سلطة تشريعية
السلطة التشريعية legislature، هي هيئة مستقلة، ينتخب أعضاؤها من الشعب، وتختص بسن القوانين، إلى جانب مجموعة أخرى من الاختصاصات، التي تختلف حسب دساتير الدول، وقد كانت السلطة التشريعية قديماً محتكرة من جانب الملوك من جهة، ومن جانب رجال الدين من جهة أخرى، حيث إذا الشعوب القديمة كانت عاجزة عن إدراك حتى القانون ينشأ بكيفية تلقائية تحت تأثير البيئة، فنظروا إلى الظاهرة الطبيعية نفس نظرتهم إلى ظواهر الكون الطبيعية المحيطة بهم، ونسبوا جميع هذه الظواهر التي يجهلون مصدرها، إلى الآلهة، حتى لوكانت صادرة عنهم هم أنفسهم، فادعى الملك مينا في مصر حتى تحوت إله القانون عند الفراعنة قد أوحى إليه بالقوانين التي وضعها لتكون مصدر نعم عظيمة، ونجد نفس الظاهرة عند البابليين، الذين صوروا حتى الملك حمورابي تلقى قانونه الشهير من الإله شمس. وقد بدأت السلطة التشريعية بالتبلور، عند الإغريق، وعند الرومان، ولا سيما إبان العصر الجمهوري، (بدءاً من سنة 509ق.م). ولكن مفهوم السلطة التشريعية لم يظهر بدقة إلا مع أفكار الفقيه الفرنسي مونتسكيو(1689-1755)، ونظريته الشهيرة عن الفصل بين سلطات الدولة، وفصلها عن بعضها بعضاً..
الممارسة والصلاحيات
تمارس السلطة التشريعية من حيث المبدأ من جانب هيئة منتخبة انتخابا (المجلس النيابي أومجلس الشعب)، وقد تكون الهيئة التي تتولى السلطة التشريعية مكونة من مجلس واحد، أومن مجلسين، وإذا كانت مكونة من مجلسين، فيجب حتىقد يكون أحدهما منتخباً من الشعب.
وتتولى المجالس النيابية في مختلف دول العالم، بصورة أساسية الوظيفة التشريعية التي تُعني بسن القوانين اللازمة للدولة، فالسلطة التشريعية تقترح القوانين وتقرها، وقد تشاركها في عملية اقتراح القوانين السلطة التطبيقية (الحكومة)، ولكن عملية التصويت على مشروع القانون لإقراره، تدخل ضمن اختصاص السلطة التشريعية وحدها، لا تشاطرها فيها سلطة أخرى من حيث المبدأ، ولكن بعد سن القانون تتولى السلطة التطبيقية مهمة التصديق عليه، وإصداره ونشره. ويزاول المجلس النيابي كذلك وظيفة مالية، حتى يلاحظ حتى هذه الوظيفة قد سبقت قي نشأتها التاريخية الوظيفة التشريعية، ذلك لأن المجلس النيابي تكونت في البداية للنظر في الضرائب التي يفرضها الحكام. ومن أبرز المسائل المالية التي تقوم بها المجالس النيابية هي الموافقة على ميزانية الدولة، بعد بحثها ومناقشتها تفصيلاً. وللمجلس النيابي، إضافة إلى وظيفتيه السابقتين، وظيفة ثالثة على جانب كبير من الأهمية، هي مراقبة الحكومة في جميع تصرفاتها وأعمالها، ويناقشها في سياستها العامة الداخلية والخارجية التي رسمتها لنفسها، وتسمى هذه الوظيفة بالوظيفة السياسية، ولكن يلاحظ في بعض الأحيان حتى الوظيفة التشريعية، وهي الوظيفة الجوهرية التي تنهض بها السلطة التشريعية، تسحب من مجال اختصاص هذه الأخيرة، وتمنح إلى سلطات أخرى. فكثير من الدساتير، تعطي لرئيس الجمهورية إمكانية الحلول مكان السلطة التشريعية في حالة الظروف الاستثنائية التي تهدد الدولة في بقائها، ووحدتها، وسلامة أراضيها، وذلك وفقاً لإجراءات معينة، كما حتى القوانين يمكن حتى تطرح مباشرة على الشعب للتصويت عليها عن طريق آليات الاستفتاء الشعبي référendum ومن دون حتى يناقشها المجلس النيابي أويقرها، وذلك على الرغم من ندرة استخدام مثل هذه الآليات في سن القوانين (مثلاً: استخدمت في فرنسا ست مرات فقط في المدة الواقعة بين عامي 1959-2000م)، كما تنص دساتير بعض الدول على إمكانية حتى تطلب السلطة التطبيقية من السلطة التشريعية تفويضها في ممارسة حق التشريع، فيما يعهد اصطلاحاً بالتفويض التشريعي délégation législative، على حتىقد يكون هذا التفويض مقيداً بفترة معينة، وإذا وافقت السلطة التشريعية، فيجب عرض التشريعات التي أصدرتها السلطة التطبيقية على المجلس النيابي بعد انتهاء مدة التفويض، فإن أقرها كان لها قوة التشريع، أما إذا لم يقرها، فيزول جميع أثر قانوني لها، كما أنها لا تعدل، إذا أقرت، إلا من جانب المجلس النيابي، بوصفها السلطة المختصة أصلاً بالتشريع، ومن الدساتير التي أقرت التفويض التشريعي، الدستور الفرنسي،(المادة 38منه)، والدسـتور المصري (المادة 108 منه).
الرقابة على أعمال السلطة التشريعية
إذا كان سن القوانين من صميم اختصاص السلطة التشريعية، فإن هذه السلطة الأخيرة يجب حتى تراعي مطابقة هذه القوانين التي تصدرها للدستور، باعتباره القانون الأسمى للدولة، وتنهج دساتير الدول مناهج مختلفة في سبيل التحقق من مطابقة تصرفات السلطة التشريعية للدستور، ولا سيما من حيث سن القوانين.
انظر أيضاً
- مجلس تشريعي
- نظام برلماني
- قائمة المجالس التشريعية حسب البلد
الهوامش والمصادر
- ^ مهند نوح. "السلطة التشريعية". الموسوعة العربية. Retrieved 2015-04-21.
قراءات إضافية
- صوفي أبوطالب، تاريخ النظم القانونية والاجتماعية (دار النهضة العربية، القاهرة 1984).
- يحيى الجمل، النظام الدستوري المصري، مع «مقدمة في دراسة المبادئ الدستورية العامة» (دار النهضة العربية، القاهرة 1995).
- G.Burdeau, Remarques sur la classification des fonctions étatiques (R.D.P 1945).