكل سليم لا يخل بمعناه.

ثم بعد ذلك مر المصحف في طور التجديد والتحسين على مر العصور، وفي نهاية القرن الهجري الثالث، كان الرسم القرآني قد بلغ ذروته من الجودة والحسن والضبط، حتى استقر المصحف على الشكل الذي نراه عليه اليوم من الخطوط الجميلة وابتكار العلامات المميزة التي تعين على تلاوة القرآن تلاوة واضحة جيدة واتباع قواعد التجويد.

انظر أيضاً

• مصحف أبوجعفر
• الجامعية
• (الصحيفة السجادي
• القرآن الرقمي
• مصحف عثمان
• مصحف علي
• مصحف فاطمة

المصادر

وصلات خارجية

• The Difference Between "Qur'an" and "Mushaf"