بيان رسمي مصري حول استنادىء محمد إبراهيم تام إلى القاهرة وبتر المفاوضات التي باشرتها اللجنة السياسية المصرية الإسرائيلية
بيان رسمي مصري حول استنادىء محمد إبراهيم تام إلى القاهرة وبتر المفاوضات التي باشرتها اللجنة السياسية المصرية الإسرائيلية، في 18 يناير 1978، منشور من "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1978، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 14، ص 39 - 40"، عن جريدة الأهرام، العدد الصادر في 19 يناير 1978.
المنشور
أصدر الرئيس محمد أنور السادات تعليماته الآن إلى السيد محمد إبراهيم تام وزير الخارجية والذي يرأس وفد مصر في اجتماعات اللجنة السياسية في القدس حتى يعود على الفور إلى القاهرة بعدما تبين من متابعة المواقف الإسرائيلية ومن تصريحات السيد مناحم بيگن رئيس وزراء إسرائيل والسيد موشيه ديان وزير الخارجية الإسرائيلية أنها كلها تعمد إلى تمييع الموقف وطرح حلول جزئية لا يمكن حتى تؤدي إلى إقرار سلام دائم وعادل وتام في منطقة الشرق الأوسط.
وقد اتخذ الرئيس السادات هذا القرار الحاسم حتى لا تستمر المفاوضات تدور في حلقة مفرغة أوتعمد إلى طرق الجوانب الفرعية والانتنطق من جانب لم يكتمل بحثه بعد إلى جانب غير مطروح رغبة في حتى تكتنف المفاوضات مسائل غامضة ومبهمة لن تخدم أهدافها.
لقد كان موقف مصر واضحا وصريحا منذ بدأت مبادرة السلام ولم يتغير الموقف المصري على الإطلاق تفاديا لأية مزايدة وكان الأمل حتى يقابل الطرف الآخر هذا الوضوح بوضوح مماثل.
إن المواقف الصريحة والمستقيمة هي وحدها الكفيلة بالوصول إلى حل يحقق آمال الملايين على نطاق العالم في سلام لا يهتز، وأي أسلوب غير هذا أسلوب لم يعد يقبل بعد مبادرة السلام الشجاعة. لقد أعربت مصر موقفها المبدئي منذ اللحظة الأولى وهوموقف اتخذته طوال نضالها خلال السنوات الثماني الأخيرة وهوقائم على ضرورة انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية التي احتلت بعدخمسة يونيومن عام 1967 بما في ذلك القدس وتقرير الحقوق المشروعة بما فيها حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني الذي شرده العدوان طوال قرابة نصف قرن. وإذا كان ضمير العالم قد استقر على صحة هذه المبادئ أساسا للحل لاتفاقها مع العدل ومبادئ القانون الدولي والمواثيق الدولية فإنه لم يعد مقبولا حتى تكون المساومة والمزايدة والالتاتى إلى إضاعة الوقت والطاقة هي الطريق إلى إقرارها. وإذا كان يهود العالم قد شردوا وشتتوا فليس هناك معنى لأن يشردوا الفلسطينيين ليعيشوا تحت الاحتلال ثمنا لآلام اليهود، وإذا كانت إسرائيل تتصور حتى مستعمرة هنا ومستعمرة هناك أوحتى مطارا هنا ومطارا هناك أقوى في تحقيق أمنها من اقتناع جيرانها بالتعايش معها في سلام، فإنها بهذا تفضل سلاما مفروضا بقوة السلاح على سلام نابع من الاقتناع بفائدة السلام. وضيق مساحة إسرائيل وقرب أرضها من الأرض العربية ليس ظاهرة تنفرد بها ولا يمكن حتىقد يكون مبررا لأن تفرض أسلوب التوتر على المنطقة بحجة الدفاع عن نفسها أوحماية وجودها من الدمار، فإن دول أوروبا تتجاور بل وتتداخل لكن ذلك لم يمنع الدول المتجاورة والمتداخلة من العيش في سلام بعيدا عن حساسيات الحرب وخوف التدمير وكثير من دول العالم وأوروبا مرت بمراحل كراهية ومرارة أكثر مما أسفرت عنه معارك العرب وإسرائيل. إذا مصر وهي تتخذ هذا القرار تعتبره جزءا من موقفها الواضع والصريح في لقاءة هذا الوضع، وهي تهجر تقدير الأمر للضمير العالمي مبرئة ذمتها من احتمالات فشل لم تتسبب فيه وخذلان لآمال الملايين لم تكن هي سببه بأية صورة وعلى أي وجه، ومصر على جميع حال قد مرت بمحن عديدة وتجاوزتها عبر تاريخها الطويل ولم تقبل أسلوب الخداع والمناورة والمزايدة لأن ذلك لم يكن هدفها من مبادرة رئيسها وزعيمها الشجاع وإنما كان هدف المبادرة صيانة الدم من حتى يراق والسلام من حتى يظل مطلبا محال المنال.
إن السلام الذي تطلبه مصر هوقبل جميع شيء وبعد جميع شيء سلام للمنطقة وللدنيا كلها. ولعلها بما عملت قد قدمت جميع ما تستطيع وستظل مصر مع ذلك على عهدها السلام العادل الكامل الشريف مطلبها وأمن المنطقة غايتها وصولا إلى ما يحقق أمن الإنسان في هذا العصر الذي نعيش فيه.
هذا وقد نادى السيد الرئيس محمد أنور السادات مجلس الشعب إلى جلسة طارئة تنعقد في الساعة الحادية عشرة والنصف من صباح السبت الثاني عشر من شهر صفر عام 1398 الموافق 21 من شهر يناير [كانون الثاني] عام 1978 ليعرض على ممثلي الأمة جميع حقائق الموقف.
المصادر
- موسوعة مقاتل من الصحراء