يوم عهدة من أفضل الأيام عند المسلمين وهويوافقتسعة من الشهر الثاني عشر (ذوالحجة). يقف الحجاج يوم عهدة بعهدة وهومسقط قريب من مكة المكرمة. وهوأبعد المشاعر المقدسة من مكة إذ يبعد عنها 22 كم ، كما أنه خارج حدود الحرم.

التسمية

وسميت عهدة بهذا الاسم، لأنها المكان الذي التقى فيه آدم وحواء بعد إهباطهما إلى الأرض.

حدوده

وهذا المكان محدد بحدود شرعية، لا يجوز الوقوف خارجها، ومن أبرز هذه الحدود حد طبيعي هووادي عرنة. وهووادي جاف يقع غرب عهدة وهوالحد الأساسي لها. ثم إذا باقي المكان يتخذ شكل قوس واسع محدد بالجبال من جميع الجهات بينما تتميز أرضه بالانبساط. هذا اليوم يمثل أبرز أركان الحج في الإسلام، حتى وصفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله (الحج عهدة) - رواه الترمذي وأبوداود - وهذا أسلوب قصر وحصر وتخصيص للدلالة على أهمية هذا الركن.

ويوم عهدة من الأيام الفاضلة، تجاب فيه الدعوات، وتنطق العثرات، ويباهي الله فيه الملائكة بأهل عهدات، وهويوم عظَّم الله أمره، وحمل على الأيام قدره. وهويوم إكمال الدين وإتمام النعمة، ويوم مغفرة الذنوب والعتق من النيران.

من فضائل يوم عهدة :

(1) إنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة ففي السليمين عن عمر بن الخطاب حتى رجلاً من اليهود نطق له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لوعلينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، نطق أي آية،يا ترى؟ نطق : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً المائدة نطق عمر: قد عهدنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، وهوقائم بعهدة يوم الجمعة.

(2) نطق صلى الله عليه وسلم: (يوم عهدة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب ) "رواه أهل السّنن" وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه نطق: (نزلت –أي آية (اليوم أكملت)- في يوم الجمعة ويوم عهدة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد).

(3) إنه يوم أقسم الله به : والعظيم لا يقسم إلا بعظيم، فهواليوم المشهود في قول القرآن : {وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ البروج. فعن أبي هريرة حتى النبي صلى الله عليه وسلم نطق: (اليوم الموعود : يوم القيامة، واليوم المشهود : يوم عهدة ، والشاهد : يوم الجمعة) رواه الترمذي وحسنه الألباني.

وهوالوتر الذي أقسم الله به في قوله: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ الفجر. نطق ابن عباس: الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عهدة، وهوقول عكرمة والضحاك.

(4) حتى صيامه يكفر سنتين: فقد ورد عن أبي قتادة حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عهدة فنطق: (يكفر السنة الماضية والسنة القابلة) رواه مسلم.

وهذا إنما يستحب لغير الحاج، أما الحاج فلا يسن له صيام يوم عهدة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هجر صومه، وروي عنه أنه نهى عن صوم يوم عهدة بعهدة.

نطق الإمام النووي عن صوم أيام العشر: "انه مستحب استحبابا شديدا " .

ونطق عليه الصلاة والسلام: ( ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا) متفق عليه .

(5) أنه اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم. فعن ابن عباس _ما_ نطق: نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان- يعني عهدة- وأخرج من صلبه جميع ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّر، ثم حدثهم قِبَلا، نطق:{ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ {أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (الأعراف: 172 ، 173) رواه أحمد وصححه الألباني.

فما أعظمه من يوم! وما أعظمه من ميثاق !

(6) أنه يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف: ففي سليم مسلم عن عائشة _ا_ عن النبي صلى الله عليه وسلم نطق: ( ما من يوم أكثر من حتى يعتق الله فيه عبدأ من النار من يوم عهدة، وإنه ليدنوثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟).

نطق ابنُ عبدُ البر : وهذا يدلُ على أنهم مغفورٌ لهم لأنه لا يباهي بأهل الخطايا إلا بعد التوبة والغفران والله أفهم أهـ .

وعن ابن عمر حتى النبي صلى الله عليه وسلم نطق: ( إذا الله يباهي ملائكته عشية عهدة بأهل عهدة، فيقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبراً) رواه أحمد وصححه الألباني. وسُئل فضيلة الشيخ بن عثيمين ( ) : لما يدعوالإنسان ولا يستجاب له ،يا ترى؟ والله عز وجل يقول: { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ؟ فاجاب فضيلته عن اسباب إجابة النادىء وموانع النادىء ، فنطق : " هذا الرجل كان مسافراً والسفر غالباً من مسببات الإجابة لأن الإنسان في السفر يشعر بالحاجة إلى الله عز وجل والضرورة إليه أكثر مما إذا كان مقيماً في أهله، وأشعث أغبر كأنه غير معني بنفسه كأن أبرز شيء عنده حتى يلتجىء إلى الله ويدعوه على أي حال كان هوسواء كان أشعث أغبر أم مترفاً، والشعث والغبر له أثر في الإجابة كما في الحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى الله ينزل إلى السماء الدنيا عشية عهدة يباهي الملائكة بالواقفين فيها يقول: " أتوني شعثاً غبراً ضاحين من جميع فج عميق" هـ . وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية : فنطق : ( الشُّعْث‏:‏ هواغبرار الرأس‏,‏ والغَبَرُ‏:‏ هوالتراب، والغُبْرة‏:‏ لونه) فإنه من المعلوم حتى الحجيج عشية عهدة ينزل على قلوبهم من الإيمان والرحمة والنور والبركة ما لا يمكن التعبير عنه، لكن ليس هذا الذي في قلوبهم هوالذي يدنوإلى السماء الدنيا، ويباهي الملائكة بالحجيج‏ )هـ

عملى المسلم حتى يحرصَ على العمل الصالح لا سيما في هذا اليوم العظيم من ذكرٍ ونادىءٍ وقراءةٍ وصلاةٍ وصدقةٍ لعله حتى يحظى من الله بالمغفرة والعتق من النار .

فقد ذكر ابنُ رجب - – في اللطائف : حتى العتقَ من النار عام لجميع المسلمين .

وذكر ابن القيم في كتابه: (زاد المعاد في هدي خير العباد ) ج1 فنطق : "أنه في يوم عهدة يدنوالرّبُّ تبارك والله عشيةَ مِن أهل الموقف، ثم يُباهي بهم الملائكة فيقول‏:‏ ‏(‏مَا أَرَادَ هؤُلاءِ، أُشْهِدُكُم أنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُم‏)‏ وتحصلُ مع دنوه منهم تبارك والله ساعةُ الإِجابة التي لاَ يَرُدُّ فيها سائل يسأل خيراً فيقربُون منه بنادىئه والتضرع إليه في تلك الساعة، ويقرُب منهم الله نوعين من القُرب، أحدهما‏:‏ قربُ الإِجابة المحققة في تلك الساعة، والثاني‏:‏ قربه الخاص من أهل عهدة، ومباهاتُه بهم ملائكته، فتستشعِرُ قلوبُ أهل الإِيمان بهذه الأمور، فتزداد قوة إلى قوتها، وفرحاً وسروراً وابتهاجاً وراتى لفضل ربها وكرمه، فبهذه الوجوه وغيرها فُضِّلَتْ وقفةُ يومِ الجمعة على غيرها‏ " هــ . وذكر السعدي في تفسيره للآية الكريمة : " وليال عشر " من سورة الفجر فنطق : "في أيام عشر ذي الحجة، الوقوف بعهدة، الذي يغفر الله فيه لعباده مغفرة يحزن لها الشيطان، فما رئي الشيطان أحقر ولا أدحر منه في يوم عهدة، لما يرى من تنزل الأملاك والرحمة من الله لعباده، ويقع فيها كثير من أفعال الحج والعمرة، وهذه أشياء معظمة، مستحقة ، لأن يقسم الله بها‏ "هـ . نطق اللّه الله‏:‏ ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ )الحج28‏.‏ الآية‏.‏ نطق ابن عباس والشافعي والجمهور‏:‏ هي أيامُ العشر‏.‏ ونطق النووي في كتابه (الاذكار ) : ( وافهم أنه يُستحبُّ الإِكثار من الأذكار في هذا العشر زيادةً على غيره، ويُستحب من ذلك في يوم عهدة أكثر من باقي العشر ) هـ أما من لم يتيسر له الحج فهوكما نطق أحد السلف: " من فاته في هذا العام القيام بعهدة فليقم لله بحقه الذي عَرَفَه، ومن عجز عن المبيت بمزدلفة، فليُبيِّت عزمه على طاعة الله وقد قرَّبه وأزلفه ، ومن لم يقدر على نحر هديه بمنى فليذبح هواه هنا وقد بلغ المُنى ، من لم يصلْ إلى البيت لأنه منه بعيد فليقصد رب البيت فإنه أقرب إلى من نادىه من حبل الوريد".

مناسك يوم عهدة

باختصار فإن شعائر هذا اليوم تبدأ بعد حتى يصلي الحجاج صلاة الفجر في منى (التي تبعدسبعة كم عن مكة) فينتظرون إلى شروق الشمس، ثم يسلكون بعدها طريقهم إلى عهدة وهم يرددون التلبية (لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إذا الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)، ويقضون فيها النهار كله حتى غروب الشمس، حيث يدعون الله ويذكرونه ويبتهلون إليه كثيرا. مقتدين في ذلك بعمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ويتخلل اليوم خطبة يلقيها إمام الحجاج (خط الفقه تفترض حتى هذا الإمام هوخليفة المسلمين أومن ينوب عنه) ويستمعون إليها عند زوال الشمس (الوقت الذي قبل صلاة الظهر بخمس دقائق - وهووقت انعدام الظلال) ثم يصلون خلفه الظهر والعصر جمعا وقصرا. بأذان واحد وإقامتين. والسنة حتى يصلي الحجاج في مسجد نمرة.