العذر بالجهل
العذر بالجهل الاختلاف في مسألة العذر بالجهل كغيره من الاختلافات الفقهية الاجتهادية ، وربماقد يكون اختلافاً لفظيّاً في بعض الأحيان من أجل تطبيق الحكم على الشخص المعين ، أي : إذا الجميع يتفقون على حتى هذا القول كفر ، أوهذا العمل كفر ، أوهذا الهجر كفر، ولكن هل يصدق الحكم على هذا الشخص المعين لقيام المقتضي في حقه وانتفاء المانع أولا ينطبق لفوات بعض المقتضيات ، أووجود بعض الموانع . وذلك حتى الجهل بالمكفر على نوعين : الأول : حتىقد يكون من إنسان يدين بغير الإسلام ، أولا يدين بشيء ، ولم يكن يخطر بباله حتى ديناً يخالف ما عليه : فهذا تجري عليه أحكام الظاهر في الدنيا ، وأما في الآخرة : فأمره إلى الله تعالى ، والقول الراجح : أنه يمتحن في الآخرة بما يشاء الله عز وجل ، والله أفهم بما كانوا عاملين ، لكننا نفهم أنه لن يدخل النار إلا بذنب لقوله تعالى : ( ولا يظلم ربك أحداً ) . وإنما قلنا : تُجرى عليه أحكام الظاهر في الدنيا - وهي أحكام الكفر - : لأنه لا يدين بالإسلام ، فلا يمكن حتى يُعطى حكمه ، وإنما قلنا بأن الراجح أنه يمتحن في الآخرة : لأنه اتى في ذلك آثار كثيرة ذكرها ابن القيم - رحمه الله تعالى - في كتابه : " طريق الهجرتين " عند كلامه على الممضى الثامن في أطفال المشركين تحت الكلام على الطبقة الرابعة عشرة . النوع الثاني : حتىقد يكون من إنسان يدين بالإسلام ، ولكنه عاش على هذا المكفِّر ، ولم يكن يخطر بباله أنه مخالف للإسلام ، ولا نبَّهه أحدٌ على ذلك : فهذا تُجرى عليه أحكام الإسلام ظاهراً ، أما في الآخرة : فأمره إلى الله عز وجل ، وقد دلَّ على ذلك الكتاب ، والسنَّة ، وأقوال أهل الفهم . فمن أدلة الكتاب : قوله تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً ) وقوله : ( وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولاً يتلوعليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون ) . وقوله : ( رسلاً مبشرين ومنذرين لئلاقد يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) وقوله : ( وما أوفدنامن رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء ) وقوله : ( وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ) وقوله : ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا من الممكن أنكم ترحمون . حتى تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين . أوتقولوا لوأنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد اتىكم بينة من ربكم وهدى ورحمة ) . إلى غير ذلك من الآيات الدالة على حتى الحجة لا تقوم إلا بعد الفهم والبيان . وأما السنة : ففي سليم مسلم1/134 عن أبي هريرة رضي الله عنه حتى النبي صلى الله عليه وسلم نطق : ( والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة - يعني : أمة الدعوة - يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أوفدت به إلا كان من أصحاب النار ) . وأما كلام أهل الفهم : فنطق في " المغني " (ثمانية / 131 ) : " فإن كان ممن لا يعهد الوجوب كحديث الإسلام ، والناشئ بغير دار الإسلام ، أوبادية بعيدة عن الأمصار وأهل الفهم : لم يحكم بكفره " ، ونطق شيخ الإسلام ابن تيمية في " الفتاوى " ( ثلاثة / 229 ) مجموع ابن قاسم : " إني دائماً - ومن جالسني يفهم ذلك مني - من أعظم الناس نهياً عن حتى يُنسب معيَّن إلى تكفير ، وتفسيق ، ومعصية إلا إذا فهم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة ، وفاسقاً أخرى ، وعاصياً أخرى ، وإني أقرر حتى الله تعالى قد غفر لهذه الأمة خطأها ، وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبرية القولية ، والمسائل العملية ، وما زال السلف يتنازعون في كثير من المسائل ، ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ، ولا بفسق ، ولا بمعصية " إلى حتى نطق : " وكنت أبيِّن حتى ما نُقل عن السلف والأئمَّة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا : فهوأيضاً حقٌّ ، لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين " .من أقوال الشيخ بن العثيمين -رحمه الله