مشاركة قائد انقلاب السودان في اجتماعات الأمم المتحدة.. جزرة لـ «العسكر» وصفعة لـ «موسكو»


رغبة رئيس مجلس السيادة الانقلابي عبد الفتاح البرهان، المشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ هو امتداد لرغبته في “شرعنة” استمرار وجوده على رأس الدولة لسنين قادمة بحسب القيادي في حزب المؤتمر السوداني مهدي رابح.

التغيير: أمل محمد الحسن

“اننا ماضون في إستكمال تحقيق أهداف ثورتنا، وترجمة أحلامها المشروعة بناءاً راسخاً وصلباً على أرض الواقع، حتى يستعيد السودان، خلال السنوات الثلاث القادمة، مكانته الطبيعية والمستحقة، والتي تليق بحضارات شعوبه وتاريخها المجيد.

إننا نخاطب المجتمع الدولي وكافة الدول الاعضاء في الأمم المتحدة بذهن مفتوح وعقل متقد ومتوثب نحو المشاركة في صناعة عالم جديد يسوده الرخاء والسلام والمحبة بين جميع الشعوب، ونرفده بشعار ثورتنا المجيدة: حرية … سلام … وعدالة”.

كان هذا ختام خطاب رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 2019.

كان حدثا تاريخيا وما زال صدى التصفيق الحار يرن في الآذان؛ عندما تحدث عن المرأة السودانية ودورها مطالباً وزيرة الخارجية – حينها – اسماء محمد عبد الله، بالوقوف، متباهيا بالاختراق الكبير الذي انجزته حكومته بمنح النساء وزارات سيادية لأول مرة في تاريخ البلاد.

صورة “مرتدة”

لم يكن وقتها “حمدوك” يعلم أن الأعوام الثلاث للفترة الانتقالية لن تسير كما ينبغي؛ وأن العسكر سينقلبون على تلك الشرعية الدستورية، التي منحت السودان بصورة مؤقتة ترحيبا وحفاوة وانبهاراً عالمياً بما انجزته ثورة ديسمبر وبما مثله اعتصام القيادة العامة.

بعد 3 أعوام يعيد السودان الكرة بالمشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن هذه المرة يشارك قائد انقلاب عسكري، بدلا عن رئيس الوزراء المقبول جماهيريا، بحسب وصف الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي فتحي فضل.

قائد انقلابي؛ تلاحقه اتهامات قتل ابناء وبنات شعبه الذين خرجوا في مواكب سلمية رافضين لحكمه العسكري.

إلى جانب سقوط مئات القتلى في عدد من ولايات السودان، في أحداث أعادت للأذهان مآسي الإبادة الجماعية في دارفور التي حدثت في عهد نظام المخلوع عمر البشير.

قيادي بحزب المؤتمر السوداني: “البرهان” لا يملك شرعية دستورية ليخاطب الأمم المتحدة

رغبة رئيس مجلس السيادة الانقلابي عبد الفتاح البرهان، المشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ هو امتداد لرغبته في “شرعنة” استمرار وجوده على رأس الدولة لسنين قادمة بحسب القيادي في حزب المؤتمر السوداني مهدي رابح.

والذي أشار إلى روتينية مشاركة جميع رؤساء الدول في الأمم المتحدة، واصفا مشاركة البرهان بـ”الوضع الشاذ”.

واضاف: “هو ليس رئيس دولة ولا يستند على أي شرعية في منصبه الحالي”. “هو قائد انقلاب كامل الدسم يعاني من العزلة الدولية والداخلية”.

مهدي رابح

وقال رابح لـ (التغيير) ساخرا: “مصيبة” البرهان” أن سقف طموحاته محصور في أن يصبح نسخة ثانية من البشير، وهو بذلك يعيش أزمة خيال”.

وزاد: “البرهان يعاني انعدام البوصلة الأخلاقية بارتكابه جرائم في حق المدنيين والمواطنين السودانيين وفي حق الدولة بانقلابه على الدستور” متوقعا أن يكون مردود هذا الأمر عليه سالبا جداً.

“جزرة” واشنطن

ليس من حق الولايات المتحدة الأمريكية منع مشاركة أي دولة تمت دعوتها من الأمم المتحدة، وفق”فضل”، الذي أبدى استغرابه من منع أمريكا للوفد الروسي بدخول أراضيها.

وكانت مواقف أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي قد انتقلت من رفض الانقلاب العسكري، إلى قبول الأمر الواقع حسب مصدر دبلوماسي سوداني رفيع، فضل حجب اسمه.

وعلل ما ذهب إليه بحادثة رفضهم الأولي بإقالة البرهان لسفراء الخرطوم في بلادهم، ثم لم يلبثوا أن قبلوا تسمية سفراء جدد مثلما حدث في واشنطن.

“هم لم يطلبوا من السفير نور الدين ساتي الرحيل، لكنهم قبلوا تسمية السفير محمد عبد الله ادريس ووصل واشنطن وباشر مهامه بالفعل”.

وأشار المصدر إلى أن ذلك يمثل اعترافا بـ”البرهان” رئيسا للسودان.

وقال المصدر الدبلوماسي لـ (التغيير): إن أمريكا سياسيا تدعم الديمقراطيات، لكن القانون والمصالح العليا أمرا مختلفا بالنسبة لها.

واستدرك مضيفا: “هي تدعم الانتقال الديمقراطي الذي يحقق مصالح الغرب”، ومضى شارحا عبر استدلاله بالتجربة الديمقراطية للأخوان المسلمين بمصر، قاطعا بأنها لا تحقق مطالبهم.

ووفق الدبلوماسي الرفيع فإن قبول أمريكا بدخول “البرهان” أراضيها “حيث كانت تستطيع منعه من الحصول على التأشيرة مثلما فعلت مع الرئيس المخلوع عمر البشير سابقا” عبارة عن “جزرة” تلقيها له، في محاولة لتطبيع علاقاتها معه وابعاده عن موسكو.

خبيرة علاقات دولية: مصلحة أمريكا العليا تستوجب وقف التمدد الروسي في افريقيا

“صفقة”

اتفقت مع الدبلوماسي أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية عاطفة عطا محمد، واصفة مشاركة” البرهان” في اجتماعات الأمم المتحدة بـ”الصفقة”.

واضافت: “أمريكا تريد أن تعود لاستغلال موارد السودان، لاسيما النفط الذي بدأت الشركات الامريكية استخراجه، والموارد المائية واستغلال الموقع الجيو سياسي للبلاد”.

ومن وجهة نظر أستاذة العلوم السياسية فإن المقابل الذي ستمنحه أمريكا للبرهان يتمثل في ضمانها للمكون العسكري بعدم المحاسبة.

عاطفة عطا

واشنطن لا تدخر وسعا في استخدام كل الأدوات لمحاصرة التمدد الروسي في افريقيا، وتخشى وفق الدبلوماسي من أن يستغل” البرهان” سلطاته الحالية رئيسا للحكومة ويمنح روسيا حلمها بالحصول على قاعدة عسكرية بالبحر الأحمر.

وأيدت “عاطفة” ما ذهب إليه الدبلوماسي، مؤكدة حرص أمريكا على “مصالحها العليا” التي تستوجب عليها منع الروس من التمدد في مناطق الثروات والتأثير الاقتصادي.

قاطعة بقدرتها على التعاطي بهذه الكيفية مع دول العالم الثالث دون أن يؤثر ذلك على مبادئ الديمقراطية على أراضيها.

الدعم الغربي للثورة

التعويل على الدعم الغربي، والأمريكي للثورة السودانية وفق الدبلوماسي السوداني “كذبة كبيرة”، قاطعا بأن أوروبا لم تكن تريد لـ “البشير” أن يغادر كرسي السلطة خوفا من الانفلات الأمني في المنطقة.

وأضاف الدبلوماسي: “هذه هي البراجماتية الغربية في أوضح صورها”.

الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي: أمريكا لا تمانع من وجود جنرالات اللجنة الأمنية والدعم السريع في السلطة

من جانبه حذر الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي، فتحي فضل، القوى السياسية من التعويل على الدعم الأمريكي واصفا إياه بـ”غير الثابت”.

وأن “الدعم الأمريكي يرتبط بمصالح واشنطن وكيفية حمايتها”، ووفق “فضل” الحكومة الأمريكية تدعم اتجاه التسوية السياسية التي تقتضي تشكيل حكومة مدنية ولا تمانع في ذات الوقت من وجود مجلس عسكري أعلى يتكون من الجنرالات والدعم السريع.

وقال “فضل” لـ (التغيير)، ستتم إعادة التجربة السابقة لكن هذه المرة “اللجنة الأمنية” هي التي ستمسك بمفاصل الدولة؛ بموافقة قوى الحرية والتغيير وبقية المكونات السياسية التي تسير في ركب التسوية.

الناطق باسم الحزب الشيوعي السوداني – فتحي الفضل

وانتقد الناطق الرسمي باسم الشيوعي، التأييد الأمريكي والاوروبي للدستور الذي أعدته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين.

وأعرب عن استغرابه من اعتباره ركنا أساسيا في التحول الديمقراطي في البلاد.

حراك شعبي

في الاثناء يجمع ناشطون مدنيون توقيعات لمنع “البرهان” من مخاطبة الأمم المتحدة، ويستعدون في الوقت نفسه لتسيير مواكب في دول المهجر بشكل عام وامريكا تحديدا، رافضة لوصول رئيس مجلس السيادة الانقلابي إلى نيويورك.

حراك وصفته أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالمقدر شعبيا، وغير ذا جدوى سياسية، قاطعة بأنه لن يتمكن من منع “البرهان” من دخول الولايات المتحدة الأمريكية، التي تنظر إلى قتل المدنيين ولا تحرك ساكنا، حد تعبيرها.

اختلف معها القيادي بالمؤتمر السوداني مهدي رابح، الذي يرى أن الحراك الشعبي سيجعل “البرهان” يقابل في نيويورك بـ”برود دبلوماسي” كبير.

مشاركة رئيس مجلس السيادة الانقلابي، في اجتماعات الأمم المتحدة، ستتيح له تعزيز علاقاته الدبلوماسية مع تلك الدول التي تدعمه، وتدعم أنظمة حكم ديكتاتورية كثيرة جدا حول العالم، وتحديدا في افريقيا، وفق “رابح” الذي قطع بأن أجندة تلك الدول لاتتخطى نهب ثروات البلاد والبحث عن موطئ قدم لتمددها العسكري والسياسي.

تاريخ الخبر: 2022-09-15 18:23:03
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 12:26:04
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 51%

وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 12:26:00
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 70%

عملية الإخلاء من رفح تشمل نحو 100 ألف شخص وحماس تصفها بـ"تطور خطير"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 12:26:18
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 63%

عملية الإخلاء من رفح تشمل نحو 100 ألف شخص وحماس تصفها بـ"تطور خطير"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 12:26:14
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 66%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية