المطرية، الدقهلية

عودة للموسوعة

المطرية، الدقهلية

المطرية هي أحدى مراكز محافظة الدقهلية على ضفاف بحيرة المنزلة.

كتاب تاريخ المطرية

  1. كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية -
إعداد/ ممدوح إبراهيم الطنطاوي، الصادر في سنة ١٩٩٨م هوأول كتاب وثائقي عن تاريخ مركز المطرية في محافظة الدقهلية، 

الذي يضم مدينة المطرية عاصمة المركز، وقرية العصافرة، وقرية الضهير، وقرية أولاد صبور.

  1. مؤلف الكتاب هومؤرخ المطرية .. محرر صحافي وباحث وأديب وشاعر مولود في مدينة المطرية سنة 1971م.


تاريخ المطرية وأهم أحداثها

▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/ممدوح إبراهيم الطنطاوي- ١٩٩٨م

نشأة مدينة المطرية

▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.

تقع شبه جزيرة المطرية في منتصف جنوب بحيرة المنزلة التي تقع بدورها في شمال شرق دلتا نهر النيل ويحدها شمالا البحر الأبيض المتوسط ومحافظة بورسعيد وجنوبا محافظتي الشرقية والدقهلية وشرقا قناة السويس وغربا محافظة دمياط التي تبعد عن البر بطريق زراعي طوله حواليثمانية كيلومترات ويعمل ما يزيد عن 90% من أهالي المطرية في مهنة صيد الأسماك وإذا كنا نقول حتى مصر هبة النيل فيحق لنا القول بان المطرية هبة بحيرة المنزلة.

أما أصل حدثة "مطرية" فمن الصعب الجزم بتعريفها تعريفا محددا على النحوالذي تنطق عليه الآن لكن بإرجاع أصلها إلى عدة مصادر يمكننا تخير اقرب الحدثات إلى الواقع فإذا قلنا إذا أصلها حدثة مطر فمن المنطقي حتى يصبح اسمها الممطرة وإذا تحور هذا الاسم بمرور الزمن يصبح مثلا المطرة ولكن بدون الخوض في غمار المصطلحات وعلوم اللغة يمكننا ترجيح القول بان اصل حدثة مطرية حدثة طرية بفتح الطاء وكسر الراء وتشديد الياء مع الضم بمعنى شيء طري أي لين وهذا القول يناسب طبيعة ارض المطرية في بداية نشأتها وهي تعبير عن جزيرتين صغيرتين تحيطهما مياه بحيرة المنزلة من جميع الجهات وهناك مناطق في أطراف حي الغصنة مازالت أرضها لينة طرية خاصة تلك التي يتم تكوينها بردم أجزاء من البحيرة بمخلفات صناعة السدة الغاب والحطب إلا انه لا يمكننا ان نغفل عن القول الذي يرى أصحابه حتى اسم المطرية هوناسخ اوتحويل لحدثة المطرية بسكون الطاء وأصلها أطري وفي اللسان أطري الرجل أي أحسن الثناء عليه وبهذاقد يكون اسم المطرية عندهم مأخوذا عن هذه المادة بمعنى أنها مدينة أوارض كان الناس يثنون عليها لإمدادها معظم أنطقيم مصر بالخيرات من أسماك وطيور بحيرة المنزلة وهناك قول يعيد أصل تسميتها الى اسم أحد الخواجات إلا حتى الأرجح كما ذكرت هوما يتوافق مع اللفظ والنطق والواقع فتكون المطرية قد سميت بهذا الاسم لكونها كانت أرضا طرية لينة في ابتداء نشأتها

عرب أم هكسوس

▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.

ترجع المصادر والمراجع التاريخية التي بين يدي أصل صيادي بحيرة المنزلة وأكثرهم من المطرية دقهلية إلى الهكسوس الذين احتلوا مصر من سنة 1660الى سنة 1580 (ق.م) بينما ترجع بعض المصادر الأخرى أصلهم إلى العرب الذين استوطنوا هذه المنطقة إبان الفتح العربي الإسلامي لمصر والحقيقة حتى هذين الرأيين سليمان وذلك للاعتبارات الآتية :

1- حتى الهكسوس أوالغزاة الآسيويين الذين امتزجوا بالقبائل العربية في الجزيرة العربية قد احتلوا مصر وحكموها من نهاية القرن الثامن عشر على بداية القرن السادس عشر ق.م أي في المدة التي بين الدولتين الوسطى والحديثة وقد أطلق القدماء المصريون عليهم اسم ملوك الرعاة فقد تسللت جيوشهم إلى شرق الدلتا وأقاموا سيادتهم على الحدود الشرقية لها واتخذوا مدينة أفاريس حوت وعرة عاصمة لهم وبالتدريج بسطوا نفوذهم على الدلتا وأخيرا سيطروا على المملكة كلها وقد امتزجوا بالمصريين واختلطوا بكافة طبقات الشعب وتفهموا اللغة المصرية بل عبدوا الآلهة التي كان يعبدها الفراعنة وتخلفوا بأخلاقهم وتزوجوا منهم ولكنهم طردوا إلا القليل منهم من مصر على يد أحمس مؤسس الأسرة الثامنة عشر مما يشير على حتى من تظل منهم استوطن هذه المنطقة (شرق الدلتا) وتثبت الرسوم والنقوش الفرعونية حتى أهالي هذه المنطقة عملوا بمهنة الصيد وبرعوا فيها ومازالت هناك طرق للصيد في بحيرة المنزلة أشبه ما تكون بتلك التي استخدمها المصريون القدماء في صيد الأسماك والبط وسائر الطيور

2- كانت مصر تجيش بروح شديدة من السخط على سادتها حيث كان الشعب المصري القبطي في أواخر القرن السادس الميلادي وحتى قبيل منتصف القرن السابع الميلادي يتجرع الذل والهوان والاضطهاد الديني من قبل الكنيسة الشرقية والحكم الروماني القاسي الذي أرهق القبط بالضرائب الباهظة فضاقت أنفس المصريين إلى مقدم العرب بما زاع عن تسامحهم وعدالتهم في البلاد المفتوحة فكانوا ( المصريين ) خير عون على الفتح الإسلامي الذي قاده عمروبن العاص في عهد الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المحرم سنة 20من الهجرة _ ديسمبر 640 م وفي عهد هرقل قيسر الدولة الشرقية والبطريق الروماني كيروس المعروف بالمقوقس وقد كان نتيجة للتسامح الديني والعدل الذي اكتسى به الحكم العربي الإسلامي لمصر أعمق الأثر في نفوس المصريين القبط فاعتنق أكثرهم الدين الإسلامي عن اقتناع تام بأنه دين الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وامتزج القبط بالمسلمين العرب وتصاهروا وتزوجوا من بعضهم ووجود رفاة الصاحبي الجليل القعقاع بن عمر والتميمي بمدينة المنزلة الشقيقة خير مرشد على حتى الفتح الإسلامي والامتزاج العربي المصري الشديد الذي أعقب هذا الفتح قد امتد حتى الأجزاء والمناطق الساحلية الشمالية ومنطقة الدلتا ومنها المدن والقرى المطلة على بحيرة المنزلة كالمطرية والعصافرة والنسايمة والروضة والمنزلة والجمالية وغيرها : وبهذاقد يكون أهالي هذه المنطقة خليط من أجناس الهكسوس والقبط والعرب المسلمين

الغصنة والعقبيين

▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.

الغصنة هواسم الحي الشرقي لمدينة المطرية والعقبيين اسم الحي الغربي بها والثابت تاريخيا انهما كانا جزيرتين منفصلتين جميع واحده منهما تمثل قرية وظلتا هكذا حتى صدر قرار بضمهما الى بعضهما بإسم المطرية كمدينة بدل عن جزر المطرية في عام 1903 ميلادية وقد تناقل آباؤنا وأجدادنا روايات وقصص وحكايات عن سبب تسميتها بالغصنة واللقعبيين إلا انها لا تعدوا حيز الأدب الشعبي إذا لم أجد لها سندا في أمهات الخط التاريخية أوالخطط المتنوعة ولا يضرنا حتى نزكرها في هذا المقام على سبيل كونها نادرة أوطريفة حدثني الحاج السعيد العبيدي السحيلي 80 سنة يرحمه الله عن ابيه عن جده أنهم توارثوا حكاية نشأه الغصنة والقعبيين عن أجدادهم ومفادها كان هناك قبيلتان هما بني غسان وبني عقبة في أرض الشام وفي يوم من الأيام أحتطب شابان من القبيلتين فقتل الشاب الغساني الآخر من بني عقبة ومع فهم القبيلة بأن من توفي خلال ممارسة هذه اللعبة لا دية له إلا انها صممت على الثأر من بني غسان وفي مجلس القبيلة قرر زعماء بني عقبة الهجوم على قبيلة الغساسنة ليلا وهم نيام فيعملون فيهم التقتيل ليلا وكان من بين الحاضرين في هذا المجلس شاب من بني عقبة وأخواله من بني غسان فتخفى هذا الشاب قبيل الليل ومضى الى أحد أخواله من بني غسان وأبلغه بما اتفق عليه قومه وسرعان ماإنتشر الخبر في بني غسان فحملوا أمتعتهم فرارا من اللقاءة العسكرية مع بني عقبة وهجروا خيامهم وعشوشهم ولم يطفئوا المصابيح ورحلوا وإذا ببني عقبة وقد أحاطوا بهذه الخيام وتللك الأعشاش ينتظرون حتى تطفئ المصابيح وتخفت الأنوار عندما ينام القوم وكان من عادتهم انهم يطفئون الأنوار عند النوم وطال الإنتظار ولم تطفئ المصابيح حتى بزغ نور الفجر فهجموا على هذه الديار فلم يجدوا أحدا فيها وكان هذا الوقت كافيا لفرار بني غسان الذين وصلوا النزوح حتى وصلوا الى المنطقة المعروفة الأن بحي الغصنة وتبعهم بني عقبة وبعد انقضاء يوم وليلة وتواترت الأخبار عن هجوم محتمل من قبل العقبيين فإستغاست بنوغسان وكانوا أقل عددا بجيرانهم الفلاحين فدافعوا عنهم وعقدوا صلحا بين القبيلتين وطلبوا من العقبيين حتى يستوطنوا الجزيرة الأخرى وعاش الجميع في سلام

ويذكر حتى الجزيرتين كانتا منفصلتين ويستخدم من يريد الأنتنطق إلى الأخرى قوارب خشبيى عبر الممر المائي بينهما ومع مرور الزمن اتى خقابل يدعي مطرويش وكان ذا نفوذ وسلطان فاستولى على هذا الممر المائي وقام بردمه بالجماص ولكنه لم ينتفع به طويلا حيث توفي بعد إنتهائه من تجفيف هذه المنطقة التى تعهد الأن بمنطقة العلادية وترجع هذه السيرة أصل تسمية المدينة بالمطرية نسبة الى هذا الخقابل وظل أهلها يعملون بالصيد حتى يومنا هذا مستخدمين المراكب الشراعية ( الغزل )الشباك وقد تطور العمران ببطئ شديد في هذه المدينة فقد اكتفى الصيادون ببناء أعشاش من الخوص والغاب ليقتنوا فيها هم وأسرهم منذ ما يقرب من أربعة قرون بدءوا في تطوير مساكنهم حتى تثبت أنها تطورت شيئا فشيئا إلا ان بدأ بناء بعضها بحجارة سنة 1750م وكانوا يقتطعون تللك الأحجار من تلك المضى في طريق دمياط البحري وتل تنييس فكانت بيوتا متواضعه مكونه من حجرة أوحجرتين على الأكثر ويتم تثقيفها بخشب وغاب


جزيرة المطرية في 1798م

اتى في كتاب وصف مصر تأليف فهماء الحملة الفرنسية حتى جزر المطرية كثيفة السكان وتغطي جميع مساحتها الأكواخ التي تؤوي مكانها وهذه مبنية في جزء منها بالطين وتختلط بالمقابر وهي أشبه ما تكون بأكداس من الجحور منها إلى مساكن الآدميين ويبلغ سكان هذه المنطقة غير النساء والأطفال 1100 من العاملين بصيد الأسماك الطيور المائية وعن الملاحة في بحيرة المنزلة والصيد وطباع أهالي المطرية وكذللك أوصافهم يقول فهماء الحملة الفرنسية :وتتم الملاحة في البحيرة بواسطة الشراع وبالمجداف وبالعصى الطويلة وتضاعف الريح العكسية من الوقت الازم لرحلة ما وأحيانا تصل به لثلاثة أمثاله ولذللك بحسب قوتها ويرسي الضيادون قواربهم بربطها الى عصوين طويلتين يغرسون أولهما من الأمام والأخرى من الخلف بسهولة بالغةولمراكب الصيد في بحيرة المنزلة نفس الشكل على وجه التقريب الذي لمراكب الصيد في النيل

وعندما يمضى أهالي المطرية الى الصيد بعيدا عن جزرهم فإنهم يأخذون معهم المياه العذبة في جرار كبيرة تربط في قاع قواربهم وفي جميع قارب واحده من هذه الجرار ويبدوا ان صيادي المطرية يشكلون فئة خاصة وحيث أنهم يحرمون الصيد في بحيرة المنزلة وعلى جيرانهم فإتصالهم بهؤلاء الجران قليل وحيث أنهم على الدوام تقريبا عراة في الماء منهمكون في أعمال شاقة فأنهم أقوياء الجسم ضخام الهيئة نشطون وألوعزم على الرغم من تقاطعهم الجميلة فإن لهم منظرا وحشيا وبشرة لوحتها الشمس ولحية سوداء خشنه تذيد منظرهم وحشية وعندما يجدون أنفسهم في حضرة أعدائهم يطلقون ألاف الصرخات الهمجية بنغمة مرعبة ويضربون على نوع من الدفوف وعلى سطح قواربهم وفوق جميع ما من شأنه ان يحدث ضجة فينفخون في الأبواق وينشرون عن طريق أصداف القواقع هذه إلى بعيد صوت رحهم المشهور يقول جنودنا الذين سمعوا مثل هذه الضجة لوأننا كنا رجال الأمن هنا لأفزعتنا هذه الضجة حتى لنلتقي بأنفسنا الى المياه ونخلص مما تجاوز إلى الحقائق الأتية

1_ أنه من الجائز إحتمال صدق بعض ما اتى في سيرة نشأه المطرية وأن حي الغصنة والأعبيين كان منفصليين ويشكل جميع منهما جزيرة قائمة بذاتها إعتمادا على تكرار لفظة جزر عند زكر المطرية في تقاريرونشرات فهماء الحملة الفرنسية

2_ تثبت هذه التقارير حتى هذه الجزر كانت كثيفة السكان وأن بعض الأكواخ كانت مبنية بطوب مما يشير على حتى صيادي المطرية وهم جميع أهلها في ذاك الوقت كانوا ينعمون بالإستقرار والأمان

3_ برع أهالي المطرية في مهنة الصيد وبناء السفن والمراكب والقوارب وبلغ من نفوذهم وسيطرتهم أنهم كانوا يحرمون الصيد في بحيرة المنزلة على جيرانهم

4_ أما عن منظرهم الوحشي فأنهم لا يعدوكونه مبالغة فرنسية خاصة أنه كلام أناس عاشوا في بلادهم ( فرنسا) مترفين وهؤلاء الصيادون كانوا يقلعون بمراكبهم لصيد الأسماك قبيل شروق الشمس ويعودون إلى ديارهم أوأكواخهم قبل غروبها ويقضون بحكم عملهم معظم الوقت عراة في الماء تحت أشعة الشمس الملهبة ناهيك عن عيشتهم المتواضعة 5_ كانت لأهالي المطرية صلات بجيرانهم وخاصة أهالي المنزلة فقد زكر في موضع لم نذكره تقارير هؤلاء الفهماء أنهم كانوا يشترون أقمشة القلاع من المنزلة

دور المطرية في مقاومة الحملة الفرنسية

▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.

لعبت المطرية دورا بطوليا بارزا إبان الحملة الفرنسية على مصر حيث قام أهلها من الصيادين بالإنضمام إلى قوات المقاومة المصرية بقيادة زعيم الكفاح ضد الإستعمار في هذه المنطقة شيخ مشايخ أقليم المنزلة حسن طوبار الكبير وقد ذكر عبد الرحمن الرفاعي في تاريخه حتى مدينة المنزلة تم إحتلالها في 1 أكتوبر سنة 1798م حيث وصلت إليها كتيبة فرنسية بحثا عن حسن طوبار ورجاله إلا أنهم لم يجدوا في المدينة إلا الشيوخ والعجائز من النساء بعد ما أخلاها حسن طوبار ولكنها لم تسلم ( المنزلة ) من نهب الجنود الفرنسيين وعبثهم مما جعل الجنرال داماس damas المكلف بالقضاء على طوبار وثورته يصدر أوامره المشدده من منع النهب أما الجنرال أندريوسي andereossi المكلف من قبل نابليون مباشرة لتحسين مصب النيل والسيطرة على دمياط وإتخاذها مسقطا حربيا وكذا دراسة بحيرة المنزلة لإستخدامها إستراتيجيا في عملياته العسكرية وهجومه على كلا من مصر وسوريا ....


فقد مضى بأسطوله في البحيرة وأقلعت مراكبه من دمياط يوم ثلاثة أكتوبر قبيل الفجر صوب المطرية وبتر الأسطول المسلح بالمدافع هذه المسافة فيثمانية ساعات ولكنه ذهل من هول ما رأى فقد فوجئ بأسطول بحري مكون من 100 مركب يخرج من خلف الجزر التي تحجبها بالقرب من المطرية وقد أقبل الصيادون من أهالي المطرية ومعهم أعوان حسن طوبار على ظهر هذه المراكب قاصدين أغراق مراكب وسفن الفرنساوية وأطلقت المراكب المصرية النار على العدوفنكص راجعا فرارا من الموت المحقق والهلاك على أيدي المصريين إذا حاول المقاومة وتبادل الإسطولان إطلاق النار حتى أوفد الليل ظلامه فكف الفريقان عن ذلك وبلغ من بأس الصيادين واستبسالهم في القتال حتى أوفد أندريوسي ألى نابليون رسالة يقول فيها حتى إستبسال العدوفي الهجوم على دمياط يثبت أهمية هذا المسقط ويظهر حتى الأنباء التي كانت وصلتنا عن قرب هجوم أهل المطرية والمنزلة على دمياط وإنتظار حسن طوبار المدد من سوريا لم تكن بعيده عن الحقيقة لاني لا أعتقد حتى الهجوم الذي فوجئنا به في البحيرة يستطيع حتى يقوم به جماعة من الصيادين فلا يمكن لمثل هؤلاء حتى ينظموا مثل هذا الهجوم ويحكموه بمثل الحالة التي شاهدناها .

احتلال المطرية

▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.

تحت هذا العنوان خط الرافعى ما نصه : وبعد حتى تم للفرنسيين احتلال المنزلة سقطت المطرية في أيديهم واحتلتها قوة الكولونيل جازلاس gazlas ثم وصلت اليها السفن الفرنسيه من طريق بحيرة المنزلة بعد حتى أخلاها أهلها وغادروها على ظهر مراكبها قضى احتلال المنزلة والمطرية على قوة المقاومة التى كان يديرها حسن طوبار فلم يجد أمامه سوالهجرة الى غزة وبذلك انتهت تلك الحركه الواسعة المدى التى أقلقت بال الفرنسيين زمنا وكان ذلك في أواخر أكتوبر سنة 1798 وكان تطوع أهالى المطرية بأسطولهم البحرى المكون من أكثر من مائة مركب صيد ايذانا بمولد حمية وطنية تم توظيفها مع مرور الزمن للدفاع عن أرض مصر بكافة الطرق وشتى الوسائل في أصعب الظروف وأشد المواقف خلال الحروب التي خاضتها مصر لاحقا مع أعدائها فكان أهالي المطرية دائما على اهبه الإستعداد لبذل جميع غال ونفيس للزود عن مصر والدفاع عنها والتارخ خير شاهد على ذلك


في حفر قناة السويس

▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.

بدأت عمليات تنفذ مشروع حفر قناة السويس في 25 ابريل 1859 وكانت منطقه بورسعيد هي أول بقعه بدا فيها تطبيقه , ولكن قابلت الشركة الاجنبيه المشرفة على اعمال الحفر مشكله خطيره جدا" اذ كان آلاف العمال في بورسعيد قد تعرضوا لخطر الموت عطشا بعمل نفاد كميه الماء , وتأخرت وصول الامدادات مما كان يهدد بهلاك العمال وفشل المشروع برمته .. فأخذت الشركة تنقل المياه من الاسكندريه في سفينة تسمي "بورسعيد" ومن دمياط علي الجمال إلا انها فشلت أيضا في حل المشكلة فأشار بعض المصرين المسؤلين بالشركة ان يستعينوا بصيادي المطرية في نقل مياه الشرب من المطرية إلى بورسعيد , وبالعمل تجد الرجال المخلصين في المواقف الصعبة يفيضون عطاء وبذلا دون لقاء يذكر ,فقد قامت مراكب وقوارب الصيد الخاصة بأهالي المطرية بنقل الماء إلى إخوانهم في بورسعيد خلال عامي 1859,1860 كما قامت الشركة ثلاث مكثفات ببورسعيد لتحليه مياه البحر المالحة إلا ان هذه المكثفات كانت دائمة التعطيل وتتوقف عن العمل من حين لاخر مما أثار مشكله أخرى اشد خطورة فقد تعرض شعب بورسعيد لخر الموت عطشا ولم تعد المشكلة تخص العمال وحدهم , فلجأت الشركة إلى عقد اتفاق مع احد كبار المصرييين المشتغلين بتجارة صيد الأسماك في بحيرة المنزلة وكان يدعي "مصطفي عنانى بك " والاتفاق كان يقضي بأن يمد مصطفي عنانى الشركة بسته أمتار مكعبه من المياه العذبة يوميا , ولم يدم هذا الاتفاق طويلا...

يقول الدكتور عبد العزيز محمد الشناوي في كتابه الموسم ب"السخرية في حفر قناة السويس " ولكن لم يستمر هذا الاتفاق أمدا طويلا واعتمدت الشركة على وسائلها الخاصة في جلب ماء الشرب عبر بحيرة المنزلة م فشلت إلى الأخذ بنظام السابق فعقدت في يونيو1861 اتفاقا مع " محمد الجيار "_وهواحد كبار أصحاب السفن في بحيرة المنزلة ومن ذوي الموارد الضخمة _ لنقل مياه الشرب في براميل تعهدت الشركة بتقديمها إليه ولكنها عجزت عن تقديم العدد الكافي منها إلى ان استطاعت استيراد عدد منها في سبتمبر 1861 .

وكانت جميع سفينة تحمل برملين من الصاج . وكانت سعه جميع برميل مترا مكعبا من الماء . وكان ثمن المتر المكعب عشرة فرنكات وقد استمر ذالك الاتفاق نافذا مع محمد الجيار حتى فرغت الشركة من أعطى خط أنابيب الماء من الاسماعليه إلى بورسعيد في ابريل 1864 وعلي الرغم من هذه التدابير فقد كان الماء في بورسعيد عزيزا قاسي المنال وظل العمال هناك يعانون الكثير من ضروب الحرمان ويتعرضون للموت عطشا بسبب نفاذ الماء في المدينة وتأخر وصول مقادير منه إليها .

ويتضح ذلك الحرمان وتلك المخاطر من وصف خطه احد الفرنسيين عاش في تلك الأخطار: بورسعيد 18 ديسمبر 1861 :لقد خرجنا من ازمه خطيره مروعه .فقد كسر احد المكثفات , ولم تكف مقادير الماء التي ينتجها المكثفان الاخران للقاءة استهلاك المدينة اليومي فقد زاد عدد السكان زيادة كبيرة ولم نستطع الاعتماد على الماء العذب الذي تجلبه من المطرية سفن الريس محمد الجيار الذي عقد معه اتفاق لنقل الحاجيات عب بحيرة المنزلة ,وخاصة لنقل ماء الشرب إلي بورسعيد وراس العش ...................

"ومما زاد الموقف حرجا هبوب عاصفة شديدة دامت ستين ساعة متوالية .ولم يصل إلينا أي قارب أوسفينة طول المدة التي استمرت حلالها العاصفة . ولم يكن هناك بد من ان نطبق نظام توزيع الماء علي السكان بالبطاقات .

وكان نصيب الفرد لا يزيد عن لترين من الماء لكافه استعمالته .... ولما حل اليوم الثالث ولم يظهر أي قارب اوسفينة في طريقها إلينا تجمهر العمال ووقفوا عند مرسي السفن المنتظر وصولها من المطرية .ولم تكن هذه القوارب تقف تجاه مراسيها حتى اندفع العمال المتجمهرون , وكان عددهم يتراوح ما بين ماتين وثلاثماه عامل ودفعوا جانبا وبكل عنف رجال هذه القوارب وفتحوا براميل المياه اغتصبوا شحنه المياه.. ولم تبق جرعه من الماء في هذه القوارب وقد غادر العمال المكان ان الموقف خطير .." وقد ثبت ان عدد كبير من أهالي مدينه المطرية (دقهليه ) اشهجروا في حفر قناة السويس , كما حدني الشيخ حمودة الخضيري اكبر معمري المطرية والدقهلية (135) سنه يرحمه الله , نطق : ان بورسعيد لم تكن موجودة وإنما كانت تعبير عن عشوش , وكان الجنود التابعون للشركه القائمة على حفر القناة يهجمون على الصيادين في بحيرة المنزلة فجأة, ويأخذونهم بالقوة لينضموا الى العمال الذين يحفرون قناة السويس بدءا من بور سعيد.

أحداث سنة 1891م

▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.

كانت بحيرة المنزلة وما زالت – تمد كافة أنطقيم مصر بخيراتها ومنذ ما يزيد على قرن من الزمان اتجهت أنظار الدولة إليها فكان الاهتمام الدءوب بها موضع اعتبار , ولهذا انشات لها مصلحة مستقلة وتتبع وزره المالية وتم تسميتها ب مصلحه المطرية لاستفاده من إيراد بحيرة المنزلة الذي تقوم المصلحة بتحصيله إلا ان الصياد كان يتجرع المرارة جميع يوم فمحصله المطرية كانت تشترط على الصياد ان يقوم بتوريد ما بصطاده هووأبنائه من الأسماك إلى حلقة غيط النصاره التابعة للمصلحه بدمياط ولا يتقاضى من ثمن صيده إلا 25% حيث تتقاصى الحكومه65% وضريبه جبانات والدخوليه تتقاضى أيضا 10% من الثمن فما بالك بصياد يكد ويكدح ويتعب ويقاسى مراره العيش ثم لا يحصل من كده وتعبه إلا على الربع،يا ترى؟

وما كان يزيد الطين بله انه لم يكن يسمح له ان يقتطع من الأسماك التى اصطادها لطعام أسرته يقول اللواء عبد المنصف محمود ولم يكن يسمح للصياد بالاستيلاء على جزء من الاسماك لطعامه أوطعام اسرته فكان عليه ان يشترى ما يلزمه من الاسماك التى تباع بالحلقة بالثمن الذى يرسوبه المزاد شانه في ذلك شان اى إنسان أخر فكان الصيادون يلجاون إلى مختلف الطرق لتهريب بعض الاسماك من الرقابة وبعضهم كان يناول السمك طعاما قبل دخول المركب الى الموردة وكان يطهون الاسماك في قدرة اثناء وجودهم في البحيرة لياخذوها مطبوخه لعائلتهم وكان من جراء ذلك ان موظفى مصلحه المطريه كانويدققون في التفتيش ويشددون فيه حتى بلغ من امرهم مايروى من انهم كانويستعملون اسياخا من الحديد يغمسونها في الاوساخ ثم يدخلونها في القدور التى تحتوى على السمك المطبوخ

وكانت تعسكر في انحاء المطريه نقطه ثابته تعهد بمراكب الخفر وبها كميات من الملح لتمليح اسماكهم وكان على الصياد ان يورد اسماكه لحلقه المصلحة كما اسلفنا وضمانا لعدم تلاعبه كان يقضى النظام بأنه جميع صياد يتاجر ثلاثة أيام عن توريد السمك للحلقة تصادر مراكبه فكان هذا الشرط الشديد يدفع الصيادين الى ان يقترضوا السماك من بعضهم البعض ليقدموه الى الحلقه حتى لا تصادر مراكبهم .

وكان من اثر هذة الشروط القاسيه وتشديد مصلحه المطريه مع الصيادين ان ثار الاهالى وهاجموا مصلحه المطريه وحصل شغب اضطرت الحكومه الى اخماده الى استخدام القوات العسكريه وحوكم زعماء الثائرين كان من بينهم اعيان البلد ووجهائها وفى طليعتهم المرحوم حسن بك عزام الذى كان عضوا في مجلس الشيوخ ومحمود بك الريس واخرون وقد حكم على اكثرهم بمدة ثلاثة اشهر عدله في الاستئناف الى شهر واحد وعلى اثر هذا الحادث وكان في اخر سنه سنه 1891 انيط بمصلحه حفر السواحل المحافظة على ايرادات الصيد للبحيرة ومع بقاء مباشره لتحصيل الإيرادات لمصلحه المطريه

وفى عهد رياسه اسمياعلوا بك لمصلحه المطريه ظلت الشروط مفروضه على المطريه على الصيادين قاسيه وفى الوقت نفسه انصرف اسميعلوا بك الى اللهووالمجون بالاشتراك مع مستشار المالية والداخليه برميل وغورست وغيرهم فكانوا يستعملون الاستراحات الفخمه(المقامة بغيظ النصارى لإقامة المأمور) مباءة للفجور فتاذى الاهالى من هذه الحالة وبلغ تذمر الصيادين اشده فحدثت ثورة وهياج وهاجمواسميعلوا بك وكان في مركب بالبحيرة وتعدوا عليه ودارت بينهم وبين رجال الحكومه معركه اسفرت عن اغتال احد الصيادين بعيار نارى.


وانتصرت إرادة صيادي المطرية :

وصل أمر هذه الثورة وحوادثها إلى الجهات المسئولة، فتقرر الاستغناء عن خدمات اسماعيلوبك مع منحه مكافأة وصدر الأمر العالي المؤرخ في 23/12/1897 يعدل طريقة استغلال البحيرة من أول يناير 1898 تعديلا من شأنه هجر الصيادين أحراراً في التصرف في محصولات صيدهم على حتى تصرف للمراكب رخص تحصل بموجبها رسوم سنوية تدفع على أقساط شهرية ،وقسمت المراكب إلى ثلاث فئات : مراكب النقل (مكارى) ورسومها36 جنيه ، ومراكب الصيد بالشركة (مقايا أومعامل) 30 جنيهاً، ومراكب الصيد الوحادة (لا يزيد أفرادها على ثلاثة) رسومها 15 جنيه .

وألغيت مصلحة المطرية من أول يناير سنة 1898 ، وألحقت أعمال تحصيل الرسوم الجديدة وصرف الرخص إلى إدارة الأموال غير المقررة فأنيط بمصلحة خفر السواحل أيضاً تحصيل رسوم الصيد ، وأقساط الالتزام في الجهات التي كانت معطاة بالالتزام .. وقد انتهى التزام مناطق الصيد ببحيرة المنزلة حتى سنة 1903 ما عدا أشتوم الجميل فقد انتهى التزامه في سنة 1905، وبعد ذلك عممت طريقة الصيد بالضريبة السنوية في جميع المناطق .


شركة الملاحة ببحيرة المنزلة

بتاريخ 28 مارس سنة 1904 نالت شركة بحيرة المنزلة للملاحة (وهي شركة فرنسية) حق امتياز بتسيير لنشات بحرية بين بورسعيد والمطرية ودمياط . وقامت لذلك بحفر قناة في قاع البحيرة لهذا الغرض فكانت رفاصاتها تسير في هذا الطريق المائي وتقوم بنقل البضائع والمراكب بين بورسعيد والمطرية وغيط النصارى .. كما حتى هناك مراكب نقل للاهالى في غيط النصارى يدفع أصحابها ضريبتها لمصلحة المصائد نظير نقل بضائعهم من غيط النصارى إلى بورسعيد والمطرية وبالعكس .

وامتياز شركة بحيرة المنزلة يخولها استخدام مراكب مع لنشات في نقل البضائع . فكانت الشركة تستخدم بضع مراكب لحسابها مع اللنشات التابعة لها في النقل . وبديهي كانت لهذا السبب تختص بأكثر البضائع ولا تهجر لمراكب الاهالى إلا القليل .. نشأ عن ذلك تنافس بين الشركة وبين أصحاب المراكب مما أدى إلى تخفيض نولون الشحن الذي يحصلونه من أصحاب البضائع وهم غالباَ فئة تجار . وظل يتناقص هذا النولون ، وكان أصحاب البضائع هم المستفيدون من هذا التنافس ..

ضج أصحاب المراكب بالشكوى وتدخلت مصلحة خفر السواحل في الموضوع ، فعقدت بينهم وبين الشركة اتفاقا كان من شأنه توحيد العمل بانضمام مراكب الاهالى إلى مراكب الشركة بنظام الدور على حتى تأخذ مراكب النقل 30% من النولون . وحينئذ بدأت الشركة تحمل نولون الشحن شيئاَ فشيئاَ وانعدمت المنافسة فتحسنت حالة أصحاب المراكب وحالة الشركة معاَ . وكان لهذه الشركة 12 خطاَ ملاحياَ ببحيرة المنزلة ومنها :

  1. الخط من بورسعيد إلى المطرية مركز المنزلة
  2. الخط من بورسعيد إلى العصافرة مركز المنزلة

وكانت الشركة المذكورة تملكسبعة لنشات وصندلين وتسير خطا َمنتظماَ للملاحة يقوم من بورسعيد إلى المطرية فدمياط يومياَ ولنشين آخرين يقومان يومياَ للمطرية وبالعكس . أما فيما يختص بالأجور فقد حددت بفهم الشركة كالاتى : الخط درجة أولى درجة ثانية من بورسعيد إلى دمياط 240 ملليماَ 140 ملليماَ من بورسعيد إلى المطرية 140 ملليماَ 80 ملليماَ


كما تحدد حد أدنى قدره 800 ملليم لكل مركب من موردة بورسعيد إلى غيط النصارى أوبالعكس ، ومبلغ 500 ملليم من بورسعيد إلى المطرية أومن المطرية إلى غيط النصارى أوبالعكس .. وتطبيقاَ للقرار الوزاري رقم (6/1932) وضعت مصلحة خفر السواحل قوة من قبلها في موارد بورسعيد والمطرية وغيط النصارى لتنظيم قيام المراكب المخصصة لنقل الركاب والبضائع بالدور في المواعيد وتنظيم الرسو. ومازالت حتى الآن اللنشات الحكومية ولنشات الاهالى تعمل بنظام الدور ، وإذا كانت قد افتقدت هذه الوسائل إلى ما يجذب الركاب والتجار مؤخراَ نظراَ لاعتمادهم على وسائل النقل البرية كالباصات والأتوبيسات وعربات النقل بعد تعبيد وإتمام إنشاء الطريق البرى من العصافرة إلى بورسعيد ، وبالتالي فقدت وسائل النقل البحري في بحيرة المنزلة المخصصة لنقل البضائع والركاب من وإلى بورسعيد والمطرية بعض الأهمية . إلا أنها ستظل دائماَ وسيلة إمتاع ونزهة بلا منافس في هذه المنطقة.


احتراق مدينة المطرية سنة 1907 م

تعرضت مدينة المطرية لحريق مدمر في ربيع 1907 أتى على الأخضر واليابس ولم يذر فيها إلا أكواما من الرماد والحيوانات النافقة كما حتى النيران أهلكت عدداَ كبيراَ من أهالي المدينة , وقد نشرت جريدة الأهرام في عددها الصادر بتاريخ 26 يونيو1997 للدكتور يونان لبيب رزق دراسة تفصيلية عن احتراق المدينة في ابريل 1907 وهي دراسة مستفيضة تجعلك تشعر وكأنك ترى الحريق بعيني رأسك وتشعر أيضا بمدى الدمار الذي لحق بالمدينة حتى أنها (المطرية) لم يكن احد في القطر المصري يفهم شيئاَ عنها فكان هول هذه الكارثة بمثابة جرس قرع بأصواته المزعجة آذان الشعب المصري كله لمؤازرة إخوانهم الصيادين في المطرية ، وتقديم العون والمساعدة من اجل الظروف التي مروا بها على مدى تاريخ المدينة وهم حينئذ أكثر من 20 ألف لقد وجدت حتى انقل نص هذه الدراسة في هذا الكتاب لكونها نادرة في إثبات الأحداث ، ووصفها تفصيلياَ ، ولمكانة معدها د. يونان رزق فهوأحد كتاب ومؤرخي مصر الثقات ، ولصعوبة تمكني من الحصول على مراجع أومصادر تتناول هذا الحادث المروع .

وتحت عنوان : ( احتراق مدينة الصيادين ) نشرت جريدة الأهرام ما نصه : (ومن تلك الأحوال ما جرى خلال ربيع عام 1907 من احتراق مدينة المطرية المطلة على بحيرة المنزلة ، فقد شخصت أنظارهم إلى تلك المدينة التي يعيش فيها وقتئذ أكثر من 20 ألف كان اغلبهم من الصيادين ..

وتحت العنوان : ( الرزء العظيم في احتراق المطرية ) ساقت الأهرام في عددها الصادر يوم 17 ابريل عام 1907 أخبار ما أصاب مدينة الصيادين التي طيرها إليه وكلاؤه وممحرروه الموجودون بالمنطقة تلغراف وكيل الأهرام في المنصورة اتى فيه : ( دمرت حريقه المطرية جميع البلدة ودواوين الحكومة فيها ودفاترها ويقول رجال الإدارة هناك حتى النيران أهلكت كثيرين من أهلها ، وقد أوفدت المديرية ثلاثة ألاف أقة من الخبز وأوفدت المياه والخيم لمؤاوات المنكوبين وطلبت المديرية من الداخلية ثلاثة ألاف أقة من البقسماط ) !

ممحرر المطرية أوفد تلغراف آخر يستكمل به هذه الصورة المأساوية لمدينة الصيادين كان مما اتى فيه :" عهدتكم تلغرافياَ عن حدوث الحريق الضخم الذي أصاب مدينة المطرية وقلت لكم إذا الباقي من البلد نحوالربع ولكن لغاية هذه الساعة 16 الجاري الساعةعشرة صباحاَ لم يبق غير العشر ولازالت النار مشتدا لهيبها ويخشى على الباقي لان النار أحاطت بالبلد من الأربع جهات وكأنه موكل بذلك ملائكة شداد غلاظ لم تستطع قوة الحكومة وآلات المطافئ إطفاء النار أوردع الحريق .. وبالجملة قد عم المصاب جميع اهالى هذه المدينة من جميع الطبقات " .. أما تلغراف ممحرر المنزلة فقد اتى فيه حتى النار " أحاطت بمدينة المطرية من جميع جانب واشتد لهيبها حتى عجز جميع إنسان عن مكافحتها. ووصل وكيل المديرية أولا مع معاون بوليس المركز في قطار مخصوص ومعهما وابورات المطافئ فلم يتمكن من إخماد النار ثم اتى مدير الدقهلية على قطار آخر فلم يفلح في مكافحتها وقد احترقت المدينة والمصاب جلل والخطب عظيم والسبب مجهول " !

اكتملت الصورة بتلغراف وكيل الأهرام في المنصورة الذي أوفده يوم 18 يونيووالذي اتى فيه : " لم أجد المطرية بل وجدت كدساَ من الرمال والتراب أما الاهالى فإنهم نازلون في فضاء الأرض والفقراء منهم قد نشروا ملأت نسائهم خياماَ تغطيهم وتغطى عيالهم .. وكان النار لم تكتفي بأكل المدينة حتى امتدت إلى المراكب الواقفة في المراسي فأكلت خمسة منها وأكلت عربات السكة الحديد والبضائع الموجودة فيها " .

تقدم جريدتنا وصفاَ للمطرية بهذه المناسبة الحزينة فتقول : إنها مدينة واقعة على بحيرة المنزلة يزيد عدد سكانها على 20ألفاَ وفيها متاجر الأسماك التي تصاد من البحيرة ، وهي شبه جزيرة عليها ولكنها وصلت ببر الدقهلية بردم البحيرة وأعطى إليها الخط الحديدي من المنصورة .

تأكيداَ على العلاقة الحميمة بين المطرية والبحر تقول الأهرام أنّ جانباَ من يابسها قد تكون من الصدف ، وأنّه بعد حتى ضاقت المدينة بأهلها أخذوا يردمون ما يحيط بها من البحر من الصدف الذي كانوا ينقلونه من جزر بحيرة المنزلة ، ولعلّ ذلك يذكرنا بأهل البحر الهولنديين الذين نجحوا في انتزاع أغلب أراضى بلدهم من البحر حتى شاعت المقولة بأنّه "بينما خلق الله العالم فقد خلق الهولنديون هولندا " ولم يختلف أهل المطرية كثيراَ عن الهولنديين وإذا لم يكتسبوا نفس شهرتهم .

وتستطرد الأهرام في وصف المدينة فتقول أنّ أغلب مساكنها مقامة من الخشب " وهي متلاصقة وفيها نيف و20 ألف مركب وزورق كلها تشتغل بصيد الأسماك في بحيرة المنزلة ولا تجارة لها ولا زراعة ولا صناعة ولا يرتزق سكانها من غير الأسماك . وبعضهم قد أثرى من هذه التجارة ثراءَ كبيراَ " .

وثمة ملاحظات على هذا الجانب من وصف صحيفتنا للمطرية : أولاهما :أنّ الأهرام في محاولاتها للتأكيد على هوية المدينة باعتبارها مدينة الصيادين قد بالغت في تقدير عدد المراكب والزائريق التى يمتلكها الأهالى إذ يصعب تصور أنّ سكانها العشرين ألفاَ يملكون عدداَ مماثلاَ من هذه القوارب والزائريق . . بمعنى أنّ لكل إنسان مركب (!) .

وثانيها:أنّها قد ميزت بين صيادي السمك وتجارة أصحاب الثروة الكبيرة، ومن المتصور أنّ الآخرين قد اقتنوا هذه الثروة من استغلال الأولين.ومن الجانب الآخر من هذا الوصف كشف عن تلك المشكلة التى منها أغلب هذه المجتمعات البحرية الخالصة ..نقصان المياه العذبة ، وتقول الأهرام كانت تنقل إليها من بورسعيد بالمراكب إما عن اتصالها بأقرب الحواضر والذي كان ضرورياَ لتوفير السوق للصيد البحري فتقول صحيفتنا حتى شركة المنزلة حفرت قناة في البحيرة لسير بواخرها بين المطرية وبورسعيد " وهي تبتر هذه المسافة الآن في ثلاث ساعات " هذا فضلا عن السكك الحديدية التى تربطها بالمنصورة والتى توفر لها سوقاَ آخر . جميع هذا ما عهده المصريون في مناسبة الحريق الكبير الذي اتى على اغلب مدينة الصيادين ، وكانت المبادرات التى قاموا بها لمد يد العون إلى اهالى المطرية بمثابة اكتشاف لهذه المدينة ، فقد اشهجرت في حملة الإعانة قطاعات متنوعة من أبناء الشعب المصري ، الأمر الذي يستحق وقفة .

فى يوم 30 ابريل عام 1907 ناشدت الأهرام المصريين إنقاذ 15 إلف نفس وجدوا أنفسهم بلا مأكل أوملبس أومشرب مما اتى في قولها " نستثير عواطف أهل البر والإحسان لإغاثتهم وإعانتهم وننتظر من كبراء الأمة بل من الأمة جميعها أعطى يد المساعدة إليهم وإنا نفتح منذ اليوم أعمدة الأهرام والبيراميدل نشر أسماء المتبرعين " التي استهلتها صحيفتنا بالتبرع ب500 قرش بالتمام والكمال !

بدأت بعد ذلك الصحيفة في نشر قوائم المتبرعين التى ضمت قطاعات عريضة من المصريين نظن انهم كانوا يسمعون لأول مرة عن مدينة الصيادين بالمطرية .

زيارة الخديوي عباس الثاني:

▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.

أن من لم يسمع من المصريين بخبر حريق المطرية قد سمع بزيارة ولى النعم لها، فقد صدر بلاغ رسمي يوم 27 ابريل اتى فيه: إن الجناب العالي يسافر إلى الإسكندرية وبطريق يخلف جميع قواعد الجغرافيا إذ تقرر حتى يسافر بطريق النيل بالإبحار في فرع دمياط إلى حتى يصل إلى المنصورة ومنها إلى المطرية فبورسعيد من حيث يستقل اليخت المحروسة قاصداَ الإسكندرية , وقد فهم الجميع حتى سبب الخروج عن قواعد الجغرافيا بالسفر غرباَ عن طريق الشرق وراؤه رغبة خديوية إذا يزور مدينة الصيادين .

حدث هذا بالعمل عندما وصل عباس الثاني إلى المطرية في صباح يومثمانية مايوحيث هبط من القطار الخاص " وسار مشياَ على قدميه بين الأنقاض فطاف جميع الأحياء التى دمرها الحريق وعند مروره وقف أمام احد المساجد المدمرة فاستبشر الاهالى خيراَ بهذا الوقوف ، وأيقنوا إذا سموه مصدر أمره قريباَ ببناء المساجد .. وتكرم سموه بمبلغ 500 جنيه لإعانة الفقراء والمساكين فنطقت ألسنتهم بالشكر وزادوا بالنادىء "

الطريف في هذه الزاوية _ والكلام للدكتور يونان _ حتى الاهالى بالمطرية قدموا للخديوي عريضتين نطقوا في الأولى : " حتى مصيبتنا بانت في جانب تفضلاتكم كأنها لم تكن فنحن الآن نستقبل خديوينا المعظم بصدور ملؤها السرور والانشراح"

وتصورنا حتى آخرين خطوا لهؤلاء هذه العريضة ، وقد يحدث مأمور المركز , فليس معقولا حتى تمتلئ صدورهم بالسرور والانشراح لمجرد زيارة الخديوي بينما الدمار يحيط بهم من جميع جانب !


العريضة الثانية متصلة بما يترتب على الحريق من تدمير مساجد المطرية الثمانية " وبتنا الآن ولا قدرة لنا على تعميرها فنلتمس من خديوينا المعظم إصدار الأمر العالى لديوان الأوقاف ببناء مساجد ولوفي جهة العقبيين والعزبة الجديدة والغصن وإنا نبسط أكف الضراعة إلى الله حتى يديم سموكم مع الأنجال الفخام "

أما من لم يلفت نظره حملة الاكتتاب الواسعة التى ضمت أغلب مصر ولا شد اهتمامه زيارة الجناب العالى للمدينة المنكوبة فلا بد انقد يكون قد تابع بشغف احتجاجات الصيادين على سياسة الحكومة حيال مدينتهم بعد احتراقها والتى وصلت الى حد الاغتصاب ، مما يشكل الفصل الاخير من سيرة احتراق المطرية .

· تشكلت لجنة العمومية في اوائل مايولاسعاف منكوبى الحريق برئاسة مدير الدقهلية انبثق عنها لجنة تطبيقية قصدت المطرية ، والتى اوصت : اولا : بنجدة البائسين من منكوبى الحريق ، وكانوا 401 ارملة .. جنيهان لكل ، و161 من ارباب العائلات " التى اصبحت لا زاد عندها ولا ملجا " بمبلغخمسة جنيهات لكل ، كما تم توزيع كميات كبيرة من الاقمشة " لستر اجساد المعوزين " ! .. وضعت اللجنة التطبيقية ايضاَ المبادئ العامة لاعانة المنكوبين وكانت ثمانية :

اولا : هجر رسوم الصيد لمدةثمانية شهور .

ثانياَ : تسلف الحكومة للتجار واصحاب الاملاك 100 الف جنيه مقسطة على عشر سنوات بلا فائدة .

ثالثاَ : تسلف شركة بواخر المنزلة للصيادينستة الاف جنيه تاخذها من اثمان الاسماك التى تباع بواسطة هذه الشركة بخصم 5 % من تلك الاثمان .

رابعاَ : الاعانات التى تجمع من الاهالى تعطى للمحتاجين من الاهالى والتجار دون الصيادين الذين يجدون ارزاقهم امامهم .

خامساَ : الاسراع باجراء التنظيم وما يؤخذ من املاك الاهالى للشوارع العمومية بدفع ثمنه فوراَ ، ويعطى لهم مساحات في البحيرة ليردموها ، ويحسب ثمن المتر عليهم مليماَ يعطى للحكومة .

سادساَ : يؤجل ردم المساحة المبيعة للاهالى في البحيرة لعجزهم عن ردمها الان .

سابعاَ: تتجاوز مصلحة الاثار المصرية عن الرسوم التى تاخذها من الاتربة والحجارة التى يحفرها الاهالى من تلول البحيرة لبناء منازل المطرية .

ثامناَ : الطلب من ديوان الاوقاف بان يعيد المساجد التى احرقت .

وتقدم تلك المبادئ صورة لطبيعة الحياة في مدينة الصيادين .. الرسوم التى تاخذها الحكومة منهم ، اعتمادهم على شركة بواخر المنزلة في تصريف منتجاتهم اوجانب منها ، ردم البحيرة لقاء رسوم تحصل عليها مصلحة الاثار .

وعلى ضوء تلك المبادئ بدات عملية الاسعاف ، والتى تمت على نحولم يرض الصيادين ، فقد قدم اكثر من 8500 جنيهاَ على 704 عائلة من غير الصيادين ، وقد تم تقسيمها الى خمسة مراتب بين 27 عائلة من الاسر الكريمة في المرتبة الاولى ، 352 عائلة في المرتبة الاخيرة , بينما حصل منكوبوالدرجة الاولى على 50 جنيهاَ , وكان نصيب منكوبى الدرجة الثانية 35 جنيهاَ ، والثالثة 25 جنيهاَ ، والرابعة 15 جنيهاَ ، والاخيرةتسعة جنيهات فحسب .. وباللقاء خصص للصيادينخمسة الاف جنيه كانت قد قدمتها الحكومة وقد قسموا بدورهم الىخمسة مراتب وان حصلوا على مبالغ اقل ، فقد تراوحت اسعافاتهم بين 30 جنيهاَ لاصحاب المرتبة الاولى وخمسة جنيهات لمن وضعوا في المرتبة الاخيرة وهوما نادى الاهرام للتعليق ..

نطقت " وضع درجات للصيادين بالاقل عن الاهالى هوبالنظر لكون الاهالى قد تعطلت اعمالهم وتجارتهم من وقت حصول الحريق لعدم وقود نقود معهم تمكنهم من ادارة اشغالهم ولانهم اجدر بالعناية من الصيادين لان الصيادين لم تقف حركة اعمالهم مثل الاهالى والتجار بل انهم بعد الحريق بايام قليلة جداَ باشروا اعمالهم كما كانت ، هذا فضلاََ عن ان خسائرهم اقل بكثير من الاهالى " ولم يكن هذا راى الصيادين . فقد اتىت الاخبار باغتصاب بعض من هؤلاء وتعرضوا لزملائهم ليمنعوهم من الصيد , وهددوهم بقلب مراكبهم اذا هم اقدموا على الصيد بها " فشكا هؤلاء للبوليس في المطرية ولخفر السواحل في القنبوطى ، وابلغ الخبر لمديرية الدقهلية فاتى حضرة وكيل المديرية مع مامور مركز دكرنس وضابطين و25 عسكرياَ من البوليس وباش محرر خفر السواحل ومعه قوة اخرى فاحضر وكيل المديرية المتعصبين والقى فيهم خطاب حثهم فيه على العودة الى العمل وعدم التعرض لسواهم وحذر جميع من اعتدى على اخر من عاقبة اعتدائه " .

وتقر الاهرام بان بعض الصحف اخذت تناصر المتعصبين وعضدتهم وهوما لم يعجب صحيفتنا التى انحازت للتجار واصحاب الاملاك على حساب الصيادين ، فهى من ناحية ارتات ان خسائر هؤلاء بلغت نحونصف مليون جنيه بينما لم تزد خسائر الصيادين عن 50 الفاَ ، ومع ذلك اخذ الصيادون ثلث الاعانة ، وهى من ناحية اخرى رات ان فرصة الصيادين في تعويض خسائرهم اكبر كثيراَ من فرصة غيرهم فيما عبرت عنه بقولها .. " زد على هذا ان الصياد يجد رزقه في ماء البحيرة فقد أكلت النار ماله ولم تبق له ما يسدد ديونه أويعيل نفسه وعياله وليس له من رزق آخر غير تلك التجارة أوتلك الأملاك التى تلفت فأما المصابون حقيقة هم التجار وأصحاب الأملاك والصناع لا الصيادون الذين لم تحرق النار بحرهم ولم تأكل سمكهم فهم وجدوا رزقهم في يوم المصيبة " تتطور الامور الى مطالب فئوية حين احتج المغتصبون على منع الحكومة للصيادين عن الصيد بالشباك الضيقة ومضىوا في ذلك الى حد ارسال وفد منهم الى الاسكندرية .

اتىت خطوة السلطات التالية من جانب مدير ادارة الاقسام الشرقية من خفر السواحل وكان انجليزيا اسمه "سنو"فقد وزع الرجل منشورا اوما كان يسمى بلغة العصر اعلانا في جميع انحاء المطرية وقد امتلا بالتهديد والوعيد اتى ف هذا الانذار حتى هجر الصيادين لمهنتهم يفترض أن يترتب عليه حتى يوصى الحكومة بردم البحيرة لتجعلها ارض زراعية وتخط الاهرام ما يفهم منه حتى الاعتصاب لم يكن عاما بين صيادى المطرية فقد صنفتهم الى ثلاث مجموعات "السنارتيه" و"الرفاعة" ولم يشاركوا فيه وقد اقتصر على الصيادين الشباكة وعدم استجابة الخديوى لمطالبهم ايضا ولقد تقدم هؤلاء بشكوى الى مدير المديرية بشأن مياه الشرب فقد كانت المراكب تحمل لهم المياه من بورسعيد فيبتاعون الصحف اليومية بثمن بخسولشدة فقرهم بعد الحريق كانوا لا يستطيعون دفع ثمن الصحيفة وبعد ذلك أعرب الصيادون اقلاعهم عن الاعتصاب وانصرفوا الى البحر يبحثون عن الرزق والى البر حيث يعيدون بنناء أكواخهم التى أتت عليها النيران

المطرية في الثلاثينيات والأربعينات.

ظلت المطرية تابعة لمركز دكرنس حتى عام 1929 م ثم تبعت مركز المنزلة حتى استقلت بذاتها كمدينة وتوابعها : قرية العصافرة والضهير واولاد صبور والقبلية .. وخلال هذه الفترة تغيرت معالمها المعمارية والحضارية بشكل كبير ففى الثلاثينيات من سنة 1930 الى بداية الاربعينيات كانت المطرية اصغر مساحة مما هى عليه في الوقت الحاضر فالمنطقة التى تم تجفيفها والمعروفة في المطرية بين الأهالى ب " الجسر الواقى" كانت بحيرة أوجزء من بحيرة المنزلة يمارس فيها الصيادون الصيد ، وكان فيها أفضل أنواع الأسماك من :بورى وحنشان وقاروس وبياض وبلطى .. الخ ، وكان الصيادون يطلقون عليها اسم " بحر الملاحة " وتمتد من المطرية حتى مجرى القناة التى كانت تجرى فيها اللنشات والمراكب البدائية الى دمياط..اما منازل المطرية ومساكنها كانت مكونة من دور ارضى واحد ، ونادراَ تلك التى كانت تتكون من دورين وكان اكثرها مبنى من الخشب المقام على اعمدة سميكة قوية حتى انها كانت تبدووكانها معلقة على تلك الاعمدة الخشبية للزينة اولتربية بعض الطيور اسفلها كالبط والاوز والدجاج وبعض الحيوانات الاليفة ، الا ان الاهالى كانوا يقيمونها على هذه الهيئة اتقاء لماء البحيرة عندما يزيد منسوبها وتغمر اراضى المطرية في ذلك الوقت كما اخبرنى بذلك بعض المعمرين من اهالى هذه المدينة الطيبة ، وكذلك حفاظاَ على صحة ساكنيها من ازدياد نسبة الرطوبة بها ..

اما شوارع المطرية فكانت مثار اعجاب ودهشة لزائريها حيث تم تصميمها وتنظيمها شطرنجياَ وتكاد تكون فريدة من نوعها على مستوى العالم اجمع فانت اذا وقفت في اول الشارع سترى اخره بلا عائق ، اى تقدر رؤية اول المدينة واخرها من اى مكان على الارض بوضوح ، ومن العجيب انها مازالت على هيئتها الى الان وكان اغلبها مشجرة باشجار الصفصاف والنخيل · وكان بمدينة لمطرية نقطة شرطة فقط ، وقوتها العسكرية مكونة من ضابط ملازم ومعه منخمسة الىعشرة جنود وبقية القوة خفر .. وكان بالمطرية عمدتان احدهما عمدة الغصنة وهو" محمد زين الدين عزام " والاخر عمدة العقبين ومسماه " تام داوود الريس " بن الحاج داوود الريس الذى بنى مسجد الحاج داوود بالعلادية ، ويعاون كلا منهما شيخ خفر واحد يراس مجموعة من الخفراء لحراسة المدينة ليلا .. كما كان هناك احد الخفراء يتولى اخطار المواطنين بما يخصهم كطلبات الالتحاق بالخدمة العسكرية اواخطاره بغرامة اوقضية ما .

اما ما يتعلق بالصيد في هذه الفترة لا يختلف كثيرا عن الحاضر وهذا الاختلاف يتمثل في اختفاء بعض انواع الاسماك من بحيرة المنزلة نتيجة لعذوبتها ، وانتهاء الصيد ببعض الطرق المخصصة لتلك الاسماك المختفية . وكذلك لم تعد مساحة البحيرة كما كانت فقد جف اكثرها حتى تقلصت من 720 الف فدان الى 120 الف فدان فقط وهذه المساحة المتبقية لم تسلم من عبث المفسدين فقد استولى اصحاب القوة والنفوذ على اجزاء كبيرة منها ، ناهيك عن تلوث مياه البحيرة بمخلفات المصانع المقامة في بعض المدن الجديدة .. ولكن ما كانت تتميز به مدينة المطرية في الثلاثينيات والاربعينيات فيما يتعلق بالصيد هووجود موردتين ( حلقتين) للتعامل في الاسماك بينما كانت توجد في جميع من العزايزة وعزبة البرج والجمالية والروضة والقابوطى وغيط النصارى والكاب موردة سمك واحدة لكل منها ، ولم يكن جائزا التعامل في غيرها ، وكان لكل حلقة ناظر .. ففى المطرية كانت احدى الحلقتين وهى الكبرى تعبير عن صرح اوسوق واسع على شاطئ البحيرة بجوار محطة السكة الحديد وكان مكانها في شارع سعد زغلول مكان مبنى التلغراف والسنترال الحالى وكان بالحلقة وزان يقوم بوزن السمك لكل صياد ويعطيه ايصالا اوقسيمة مدونة فيها اسمه ووزن سمكه ونوعه والتاريخ ثم يقام المزاد على هذا السمك ولا يبرح التاجر الذى يرسوعليه المزاد الحلقة الا بعد دفع ثمن السمك للصياد .

كانت أسعار الاسماك وبعض السلع منخفضة جدا ، وهى بلا شك تناسب زمانها ، فقد كان للقرش قيمة ، وتكفى كثير من الاسرخمسة قروش في اليوم والليلة لشراء كافة المتطلبات اليومية ،

موكب رؤية هلال رمضان :

فى ليلة ثبوت رؤية هلال رمضان كان اهالى المطرية يخرجون جماعات في الموكب مهيب يجمع جميع طوائف المجتمع المطرى ، فكل اهل الحرف والصناعات يتسابقون للخروج فيه ويقوم جميع صاحب حرفة اومهنة بنقديم عرض فنى مميز في هذا الموكب يمثل صناعته ، فالصياد مثلا يحمل مركبا صغيرا على عربة ، وصناع الاحذية كانوا يصممون حذاء ضخما ويجلسون بداخله طفلا اوطفلة ، اما الفران فيقوم بصنع الفطائر والخبز في فرن صمم خصيصا لهذا الموكب فوق احدى العربات ثم يلقى بما يخبزه على جمهور المشاهدين الذين كانوا يصطفون بالالاف على جانبى الطريق لمشاهدة الموكب والمشاركة في فرحة استقبال شهر رمضان المعظم ، وكذلك صناع الحبال كانوا يمارسون مهنتهم بشكل تام ، ولم يكن يخلوالموكب من البهجة والطرافة ، فكان بعض الشباب يلبسون ملابس مضحكة ويلونون وجوههم بالاصباغ والالوان مثلما يعمل المهرج في السيرك واحيانا تصاحب الموكب بعض الالات الموسيقية ، فكان هذا الموكب يشيع البهجة في ليلة استقبال شهر رمضان المبارك .

احتضان الرئيس الراحل السادات

▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.

تعرضت القوات البريطانية لهزيمة نكراء في شهر مايو1942 حيث هجمت عليها القوات الالمانية بقيادة روميل في طبرق حتى سقطت في 21 يونيو، وأسر نحو30 الف مقاتل انجليزى ، ثم سقطت بعدها مرسى مطروح ، وتوالت فوزات الالمان ، وفي هذا الوقت طلب الانجليز من الملك التخلص من بعض الضباط المصريين وتعللوا بانهم يشكلون خطرا على الملك والحكومة والانجليز انفسهم ، وانهم يقومون بدور خفى ونشاط دؤوب لخدمة الجيش الالمانى وكراهية في بريطانيا .. وكان من هؤلاء الضباط اليوزباشى " محمد انور السادات " وفيثمانية اكتوبر 1942 طلب الانجليز مرة اخرى ابعاده عن الجيش لنشاطه الملحوظ ووعيه الوطنى والسياسى ، وبالعمل تم تطبيق القرار الملكى الانجليزى بابعاد انور السادات عن الجيش فكان اول ضابط يفصل من الجيش بدون محاكمة جدية ، وقد تم اعتنطقه فور مغادرته المجلس العسكرى ، واودعوه سجن الزيتون ( المعتقل ) وهناك حدثت عدة مواقف تجلت فيها وطنيته ونبأت بميلاد زعيم وطنى كبير ، لقد رزق بمولودة وهوفي المعتقل ، وفهم السادات ان زوجته في حالة صحية سيئة فاشتد حنينه لرؤية مولودته وزوجته فطلب من سجانه _ وكان ضابطا وطنيا شريفا وصديقا للسادات _ ان يغادر المعتقل بحدثة شرف لبضع ساعات ثم يعود ، وبعد تردد وافق الضابط ، ولكن ما جعله يزداد احتراما وتقديرا للرئيس الراحل هوعودته الى المعتقل بقدميه قبل الموعد الذى تم تحديده ، وخلف القضبان الحديدية والأسوار الخرسانية قرر أنور السادات حتى يتم تشكيل سرى للمعتقلين السياسيين بقيادته لوضع خطة جماعية للهرب من المعتقل لتطبيق سلسلة من العمليات الانتحارية ضد الأهداف الانجليزية في مدن القناة وغيرها ، وقد تعرض المعتقلون في هذه الفترة الى التعذيب البدنى والنفسى من قبل الانجليز المحتلين..

وقد هرب أنور السادات من المعقل رغم حراسته المشددة ليبدأ رحلة كفاح طويلة في سبيل الوطن من الاحتلال البغيض .. هرب السادات بمساعدة التشكيل السرى للضباط والمعتقلين السياسيين بعد ما تم نقله الى مستشفى قصر العينى للعلاج ،وفي هذا الوقت كان السادات متهماَفى مقتل أمين عثمان فقرر الهرب الى مكان أكثر أماناَوفي نفس الوقت أقرب الى مدن القناة لتطبيق الخطة السرية لمكافحة الاحتلال البريطانى في مصر ،فكان القرار صائباَ .. قام بتهريب أنور السادات فنان الشعب زكريل الحجاوى الى المطرية مسقط رأسه وموطن أسرته وعائلته وأصهاره ،وكان زكريا متعوداَ على استضافة أصدقائه من الفنانين والأدباء وغيرهم في مدينة المطرية لتمضية وقت ممتع في بحيرة المنزلة بين الصيادين والمراكب والشباك وفي هذا المقام تتحفنا جريدة أخبار الدقهلية التى يرأس تحريرها الأستاذ محمد عبد الرزاق بحوار شائق مع السيدة الفاضلة الحاجة : "عائشة السوداني داود الريس " الشهيرة ب "عائشة الريس " تقول : " كان زكريا يأتى دائماَ ومعه بعض أصحابه من مصر ( القاهرة ) ينزلون عندنا في بيت والدى على أنهم معجبون بالبحيرة والصيادين مثل الصحفي محمود السعدني والممثل محمد رضا ، وذات يوم اتى زكريا الحجاوى ومعه شاب أسمر يرتدى زى فلاحى وعلى رأسه " عمة " وقدمه الى والدي واخوتي على أنّه صديق ومعجب ببحيرة المنزلة .. وسيقيم عندنا بعض الوقت ضيفاَ عزيزاَ .. فكان زكريا يصطحبه الى البحيرة .. يركبان المركب مع الصيادين طوال النهار .. يصطادان .. ويطبخان طبيخ الصيادين ..

وعند عودتهما في المساء كنا نعد لهما السمك بأنواعه وخاصة "الصيادية " التى كان يطلبها .. ثم يخرجان في المساء يسهران في قهوة على شاطئ البحيرة مع الصيادين واستمر هذا الحال لمدة أسابيع .. كان صديقاَ لنا بعد أيام ( جابوا عربية ) واشتغل عليها هذا الضيف سائقا ، وكان التباع من المطرية .. كانت هذه (العربية ) تنقل البضائع الى الاسماعيلية والسويس وخط القناة والمنزلة ايضا .. واستمر هذا الحال لعدة شهور ، وكان يمضى ايضا الى القاهرة الى منزل زكريا الحجاوى في الجيزة ، وبعد قيام ثورة 23 يوليو1952 ، كشف زكريا الحجاوى لنا الحقيقة ، وعهدنا بان من ضايفناه هوالبطل محمد انور السادات الذى كان متهما بقتل امين عثمان ومطلوب القبض عليه .. فكان زكريا الحجاوى واحد من اثنين رسموا له خطة الهروب ، فزكريا اقترح ان يأتى له بملابس فلاح ويرتديها بعد دخوله القصر العينى ، وخرج السادات حسب السيناريوالذى رسمه الحجاوى ، وكانت سيارة تنتظرهم خارج أسوار القصر العينى .. خرج وسط الحراسة بدون ان يعهده احد واتى الى المطرية وعاش بيننا بدون ان نفهم حقيقة الامر ، وحينما اشتغل على سيارة نقل من المطرية الى خط القناة كان الهدف تجميع السلاح للفدائيين ورجال الثورة ، وهى مازالت في مهد ولادتها فكانت تجمع التبرعات من المنزلة والمطرية عن طريق زكريا الحجاوى وصاحبه الذى اصبح رئيسا للجمهورية " .

وفاء الرئيس السادات

تواصل الحاجة عائشة الريس حديثها فتروى لنا موقفا عظيما تجلى فيه وفاء الرئيس الراحل انور السادات للمطرية وعائلة الريس التى احتضنته وهوطريد الانجليز برتبة يوزباشى : " بعد ان وصل الى رئيس جمهورية مضىت اليه وقابلته في قصره فرحب بى قائلا : " اهلا بعائلة الريس بالجيزة " وسألنى عن مطالبى ، ونطق لى : " ايه اخبار السمك ؟!!" وعندما فهمت بزيارته للمطرية لوضع حجر اساس ترعة السلام ارسلت اليه تلغرافا افهمه فيه باننى مازلت موجودة في المطرية .. فأعرب انه سيزور البيت الذى عاش فيه ايام ضيافته .. فاستقبلناه في نفس البيت رغم اننا غير مقيمين فيه نظرا لانه آيل للسقوط فقلت له باننى سأبنى هذا البيت واضع فيه الفراش القديم والزيارة الثانية لازم ( ييجى ) فوعدني بذلك ولكن القدر لم يمهله فرحل بعد شهور قليلة فضرب السادات بزيارته اروع مثل للوفاء .

قنبلة إيطالية فوق منزل بالمطرية

▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.

فى خريف عام 1939م كانت الجيوش الألمانية قد بدأت الحرب العالمية الثانية بقيادة " أدولف هتلر " ودفع الى عجلتها بالجيوش مسلحة ومتدربة تدريباَ جيداَ جداَ ليضم اليه ايطاليا واليابان والنمسا وهى الدول التى اصطلح المؤرخون على تسميتها بقوى المحور ، وفي الجانب المضاد كانت جيوش الحلفاء بريطانيا وفرنسا ودول الكومنولث البريطانى فالولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الجنرال "أوكونور" الذى أعرب أنّه قد أعد حصاناَ أبيضاَ ليدخل به القاهرة غازياَ فاتحاَ ، وليبدأ في استعادة ممتلكات الامبراطورية الرومانية القديمة واشتعلت الحرب العالمية الثانية ( 1939- 1945) لتلتهم نيرانها أرواح ملايين الشباب ولتدمر المدن وتقوض الحضارات ارضاءَ لأهواء حفنة من المغامرين ، الذين يملكون القوة وتملكت عقولهم أحلام اليقظة وشهوة اراقة الدماء ، ارضاءَ لأطماع مجنونة في سيادة العالم .. في هذه الأثناء وجدت مصر نفسها في موقف لا تحسد عليه عند بداية تلك الحرب فانّ المصريين لم ينسوا بعد أنهم كانوا لا يزالون واقعين تحت سيطرة نير الاحتلال البريطانى البغيض ، الذى سقط عليهم كالكارثة المدمرة منذ عام 1889 م بعد انحدار جيوش عرابى أمام جحافل الغزاة ذوى الوجوه الحمراء والغطرسة الحمقاء وها هى جيوش الديكتاتور الايطالي (موسوليني) تهدد بالغزومن الصحراء الليبية في هذا الوقت العصيب تصدرت الصحف المصرية والعالمية انباء ألقاء احدى الطائرات الايطالية لقنبلة على احد منازل مدينة المطرية دقهلية ..

يقول عالمنا الجليل الحاج محمد الازهرى : " كنت صغيرا في المدرسة الاعدادية ، وذات ليلة ونحن نيام اتىنا عند الفجر احد الناس ليوقظ والدى لامر هام جدا ، واذ به يخبره بتعرض بيت عمى الى نيران احدى الطائرات الايطالية ، وهمت الاسر كلها والجيران بل واهالى المدينة كلهم _ وكان عددهم قليلا في ذلك الوقت _ ومضىنا الى منزل ابناء عمى الحاج محمد والحاج أحمد ، ومكانه حاليا بمنطقة العلادية منزل الحاج شحاته عبد العال ، وكان البيت مبنيا على مساحة 200 متر ، والدور الارضى تعبير عن مخزن للغلال والحبوب يعلوه دوران لكل اخ من اولاد عمى دور منهما يسكن فيه اما عن القاء الطائرة للقنبلة قبيل الفجر في خريف سنة 1940 على منزل عمى ، فقد اشيع ان المرحوم محمد ابورزق العاصى كان يحمل في يده ( الكلوب ) ليفتح مسجد الحاج محمد الريس لاعداده لصلاة الفجر فشاهد طائرة تحلق في السماء يبدوا انها ترصد تحركاته فألقت الطائرة الايطالية بقنبلة على الضوء ( ضوء الكلوب ) افترض منهم انه هدف عسكرى تابع لبريطانيا التى كانت تحتل مصر في هذا الوقت ..


مضىنا وآلاف غيرنا من الاهالى الى هذا المنزل فوجدنا الابواب والشبابيك قد تناثرت في المربع المجاور اللقاء للمنزل مما يشير على قوة هذه القنبلة كما هدمت الشقة العلوية في الدور الثالث حيث تحطم الشطر الايمن منها ولكن حدثت هناك معجزة فقد اراد الله عز وجل الا يصاب احد بسوء فعند سقوط السقف حملته اعمدة السرير ( على النظام القديم ) واتى رجال المطافئ فانتشاوا ابن عمى وزوجته من تحت السقف فقد حماهم الله ونجاهم ومن العجيب في هذه السيرة ان كانت الاصابات تعبير عن خدش سهل في وجه احمد الازهرى بعمل تحطم زجاج النوافذ ولم تكن هناك خسائر في الارواح " .

خط الدفاع الثانى ابان العدوان الثلاثى 1956 م

لعبت المطرية دورا بارزا في رحلة الكفاح الوطنى وخلال الحروب المتنوعة التى خاضتها مصر ضد اعدائها ، فقد كانت خط الدفاع الثانى بعد مدن القناة ابان العدوان الثلاثى على بورسعيد الباسلة في 26 اكتوبر سنة 1956 فكانت هذه المدينة تشتعل نارا بعمل القصف الجوى المكثف من قبل العدوان ، وكعادتها دائما حملت المطرية امانة غالية فقد تطوع آلاف الصيادين والشباب من أهالى المطرية لنجدة ذويهم واخوانهم البورسعيدين وأنقاذ الاحياء منهم خاصة الاطفال والشيوخ والنساء ، فكانت آلاف المراكب وقوارب الصيد ومراكب الرمل والمياه تنقل جميع ثانية مئات الجرحى والمصابين لاسعافهم بالمطرية اضافة الى انقاذ الاحياء من أهالى بورسعيد الذين دمرت منازلهم وتحطمت مساكنهم فأصبحوا مشتتين بلا مأوى ، ولكن المنظر المأساوى الذى لن تنساه المطرية هووقوف أهلها صغارا وكبارا على شاطئ المنزلة لمشاهدة ألسنة اللهب وأعمدة الدخان الكثيف تملأ سماء الشقيقة والحبيبة بورسعيد ، وكذلك لن تمح من ذاكرتهم تلك الصورة المأساوية لمئات الجثث المحترقة والمتفحمة من أبناء بورسعيد التى كانت تحملها مراكب الصيد واللنشات فوق بعضها ثم يلقى بها على أرض مرسى المراكب لتشكل أكواما من ضحايا العدوان الغادر .

لقد فتحت المطرية زراعيها بعد قلبها للمهاجرين والنازحين من مدن القناة عامة وبورسعيد خاصة ، فكان أهالى المطرية يقتسمون معهم الديار والاعمال والاقوات ، ومن لم يتسع داره أومنزله كان يقوم بعمل خيام بجوارها ويضم قاطنيها بالرعاية الكاملة ، كما فتحت المساجد والمدارس التى فرغت تماما لهذا الغرض لحين تجهيز المأوى المناسب الملائم لهؤلاء الفارين من لظى الحرب ..

أما عن الدور الذى لعبته المطرية عسكريا فهويجل عن الوصف ويصعب على القلم ان يطوع من الحدثات ما يروى تفاصيل هذا الدور البطولى ، ولندع شهود العيان يدلون بأقوالهم شهادة للتاريخ لتظل المطرية شامخة الرأس مرفوعة التيجان .. يقول الحاج منير محمود الشناوى : " رأيت بعينى كلا من الصاغ جمال سالم والصاغ صلاح سالم واليوزباشى احمد فؤاد الشناوى والصاغ محمد عبده الشناوى ، والصاغ محمود المرسى حسين – من المطرية وغيرهم اتىوا جميعا في وقت مبكر من الصباح يتخفون في زى بلدى غير عسكرى بالقرب من مسجد عزام في سيارات وعربات كبيرة ومعهم عدد كبير جدا من الجنود بعد العدوان الثلاثى على مصر .. اتىوا الى المطرية باعتبارها خط الدفاع الثانى في هذا الوقت لتنظيم عملية الامداد وانقاذ بورسعيد ، كما كان من بينهم كثير من اهالى المطرية الذين تطوعوا ، وكانوا يضحون بأنفسهم ويعملون معهم لبل نهار للمشاركة والمساعدة في حمل صناديق الاسلحة والذخيرة في مراكبهم ليلا عبر بحيرة المنزلة للفدائيين والجيش المصرى .

كانت طائرات العدوتحلق من حين الى آخر فوق سماء المطرية على ازدياد منخفض ، واحيانا كنا نرى اشتباكات بين طائراتنا المصرية وطائرات العدوفوق البحيرة والمطرية ، وقد سقطت بعض تنكات الوقود من هذه الطائرات فوق بعض بيوت المطرية ولم تكن فيها في ذلك الوقت كهرباء فكانت تطلى الشبابيك الزجاجية للمنازل بالبوية القاتمة اوالزهرة الزرقاء اويوضع عليها من الداخل ملاءات سوداء بتوجيه من الدفاع المدنى حتى لا تكون هناك اضاءة ليلا في المدينة لئلا تتعرض المدينة للقصف اثناء اغارة طائرات العدوفي هذه المنطقة ..

وكانت صفارات الانذار فوق قسم الشرطة واعلى بعض المنازل تدوى ويقوم بعض الاطفال والشباب بالمرور في شارع المدينة وظل الحال هكذا حتى انتهاء الحرب " وما زالت بعض المنازل القديمة في المطرية تحتفظ بشيء من هذا الزجاج المطلي وهوبحالة جيدة .

وحدثني عبد الرحمن الريس (75) سنة الشهير ب "الكلس" نطق : " بعد العدوان الثلاثى سنة 1956 وأنا في بحر " كساب " بجوار منطقة الجميل في بحيرة المنزلة جاء الى صلاح سالم ، ومعهم عشرة ضباط يرتدون جلابيب صيادين بعد صلاة العصر .. اتىوا على مركب صيد .. فسلموا على وعهدونى أنهم يريدون حتى أنقلهم الى بورسعيد _خاصةَ أنّ المركب الذى استقلوهلم يكن يجرؤ صاحبه على تطبيق هذه المهمة _ فوافقت على الفكرة وقمت بعمل غداء لهم وكان " طبيخ جمبرى " في سندوتشات وأعطيتهم ميعاداَ بأننا سنبحر الساعة 7,30 مساءَ ، وكان ما بين العشاء والمغرب بعد العدوان الثلاثي بنحوشهر ، وقمت بنقلهم في الظلام حتى لا يرانا أويرصدنا العدو، ووصلتهم الى مطار الجميل وكان هذا هوهدفهم ورغبتهم ، وكان معهم صناديق مقفلة وشنط لم أعهد ما كان بداخلها وان تأكدت من أنها كانت أسلحة بعد ذلك ، ونفس الليلة التى قمت فيها بتوصيلهم تم تفجير سبعة مواقع للعدو، حيث سمعنا سبعة انفجارات في بورسعيد وبعد عدة أيام عهدنا أنّ هذه الانفجارات قام بها هؤلاء الضباط في مواقع خاصة بالعدو.. فكانت الشرارة التى انطلقت منها عملية اجلاء قوات العدو" .


بطولة وفداء:

لتسمحوا لي حتى أنقل لكم بعض الفقرات من أحدث الخط التى صدرت قبيل طباعة كتابنا هذا "تاريخ المطرية عروس الدقهلية" ويتحدث عن الفدائية والبطولة في حرب 1956م ودور الفدائيين عن طريق مدينة المطرية ، انّه كتاب "شموس في سماء الوطن" للأستاذ محمد الشافعي

يقول البطل عبد العال الهوارى : "وعند نقطة معينة أقمنا الخط الدفاعي ، وبدأنا تنظيم عمل الفدائيين لمقاومة الانجليز في بورسعيد وذلك من خلال المراكب المحملة بالسلاح من المطرية الى بورسعيد عبر بحيرة المنزلة" .

وعن وجود الفدائيين في المطرية وتنظيم عملهم البطولي في بيوتها يقول البطل محمد محمد خليفة من الاسماعيلية أو"شزام" كما أطلق عليه الانجليز هذا اللقب الذي يعنى "طائر جارح" : "عندما بدأت حرب 56 تم استنادىء قوات الحرس الوطني خاصة الأفراد الذين حصلوا فرق متخصصة وكنت قد حصلت ومعي بعض زملائي على ثلاث فرق صاعقة وفرقتين مظلات وفرقتي أعمال انتحارية وذلك غير فرق الأسلحة ومضىت الى المطرية دقهلية ووجدت الفدائيين يملأون بيوت المدينة ومعهم كثير من جنود الصاعقة ودخلنا بورسعيد مع الفدائيين ورجال الصاعقة عن طريق بحيرة المنزلة وقابلنا حسن رشدي رئيس مباحث المدينة ..

"وعن عمليات الامداد والتموين لأبطال المقاومة الشعبية والفدائيين في بورسعيد من المطرية عن طريق بحيرة المنزلة ، يقول البطل محمد عسران : "كانت الحكومة ترسل المواد الغذائية من المطرية عن طريق بحيرة المنزلة وكانت الأسلحة تأتى تحت الأسماك مع رجال الصاعقة والمظلات الذين دخلوا المدينة في زى الصيادين ، وكان معهم أيضاَ بعض رجال المخابرات الحربية وقد تشكلت قيادة المقاومة الشعبية من بعض أجهزة القاهرة وتشكلت مجموعات المقاومة ، وكان أهل المدينة مجموعة واحدة للمقاومة الشعبية ، ومع ذلك فقد وقع بعض التضارب فهناك تشكيل لرجال الصاعقة وتشكيل آخر لرجال المقاومة الشعبية وقد وقع صراع خفي بين الطرفين للحصول على أكبر قدر من البطولات" .

ويقول البطل الفدائي حسين عثمان من بورسعيد : "ثم اتىت الأوامر بمغادرة بورسعيد بعد حتى طارد الانجليز المواطن عبد المنعم مختار وأصابوه بطلق ناري فدخل المستشفي وأجريت له عملية الزائدة الدودية ، وبعد الحرب توفي هذا الرجل متأثراَ بجراحه ، المهم أنّ القيادة خافت علينا فهجرنا بورسعيد حيث وصلنا ليلة الانسحاب" .

ويقول البطل علي طاهر علي مسعد من بورسعيد (67 سنة) : "اتىت التعليمات بأن نغادر بورسعيد وكان البوليس الدولى قد تسلم جميع منافذ المدينة من الانجليز ، فأعطانا الامن المصرى جلاليب قديمة على أننا من الصيادين ، ووصلنا الى المطرية عن طريق بحيرة المنزلة في الصباح ، ومن المطرية الى المنصورة ثم الى القاهرة وعدنا الى المطرية مرة اخرى يوم 22 ديسمبر الساعة الخامسة مساءا وسمعنا عن جلاء قوات الاحتلال فعدنا الى بورسعيد فيثمانية من صباح 23 ديسمبر فوجدنا المدينة كلها في احتفال كبير فشاركنا أهل المدينة احتفالاتهم بهذا النصر العظيم " .

مما سلف ذكره يتأكد لنا اهمية المطرية وبحيرة المنزلة ودورهما في رحلة الكفاح الوطنى فهما خط الدفاع الثانى ونقطة مهمة جدا للامداد والتموين وتنظيم العمليات الفدائية ، ولدينا ما يثبت دور كثير من شبابها في ملاحم البطولة التى خاضتها مصر النتصرة دائما ضد اعدائها على مر العصور .

زيارة جمال عبد الناصر

▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.

فى 24 ديسمبر سنة 1961 تزينت المطرية كلها لاستقبال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذى شق باللنش الذى استقله من بورسعيد في الاحتفال باعياد النصر عباب مياه بحيرة المنزلة وسط صفين عن يمين وشمال من مراكب الصيادين التى ربت على العشرة آلاف مركب وقارب ولنش ، وقد اصطفت في شكل منظم رائع مزينة بالاعلام واكاليل الزهور والورود والرايات الزاهية ..

كان مع الرئيس الراحل عبد الناصر في زيارته الى المطرية بعض رجال الثورة كحسين الشافعى ، وكمال الدين حسين ، وعبد الحكيم عامر وصلاح سالم وغيرهم .. وقد وصل الموكب المكون من 150 لنشا الى المطرية وهبط الرئيس عبد الناصر من لنشه الخاص ، وكان في استقباله عدد كبير من اهالى المطرية في السرادق الكبير الذى اقيم خلف مبنى المستشفى بجوار مبنى السواحل .. هذا السرادق أقيم على مساحة لا تقل عن 10000 متر ، ولكن تهاوى هذا السرادق نتيجة للحشد الضخم من أهالى المطرية الذين انتظروا ساعات طويلة ليروا زعيمهم ورئيسهم عبد الناصر .. فتحرك موكب السيارات تتقدمها سيارة الرئيس مغادرة المكان والناس من حولها يهتفون بحياة الرئيس عبد الناصر ، وكان الفنان زكريا الحجاوى يقود الفرقة الشعبية التى كانت متكونة آنذاك من الصيادين ، والاناشيد الوطنية لا تهدأ ، وشعارات التأييد تدوى في الاراتى ، وفي هذا الوقت غادر الزعيم الراحل المطرية متجها صوب مدينة المنزلة التى تزينت هى الاخرى لاستقبال الرئيس الذى قضى بها وقتا أطول من ذلك الذى قضاه في المطرية وهونحوست ساعات ، حيث زار دار البطل حسن طوبار وسط عشرات من أشقائنا المنزلاوية ثم اتجه الى المنصورة فالقاهرة ، ومازال سقط هذه الزيارة له أثر كبير في أنفس من عاصروها وشاهدوها حتى تجدهم يفاخرون بها بين الاجيال اللاحقة .

دور المطرية في حرب الاستنزاف

خاضت مصر ضد اسرائيل حربا فيثمانية مارس 1969 واستمرت حتىثمانية اغسطس 1970 , وهى الفترة التى تعهد ب " حرب الاستنزاف " وكانت العمليات العسكرية مستمرة خلال هذه الفترة وتستهدف اعمال العدو, وكان من نتائجها ما يلى :

1- تحطيم ما يربوعلى 80 % من خط بارليف الاول .

2- إغراق الضفادع البشرية لقواتنا المسلحة ثلاثة بتر بحرية للعدوأثناء هجومها على ميناء ايلات الاسرائيلى في 26 نوفمبر 1969 م .

3- تجميد حركة القوات الاسرائيلية داخل خنادقها والحد ما أمكن من هجماتها .

4- انزال خسائر فادحة يومية بالقوات المعادية في الافراد والمعدات .

5-اكساب المقاتل المصرى خبرة في لقاءة الغارات الجوية والتكتيكات البرية الاسرائيلية ، وتمهيدا لمعركة العبور والنصر .

اما دور الصيادين واهالى المطرية في حرب الاستنزاف فيحدثنا عنه السيد عبدالرحمن فهمى الجيار (عضوجمعية المحاربين القدماء) فيقول كنت متطوعا في مصلحة خفر السواحل والمصايد وحرس المطرية دقهلية ضمن قسم مصايد الأسماك أثناء الحرب وبعد النكسة بدأت مصلحة السواحل تدخل في عملية تنظيمات عسكرية باشتراك قوات من حرس الحدود قبل انضمامها الى السواحل ففى بداية عام 1968 م بدأت في تدريب الصيادين المتوطعين وكذلك قاطنى المراحات بالجزرالكائنة في بحيرة المنزلة على حمل واستخدام السلاح والتعامل مع الأفراد الذين يحتمل حتى يقوموا بعمليات إنزال بالبراشوت من طائرات العدوعلى بحيرة المنزلة وكان تدريبهم عن طريق مخابرات السواحل وكانوا يتسلمون سلاحا شخصيا لكل فرد منهم .

وفى حرب الاستنزاف من سنة 1969 م وما بعدها حتى عام 1973م أتت هذه التدريبات ثمارها حيث استطاع بعض الصيادين من أهالى المطرية أثناء عملهم بصيد الأسماك حتى يقبضوا على أحد الطيارين الاسرائيلين ويدعو" آلمينوآم كلداس " حيث أطلقت النيران المصرية على طائرته فقذف نفسه من طائرته فقام صيادوالبحيرة بإلقاء القبض عليه وسلموه لقوات السواحل المصرية التى قامت بتسليمه للقادة في القاهرة .

وأثناء معركة رأس العش في حرب الاستنزاف كنا نمد قواتنا برأس العش بالتعينيات وكنا ننقلها على رومس (قارب بدون شراع ) عبر مصرف بحر البقر حتى الكاب قرب القنطرة غرب لمسافة لا تقل عن 11كم فنبحر بعد الغروب في الظلام حتى لا يرانا أحد من أفراد العدوفننام على بطوننا بالتناوب لشد وجذب الحامول من طريق الرومس وخاصة حتى القوات كانت تلقى بمواد وقنابل مشعة فوق بحيرة المنزلة ليلا حتى يراقبوا المنطقة.

وكان رجال السواحل يقومون بإحضار المراكب الشراعية الكبيرة التى تنقل الرمال ثم يفرغونها من جميع مكوناتها مثل القرية والصارى والحبال والشراع فتصبح قوارب فارغة ثم تشق طريقها عبر المجرى الملاحى بين المطرية وبورسعيد لمسافة 17 كم تقريبا وقد وضعت الذخائر والأسلحة لتسليمها للقوات المسلحة بالشاطىء وكانت محمولة في عربات في جنح الظلام وكان أكبرها مركب القرعة وكانت تساعدها بعض اللنوش التى تسحبها

كما بذلت المطرية جميع غال ونفيس فداء مصـــــر ولن تنس المطرية شهيدها البطل عبد العال فويلة الذى نال أوسمة ونياشين كثيرة حيث استشهد إبان هذه الفترة بمدة .

زيارة الرئيس السادات للمطرية

▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.

طيرت الاذاعات المصرية نبأ هام حتى الرئيس الراحل أنور السادات قرر زيارة مدينة المطرية بمحافظة الدقهلية لوضع حجر الأساس لترعة السلام ذلك المشروع العملاق وعلى أثر هذا النبأ أوفدت الحاجة عائشة السودانى خطابا مسجلا الى مبنى رئاسة الجمهورية تدعوفيه الرئيس أنور السادات لزيارة منزل العائلة القديم بشارع سعد زغلول ذلك المنزل الذى اختبأ فيه السادات عندما كان مطاردا من الانجليز عقب هروبه من معتقل الزقازيق في قضية مقتل امين عثمان على نحوما تقدم ذكره في هذا الكتاب .. وقد لبى الرئيس الراحل دعوة الحاجة عائشة حيث ذكرت الاذاعة المصرية انه سيزور المنزل الذى اختبأ فيه في المطرية عند زيارته لها لوضع حجر الاساس لترعة السلام ، وعندئذ اخذت المطرية زينتها وزخرفها لاستقبال السادات ، واتى محافظ الدقهلية الاسبق سعد الشربينى للاشراف بنفسه على تنظيم واعداد المدينة لهذا الحدث التاريخى فأقيمت البوابات الخشبية المزخرفة التى ملأت شارع سعد زغلول الرئيسى بأشكال مختلفة وتصميمات رائعة من أول المدينة الى آخرها .. كما رفرفت الاعلام الملونة في سمائها ، وتزينت آلاف المراكب الشراعية الخاصة بالصيادين لاستقبال السادات ..

كانت هذه الزيارة ذات سقط كبير في قلوب المطريين فقد أغلقوا من الصباح الباكر منازلهم ومحلاتهم ، وتوقف الصيادون عن الصيد وبالمعنى المطرى : " حضروا " وانتظر اكثر من 100 الف مطرى هذه اللحظة التاريخية ليشاهدوا عن كثب رئيسهم وقائدهم .. وفي الساعة ال12 ظهرا يوم 27 نوفمبر 1979 م هبطت الطائرة الهيلكوبتر التى كانت تقل الرئيس ورفاقه في المنطقة المعروفة ب " عثمان احمد عثمان " بحى الغصنة ، وكان في استقبال الرئيس عدد من كبار رجال المطرية والتطبيقين والشعبيين الى جانب محافظ الدقهلية سعد الشربينى ورئيس مجلس المدينة بهى الدين حجاب ، ثم استقل الرئيس السادات سيارة مكشوفة واخذ الموكب المهيب يشق طريقه صوب العقبيين بين صفين من الرجال والنساء والشباب والأطفال من الجنسين يحجزهما عن الرئيس سور حديدي مكون من عدة بتر إقامته الشرطة لحجز هذه الجموع الغفيرة ومئات من جنود الشرطة على الجانبين ..

وقد اكتظت شرفات وأسطح المنازل بمئات من أهالى المطرية وخاصة النساء ، وكان الرئيس الراحل السادات يقف شامخا يحمل تحت ابطه عصاه الشهيرة واخذ يلوح بكلتا يديه للآلاف المؤلفة من الأهالى الذين طالما كانت أصواتهم صاخبة بالهتاف والشعارات الوطنية " مرحب مرحب يا سادات " .. " الله معك يا سادات " " بالروح .. بالدم نفديك يا سادات " وكانت مكبرات الصوت تدوي بالأناشيد والأغاني الوطنية .. كما انتشرت مئات اللافتات التي تحمل حدثات الترحيب بالسيد الرئيس .

مضى الموكب المهيب في طريقه إلى حتى وصل إلى المنطقة التي يقع فيها منزل الحاجة عائشة وهي واقفة في شرفة المنزل العلوية وقد علقت أسفلها لافتة كبيرة من القماش خط عليها ما نصه " أهل البيت يتشرفون بزيارة سيادتكم له " عملم السادات حتى هذه المرأة هي الحاجة عائشة فأخذ يلوح لها بيديه وهي كذلك حتى بعدت سيارته عن المنزل فإذا به يدير نفسه كليا في السيارة المكشوفة واخذ ينظر تجاه منزل الريس ويشير ملوحاَ بيده حتى بعدت السيارة عن المنطقة ..

وصل موكب الرئيس الراحل إلى المكان المعد لوضع حجر الأساس بجوار قرية النسايمة ، وبعد ذلك ركب السادات ورفاقه لنشاَ عن طريق المسطحات المائية في رحلة قصيرة في بحيرة المنزلة وهذا المشهد وحده يحتاج إلى عشرات الصفحات لوصفه ، لما كان له من روعة وعظمة في الموقف الذي قام به الرئيس أنور السادات ولكن هنا نكتفي بالإشارة إلى حتى الرئيس قرر فجأة وبلا سابق إعداد حتى يرجع إلى المطرية ، وقد تعجب مرافقوه وكذلك الصيادون الذين ظلوا أياماَ يزينون مراكبهم لهذا الحدث العظيم فكان من المقرر حتى يطوف في البحيرة لوقت أكبر ولكن زال تعجبهم عندما رأوا قائدهم يضرب أروع الأمثلة في الوفاء حيث استقل سيارته مرة أخري طالباَ من سائقها حتى يمضي إلى منزل الحاجة عائشة الريس لأنه وعدها بزيارة المنزل ، كما أنه لم ينس ما قدمته أسرة هذا المنزل له أثناء هروبه من المعتقل وهوبرتبة اليوزباشي .

زار الرئيس محمد أنور السادات المنزل وكان في استقباله الحاجة عائشة والحاج عبد الله الريس ، والأستاذ عبد الله الغوابي، والحاج أحمد شميس الريس ، والمحاسب محمود عبد السلام الريس ابن الحاجة عائشة والسيد التميمي الحجاوي شقيق الفنان زكريا الحجاوي وغيرهم.

جاس الرئيس على كنبة ممضىة في الدور الأرضي بالمنزل وبعد دقائق من الترحيب ، نطق لها : "يا حاجة فين الصيادية اللي كنت بتعمليها لي زمان " ثم طلب حتى يصعد إلى الدور العلوي وإذا به يفاجأ برفض الحاجة عائشة فاستغرب رفضها وسألها عن سببه فأجابته "أي حد يطلع تانى غيرك يا ريس لكن أنت لا" نطق لها : "ليه يا حاجة خير" نطقت : "السلم مكسر وحياتك غالية يا ريس" وأحاطته فهماَ بأنها اشترت سلماَ خشبياَ جديداَ رآه الرئيس بنفسه لكن المسئولين رفضوا هجريبه بزعم حتى الرئيس لن يزور إلا المنزل ، بحثت الحاجة عائشة عن نجار ليركبه فلم تجد لأن مجلس المدينة كان قد جمع جميع النجارين لعمل البوابات الخشبية الضخمة ، فأحال الرئيس السادات المسئولين جميعاَ إلى التحقيق ليس لرفضهم هجريب السلم ولكن لزعمهم أنه لن يزور هذا البيت بالرغم من تصريحه بأنه سيزوره .. ثم أنهى الرئيس الراحل محمد أنور السادات هذه الزيارة التاريخية حيث وعد بزيارة أخرى لكن لم يمهله القدر فقد توفاه الله بعد هذه الزيارة بعامين.

الأعلام

من أعلام مركز ومدينة المطرية في محافظة الدقهلية:

  1. فضيلة الشيخ عبد العظيم علي الشناوي، مراجع المصحف الشريف بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة.
  2. فضيلة الشيخ محمد خاطر، مفتي الديار المصرية.
  1. زكريا الحجاوي، رائد من رواد الفن الشعبي المصري.
  2. سيد حجاب، الشاعر والملقب بسيد شعراء العامية في مصر الوطن العربي.

▪•▪المصدر: كتاب تاريخ المطرية عروس الدقهلية/إعداد ممدوح إبراهيم الطنطاوي- مطابع قميحة للأوفيست - ١٩٩٨م.

وصلات خارجية

تاريخ النشر: 2020-06-08 03:21:10
التصنيفات: مراكز مصر, صفحات تحوي وصلات ملفات معطوبة, المطرية، الدقهلية, أماكن مأهولة في مصر, مدن محافظة الدقهلية, مراكز محافظة الدقهلية, بذرة جغرافيا مصر

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

وزارة العمل: بالصور ..إنتقال كامل للعاصمة الإدارية

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:21:46
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 64%

نائبة التنسيقية تتقدم بتعديل لبعض أحكام مشروع قانون البنك المركزي

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:21:23
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 54%

لبنانيون يحتجون للمطالبة باستكمال التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:21:48
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 54%

3 عروض مسرحية تجوب مسارح قصور الثقافة بالمحافظات

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:21:35
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

ياسمبن صبري تفاجئ الجميع بردها على تقديم مشاهد جريئة في فيلم عالمي

المصدر: المصريون - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:21:51
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 56%

“الأنصاري” يناقش استعدادات امتحانات الثانوية العامة

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:21:47
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 53%

أبرزها تقليل الملح.. نصائح لأصحاب الضغط المرتفع فى العواصف الترابية

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:21:29
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 67%

بعد اعترافه بتعاطيه المخدرات.. الأمير هارى مهدد بمنعه من دخول أمريكا

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:21:21
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 62%

بناء على طلب نائب التنسيقية.."محلية النواب" تفتح ملف تراخيص البناء

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:21:24
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 51%

وزارة الصناعة: "البيئة" جزء مهم في الاستراتيجية الوطنية للصناعة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:21:27
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 57%

كيف تتعامل مع العاصفة الترابية؟ إرشادات مهمة للسائقين

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:21:29
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 54%

"الأخشاب والآثاث" تطلق معرض "ديزاين شو" للمصنعين والديكور

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:21:26
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 62%

طلال المغربي على رادار النادي البنزرتي و الملعب التونسي

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:21:53
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 62%

محافظ الجيزة يهنئ الأوائل من طلبة الشهادة الإعدادية

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:21:43
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 54%

في ذكراها.. مؤرخون حرصوا على توثيق رحلة العائلة المقدسة في مصر

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:21:36
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 67%

محافظ بورسعيد يتفقد مستشفى النصر التخصصي ويلتقي المواطنين

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-06-01 15:21:42
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 70%

تحميل تطبيق المنصة العربية